تفاوتت التعليقات في الصحف الإيرانية بين التأكيد على حتمية الرد الإيراني أو التحذير من أي استدراج إلى فخ مواجهة أمريكية إيرانية ينصبه بنيامين نتنياهو أو التشديد على عدم مغادرة سياسة الصبر الإستراتيجي، فضلاً عن التشديد على أهمية أن تعيد إيران التوازن إلى المشهد الإقيلمي من خلال رد لا يستدرجها إلى حرب واسعة ولكنه يمنع إسرائيل في الوقت نفسه من تكرار فعلتها.
في هذا السياق، تحدث موقع “انتخاب” الإصلاحي عن أربعة سيناريوهات رئيسية:
الأول: تستهدف إيران أهدافًا عسكرية أو بنى تحتية في إسرائيل باستخدام قوتها الصاروخية والطائرات بدون طيار كأسلوب انتقامي، حيث ستقوم باستعراض قوتها الصاروخية وقدرتها الردعية على المستويين الإقليمي والدولي.
الثاني: تستهدف إيران مركزاً دبلوماسياً لإسرائيل في إحدى الدول الإقليمية كرد فعل متوازٍ وقوي مع هجوم إسرائيل على القنصلية الإيرانية.
الثالث: تستهدف إيران، بالتعاون مع حلفائها الإقليميين، بشكل غير مباشر معسكرات ومراكز أمنية في إسرائيل باستخدام القوة العسكرية والطائرات بدون طيار، بهدف الرد غير المباشر على جرائم إسرائيل في سوريا وفلسطين.
الرابع: لا تقوم إيران برد سريع وحازم بل تتبنى “سياسة الصبر والغموض الاستراتيجي” لخلق حرب نفسية تؤدي إلى إرهاق عدوها، ثم تُشنُ عليه هجمات مُتكررة من قبل حلفائها.
إلا أن موقع “انتخاب” يستنتج أن الخيار الرابع، هو الأكثر احتمالًا، وهذا السيناريو يستند إلى اعتقاد طهران وثقتها بأنها هي الرابحة في الإقليم.
بالمقابل، كتبت صحيفة “كيهان” المحافظة المتشددة قائلة إن قلق أمريكا وإسرائيل “بات بمستوى عال جداً”، وأشارت إلى عدم حضور الجنرال علي حاجي زاده، قائد القوات الصاروخية في الحرس الثوري، الصلاة على جثامين الشهداء التي أقيمت في مقر إقامة المرشد آية الله علي خامنئي وبرئاسته، “وهذا يشير إلى أنهم قلقون في كل لحظة من إطلاق الرصاص ضده”.
وتضيف “كيهان” أن أحد أبرز الأهداف الرئيسية لأمريكا وإسرائيل من وراء الإغتيالات “استدراج رد عاطفي من دون هدف مدروس”، ورأت أن أمريكا وإسرائيل تسعيان إلى تحويل الحرب من غزة إلى حرب بين إيران وأمريكا، “ليتم نسيان فلسطين وغزة تماماً وخروج إسرائيل من هذه الأزمة الخانقة”.
خبير العلاقات الدولية قاسم محب علي، وفي مقالة له في صحيفة “آرمان ملي” الإصلاحية، دعا إلى مناقشة كيفية الرد الإيراني ليكون متناسبًا ورادعًا، محذّرًا من الوقوع في الفخ الإسرائيلي، أي جرّ إيران إلى حرب واسعة، وحسب رأي محبّ علي، “على إيران أن تكون يقظة وتتّخذ إجراءاتها في اللحظة التي تحقِّقُ لها أكبر نسبة من الفوز، مقابل أقلّ التكاليف”
وتابعت “كيهان“: “مهما كان الرد الإيراني، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وبأي قدرة وفي أي وقت، فإنه يُعتبر مشروعًا من وجهة نظر الرأي العام والقوانين الدولية، وهو حق إيران في الدفاع عن أمنها الوطني”، وتكمل “كل استراتيجية المقاومة ومصالح وأمن البلد والمنطقة مرهونة بكلمتين فقط، وهما “الزمان والمكان” المحددين، وليس “الرد العاطفي”، لأن وكالات التجسس الأمريكية والبريطانية و”الموساد” مستعدة لأي خطأ استراتيجي من محور المقاومة”، وتختم: “يتوقع جميع المحللين الإقليميين والدوليين أن يكون أي رد من إيران بناءً على قدرتها العسكرية، من أهم الأحداث في هذه التطورات وستكون له نتائج غير مسبوقة على مستوى المنطقة والعالم وخاصةً في هيكلية الدفاع ومستوى الردع”.
وفي مقال له في موقع “إنتخاب“، يكتب الخبير الدولي رحمان قهرمان بور أنه إذا كانت إسرائيل وبعض دول المنطقة تريد الحرب مع إيران أو تعتبر إضعافها يصب لمصلحتها، فإن ذلك يتطلب أن نكون حذرين “والتفكير في هذه المسألة على المدى الطويل والسعي بكل الطرق لمنع إضعاف قوة إيران بل زيادة قوتها الاستراتيجية”.
أما النائب السابق لبعثة إيران في منظمة التعاون الإسلامي في جدة، صباح زنگنه، فقد رأى في مقالة له في موقع “فرارو” المحسوب على التيار المعتدل أن إسرائيل تسعى إلى توسيع الحرب وجذب الولايات المتحدة وإيران إلى التورط في مواجهة مباشرة في المنطقة، وأوضح أن استعراض الأحداث الأخيرة بين إسرائيل والولايات المتحدة يفضي إلى أن الفجوة بين إدارة بايدن وحكومة بنيامين نتنياهو قابلة للتوسع”.
جلال ساداتيان، الدبلوماسي السابق في بريطانيا، كتب في موقع “فرارو” أن سلوكيات نتنياهو “تُظهر بوضوح أنه وصل إلى نقطة النهاية وقد يضطر لارتكاب أي جريمة من أجل الخروج من هذا المأزق، فيحاول زج إيران بصراع مباشر، وهو يُدرك أنه إذا دخلت إيران الحرب، لن تستطيع الولايات المتحدة الوقوف مكتوفة الأيدي وتكون مجرد مشاهدة”.
ويضيف ساداتيان أن إيران قررت اعتماد سياسة ضبط النفس والصبر الاستراتيجي؛ “وهذا يعني أن إيران لم تدخل بعد في اللعبة الإسرائيلية. ومع ذلك، سيستمر نتنياهو في هذه السلوكيات على أمل جعل إيران تدخل في لعبته. متى سيحدث ذلك، أو هل سيحدث أصلاً، إنه لغز كبير جدًا”.
وفي الموقع نفسه (“فرارو“)، يكتب الخبير في العلاقات الدولية علي بيگدلي أنه على إيران أن تولي انتباهًا لنقطتين مهمتين لا يمكن تجاوزهما بسهولة: الأولى؛ التحقيق السريع في الفجوات الأمنية والمعلوماتية التي ظهرت في لبنان وسوريا والتي سمحت لإسرائيل بالهجوم وتحقيق أهداف، وأن تعمل على سدها بسرعة.. الثانية؛ على إيران أن تتوقع أي نوع من السلوك من نتنياهو، وختم بالقول: “الجغرافيا السياسية في منطقة الشرق الأوسط تتغير، ويجب على إيران أن تخطط جيدًا وأن تكون حذرة تجاه هذه التغيرات. يجب على سياسيينا وعسكريينا أن تكون نظرتهم شاملة وأن يتجنبوا أي تجاهل للمخاطر والخسائر من خلال مواجهة التغييرات في المنطقة. ليست هذه المرة الأولى التي تستهدفنا فيها إسرائيل، لكن نوع الضربة التي قامت بها مؤخرًا ضد بنيتنا العسكرية لا سابق لها في التاريخ”.
ورأى الكاتب الإيراني إحسان كياني أنَّ الإسرائيليين رفعوا مستوى عمليّاتهم ضد إيران لأنهم يعتقدون بأنها “مقيدة للغاية، لدرجة أنه من غير المرجح أن يؤدي ردّها المنتظر إلى معركة لا يمكن السيطرة عليها”، مما دفع إسرائيل للانتقال من استهداف مواقع الذخيرة ومراكز القيادة إلى استهداف القادة العسكريين والاستخباراتيين ثم القادة الكبار.
وفي مقال له في صحيفة “آرمان امروز” الإصلاحية، أضاف كياني أنَّ هذا الاعتقاد هو “خطأ في الحسابات”، حيث أنّ إيران قد تشعر بالحاجة إلى الرد مباشرة على إسرائيل لأنها تواجه ضغوطًا داخلية متزايدة للقيام بذلك، ولذلك فإنّ إسرائيل قد تدفع ثمنًا أعلى مما تتوقّعه لهجماتها ضد إيران.
وفي افتتاحية صحيفة “آرمان آمروز” الإصلاحية، استبعد أستاذ الجغرافيا السياسية عبد الرضا فرجي راد أن تشنّ إيران هجوماً صاروخياً مباشراً على إسرائيل، مذكّرًا بأنه يتم التخطيط عادة للهجوم بطريقة تربك الطرف الآخر، وحذّر من أنه إذا كانت الضربة من داخل إيران، فهناك احتمال لإسقاط الصواريخ عبر القواعد الأميركية قبل وصولها، فضلًا عن احتمال مهاجمة العدو للبنية التحتية الإيرانية!
أما خبير العلاقات الدولية قاسم محب علي، وفي مقالة له في صحيفة “آرمان ملي” الإصلاحية، فقد دعا إلى مناقشة كيفية الرد الإيراني ليكون متناسبًا ورادعًا، محذّرًا من الوقوع في الفخ الإسرائيلي، أي جرّ إيران إلى حرب واسعة، وحسب رأي محبّ علي، “على إيران أن تكون يقظة وتتّخذ إجراءاتها في اللحظة التي تحقِّقُ لها أكبر نسبة من الفوز، مقابل أقلّ التكاليف” (المصدر: الصحف والمواقع الإيرانية؛ موقع جاده إيران).