في هذا السياق، جاءت زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى دمشق، وهي الأولى له منذ العام 2012، بعد عام على اندلاع الأزمة السورية، علما أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان قد زار دمشق للمرة الأولى مطلع العام الحالي، كما زار قاعدة حميميم الجوية الروسية في العام 2017.
هذه الزيارة، على رأس وفد روسي رفيع المستوى، هذا الأسبوع، قد تكون إحدى أهم الزيارات الروسية إلى سوريا منذ نهاية أيلول/سبتمبر 2015، تاريخ تدخل الجيش الروسي الذي غيّر مجريات الحرب على أرض سوريا.
وعلم موقع 180 إستناداً إلى مصادر روسية واسعة الإطلاع، أن لافروف “طلب من الرئيس السوري بشار الأسد التضحية بوجود المستشارين الإيرانيين وحلفائهم على أرض سوريا، مقابل عودة سلطة الدولة السورية إلى الشرق السوري بالتفاهم بين الدولة السورية والأكراد برعاية روسية (إعتماد صيغة لامركزية في إدارة الشرق السوري)، وفي الوقت نفسه، يمكن لموسكو أن تضمن إنسحابا تدريجياً هادئاً للقوات التركية من الشمال السوري”.
غير أن هواجس الدولة السورية لم تكن على سكة واحدة هذه المرة مع روسيا، خاصة وأن تجربة سراقب في آذار/مارس 2020، أعطت مؤشرات مقلقة للقيادة السورية التي إضطرت إلى الإستعانة بالإيرانيين و”فرقة الرضوان” التابعة لحزب الله من أجل حسم المعركة في أقل من 24 ساعة، برغم قناعة السوريين أن الطريق لن يفتح ولن يكون آمناً الا وفق شروط معينة تقضي بالتمدد التدريجي في إتجاه جانبي الطريق نفسه.
وعلى جاري عادة القيادة السورية، فإنها تمسك العصا من الوسط. تريد الحفاظ على الوجود والدعم العسكري الروسي والإيراني، وتوازياً، تريد الحفاظ على حضور متوازن للحليفين.
لذلك، ليس معروفاً حتى الآن ماذا سيكون موقف الدولة السورية من الطلب الروسي الأول من نوعه، وهو يأتي على الأرجح، في سياق منسق مع الأميركيين (ليس معروفاً ما إذا كانت هناك أية إعتبارات سياسية إنتخابية أميركية وراء توقيت هذا الطلب الروسي).
كما يأتي الطلب الروسي، على مسافة أيام من اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف (الجولة الثالثة) بحضور ممثلي الحكومة والمعارضة و”المجتمع المدني” والمبعوث الدولي غير بيدرسن، وكان لافتاً للإنتباه قول لافروف، بعد لقائه الرئيس الأسد، إنه “لا جدول زمنياً” للإصلاح الدستوري، وإن الانتخابات الرئاسية السورية “شأن سيادي سوري”، في أوضح رسالة روسية بأن الإنتخابات المقبلة ستجري وفق دستور العام 2012، أي لا توسيع لقاعدة الحكم في سوريا، كما تريد المعارضة السورية وجهات دولية وإقليمية داعمة لها.
كما يأتي الطلب الروسي بعد أسبوع من مذكّرة التفاهم التي وقعها “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد) المدعوم من الأميركيين مع “حزب الإرادة الشعبية” المدعوم من الروس، في موسكو، الأمر الذي أعطى إشارة واضحة إلى أن الإدارتين الروسية والأميركية أعطتا الضوء الأخضر لتوقيعها.
ووفق المعلومات التي توفرت لموقع 180، فإن وزير الخارجية الروسي تمنى على السيدة إلهام أحمد أثناء إستقباله لها في مكتبه بموسكو، بعد توقيع الإتفاق مع قدري جميل، أن تنقل إلى حليفها قائد “قوات سوريا الديموقراطية” (قسد) الجنرال مظلوم عبدي أنه “لا ضمانات مستقبلية لقوات “قسد” من دون التنسيق الكامل مع الإتحاد الروسي”، وأبلغها أيضاً أن الاميركيين “لم تعد منطقة شرق سوريا تعني لهم شيئاً بعد قرارهم القاضي بسحب حوالي 2000 جندي من القواعد الاميركية في العراق”.
وعلم أن لافروف سلم نسخة من التفاهم بين “مسد” و”حزب الارادة الشعبية” الى غير بيدرسن خلال زيارته الاخيرة الى موسكو وطلب اليه ايجاد صيغة لادخال الكرد في العملية السياسية في سوريا.
يذكر أن الوفد الروسي برئاسة لافروف أجرى محادثات إقتصادية أثمرت تفاهمات في عدد من القطاعات الإستثمارية التي يعتبرها الروس “حيوية”.
وتزامنت زيارة لافروف أيضاً مع قيام وفد روسي بزيارة إلى بيروت ظلت بعيدة عن الإعلام وتناولت فرص الإستثمار الروسية في عدد من القطاعات في لبنان، ومنها قطاع الغاز.