بحسب التقرير، فإن مكونات العقيدة الأمنية الإيرانية شهدت تغيرات كبيرة منذ الثورة الإسلامية نتيجة التطورات الداخلية مثل: وفاة آية الله الخميني قائد الثورة في العام 1989، وتغيير الحكومات في طهران، ونتيجة التطورات الإقليمية بما في ذلك: نهاية الحرب العراقية- الإيرانية (1988)، حرب الخليج الأولى (1990-1991)، والاحتلال الأميركي للعراق (2003)، وأحداث “الربيع العربي” (2010-2011)، وظهور داعش في سوريا والعراق في منتصف العقد الماضي، مع ما رافق ذلك من تغيرات عالمية أهمها انهيار الاتحاد السوفياتي (1991) والانتقال إلى نظام عالمي أحادي القطب بقيادة الولايات المتحدة ومواصلة الجهود لإقامة نظام عالمي متعدد الأقطاب.. حيث كان من أبرز التغيرات تطوير قدرات إيران التكنولوجية والعسكرية، بخاصة في المجالات النووية والصاروخية والطائرات بدون طيار (المسيرات).
يؤكد التقرير على أن الرغبة في ضمان بقاء النظام ضد التهديدات الداخلية والخارجية هي هدف أساس للجمهورية الإسلامية وعامل رئيس في تشكيل مفهومها الأمني (العقيدة الأمنية)، فقد صرّح المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي مراراً وتكراراً في مناسبات عديدة بأن أعداء إيران، وخاصة الولايات المتحدة، يسعون إلى الإطاحة بالنظام من خلال دعم خصومه المحليين ومنافسيه الإقليميين، فضلاً عن ممارسة الضغط السياسي والاقتصادي والعسكري. ترى إيران نفسها كدولة في بيئة إشكالية للغاية محاطة بمنافسين إقليميين ووجود عسكري أجنبي، لذلك يتأثر تصورها الأمني إلى حدٍ كبير بتصور التهديد وهي تسعى إلى ضمان عدم نشوء أي تهديد كبير لحدودها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها القومي (…).
طوّرت إيران أربعة مكونات رئيسية على مر السنين في جهودها للتطوير والحفاظ على ردع فعال ضد خصومها: الاعتماد على المنظمات “الوكلاء”؛ القدرات العسكرية الاستراتيجية (بشكل رئيس الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار)؛ “الإرهاب”؛ التسلّح النووي.
الركائز الأربع للردع الإيراني
- تفعيل “الوكلاء”: العقيدة الأمنية الإيرانية واحدة من أكثر الاستراتيجيات تعقيداً في المنطقة، حيث تعتمد على مجموعة من الركائز الأساسية لتعزيز نفوذها وحماية نظامها. ومن أبرز هذه الركائز “شبكة الوكلاء”، التي تُعد أداة مركزية في تحقيق مصالح وطموحات إيران الإقليمية. تسعى إيران إلى توسيع نفوذها عبر دعم منظمات شبه حكومية وميليشيات تعمل في دول مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن. الهدف الأساس من هذه الشبكة هو تحقيق “العمق الاستراتيجي”، الذي يسمح لإيران بنقل المواجهة مع أعدائها إلى خارج حدودها، وبالتالي تقليل المخاطر المباشرة عليها. تستخدم إيران هؤلاء الوكلاء لتنفيذ عملياتها بأقل تكلفة ممكنة، مع تجنب مواجهة مباشرة مع القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وإسرائيل. ورغم أن هؤلاء الوكلاء قد تكون لديهم أحياناً أولويات أو مصالح متعارضة مع إيران، إلا أنها نجحت في توظيفهم لتعزيز نفوذها في المنطقة. إلى جانب شبكة الوكلاء، تعتمد إيران على مفهوم “الدفاع الأمامي”، الذي يُترجم عملياً إلى مواجهة التهديدات على أراضٍ بعيدة قبل أن تصل إلى داخل إيران. وقد تم تطوير هذا المفهوم كجزء من استراتيجيتها الأوسع لتعزيز الردع الإقليمي، خاصة في ظل التحديات الأمنية المستمرة. وترى القيادة الإيرانية أن هذا النهج يوفر لها مساحة زمنية كافية لتحييد التهديدات قبل أن تصبح خطراً داخلياً. على سبيل المثال، دعمها المستمر للنظام السوري والفصائل في العراق لم يكن فقط لحماية حلفائها، بل أيضاً لإنشاء منطقة عازلة تمنع أي تهديد مباشر من الوصول إلى طهران.
- قدرات عسكرية استراتيجية: في السياق العسكري، أدركت إيران منذ الحرب العراقية- الإيرانية أهمية تعزيز قدراتها الدفاعية. ولذلك، ركزت على تطوير صواريخ باليستية بعيدة المدى وطائرات بدون طيار لتعويض ضعفها التقليدي. هذه الأسلحة لم تكن مجرد أداة للدفاع، بل أصبحت وسيلة فعالة لردع خصومها وإرسال رسائل قوة إلى المنطقة والعالم. المواجهة المستمرة مع إسرائيل تعكس هذا النهج بوضوح، حيث تستخدم إيران وكلاءها في لبنان وسورية والعراق لمهاجمة إسرائيل، مما يتيح لها تحقيق أهدافها بدون المخاطرة بمواجهة عسكرية مباشرة. كما أن استهداف إسرائيل بشكل مباشر أحياناً، كما حدث في نيسان/أبريل 2024، يُظهر تحولاً في طريقة إيران للتعامل مع التصعيد العسكري.
- “الإرهاب”: يشير التقرير إلى أن “الإرهاب” يعد ركيزة أخرى في الاستراتيجية الإيرانية، ويؤكد أنه منذ الثورة الإسلامية، استخدمت إيران ذلك كوسيلة لتحقيق أهدافها القومية، ويتم تنفيذ هذه العمليات إما بشكل مباشر من خلال أجهزة الدولة، مثل الحرس الثوري، أو عبر دعم المنظمات في مناطق مختلفة من العالم. الأهداف تشمل معارضي النظام في الخارج، وكذلك المصالح الأميركية والإسرائيلية (…).
- البرنامج النووي: يُعتبر أهم أدوات الردع الإيرانية، ورغم أن إيران تصرّ على أن برنامجها النووي هو لأغراض سلمية، فإن القيادة الإيرانية ترى أن امتلاك قدرة نووية عسكرية – أو حتى القدرة على تحقيقها عند الحاجة – يمثل ضمانة بقاء للنظام. تستشهد إيران بمصير ليبيا والعراق اللتين تخلتا عن برامجهما النووية وانتهى الأمر بهما إلى تدخلات غربية وإطاحة بنظاميهما. في المقابل، ترى أن كوريا الشمالية، التي تمتلك أسلحة نووية، نجحت في حماية نظامها من أي تهديد خارجي. هذا الموقف يُفسر تمسك إيران ببرنامجها النووي على الرغم من العقوبات والضغوط الدولية.
فعالية العقيدة الأمنية الإيرانية الحالية
تشهد العقيدة الأمنية الإيرانية بحسب التقرير تحديات متزايدة في ظل الأزمات الإقليمية الأخيرة، خاصة مع استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، وتأتي هذه التطورات لتختبر قوة المكونات الأساسية للعقيدة الإيرانية، خصوصاً في ما يتعلق بفعالية استراتيجية “وحدة الساحات” واستخدام شبكة الوكلاء العسكريين، إضافة إلى قدراتها العسكرية الاستراتيجية، على النحو التالي:
- تحدي شبكة “الوكلاء”:
قدّمت الحرب في غزة لإيران فرصة لتطبيق مفهوم “وحدة الساحات” بشكل واسع النطاق، وهذه الاستراتيجية تهدف إلى تنسيق العمل بين المنظمات التي تدعمها في مناطق متعددة لإضعاف خصومها، وتحديداً إسرائيل والولايات المتحدة. إلا أن هذه الحرب بحسب التقرير كشفت نقاط ضعف إيران في تحقيق التنسيق الكامل بين حلفائها، حيث حالت المخاوف من الانجرار إلى مواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل أو الولايات المتحدة بدون استغلال الإمكانات المتاحة. يضيف التقرير أنه رغم جهود إيران لدعم هذه الشبكة، لم تنجح في تحقيق أهدافها الرئيسة. الهدف الأول كان وقف القتال في غزة لتقليل حجم الأضرار التي لحقت بحماس، لكن ذلك لم يتحقق. أما الهدف الثاني فكان الضغط على الولايات المتحدة لإنهاء دعمها لإسرائيل أو إيقاف الحرب قبل تحقيق إسرائيل أهدافها، إلا أن هذه الجهود باءت بالفشل حتى الآن (…).
على الصعيد العسكري، شنّت إيران هجومين على إسرائيل في نيسان/ابريل وتشرين الأول/أكتوبر 2024. يؤكد التقرير أن إيران قدمت الهجومين على أنهما إنجازات عسكرية كبرى، إلا أن إسرائيل نجحت في اعتراض معظم الصواريخ، مما قلل من فعاليتهما. لكن من ناحية أخرى، اعتمدت إيران في الهجوم الثاني على تقنيات متقدمة لتعزيز دقة الضربات، وحظيت العملية بترحيب واسع في وسائل الإعلام الإيرانية. مع ذلك، تثير التقديرات الإسرائيلية التساؤل حول قدرة إيران على كسر التفوق العسكري والاستخباراتي الإسرائيلي. من ناحية ثالثة، يؤكد التقرير أن الهجوم الإسرائيلي في تشرين الأول/أكتوبر 2024، والذي استهدف منشآت الدفاع الجوي ومنظومة تصنيع الصواريخ الإيرانية، فاقم الشكوك داخل القيادة الإيرانية بشأن قدرة بلادها على تقديم ردع فعال ضد إسرائيل.
- “تدهور” وضع الحلفاء الاستراتيجيين:
يشير التقرير إلى الأضرار التي لحقت بحماس وحزب الله خلال هذه الحرب المستمرة منذ أكثر من عام، ويُعد ذلك من أخطر التحديات التي تواجه إيران، حيث تعرضت حماس إلى خسائر كبيرة تهدد وجودها، الأمر الذي قد يُضعف أحد أهم مكونات محور المقاومة الذي تدعمه إيران. أما في ما يتعلق بحزب الله، الذي يُعتبر الحليف الاستراتيجي الرئيس لإيران في المنطقة، فقد تعرّض لضربات عسكرية كبيرة أضرّت بقدراته على الردع العسكري، بما في ذلك استشهاد قياداته الرئيسة، إن هذا التراجع في قوة الحلفاء يجعل إيران أكثر عرضة للضغوط، خاصة إذا تعرضت منشآتها النووية لهجوم إسرائيلي.
في ضوء ذلك، يؤكد التقرير، واستناداً إلى التقديرات الإسرائيلية أيضاً، أن إيران تواجه اليوم شكوكاً متزايدة حول فعالية عقيدتها الأمنية الحالية في ظل التطورات الأخيرة، فعلى الرغم من محاولاتها تحقيق الردع من خلال شبكة الوكلاء وقدراتها العسكرية، فإن الأزمات الأخيرة أظهرت “محدودية” هذه الاستراتيجية: الخسائر الكبيرة لحلفائها، إضافة إلى الأضرار التي لحقت بمنشآتها العسكرية… يعكس ذلك بحسب التقرير تحديات كبيرة أمام إيران في الحفاظ على نفوذها الإقليمي وتحقيق أهدافها الاستراتيجية.
تغيير محتمل في التصور الأمني الإيراني
إن الاستراتيجية الإيرانية في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية تتسم بتنوع الرؤى التي تعكس تبايناً في المواقف داخل النظام الإيراني، حيث يسعى البعض إلى اتباع سياسة براغماتية تركز على حل الأزمات الداخلية، بينما يرى آخرون أن الاستمرار في التوجه العسكري والتوسع الإقليمي هو السبيل الأفضل للحفاظ على مكانة إيران. يتضح هذا التباين في المواقف من خلال نهجين رئيسيين يتبناهما بعض الشخصيات الإيرانية في مواجهة هذه التحديات. في ضوء هذه التطورات والثغرات التي استعرضها التقرير، والتي اتضحت خلال العام الماضي في قدرة إيران على ردع خصومها بشكل فعّال على أساس عقيدتها الأمنية الحالية، سيتعين على القيادة الإيرانية إعادة تقييم/ مراجعة مبادئ هذه العقيدة وتكييفها مع الواقع المتغير والدروس المستفادة من الحرب الحالية على مختلف الجبهات. وفي هذه العملية، قد تتبنى طهران ثلاث مقاربات رئيسية، أو مزيجا منها، على النحو التالي:
- نهج “إيران أولاً”: هذا النهج تتبناه شخصيات براغماتية مثل الرئيس مسعود بزشكيان، ويركز على معالجة المشكلات الداخلية كأساس لتعزيز قدرة إيران على مواجهة التحديات الخارجية. يرى مؤيدو هذا النهج أن الأزمة الاقتصادية التي تعصف بإيران هي التحدي الأكبر الذي يجب معالجته قبل التفكير في التصعيد العسكري أو المواجهات الإقليمية. ويشمل ذلك تحسين الوضع الاقتصادي الإيراني عبر التوصل إلى تسوية مع الغرب حول البرنامج النووي، ما قد يؤدي إلى تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد. كذلك، يتم التأكيد على أهمية تحسين العلاقات مع جيران إيران العرب لتخفيف التوترات الإقليمية. من ناحية أخرى، هذا النهج لا ينفي أهمية تعزيز القدرات العسكرية الإيرانية، بل يشير إلى أن التركيز على الجبهة الداخلية سيمكن إيران من تحسين وضعها الدفاعي بشكل أكثر فعالية على المدى البعيد. وفي هذا السياق، يدعو مؤيدو هذا النهج إلى تجنب الدخول في مواجهات عسكرية شاملة مع إسرائيل، ويشددون على ضرورة تقوية إيران من الداخل لتحقيق استقرار اقتصادي يعزز من قدرة البلاد على التعامل مع التحديات الأمنية في المستقبل. إلا أن هذه الدعوات الإصلاحية تواجه مقاومة من الدوائر الأكثر محافظة، التي لا ترى في الحلول الاقتصادية سوى جزء من الصورة، حيث يستمر دعم “جبهة المقاومة” (مثل حزب الله وحماس) كركيزة أساسية في السياسة الإيرانية.
- نهج التكيّف المحدود: هذا النهج أكثر تحفظاً ويتبنّى فيه جزء كبير من القيادة الإيرانية مواقف أكثر تمسكاً بالعقيدة الأمنية الحالية. يرى هذا النهج أن الضغوط العسكرية الإسرائيلية على إيران وحلفائها مثل حزب الله وحماس تشكل تحديات جديدة، لكنها لا تستدعي تغييرات جذرية في استراتيجية إيران وعقيدتها الأمنية. بل يرى هؤلاء أنه بالرغم من الضغوط، فإن إيران ما زالت في موقع القوة العسكرية، وأن إسرائيل لا تمتلك القدرة على حسم المعركة ضد إيران وحلفائها في المنطقة. من وجهة نظر هذا النهج، يمكن لإيران التكيف مع التحديات العسكرية الراهنة من خلال تعزيز قدراتها الدفاعية، مثل الصواريخ والطائرات بدون طيار، والاستمرار في دعم الحروب بالوكالة في مناطق مثل غزة ولبنان، التي يُنظر إليها كاستراتيجية فعالة لتهديد إسرائيل على المدى البعيد، من خلال استنزاف إسرائيل على جبهات متعددة، وتوسيع النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط بدون الحاجة إلى الدخول في مواجهة مباشرة. علاوة على ذلك، تمثل هذه السياسة استمراراً لمفهوم “الدفاع إلى الأمام”، الذي يعني أن وجود إيران العسكري بالقرب من حدود إسرائيل من خلال حلفائها يتيح لها فرصة أفضل لردع إسرائيل (…).
- تعديل العقيدة النووية: يشير التقرير إلى أن هناك اتجاهاً متزايداً داخل إيران لتعديل عقيدتها النووية، بحيث لا تقتصر على التواجد على “العتبة النووية” بل قد تتجه نحو تطوير أسلحة نووية. وتتصاعد هذه الدعوات في ظلّ التصعيد بين إيران وإسرائيل، حيث حذر مسؤولون إيرانيون من أن أي هجوم إسرائيلي على المنشآت النووية قد يغير حسابات طهران بشأن سياستها النووية. كما أشار بعض البرلمانيين والعلماء إلى أن إيران قادرة على إجراء تجربة نووية في وقت قصير إذا سمح لها المرشد الأعلى، وإلى أن العقيدة النووية الحالية قد لا تكون فعالة في مواجهة التهديدات المتزايدة. لكن، في الوقت الحالي، لا يوجد قرار رسمي من القيادة الإيرانية بتغيير العقيدة النووية والتحول إلى امتلاك أسلحة نووية، لكن النقاش حول هذه القضية يتزايد داخل إيران، بحيث تشير التصريحات الأخيرة إلى أن إيران قد تعيد النظر في استراتيجيتها النووية في حال تعرضها إلى تهديد وجودي من إسرائيل أو الدول الغربية. إن زيادة قدرات الردع الإيرانية، مثل تطوير الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار، قد تكون غير كافية في ظل تطور التهديدات الأمنية، ما يعزز الدعوات داخل طهران لاتخاذ خطوات نحو تحقيق “الاختراق النووي”.
نهاية عهد خامنئي و”اليوم التالي”
(…) يبدو أن فرص حدوث تغييرات بعيدة المدى في العقيدة الأمنية الإيرانية منخفضة طالما أن خامنئي يمسك بزمام السلطة، وعلاوةً على ذلك، ليس لدى إيران حالياً خيارات جديدة تختلف اختلافاً كبيراً عن تلك التي تبنتها حتى الآن، باستثناء تغيير عقيدتها النووية. ومن المحتمل أن ينطوي هذا الخيار على مخاطر كبيرة تصل إلى حد هجوم عسكري محتمل من قبل إسرائيل وحتى الولايات المتحدة. منذ تعيينه في منصب المرشد الأعلى الإيراني في صيف عام 1989، تبنى خامنئي عموماً سياسة حذرة، بخاصة في العلاقات الخارجية، لضمان الحفاظ على النظام، ومع ذلك، فإن نهاية فترة ولايته قد تقوده في اتجاهين متعاكسين كما يقدّر التقرير: من ناحية، قد يتجنّب، في سن متقدم، التغييرات السياسية البعيدة المدى والمخاطر التي يمكن أن تقوض الأمن القومي لبلاده خلال السنوات الأخيرة من حكمه. من ناحية أخرى، قد يقيم أنه في هذا الوقت بالتحديد يجب عليه تعزيز حصانة الجمهورية الإسلامية قدر الإمكان في مواجهة التحدي الأمني المتزايد، وبخاصة من إسرائيل، والتحديات الداخلية لاستقرار النظام- حتى على حساب المخاطر الخاضعة للرقابة التي تجنبها في الماضي.
على أي حال، يؤكد التقرير أنه سيتعين على القيادة الإيرانية في الأسابيع والأشهر المقبلة إعادة تقييم مفاهيمها الأمنية الأساسية، وستجري هذه العملية في وقت تسيطر فيه العناصر المحافظة بشكل رئيس على معظم مؤسسات الدولة، ويعبر النفوذ المتزايد للحرس الثوري، الذي غالباً ما يتبنّى نهجاً متشدداً وقومياً ومتحدياً تجاه الغرب، عن شعور متزايد بالقوة في قدرات إيران، وعلى استعداد لتحمّل مخاطر أكبر لتعزيز أهداف الأمن القومي الإيراني، وقد ينعكس تأثيرهم أيضاً في تحديث العقيدة الأمنية الإيرانية في الفترة المتبقية حتى نهاية ولاية خامنئي، وفي حقبة ما بعد وفاته. (لقراءة النص كاملاً راجع الموقع الإلكتروني لمركز “مدار“)