
تحية طيبة لكم ولمن زرتموهم من أهلنا الفلسطينيين، في الجليل الأعلى، ومن أهلنا في الجولان العربي السوري المحتلّ، من سورية الأم.. أم فلسطين والجولان.
تحية طيبة لكم ولمن زرتموهم من أهلنا الفلسطينيين، في الجليل الأعلى، ومن أهلنا في الجولان العربي السوري المحتلّ، من سورية الأم.. أم فلسطين والجولان.
أعد مراسل مجلة “الايكونوميست” الإنكليزية في الشرق الأوسط نيكولاس بيلهام، مادة توثيقية تستند إلى روايات شهود عيان تتمحور حول تطور شخصية الرئيس السوري الحالي أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني سابقاً) ومنابته العائلية والمناطقية والطائفية وعلاقاته الاجتماعية والجهادية.. وصولاً إلى ما هو عليه في يومنا هذا.
التقيت بالصديق هادي، وهو من بلدة كفرتبنيت في جنوب لبنان، البعيدة نسبياً عن الحدود، وقد نالت حصتها من الدمار، وعاد إليها مع عائلته بعد التهجير القسري الذي فُرض عليهم خلال العدوان "الإسرائيلي" الأخير على لبنان. قال لي هادي إنه كان محظوظاً لأن منزله ما يزال موجوداً مع بعض الأضرار التي سارع إلى اصلاحها والتي اقتصرت على النوافذ والأبواب فقط.
ليلةَ القبضِ على دمشق فجر الأحد 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، وانتزاعها من النظام السابق، كان جيش الإحتلال الإسرائيليّ يقبض على سوريا الجغرافية كلها، جوًا وبحرًا وبرّاً، وينتزع 500 كيلومتر مربع منها، مُعلناً "العودة" إلى قمة جبل الشيخ (حرمون) لينشد عليها نشيد "هاتكفاه" ويقتلع صلباناً تاريخية، ويستقدم وفوداً حاخامية، لتأدية طقوس تلمودية، في مشهد سوريالي استفزازي نقيض للتاريخ وللجغرافيا.
سقوط النظام السوري ليس وليد لحظة. هو مسار تاريخي دشّنت آخر فصوله الثورة السورية عام 2011 وصولاً إلى الاقتتال الداخلي الذي انخرطت فيه دول عديدة وما رافقه من ضغوط خارجية على النظام السوري، كان أصعبها "قانون قيصر" بما رتّب من نتائج كارثية على الشعب السوري ولا سيما وظائف القطاع العام، بما فيها الجيش وباقي المؤسسات الأمنية.
في كل موقعة لبلدة مجدل شمس المحتلة نصيبٌ، وعلى ما يظهر، أن زمنها لم يكن ولا مرة خارج التاريخ، هي هكذا في المفاصل الكبرى، متقدمة في فتنة حضارتها و جمال شهدائها الذين ما عرفوا يوماً نضوباً ولا شحاً.
لم تكُن مصادفةً أن ينقُل القادة الإسرائيليّون حرب الإبادة الجماعيّة على غزّة المستمرّة منذ أكثر من عشرة أشهر إلى منطقٍ تصعيديّ جديد عبر افتعال حادثة مجدل شمس، وذلك تحضيراً لاغتيالات قيادات كبيرة في بيروت وطهران.
يقول المحرر العسكري في "هآرتس" عاموس هرئيل إن تبادل الضربات المقبل بين إسرائيل وحزب الله "سيُقرّر ما إذا كانت هناك انعطافة في الحرب ستتمركز على الجبهة الشمالية، أم المزيد من التصعيد الذي من الممكن احتواؤه من دون تغيير كبير في التوجه"، على حد تعبيره.
أعادت عملية "طوفان الأقصى" البطولية في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 إحياء القضية الفلسطينية، بعدما كانت الولايات المتحدة الأميركية تعمل مع الكيان الإسرائيلي ودول عربية على إنهاء هذه القضية، وتحويل إسرائيل إلى "دولة" طبيعية في المنطقة ودمجها فيها على كل المستويات السياسية، الاقتصادية والأمنية، وتحويل الوعي العربي من رؤية الصراع مع الكيان، من صراع عربي إسرائيلي إلى مجرد صراع على مناطق جغرافية بين إسرائيل والفلسطينيين، وبالتالي إعادة رسم الوضعية الإسرائيلية في الشرق الأوسط وفق هذه الترتيبات.
لم تكُن حرب تشرين الأوّل/أكتوبر 1973، برغم حجم الأعمال العسكريّة والرمزيّة التي تُحاط بها، أهمّ حربٍ عربيّة-إسرائيليّة، بل كانت تلك الحرب التي لم يعُد يذكرها الكثيرون، والمعروفة بـ"حرب الاستنزاف". واليوم يعيش العالم العربي حرب استنزاف جديدة، الذين ينزِفون فيها هم الفلسطينيّون وأبناء سورية ولبنان واليمن وليبيا… دون مقابل.