يقول المراسل العسكري لصحيفة “هآرتس” عاموس هرئيل إن الجيش الإسرائيلي “يستعد لمواجهة احتمال رد مضبوط من جانب التنظيم الشيعي (حزب الله)، بالاستناد إلى تصريحات سابقة للأمين العام لحزب الله (السيد) حسن نصرالله الذي هدّد بترسيخ “معادلة ردع” في مواجهة إسرائيل. في آب/أغسطس الماضي، قال نصرالله إن حزبه سيرد على إسرائيل “من الأراضي اللبنانية في حال مقتل أي عنصر من عناصره في سوريا”.
التقدير في القدس المحتلة، يتابع هرئيل، أن حزب الله “ينوي القيام بعملية محدودة تبعث برسالة إلى إسرائيل من دون ان تجرّ الطرفين إلى تصعيد شامل. هذا ما فعله الحزب في نيسان/أبريل الماضي، عندما قطع عناصره السياج الحدودي بين لبنان وإسرائيل في ثلاث نقاط، رداً على إطلاق صواريخ على سيارة جيب تابعة له على الحدود السورية – اللبنانية من دون وقوع إصابات بشرية.
في الأسبوع الماضي، وقبل الهجوم (الإسرائيلي) الأخير في سوريا، أجرى قائد المنطقة الشمالية اللواء أمير برعام حديثاُ مطولاً مع “هآرتس”. يقول عاموس هرئيل إن هذا الحوار “جرى في مكان مطل على منظر فريد من نوعه، قلائل يصلون إليه، هو موقع مراقبة للجيش الإسرائيلي في رأس الناقورة. من هناك، وعلى علو نحو 100 متر فوق الناقورة، يمكن مشاهدة كل منطقة الحدود بين الدولتين، وأيضاً منطقة الخلاف المحتمل المقبل، منطقة البحر المتوسط وحقول الغاز في أعماقها، والتي لا تزال حقوق السيطرة عليها موضع خلاف بين إسرائيل ولبنان”.
ينقل هرئيل عن برعام قوله “إذا سألت مواطناً لبنانياً، أشك في أن تكون إسرائيل في المرتبة العاشرة على قائمة همومه. هو يشعر بالقلق بسبب عدم وجود أفق، ويبدو أن من بين أسباب ذلك سلوك حزب الله. الشكوك تتسرب أيضاً إلى الطائفة الشيعية في لبنان. لبنان موجود في مأزق حقيقي، ويرزح تحت عقوبات خارجية تزداد تفاقماً، وهي ناجمة عن خطوات أميركية ضد إيران وسوريا، بالإضافة إلى فقدان المؤسسات الدولية ثقتها بالاقتصاد اللبناني. السنة المقبلة ستكون سنة مصيرية بالنسبة إلى هذه الدولة، ويمكن أن تؤدي إلى تفككها لعجزها عن الوفاء بديونها”.
يقول برعام، إن السيد نصرالله “هو من يمسك بزمام الأمور (في لبنان)، ويبقى في الخلف. لكنه يجد صعوبة في ألاّ يكون له علاقة بالأزمة. إذا اهتم فقط برجاله وأنصاره من الشيعة، فإنه بذلك سيقوّض الادعاء بأن مبرر وجود الحزب هو كونه درع لبنان. إيران لم تعد قادرة على مساعدة حزب الله مالياً بنفس المقدار، كما في الماضي. هذه الأزمة يعيش تحت وطأتها كل المحور الشيعي، وخاصة منذ اغتيال سليماني”.
يزعم قائد المنطقة الشمالية أنه ليست هناك نوايا عدوانية لإسرائيل في لبنان، “بل حزب الله هو الذي يوظّف مالاً في تهريب السلاح، وفي مشروعه للصواريخ الدقيقة، وفي بناء قوة نارية في مواجهة إسرائيل. من حيث المبدأ، من الممكن أن يتطور سيناريو يحاول فيه نصرالله أن يوجه أصبع الاتهام إلى إسرائيل من أجل تسخين الوضع معنا. أنا لا أعتقد أنه سيفعل ذلك الآن، فهو موجود في نقطة حرجة”.
ويرى برعام أن الانهيار الداخلي في لبنان “سيكون خطراً علينا أيضاً. في الأشهر الأخيرة، برزت ظاهرة جديدة هي تسلل مواطنين سودانيين إلى إسرائيل من الحدود مع لبنان، جرى توقيفهم بالقرب من السياج. العامل المصروف من عمله في مطعم في بيروت في الصباح، وليس لديه ما يأكله.. عند الظهر سيحاول اجتياز الحدود إلينا”.
امير برعام: “في سوريا تعلموا الانتقال من وضع دفاع ثابت إلى مناورة هجومية للوحدات. هذا جرى لهم أيضاً بفضل تواصلهم مع الوحدات الروسية التي قاتلت إلى جانبهم. من ناحية أُخرى، نحن لسنا داعش. في سوريا كان لديهم تفوق أرضي وجوي وغطاء روسي. ليس هذا هو الوضع في مواجهتنا في لبنان”
لا يخفي برعام “إعجابه بالتجربة العملية التي راكمها مقاتلو حزب الله في المعارك في سوريا”، لكنه يرفض المشاركة في السردية العسكرية القائلة إنه من حين إلى آخر يجب تخويف الجمهور الإسرائيلي من أهوال الحرب المقبلة. يقول “صحيح أن نصرالله يهدد منذ سنوات بـ”احتلال الجليل”، لكن، هنا يقترح قائد المنطقة الشمالية وضع أقواله في إطارها المناسب، “في سوريا تعلموا الانتقال من وضع دفاع ثابت إلى مناورة هجومية للوحدات. هذا جرى لهم أيضاً بفضل تواصلهم مع الوحدات الروسية التي قاتلت إلى جانبهم. من ناحية أُخرى، نحن لسنا داعش. في سوريا كان لديهم تفوق أرضي وجوي وغطاء روسي. ليس هذا هو الوضع في مواجهتنا في لبنان”.
ويتابع: “هم يتحدثون عن هجمات في قلب أراضينا، وعن إخلاء مستوطنات تحت إطلاق النار. هذا يمكن أن يحدث. ونحن نتعامل بجدية كاملة مع خططهم ونستعد لمواجهتها. التدريبات التي تقوم بها وحداتنا أكثر قساوة وتطلباً كي يستطيعوا مواجهتها. لكن يجب ألّا نخيف أنفسنا من دون طائل. لقد تعلمت هذا الدرس في عملية “الدرع الواقي” (آذار/مارس 2002)، كنت حينها قائد كتيبة شاباً، قالوا لنا توقعوا سقوط مئات القتلى في العملية. حينها أضفت إلى رتل الكتيبة التي تحركت في اتجاه بيت لحم شاحنتين لإخلاء القتلى. بالتأكيد أخفت جنودي. في الحرب، سيحاول حزب الله احتلال مواقع والوصول إلى الصفوف الأولى من منازل المستوطنات، لكن لن يحدث هنا أي احتلال للجليل. نصرالله هو بطل عالمي في الحرب النفسية، لكنه يفهم جيداً علاقات القوة الحقيقة. الأذى الذي سيلحق به سيكون أكبر بكثير من الضرر الذي يقدر على أن يلحقه بنا”.
يضيف قائد المنطقة الشمالية:”سنقاتل بحسب قوانين الحرب: كل منزل تنطلق منه فصيلة من قوات الرضوان أو تنطلق منه نيران سيُضرب. المواطنون اللبنانيون يعلمون ذلك، ولن يبقوا في منازلهم. لقد سبق أن قال أحد وزراء الدفاع (عمير بيريتس في بداية حرب لبنان الثانية، تموز/يوليو 2006) مَن يذهب إلى النوم مع صواريخ يجب ألّا يُفاجأ بأن يستيقظ مع قصف. إذا حاولوا التحرك، لن نجلس وننتظر وصول عناصر فرقة الرضوان إلى مستوطنة شلومي (قرية البصة الفلسطينية). لا يوجد هنا قتال عادل fair fight. لا يمكن أن نترك فرصة لحدوث ذلك”.
ويختم بالقول “أنا انظر للتهديد بصورة واقعية واستعد له. استخباراتنا جيدة، لكننا نخطط لوضع لا يكون فيه لدينا معلومات استخباراتية كافية ونُفاجأ. أنا لا أهدأ قط: حتى لو كان لدينا كل المعلومات، من المحتمل أن نخطىء في تقييمها”.
الجنرال غيل أغينسكي: حزب الله سيحاول المسّ بمنصات الغاز، لكن إذا نجح وهو في طريقه إلى تنفيذ مثل هذه المهمة بالمساس بإحدى السفن، فلن يتأسف لذلك لأن الغرض من السفينة هو حماية الحقول
من جهته، نقل المراسل العسكري في “يسرائيل هيوم” حنان غرينوود عن الجنرال غيل أغينسكي (القائد المنتهية ولايته لقاعدة حيفا العسكرية التابعة لسلاح البحر الإسرائيلي)، أن حزب الله “معني جداً بأن يمس بإسرائيل عن طريق البحر”، وأكد أن الحزب يقوم بتطوير قدرات تتيح له إمكان فعل ذلك في المستقبل.
وأضاف أغينسكي: “في إمكاننا طبعاً أن نفجر كل الأنفاق (الهجومية) في قطاع غزة، لكن النفق هنا هائل، وهو نفق أزرق. إن فرضيتنا الأساسية تقول إن حزب الله يرغب في التسلل عبر البحر. وعناصر الحزب تنشط فيه، لا من أجل تربية الكرز”.
وتابع هذا المسؤول العسكري السابق: “إن التهديد ما زال قائماً وهو خطر، لكننا نسعى قبل أي شيء لحماية منصات الغاز الطبيعي. إذا كان حزب الله راغباً في إلحاق ضرر استراتيجي بنا، فسيحاول المسّ بمنصات الغاز، لكن إذا نجح وهو في طريقه إلى تنفيذ مثل هذه المهمة بالمساس بإحدى السفن، فلن يتأسف لذلك لأن الغرض من السفينة هو حماية الحقول”. يذكر أن إسرائيل تمتلك خمسة حقول غاز طبيعي في البحر المتوسط وهي: تمار، تمار الجنوبي، كريش، تمساح وليفياثان.
من جهة ثانية، إستبعدت إسرائيل أن يكون تضرّر مبنى ومركبة في الجولان المحتل، اليوم (الجمعة)، من جراء شظايا قذائف أطلقت من داخل الأراضي السورية، هي جزء من رد حزب الله، وذكر المراسل العسكري للقناة 12 إن قذائف مضادة للطائرات أطلقت باتجاه طائرة مسيّرة إسرائيليّة، إلا أن القذائف سقطت في الجانب السوري من الحدود، قرب الجدار الفاصل في منطقة مجدل شمس (هآرتس، يسرائيل هيوم، عرب 48، مؤسسة الدراسات الفلسطينية).