ينبع هذا التعقيد من عوامل عديدة، أبرزها الانقسامات الداخلية الفلسطينية؛ السياسات الإسرائيلية الاستيطانية؛ الدعم الدولي الذي يتلقاه الاحتلال، خصوصاً من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.
حقيقة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي ليست نزاعاً سياسياً عادياً، بل صراع وجودي بين الفلسطينيين الذين يسعون للحفاظ على وجودهم على أرضهم، وبين احتلال استيطاني استعماري إحلالي يستند إلى أيديولوجيات سياسية ودينية متطرفة.
ويُمثّل الدعم الدولي للاحتلال، الذي تقوده القوى الكبرى منذ الحرب العالمية الثانية، عقبة رئيسية أمام تحقيق أي تقدم سياسي للقضية الفلسطينية.
إنّ العام 2025 سيشهد تصعيداً كبيراً في الضفة الغربية، وسوف تصبح ساحة الحرب القادمة في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
كذلك ستتصاعد الهجمة الاستيطانية بقيادة حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة، المدعومة بغطاء أمريكي، بشكل كبير في السنة المقبلة؛ فالمستوطنون الذين يتحركون كميليشيات مدعومة من الجيش والشرطة الإسرائيليين، يسعون للسيطرة على المزيد من أراضي الضفة.
لذا، من المتوقع أن تشهد الضفة الغربية في العام 2025، صدامات عنيفة بين المواطنين الفلسطينيين وعصابات المستوطنين، بخاصة في المناطق الريفية والجبال، حيث أن هذه الصدامات ستكون نتيجة مباشرة لمحاولات الاحتلال فرض سيطرته الكاملة على الأراضي الفلسطينية، ما يعكس غياب أي أفق لحل سياسي.
إنّ العام 2025 سيشهد تصعيداً كبيراً في الضفة الغربية، وسوف تصبح ساحة الحرب القادمة في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي
وفيما يتعلق بقطاع غزة، من المتوقع أن يشهد العام 2025، هدنة مؤقتة قد تؤدي إلى وقف إطلاق نار لفترة محدودة، لكن إسرائيل لا تسعى لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار، بل تعمل على تحقيق أهداف استراتيجية تتمثل في تدمير المقاومة الفلسطينية وتهجير أكبر عدد ممكن من سكان القطاع.
وما زالت إسرائيل تسعى لتحقيق هذا الهدف إما من خلال التهجير القسري أو عبر فتح المعابر لإفساح المجال أمام التهجير الطوعي.
هذه السياسات تهدف إلى ضمان ألا يشكل قطاع غزة تهديداً مستقبلياً للأمن القومي الإسرائيلي، كما أن الحكومة الإسرائيلية اليمينية تعتبر السيطرة الكاملة على غزة جزءاً من أهدافها الاستراتيجية لتحقيق ما يُعرف بـ”إسرائيل الكبرى”.
وعلى صعيد إقامة الدولة الفلسطينية؛ هذا الحلم يبدو بعيد المنال في ظل الظروف السياسية الحالية؛ فالانقسامات الداخلية بين الفصائل الفلسطينية، سواء داخل منظمة التحرير أو خارجها، تساهم بشكل كبير في تعقيد المشهد، كما أن المؤسسات التمثيلية للشعب الفلسطيني، مثل المجلس التشريعي ومنظمة التحرير، ما زالت تعاني من غياب العملية الديموقراطية وعدم إجراء انتخابات دورية.
هذا الانقسام الفلسطيني المستمر يُضعف الموقف الفلسطيني على الساحة الدولية، ويزيد من تعقيد الجهود الرامية لتحقيق أي تقدم نحو إقامة الدولة الفلسطينية.
إضافة إلى ذلك، فإن الوضع العربي لم يعد عاملاً مسانداً للقضية الفلسطينية، في ظل نغمة “سوريا أولاً” و”لبنان أولاً” و”الأردن أولاً” إلخ.. ما يجعل الدعم العربي للقضية الفلسطينية مجرد دعم خجول يخضع لتوازنات وحسابات ومصالح دول كبرى، خصوصاً الولايات المتحدة.
أما وعود المجتمع الدولي للفلسطينيين فتظل مجرد شعارات غير قابلة للتنفيذ. التجارب السابقة تشي بذلك، مثل وعود إقامة الدولة الفلسطينية بعد توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، وطرح خارطة الطريق عام 2002، التي لم تُترجم تقدماً حقيقياً على الأرض.
وبكل أسف يُمكن القول إن العالم ما يزال محكوماً بلغة المصالح، حيث تتحكم الولايات المتحدة بمواقف العديد من الدول وبينها الدول العربية، مما يعيق أي دعم حقيقي للقضية الفلسطينية.
ومن الواضح أن العام 2025 لن يحمل انفراجات سياسية، بل سيشهد المزيد من التصعيد في الضفة الغربية وقطاع غزة.
في الخلاصة، الشعب الفلسطيني سيظل يواجه تحديات كبرى، تتطلب وحدة داخلية وجهوداً مكثفة على المستويين السياسي والميداني لمواجهة الاحتلال وسياساته التوسعية.