السعودية ـ سوريا.. لا عودة للعلاقات قبل وقف “حرب الكبتاغون”

لا يشي مناخ الرياض بتطبيع سريع للعلاقات السعودية ـ السورية، وكل ما في الأمر هو مباحثات بين مسؤولين في السعودية وبين نظرائهم في سوريا بشأن "إستئناف تقديم الخدمات القنصلية"، بعد قطيعة دامت 12 سنة، وفق ما نقلت قناة "الإخبارية" السعودية عن مصدر سعودي مسؤول. 

كان اللافت للإنتباه أن “المصدر السعودي المسؤول” لم يعطِ أي معلومات حول ما إذا كان قرار إعادة فتح القنصلية السعودية في دمشق يعني إعادة فتح القنصلية السعودية في دمشق رسمياً أم أن هذه الخدمات القنصلية ستُقدم تحت رعاية دولة خليجية أعادت فتح سفارتها في العاصمة السورية (مثل سلطنة عُمان على الأرجح وليس الامارات بطبيعة الحال).

ولعل مسارعة الرياض إلى التوضيح أن المحادثات مع دمشق “على مستوى ليس رفيع المستوى” وتتعلق فقط بإعادة الخدمات القنصلية تؤكد ما ذكره مصدر سعودي أن المملكة “ليست حتى الآن ـ على الأقل ـ في وارد اعادة تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية”.

ويلاحظ أن الحديث عن رغبة السعودية بإعادة علاقاتها مع سوريا – والتي قُطعت منذ العام 2012 – تُردّده بين حين وآخر وسائل اعلامية محسوبة على “فريق الممانعة”، وزادت وتيرة هذا الحديث إثر ارسال السعودية عدة طائرات تحمل مساعدات انسانية لمتضرري الزلزال الذي ضرب شمال سوريا في السادس من شباط/فبراير الماضي، ولكن لوحظ عدم قيام أي مسؤول سعودي بمرافقة هذه الطائرات او بزيارة دمشق، طيلة الأسابيع الستة التي أعقبت الزلزال، كما لوحظ عدم مشاركة أي ممثل لمجلس الشورى السعودي في عداد الوفد البرلماني العربي الذي زار دمشق بعيد الزلزال.

وأوضح مصدر سعودي أن عدم مشاركة المملكة في الوفد البرلماني “يأتي تعبيراً عن مخاوف من تسييس هذه الزيارة التي كانت أهدافها إنسانية”، أي “للتعبير عن وقوف الشعوب العربية إلى جانب الشعب السوري في محنته بعد كارثة الزلزال التي ألمت به”، وأضاف المصدر “وبالفعل لوحظ ان الجهات الرسمية السورية سعت إلى تسييس زيارة الوفد البرلماني العربي”، في إشارة إلى اللقاء الذي جمع الوفد العربي بالرئيس السوري.

وكان وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان قد أشار في مداخلة له أمام منتدى ميونيخ للأمن في 18 شباط/فبراير إلى أن “لا جدوى من عزل سوريا”، وأن إجماعاً بدأ يتشكل على المستوى العربي بأن الحوار مع دمشق “مطلوب حتى تتسنى على الأقل معالجة المسائل الإنسانية بما في ذلك عودة اللاجئين السوريين”.

 وسبق ذلك تعمد وكالة روسية تسريب خبر عن زيارة محتملة لبن فرحان إلى دمشق، وهو الأمر الذي رفضت الرياض تأكيده أو نفيه، لكن المصدر السعودي قال إن تسريبات من هذا النوع “لا تخدم البلدين”.

يقول المصدر السعودي إن الرياض “أوقفت دعمها لمجموعات المعارضة السورية منذ العام 2018، وهذا الأمر تدركه دمشق، لكن المملكة مستاءة جداً من “حرب المخدرات” التي تُشن ضدها وضد دول الخليج، عبر تهريب أطنان من “الكبتاغون” التي تُصنَع في مصانع أقيمت على الأراضي السورية إلى دول الخليج”

وترى الرياض في تصريحات وزير خارجيتها في ميونيخ ملامح مرحلة جديدة في العلاقات العربية مع دمشق لكنها لا تعني توفر “الكارت الأخضر” للحوار مع دمشق. ووفق ديبلوماسي سعودي مخضرم، فإن الحوارات الحالية “مرتبطة بالجانب الإنساني بالدرجة الأولى وبملفات عديدة بينها ملف اللاجئين السوريين، و”بالتالي فإن التصريحات السعودية لا يمكن تحميلها أكثر مما تحتمل، حتى المساعدات السعودية التي حطّت في مطار حلب تولاها الهلال الأحمر السعودي، بالتنسيق الكامل مع الهلال الأحمر السوري، وبالتالي من المبكر الحديث عن تطبيع كامل مع دمشق ما لم نشهد خطوات عملية على الأرض”، من دون تحديد ماهية الخطوات المطلوبة.

من هنا كان لافتاً للإنتباه تشديد وزير الخارجية السعودي حول وجوب معالجة المسائل الإنسانية وأولها عودة اللاجئين السوريين في دول جوار سوريا “في غياب الحل السياسي”.

وجاء تصريح بن فرحان في الوقت الذي كانت فيه السعودية تقترب من التوصل إلى اتفاق مع إيران برعاية بكين وضمانتها، وهذا يشير إلى أن الرياض وعدت طهران بالعمل على إيجاد مقاربة لإعادة علاقاتها مع دمشق “ولكن من خلال الحوار وبعد الإنتهاء من المسألة اليمنية أولاً”.

وثمة إنطباع في الرياض أن دمشق تسعى دائماً إلى تجيير أي تصريحات أو تحركات عربية لصالح سياسة تخفيف العزلة السياسية عنها، لا سيما بعد زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري الى دمشق في نهاية الشهر الماضي، والتي تم تفسيرها أيضاً في الخانة ذاتها، برغم أن الوزير المصري صرّح بعد إجتماعه بالرئيس الأسد أن هدف زيارته “إنساني بالدرجة الأولى”.

ولكن ما هو “سر” تريث المملكة؟

يقول المصدر السعودي إن الرياض “أوقفت دعمها لمجموعات المعارضة السورية منذ العام 2018، وهذا الأمر تدركه دمشق، لكن المملكة مستاءة جداً من “حرب المخدرات” التي تُشن ضدها وضد دول الخليج، عبر تهريب أطنان من “الكبتاغون” التي تُصنَع في مصانع أقيمت على الأراضي السورية إلى دول الخليج”. وتردد أن دمشق ومن خلال قنوات أمنية ووسطاء عرب، أعربت عن إستعدادها لضبط عمليات تهريب المخدرات، إذا وجدت إرادة لدى الطرف الآخر للمساعدة في فك العزلة السياسية المفروضة عليها، وهذا الأمر ـ حسب المصدر السعودي ـ أثار استياء الرياض وجعلها ترى أن إعادة علاقاتها مع دمشق “هو أمر سابق لأوانه”، وأنه “لا بد من إقتران النوايا والوعود بالأفعال السورية أولاً”.

إقرأ على موقع 180  السعودية وبايدن.. ماذا بعد سحب "الشيك على بياض"؟

والرياض ـ كما يقول المصدر السعودي ـ “تخشى أن تكون التبرعات السعودية لضحايا الزلزال وتصريحات وزير خارجيتها أوصلا رسائل مغلوطة إلى دمشق، وفي هذه الحالة “كأنك يا بو زيد ما غزيت”!

Print Friendly, PDF & Email
سليمان نمر ـ الرياض

كاتب عربي متخصص بالشؤون الخليجية

Premium WordPress Themes Download
Free Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
free download udemy course
إقرأ على موقع 180  المصارف و"إبليس" التفليس.. "الإنتصار" على اللبنانيين!