إحتدام الصراع على قواعد إشتباك جديدة في الإقليم.. ماذا بعد؟

Avatar18007/04/2023
عمير رابوبوت، المحلل العسكري في موقع "إسرائيل ديفانس" (Isarel Defence)، كتب مقالة، قبيل إستهداف الجليل الأعلى بالكاتيوشا من جنوب لبنان ومن ثم رد الجيش الإسرائيلي على غزة وأطراف مخيم الرشيدية في الجنوب اللبناني، حذّر فيها من أن يؤدي الصراع على قواعد جديدة للإشتباك في عدد من الساحات إلى إنفجار إقليمي.

“سيل الأخبار الأخيرة بشأن تسلُّل مسيّرات إلى الأراضي الإسرائيلية، والهجمات الإسرائيلية المتكررة على أهداف في سوريا، ومحاولة الهجوم على أهداف إسرائيلية في اليونان، وتصاعُد التهديدات السيبرانية والهجمات بإطلاق النار في الساحة الفلسطينية، يمكن أن يبدو تراكماً، بالصدفة، لفترة تصعيد أمني “عادية”، وخصوصاً في أيام شهر رمضان الحساسة.

لكن الصورة الشاملة أكثر تعقيداً: كل اللاعبين الإقليميين هم اليوم في ذروة الصراع على “قواعد لعبة” جديدة تستطيع أن تؤثر في الأعوام المقبلة. وهذا الصراع يمكن أن ينزلق بسهولة إلى تصعيد إقليمي متعدد الجبهات، وهذا يشكل خطراً أمنياً كبيراً تحدث عنه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع المُقال يوآف غالانت في اجتماع في قاعدة جوية هذا الأسبوع.

ومن أجل فهم الصورة الواسعة يجب العودة عشرة أعوام إلى الوراء. عندما بدأ الجيش الإسرائيلي بتطبيق سياسة “المعركة بين الحروب” التي تهدف إلى منع حزب الله من التسلح بسلاح استراتيجي من إيران وإقامة موقع متقدم على الأراضي السورية، بالقرب من إسرائيل. وقبل كل شيء، كان هناك هدف استراتيجي، هو منع إيران من الحصول على سلاح نووي.

وفي إطار “المعركة بين الحروب”، وبالاستناد إلى تقارير أجنبية، هاجمت إسرائيل أهدافاً في الأراضي السورية، بينها مطارا دمشق وحلب.. وكانت أحياناً تعلن مسؤوليتها عن الهجمات التي تنفّذها.

إيران أقوى من أي وقت مضى

تدور معارك بين كل الأطراف تحت الأرض، أكثر مما يدور فوقها. لقد وقعت هجمات ضد شحنات السلاح أيضاً في شمال العراق، وانتشرت أخبار عن هجمات سيبرانية، معظمها كان سرياً.

الولايات المتحدة وروسيا لهما دور في هذه المعركة: فالولايات المتحدة تهاجم بنفسها أهدافاً إيرانية من وقت إلى آخر (أكثر بكثير من اغتيال قاسم سليماني في العراق قبل عامين). وروسيا تسمح بتنفيذ هجمات على الأراضي السورية التي توجد فيها قوات جوية روسية.

وضمن إطار سياسة “المعركة بين الحروب”، أرسلت إيران مسيّرة إلى إسرائيل، جرى اعتراضها في سنة 2018. وكان واضحاً على الدوام أن هذه السياسة لا يمكن أن تستمر إلى الأبد، لكنها في هذه الأيام، تحديداً، تواجه تحدياً قوياً من إيران وحزب الله بسبب تراكُم عدد من الأسباب.

أحد الأسباب له علاقة بتغييرات جيو – استراتيجية عالمية. فالحرب الروسية – الأوكرانية أنتجت نظاماً عالمياً جديداً، شمل حلفاً بين إيران وروسيا التي تحتاج حاجة ماسة إلى مسيّرات هجومية تزودها بها إيران. الصينيون أيضاً أنشأوا جبهة مواجهة ضد الولايات المتحدة، مع أقل قدر من الظهور. وتشعر إيران بأنها قوية أكثر من أي وقت، وتُخصّب اليورانيوم بوتيرة سريعة في هذه الأيام.

كل اللاعبين الإقليميين هم اليوم في ذروة الصراع على “قواعد لعبة” جديدة تستطيع أن تؤثر في الأعوام المقبلة. وهذا الصراع يمكن أن ينزلق بسهولة إلى تصعيد إقليمي متعدد الجبهات، وهذا يشكل خطراً أمنياً كبيراً تحدث عنه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع المُقال يوآف غالانت

التغيُّر الاستراتيجي الذي شمل التقارب بين إيران والسعودية ودول اتفاقات أبراهام في الخليج الفارسي، والأزمة والتظاهرات الواسعة في إسرائيل، أمور كلها اعتُبرت ضعفاً إسرائيلياً في بيروت وطهران. هذا التغيير يشجّع إيران وحزب الله على محاولة تغيير معادلة “المعركة بين الحروب” التي شملت، حتى الآن، رداً محدوداً على الهجمات الإسرائيلية في الأراضي السورية.

نقطة تحوُّل: هجوم مجدو

الحادث المخطَّط له لتغيير معادلة “المعركة بين الحروب”، وقع في 13 آذار/مارس الماضي. جزء من تفاصيل الحادث ممنوع من النشر، لكن يمكن القول إنه في ذروة التظاهرات في إسرائيل، جاء في ذلك اليوم “مخرب” من لبنان (لم تتهم إسرائيل حزب الله علناً، و(السيد حسن) نصرالله لم يتحمل المسؤولية عن الحادث).

يبدو أن “المخرب” تسلّق السياج الحدودي بواسطة سلّم، ووصل إلى منطقة مجدو، حيث وضع عبوة ناسفة كبيرة، أدت إلى إصابة مواطن عربي من إسرائيل بجروح بليغة، واستطاعت القوى الأمنية العثور عليه قبل عودته إلى الأراضي اللبنانية. يمكن الافتراض أنه لم يتحرك لوحده. لكن الحادث لا يزال يلفّه غموض كبير.

في جميع الأحوال، من الواضح أن حسن نصرالله يقف وراءه، وهو لا يريد فتح حرب شاملة ضد إسرائيل. هدفه كان إرسال رسالة إلى إسرائيل، مفادها أن في استطاعته القيام بهجمات استراتيجية في إسرائيل، رداً على هجمات هذه الأخيرة في سوريا، وأحياناً في لبنان.

الرسالة التُقِطت جيداً، وأثارت معضلة في المؤسسة الأمنية في إسرائيل – كيف ترد؟

على ما يبدو، جاء الرد هذا الأسبوع عندما هاجمت إسرائيل، عدة مرات، أهدافاً لحزب الله وفيلق القدس الإيراني في الأراضي السورية. حدث هذا كله بعد إقالة وزير الدفاع، ثم تجميد الإقالة. وفي المقابل، نُشرت تفاصيل إحباط الهجوم في اليونان، والمنسوب إلى إيران، واعتراض مسيّرة تسلّلت إلى إسرائيل من سوريا، وحيّدها سلاح الجو بالوسائل الإلكترونية.

إقرأ على موقع 180  "فورين أفيرز": إخفاق أميركي في بناء الجيوش الحليفة

في هذه الأثناء، ومن دون علاقة بـ”المعركة بين الحروب”، يدور صراع على قواعد اللعبة في الساحة الفلسطينية. يمكن القول إن إسقاط المسيّرة فوق قطاع غزة يوم الإثنين له علاقة بذلك. وحتى لو لم تكن الساحات مرتبطة ببعضها البعض، فإنها تؤثر في بعضها البعض.

الآن، إلى أين؟

من المهم أن نذكّر بأن التهديد الوجودي والأكبر لإسرائيل والمنطقة هو أول قنبلة نووية إيرانية. هذا هو السبب الذي جعل مسؤولين أميركيين ينفجرون غضباً عندما علموا بإقالة وزير الدفاع الذي يُجري نقاشات حساسة وعميقة بشأن هذا الموضوع الملتهب.

وزير الدفاع نفسه استخدم قناة سياسية: تواصلَ مع بني غانتس وآرييه درعي كي يعملا على إلغاء الإقالة، على أساس اعتذار يوآف غالانت، فقط على توقيت تصريحه المتعلق بالإصلاح القضائي، أمام الجمهور.

حتى الآن لم يقدَّم أي اعتذار، والإقالة لم تُلغَ، بل عُلِّقت. في جميع الأحوال، الواقع الإقليمي أقوى وأشد إثارة من القلق من التظاهرات، وأقوى من صراعات الأنا بين غالانت ونتنياهو: فقد اضطرا إلى التواجد في الغرفة نفسها يوم الإثنين في قاعدة سلاح الجو مع رئيس الأركان وقائد سلاح الجو، والاهتمام بالموضوع الحقيقي.

بعد ساعات من الاجتماع، تحدثت وسائل الإعلام عن أوسع هجوم على الأراضي السورية في الفترة الأخيرة. بعدها أصبحت الكرة في ملعب إيران وحزب الله. والتخوف الأكبر من أن تنزلق ألعاب الرسائل إلى حرب متعددة الجبهات في آن معاً، على الرغم من أن أي طرف لا يريدها.

في الماضي، جرى مثل هذه الحوادث: هجوم الخطف الذي بادر إليه نصرالله في 6 تموز/يوليو 2006، يومها، أدى إلى حرب لبنان الثانية التي قادت إلى نشوء واقع أمني صمد على طول الحدود الإسرائيلية – اللبنانية مدة 17 عاماً. فهل انتهت هذه الفترة؟” (المصدر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية).

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Download Nulled WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
Free Download WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
online free course
إقرأ على موقع 180  أوميكرون-2 بحلّة جديدة، ماذا يجب أن نعرف؟