الخليجيون للحريري: لا مساعدات للبنان.. ساعدوا أنفسكم!

ما لم يكشف عنه في قمة الرياض الخليجية التي عقدت قبل أسبوع أن دول مجلس التعاون الخليجي أوكلت للكويت نقل موقفها إلى مؤتمر مجموعة الدعم الدولية للبنان الذي إنعقد الأسبوع الماضي في باريس، ومفاده أن لا مساعدات خليجية للبنان في ظل أوضاعه السياسية غير المستقرة حالياً وقبل تشكيل حكومة جديدة قوية وقادرة على تحقيق الإصلاحات الإقتصادية المطلوبة.

تماهى الموقف الخليجي مع موقف أصدقاء لبنان في مجموعة الدعم الدولية الداعمة له، خلال إجتماع باريس. أكد بيان المجموعة أن هناك حاجة ملحّة “لأن يتبنى لبنان حزمة إصلاحات اقتصادية مستدامة وشاملة وذات صدقية”، وحذر من أن لبنان “يواجه إنحلالاً فوضوياً لاقتصاده وعدم إستقرار متزايداً ما لم يطبق إصلاحات عاجلة تعطي المؤسسات المالية الدولية الثقة لكي تقدم الدعم”.

لماذا هذا الإستياء الذي عبّرت عنه دول مجلس التعاون الخليجي من مجريات الوضع في لبنان؟

يقول مسؤول خليجي شارك في اعمال القمة الخليجية تحضيراً وحضوراً إن هناك حالة يأس من الواقع اللبناني “فكيف ينتظر أهل الحكم في لبنان من الآخرين تقديم العون والمساعدة للبنان، وهم لا يقومون بالحد الأدنى لمساعدة بلدهم من أجل الخروج من حالة الشلل السياسي والاقتصادي التي يعيشها، حيث لا رئيس حكومة ولا حكومة، وحيث الطبقة السياسية ما زالت تتنازع على توزيع المغانم والمصالح السياسية والاقتصادية الضيقة، غير مكترثة بمطالب اللبنانيين التي عبّروا عنها في حراكهم الشعبي الأخير، وأولها تشكيل حكومة قوية قادرة على محاربة الفساد وتحقيق الاصلاحات السياسية والاقتصادية، وكيف ينتظر أهل الحكم في لبنان مساعدة الآخرين وهناك قوى تتحكم في لبنان (في اشارة ضمنية إلى حزب الله) لا تريد القيام بأي تغيير أو إصلاح، بل  تريد ان يبقى الوضع السياسي على ما هو عليه لأنه يضمن هيمنتها على الدولة”.

يرفض المسؤول الخليجي التطرق إلى وجهة نظر الدول الخليجية حول كيفية خروج لبنان من ازمته الحالية، ولكنه كشف لموقع 180 أن رئيس الوزراء اللبناني المستقيل سعد الحريري “إتصل غير مرة بغير عاصمة خليجية سائلا المشورة، ولكنه ابلغ بان الحل عندكم  في لبنان وتحديداً بيد اهل الحكم”، متوقفاً عند أهمية الخروج من نظام المحاصصة السياسية والاقتصادية الذي أدى إلى غضب اللبنانيين على اهل الحكم.

أشار المسؤول الخليجي إلى أن الحريري تبلّغَ من الدول الخليجية الآتي:”إذا لم تساعدوا أنفسكم كلبنانيين وتوجدوا حلولاً لأزمتكم وتوقفوا الهيمنة على الدولة من قبل أطراف سياسية غير مقبولة عربياً أو دولياً، وإذا لم تعيدوا التوازن إلى السلطة، لا تتوقعوا مساعدة من الآخرين”

 ويضيف:”كان الحريري يعمل على إقناعنا بأنه يحقّق التوافق السياسي على مدى ثلاث سنوات، لكن إتضح لنا أن ما كنا نشهده ليس توافقاً سياسياً بل هيمنةً سياسيةً على الدولة أدت مع الوقت إلى إضعاف موقع رئاسة الوزراء في منظومة الحكم وبالتالي إضعاف موقف المسلمين السنة في لبنان”.

وأشار المسؤول الخليجي إلى أن الحريري تبلّغَ من الدول الخليجية الآتي:”إذا لم تساعدوا أنفسكم كلبنانيين وتوجدوا حلولاً لأزمتكم  وتوقفوا الهيمنة على الدولة من قبل اطراف سياسية غير مقبولة عربيا أو دوليا، وإذا لم تعيدوا التوازن إلى السلطة، لا تتوقعوا مساعدة من الآخرين”.

وتجدر الإشارة هنا الى تصريح وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في أعقاب إنتهاء قمة الرياض الخليجية وقال فيه “إن شعب لبنان ونظامه السياسي بحاجة إلى إيجاد طريق يضمن استقرار لبنان وسيادته”.

هذا الكلام سبق وان سمعه الحريري، عندما زار دولة الامارات في الصيف الماضي، حيث ابلغته أبو ظبي أنها مستعدة لتقديم المساعدات المالية والاقتصادية للبنان “ولكن ليس في ظل هيمنة حزب الله على الدولة اللبنانية”.

وجزم المسؤول الخليجي أنه لن تُقدّم أية دولة خليجية مساعدات إقتصادية أو مالية للبنان “إذا أعيد تشكيل الحكومة اللبنانية وفق التركيبة السياسية السابقة، حتى ولو تولى رئاستها سعد الحريري، لأن مثل تلك التركيبة هي التي أبعدت الدول العربية عن لبنان”.

والملاحظ أن وجهة النظر الخليجية هذه، إنما تعبّر في الحقيقة عن الموقف السعودي بالدرجة الأولى، برغم ان دولة قطر – ووفق سياسة “خالف تعرف” – (على حد تعبير المسؤول الخليجي) تريد ان تسير في طريق مختلف بحثاً عن دور يتيح لها التدخل للوساطة بين القوى السياسية اللبنانية عن طريق التلويح بساعدة لبنان مالياً وإقتصادياً.

وكان وزير المال القطري علي العمادي قد أعرب يوم السبت الماضي عن إستعداد بلاده لتقديم مساعدات مالية للبنان، معتبراً “ان لبنان دولة مهمة واستقرارها السياسي والاقتصادي مهم لدول الخليج”. وهذا التلويح القطري بمساعدة لبنان جعل الرئيس اللبناني ميشال عون يتصل، الاحد الماضي، بأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني ودعوته رسمياً لزيارة لبنان، طمعاً بمساعدة قطرية ما للبنان من جهة، ولتوجيه إشارة إلى السعودية التي سيثير حفيظتها الموقف اللبناني من جهة ثانية.

لعل أفضل توصيف للموقف الخليجي إزاء لبنان حالياً هو الآتي: “الإكتفاء بمراقبة ما يجري في لبنان ومن دون أي تدخل من جانبنا”.

(*) صحافي عربي متخصص بالشؤون الخليجية

إقرأ على موقع 180  تقرير "أمان": سنتان للقنبلة النووية.. والحدود الشمالية قابلة للتفجر

Print Friendly, PDF & Email
سليمان نمر

كاتب عربي متخصص بالشؤون الخليجية

Download WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
Download WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
udemy course download free
إقرأ على موقع 180  تقرير "أمان": سنتان للقنبلة النووية.. والحدود الشمالية قابلة للتفجر