
أيُّ تاريخٍ سيتغافل عن هذا الهوان؟ أيُّ سجلّ قادر على محو حقيقة أنّ منظومات الحكم العربية، ومعها جوقاتٌ من نخبٍ مُترفة، تركت أطفالًا يموتون قصفاً وجوعاً في غزة من دون أن ترتجف لها جفون؟
أيُّ تاريخٍ سيتغافل عن هذا الهوان؟ أيُّ سجلّ قادر على محو حقيقة أنّ منظومات الحكم العربية، ومعها جوقاتٌ من نخبٍ مُترفة، تركت أطفالًا يموتون قصفاً وجوعاً في غزة من دون أن ترتجف لها جفون؟
..إذا صارت كبرى وسمح التاريخ بذلك، فالتاريخ يقف اليوم عند المفارقة الكبرى: الصراع بين الاحتلال ومقاومة لا يتوقف، والنصر في هذا الصراع كان على مرّ التاريخ حليف المقاومة، في معظم الأحيان.
ما يزال الداخل الإيراني حتى يومنا هذا يواجه تداعيات العدوان الذي شنّته إسرائيل بدعم أميركي علی إيران في يونيو/حزيران الفائت، كما تداعيات الرد الإيراني (الوعد الصادق 3) نحو العمق الإسرائيلي، وهذا الأمر يمكن تلمسه من خلال اتجاهات الرأي العام الإيراني الداخلي التي يتنازعها تياران سياسيان أساسيان هما التيار الإصلاحي والتيار الأصولي، حيث تتبدى ملامح نقاشات حادة بينهما حول السياسات الخارجية والداخلية.
تبدّد الكثير من زخم التفاؤل، الذي صاحب انعقاد قمة آلاسكا بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين في 15 آب/أغسطس الجاري، وكذلك القمة التي عقدت بعد يومين في البيت الأبيض بين ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين.
عشتُ معظم سنين عمري المديد أتعامل مع مفاهيم في السياسة وبخاصة الخارجية منها، لأكتشف الآن، أنها، جميعها أو أغلبها، خانت عهودها فتغيّرت، أو لعلها بقيت على حالها فتجمدت، بينما كنا، نحن الفاعلين الدوليين، أفراداً ودولاً ومؤسسات وجمعيات، نتغير أو في واقع الحال كنا بالفعل قد تغيرنا.
في الميثولوجيا الإغريقية كان "يانوس" هو "إله البوابات". حارس المفترقات الكبرى. ينظر إلى الماضي والمستقبل معًا من دون أن ينتمي إلى أي منهما. لم يكن إلهاً للحرب أو للسلام لكنه لم يكن غريباً عن الإثنين معاً. كان صاحب الكلمة الفصل عند التحول من عهد إلى عهد، ومن نظام إلى آخر. وكما يقول الكاتب السوري عماد فوزي شعيبي "لمنطقتنا بوابة شبيهة بيانوس اسمها بلاد الشام".
ترنو الأنظار إلى القمة المرتقبة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين بآلاسكا في 15 آب/أغسطس الجاري. ومعيار النجاح أو الفشل في هذه القمة سينعكس على مسار الحرب الروسية-الأوكرانية التي مضى عليها ثلاثة أعوام ونصف العام. أتكون القمة بداية لخفض التصعيد وصولاً إلى وقف للنار، أم تسلك الأحداث مساراً أكثر حدة؟
لكل إبادة تمرحليّة خاصة بها، لا بد أن نتيقن لذلك كما يتيقن الغزيّون وهم يحدّقون في إنزالات المساعدات، أن الأمر بإعدامهم قد أُبرم إبراماً لا رجعة فيه، تحت لهيب شمس الأبيض المتوسّط المحتل.
غبتُ عن الكتابة في السياسة شهراً عامداً متعمداً. غبتُ عن الكتابة ولم أغب عن السياسة. عشتُ شهراً أتابع أنواعاً من السياسة لم ألاحظ لها مثيلاً على امتداد عمر لا شك صار مديداً. عشتُ شهراً أناقش بيني وبين نفسي أو بيني وبين أقران مارسوا السياسة أو الدبلوماسية عمراً أو عقوداً في العمر، أناقش ما كان يجمع ويفرق بيننا، أنا ونفسي أو أنا وأقراني، نناقش الشرق الأوسط الذي نعيش فيه، نقارن خرائطه الأحدث بخرائط رسمها الأقدمون، وخرائط رسمناها وقد استعرنا حدودها وخطوطها ومعانيها من أحلامنا، وخرائط بالعشرات من رسم كل عابر سبيل.
لمرّة جديدة، يُعاود مشروع التهجير القسرى طرح نفسه مُلحًّا وضاغطًا. التهجير هو صُلب حربَى الإبادة والتجويع فى غزة، أو الهدف الأعلى فى نهاية المطاف. «ما يحدث فى غزة مفجع ومؤسف وعار وكارثى». كان ذلك توصيفًا مستجدًّا على لسان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، كأنه لم يكن يعرف حجمها الإنسانى المُروِّع، ولا شاهد صورها المأساوية، التى استدعت غضبًا غير مسبوق داخل الرأى العام الغربى.