نبؤة كيسنجر.. 2023 عام التسوية الأوكرانية؟

كما كان متوقعاً، إختارت مجلة "التايم" الأميركية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي و"الروح الأوكرانية" شخصية العام 2022. هذا التقليد تتبعه هذه المجلة منذ العام 1927، وكان يُسمى حينذاك بـ"رجل العام"، وكان من بين من إختارتهم دكتاتور المانيا أدولف هتلر في العام 1938.

وللمفارقة، فإن مجلة “التايم” نفسها إختارت في العام 2007 الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصية السنة، من زاوية نجاحه في فرض الاستقرار في روسيا وإعادتها الى مصاف الدول الكبرى، وقد اعتبر رئيس تحرير المجلة إدوارد فيلزنتال أن زيلنسكي حفّز العالم بشكل لم نشهده منذ عقود.

اختيار زيلنسكي لن يؤثر بالطبع على مسار الحرب الأوكرانية التي أرهقت العالم، منذ 24 شباط/فبراير الماضي حتى يومنا هذا، إلا أن الكلفة الباهظة لهذه الحرب ومعها حرب استنزاف ـ إنتظار من يتعب أولاً، تطرح سؤال توقيت تحرك السياسة الدبلوماسية، “لأن مهارات السياسة الحقيقية تظهر في كيفية إنهاء الحروب وليس في إشعالها”، كما يقول مستشار الامن القومي ووزير الخارجية الاميركي الأسبق هنري كيسنجر.

ربما من المبكر الحديث عن تفاوض مباشر بين أوكرانيا وروسيا، ذلك أنه يحتاج إلى شروط لوقف القتال غير متوفرة، بحسب رئيس جمهورية المانيا فرانك والتر شتاينماير، بسبب رغبة موسكو في الحفاظ على الأراضي التي احتلتها، لكن بعض المؤشرات في الموقف الاميركي بدأت تتوالى، ربما كمرحلة اختبار لردود الفعل، كما حصل عندما نصح الجنرال الأميركي مارك ميلي رئيس هيئة الأركان المشتركة في خطاب 11 نوفمبر/تشرين الثاني، وبعد انسحاب روسيا من خيرسون، بالبدء بالمفاوضات مع روسيا، معتبراً أن تحقيق أوكرانيا نصراً عسكرياً قد لا يكون ممكناً، ما اغضب الجانب الاوكراني، لكنه اتبعه بطرح في البنتاغون وافقه عليه وزير الدفاع الأميركي، بان الوقت مناسب للتفاوض وان النجاحات التي حققتها أوكرانيا في ميدان المعركة هيّأت ظروفاً مؤاتية للتفاوض مع روسيا، مؤكداً أن موسكو الآن في أسوأ مواقفها العسكرية، مُشككاً بقدرة أوكرانيا على طرد روسيا من كامل أراضيها. مواقف مارك ميلي أعقبتها تصريحات تبدي مخاوف من إحتمال جر أميركا وحلف الناتو الى مواجهة عسكرية اكبر وحرب نووية بعد اطلاق الصواريخ التي ضربت بولندا في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. زدْ على ذلك مواقف الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش التي ابدى فيها تفاؤله بشان احتمالية بدء محادثات سلام حول اوكرانيا في المستقبل القريب.

هل ينجح كيسنجر في اقناع اميركا بتحريك العجلة الدبلوماسية لجعل اوكرانيا جسراً بين الغرب وروسيا وهل تقبل روسيا بذلك وهو القائل “يتعين على الغرب أن يدرك أن أوكرانيا في نظر روسيا لا يمكن أبداً أن تكون مجرد دولة أجنبية عادية”

التفاوض وتجنب الدخول في حرب عالمية، يكون واضحا أكثر عندما يتحدث هنري كيسنجر، الذي التقى بوتين مرات عدة منذ انتخابه رئيساً لروسيا في العام 2000، وهو قال “ان الوقت يقترب من أجل احلال سلام قائم على التفاوض في أوكرانيا”، لكنه حذر من ان رغبة البعض في تفكيك روسيا “قد تؤدي الى فوضى نووية”.

وقد كتب كيسنجر في مجلة “ذي سبكتاتور” تحت عنوان “سبل تجنب حرب عالمية أخرى” يقول “إن الوقت يقترب للبناء على التغييرات الاستراتيجية التي تحققت بالفعل ودمجها في هيكل جديد نحو تحقيق السلام من خلال المفاوضات”، وشدد على وجوب إرتباط عملية السلام في المستقبل بإنضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الاطلسي، معتبراً أن خيار التزام الحياد “لم يعد له مغزى”، وقال إنه اقترح في أيار/مايو الماضي وقفا لاطلاق النار تنسحب روسيا بموجبه الى الخطوط الامامية التي كانت عليها قبل بدء الغزو لاوكرانيا لكن شبه جزيرة القرم ستبقى محل مفاوضات.

واقترح كسينجر اجراء استفتاء تحت إشراف دولي للبت في أمر الاراضي التي اعلنت روسيا ضمها إذا استحالت العودة الى المشهد الذي كانت عليه الاوضاع في العام 2014.

لطالما حذر كسينجر من الانزلاق إلى مواجهة غير مفيدة مع روسيا وكتب بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014 مطالباً إدارة الرئيس باراك أوباما بضبط النفس، فهل ينجح في اقناع اميركا بتحريك العجلة الدبلوماسية لجعل اوكرانيا جسراً بين الغرب وروسيا وهل تقبل روسيا بذلك وهو القائل “يتعين على الغرب أن يدرك أن أوكرانيا في نظر روسيا لا يمكن أبداً أن تكون مجرد دولة أجنبية عادية”.

الأكيد أن ما بعد 24 شباط/فبراير 2022 لن يكون كما قبله، بغض النظر عن النتائج ولمصلحة من ستكون، فهل يكون العام 2023 بداية مسيرة التفاوض الجدية لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية؟

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  ما بعد أوكرانيا وفلسطين..​ حربٌ عالَميّةٌ ثالثةٌ أم عالمٌ جديدٌ؟
Download Premium WordPress Themes Free
Download WordPress Themes Free
Premium WordPress Themes Download
Free Download WordPress Themes
udemy course download free
إقرأ على موقع 180  المنطقة إلى "صفقة كبرى" أم "تفاهمات التهدئة"؟