–ما ابرز أوجه التغيير داخليا في الولاية الرئاسية الجديدة؟
جلول: اذا استندنا الى برنامج جو بايدن الانتخابي الذي اختير على أساسه رئيسا للولايات المتحدة الامريكية، نرى ان أشياء كثيرة ستتغير في الداخل. فهو سيرفع نسبة الضرائب على الثروات الكبيرة الى مستوى ما بين 37 و39 بالمئة. سيرتفع الحد الأدنى الفدرالي للأجور في الساعة الواحدة من 7 ونصف دولار الى 15 دولاراً. سيعاد العمل بقانون “اوباما كير” الصحي الذي يستفيد منه الفقراء ومحدودو الدخل. ستخصص مقاعد مجانية في الدراسات العليا لذوي الدخل المحدود. سيتم تحديد حجم المهاجرين الى الولايات المتحدة ب 125 الف مهاجر سنويا. سيتم الغاء القانون الذي يحظر تأشيرة الدخول على عدد من مواطني الدول الإسلامية ويبقى العاجل هو إعطاء الأولوية لمكافحة الكورونا ناهيك عن مكافحة التسرب الحراري وبالتالي تمويل برنامج عملاق تكون فيه الولايات المتحدة امنة بيئيا في منتصف هذا القرن.. هذه الإجراءات يمكن ان تحدث انفراجا مهما في الداخل وتخفف من حدة التوتر الذي دام خلال السنوات الترامبية السيئة شرط ان يتم التخلص من جائحة كورونا وان يستمر النمو الاقتصادي الذي تحقق في عهد ترامب.
-ما هي أبرز أوجه التغيير خارجياً؟
جلول: على الصعيد الخارجي، اعلن بايدن انه سيعود الى اتفاقية باريس المتصلة بالمناخ وسيعالج الملف النووي الإيراني. وسيعيد الولايات المتحدة الى المنظمات الدولية التي قاطعها دونالد ترامب كاليونسكو ومنظمة الصحة العالمية. ستكون العلاقات مع الصين قوية مع الإصرار على توازنها وحماية المصالح الامريكية ولعل تسليح تايوان واستفزاز الصين في بحرها لن يحتل الأولوية في عهد بايدن. اما روسيا، فقد كانت تراهن على فوز ترامب لكنها لن تتعثر في التكيف مع السياسة التي يعتمدها الرئيس المنتخب. والملفت للإنتباه في هذا الصدد ترحيب فنزويلا بانتخاب بايدن ودعوة رئيسها مادورو للتفاوض من اجل حل سلمي للمشاكل بين البلدين.
-هل يتغير موقف أمريكا من أوروبا في عهد بايدن؟
جلول: سيكون الموقف الامريكي اقل تشددا من ترامب في الحلف الأطلسي. ومن المرجح ان يعمل بايدن مع فرنسا وألمانيا وأوروبا عموما في العديد من الملفات الدولية ويلاحظ ان الأوروبيين كانوا الأكثر ابتهاجا بانتخابه ما عدا رومانيا وبولونيا وهنغاريا وهي دول متعلقة مباشرة بالحماية الامريكية من الاطماع الروسية. الواضح ان الأوروبيين سيستانفون الشراكة مع الولايات المتحدة في الملفات الدولية ولا سيما ملف اتفاقية باريس للمناخ والملف النووي الإيراني وسيعملون مع واشنطن في المؤسسات الدولية التي عطلها ترامب او جمدها او قاطعها. وتراهن فرنسا بصورة خاصة على الضغوط التي يمكن ان يمارسها بايدن على تركيا ورجب طيب أردوغان ولن يحزن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اذا نفذ بايدن وعده باسقاط اردوغان عبر الانتخابات ذلك ان باريس كانت وما زالت تشتبك مع الرئيس التركي في شرق المتوسط وليبيا وفي الصراع بين ارمينيا وأذربيجان، ناهيك عن تدخل الرئيس التركي في قضية الرسوم المسيئة للرسول ورد اردوغان العنيف على خطاب الرئيس ماكرون عن الإسلام الانعزالي او الانفصالي في بلاده. من جهتها، ستتنفس أنجيلا ميركل الصعداء جراء بلطجة الرئيس الأمريكي السابق وقراراته المؤذية وتهميش وتهميش المانيا واوروبا.
ثمة حديث غير مؤكد عن نية بايدن العمل على وقف الحربين الليبية والسورية بالتوازي مع وضع حد لسياسة اردوغان التوسعية بالعمل على اسقاطه بواسطة الانتخابات التركية كما أشار بايدن خلال حملته الانتخابية
-هل يتوقف الضغط الأمريكي الجنوني من اجل التطبيع القسري بين إسرائيل والعرب وماذا سيكون الموقف من القضية الفلسطينية؟
جلول: المؤكد ان بايدن سيوقف ضم أراضي الضفة وسيعيد المكتب التمثيلي لمنظمة التحرير الفلسطينية الى واشنطن ولربما يعيد الاعتبار لحل الدولتين. ومن المرجح ان يعيد القنصلية الامريكية الى القدس الشرقية لخلق توازن مع السفارة الامريكية في القدس وقد يعيد المساعدات المالية للفلسطينيين وربما أعاد دعم منظمة الاونروا لغوث اللاجئين الفلسطينيين. لن يتخلى عن صفقة القرن ولن يسحب السفارة من القدس. سيعمل على استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين. ومن غير المستبعد ان يواصل الضغوط من اجل المزيد من التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل. اذا تغيرت السياسة الامريكية في هذا الاتجاه، يمكن ان يعود الأوروبيون الى المشاركة في مفاوضات السلام بعد ان يوافق الرئيس محمود عباس على استئناف المفاوضات ووقف مقاطعة الاتصال بالإدارة الامريكية.
-هل سيتغير الموقف الأمريكي من ايران وسوريا وليبيا؟
جلول: لربما يعود بايدن الى المعادلة التي انبثقت خلال ولاية باراك أوباما الثانية (2012 ـ 2016) حيث تم الاتفاق على مشاركة السعودية وايران للنفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط تماما كما هي الحال مع اثيوبيا. لهذا وافقت واشنطن على توقيع الصفقة حول الملف النووي الإيراني. وكانت ايران قد باشرت بمساعدة واشنطن على الانسحاب من أفغانستان ومن العراق الا ان السعودية ودول الخليج كانت تفضل التقارب مع إسرائيل لقاء عزل ايران. لذا راهن السعوديون على ترامب الذي عمل في الاتجاه الذي يفضلون وتفضل إسرائيل التي لا تريد اعترافا دوليا وشرعيا بالقطب الإيراني في الشرق الأوسط.
من غير المستبعد ان يستانف بايدن العمل وفق تلك المعادلة، خصوصا ان الحرب اليمنية التي اندلعت على هامش التقارب الخليجي الإسرائيلي والتباعد العدائي مع ايران، لم تحقق النتائج المرجوة وهي مرشحة للتصاعد بما يضعف الخليج ويزيد ايران نفوذا وقوة.
وثمة حديث غير مؤكد عن نية بايدن العمل على وقف الحربين الليبية والسورية بالتوازي مع وضع حد لسياسة اردوغان التوسعية بالعمل على اسقاطه بواسطة الانتخابات التركية كما أشار بايدن خلال حملته الانتخابية. من جهة أخرى يلاحظ ان “الاخوان المسلمين” في مصر ابتهجوا بانتخاب بايدن واصدروا بيانا يثمن هذا الخيار ولعلهم يراهنون على استئناف الدور الذي لعبه التنظيم في الربيع العربي وبالاتفاق مع إدارة أوباما.
ان مجمل هذه المواقف التي قد تحل محل السياسة الانعزالية والمتفردة في عهد ترامب وربما تساعد أمريكا على الانسحاب العسكري من الشرق الأوسط وترسي قواعد لعبة جديدة في المنطقة.
(*) بالتزامن مع صحيفة “المغرب” التونسية