ولد الجنرال أوستن (67 عاماً) في موبايل بولاية الاباما، وتخرج من الأكاديمية العسكرية في وست بوينت، حيث خدم في سلاح المشاة في ألمانيا، قبل أن ينضم إلى الفرقة المجوقلة المتمركزة في قاعدة فورت براغ في ولاية نورث كارولينا.
طوال فترة خدمته العسكرية، صعد في الرتب وراكم خبراته في العراق وأفغانستان في إطار “الحرب على الإرهاب” التي انطلقت بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر، وتولى قيادة القوات الأميركية التي دخلت بغداد في العام 2003.
في العام 2010، أصبح أوستن مسؤولاً عن القوات الأميركية في العراق، وقد شارك مع قيادات عسكرية في محاولة إقناع باراك أوباما بالابقاء على 5 آلاف جندي على الأقل لمساعدة وتدريب القوات العراقية. عندما رفض أوباما، أشرف أوستن على انسحاب القوات الأميركية في كانون الأول/ديسمبر عام 2011 وفقاً لقرار أوباما. إثر ذلك، انضم إلى طاقم العمل برئاسة الأدميرال مايكل مولين والذي أصبح نائباً له، وكان مسؤولاً بشكل خاص عن مراقبة ظاهرة الإجهاد اللاحق للصدمة التي يعاني منها العديد من الجنود الأميركيين.
في العام 2012، عيّنه باراك أوباما لرئاسة القيادة المركزية التي تشرف على العمليات العسكرية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، ليحل مكان جيمس ماتيس، جنرال مشاة البحرية، الذي عيّن أول وزير دفاع في عهد دونالد ترامب.
في إطار توليه رئاسة القيادة المركزية، نسق لويد أوستن العمليات الأميركية ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” في العراق ثم في سوريا. وبحكم هذا المنصب، كان على اتصال منتظم بنائب الرئيس حينها جو بايدن، وغالباً ما تناقشا بشأن الأحداث في الشرق الأوسط ووسط وجنوب آسيا. قبيل إختياره للمهمة الجديدة، كان أوستن عضواً في مجلس إدارة “رايتون تكنولوجيز”، وهي واحدة من أكبر الشركات المصنعة للطيران ومعدات الدفاع في العالم.
اختيار أوستن بدا مفاجئاً لكثيرين، فالتسريبات كانت تشير إلى أن الأوفر حظاً لتولي وزارة الدفاع كانت ميشيل فلورنوي، أول امرأة عملت نائبة لرئيس البنتاغون
في عمود نشره في مجلة “ذي أتلانتيك”، كتب الرئيس الأميركي حيثيات اختياره لأوستن: “أمضيت معه ساعات لا تحصى في الميدان، وفي غرفة العمليات في البيت الأبيض”، مضيفاً “كنت أسأله عن رأيه، وقد لاحظت إحساسه بالقيادة وأعجبت بهدوئه وشخصيته”، لا سيما حين أصرّ على إدارة الانسحاب من العراق، برغم “الحروب التي لا تنتهي” في الولايات المتحدة ضد خطوة من هذا القبيل.
اختيار أوستن بدا مفاجئاً لكثيرين، فالتسريبات كانت تشير إلى أن الأوفر حظاً لتولي وزارة الدفاع كانت ميشيل فلورنوي، أول امرأة عملت نائبة لرئيس البنتاغون.
بطبعية الحال، سيغري هذا الاختيار المجتمع الأفريقي الأميركي، كما سيشكل رسالة سياسية بعد ربيع وصيف هيمنت عليهما التوترات العرقية، لا سيما بعد مقتل المواطن الأسود جورج فلويد تحت أقدام أحد رجال الشرطة البيض، علما أن بعض منتقدي إختيار أوستن يأخذون عليه أنه كان من بين ضباط سابقين وافقوا على خيار إنزال الجيش الأميركي لقمع تظاهرات المدن الأميركية في الصيف الماضي.
ولا يخفي أوستن حماسته لإسرائيل وبرزت تصريحات له في العام 2013 إستشهد فيها بالرئيس المصري الأسبق أنور السادات، حيث قال خلال مؤتمر العلاقات العربية الأميركية “في الـ20 من تشرين الثاني/نوفمبر 1977، أدلى الرئيس المصري أنور السادات بخطاب تاريخي أمام الكنيست في القدس ليصبح أول رئيس لدولة عربية يزور إسرائيل..”، وعرض مقاطع من كلمة السادات أمام الكنيست الإسرائيلي.
ومع ذلك، ثمة عقبة تنتظر لويد أوستن قبل عملية تثبيت مجلس الشيوخ، وهي أن تقاعده لم يمض عليه أكثر من أربع سنوات، فيما يحدد القانون للمسؤول أن يتولى منصباً سياسياً بعد فترة تقاعد مدتها سبع سنوات. لهذا السبب سيحتاج إلى إذن خاص من مجلسي النواب والشيوخ، حيث يعارض الديموقراطيون أن يُوجه البنتاغون من قبل شخص ذي خلفية عسكرية، ويفضلون بالتالي أن يكون المنصب لأحد المدنيين.
ومع ذلك، فإنّ اختيار عسكري لتولي وزارة الدفاع لا يشكل سابقة، وإن كان أمراً نادر الحدوث، فالاستثناء مُنح بالفعل لدونالد ترامب عندما عين الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس، لكنه كان الأول من نوعه منذ العام 1950، حين تمّ تعيين الجنرال السابق جورج مارشال على رأس البنتاغون.
تؤكد مصادر بايدن لـ”بوليتيكو” أن الأخير، وعلى عكس دونالد ترامب، لا يريد تسييس الجيش، مشيرة إلى ما يجري هو “اختيار لأشخاص لديهم خبرة في مجال عملهم، فضلاً عن ثروة من الخبرة في الحكومة الفدرالية”
ومع ذلك، فإنّ اختيار ماتيس قوبل حينها بانتقادات حادة، حيث أخذ عليه عدد من المشرعين نزعته إلى إحاطة نفسه بالعسكريين وتهميش المدنيين داخل البنتاغون.
ولكن بالنسبة لجو بايدن، فإنّ أوستن هو “الشخص الذي نحتاجه الآن”، مشيراً في ذلك إلى التحديات والأزمات التي تواجهها الولايات المتحدة، وقد خص منها بالذكر الدور الذي يجب أن يؤديه الجيش الأميركي في توزيع لقاحات “كورونا”، وهو تحد لوجستي حقيقي على مستوى بلد مثل الولايات المتحدة.
وبحسب ما نقلت شبكة “سي إن إن” عن مصدر مقرّب من جو بايدن فإنّ اختيار اوستن يرجع جزئياً إلى “معرفته الجيدة بالمطبخ الداخلي للبنتاغون، ودرايته الجيدة بالإمدادات اللازمة لتوزيع اللقاحات”، علاوة على أنه “يعرف الحرب عن كثب”.
يخشى بعض حلفاء الديموقراطيين من أن جو بايدن بتعيينه أوستن سيواصل سياسة دونالد ترامب، الذي اتُهم بالإفراط في الثقة بالجنرالات وتسييس العسكريين الذين يضطرون إلى الابتعاد عن السياسة، لا بل أن الوعد بمكافحة هذه الممارسة شق طريقه إلى الأجندة الانتخابية للحزب الديموقراطي، والتي تضمنت تعهدات بإنهاء تسييس إدارة ترامب للجيش وتشويه دور المدنيين والعسكريين في صنع القرار.
والجدير ذكره في هذا الإطار أن فريق جو بايدن يضم حالياً أربعة جنرالات متقاعدين أو أميرالات وضابط في سلاح مشاة البحرية.
بالإضافة إلى ذلك، فقد انتشرت مؤخراً في الولايات المتحدة ممارسة غير مألوفة، ففي انتهاك لتقليد تجنب الخوض في السياسة، بدأ الجيش في دعم المرشحين للرئاسة بشكل علني، فقد وقع المئات منهم على رسالة لدعم جو بايدن، فيما دعم مئات آخرون دونالد ترامب.
في هذا الإطار، يقول بيتر فيفر، العضو السابق في مجلس الأمن القومي في عهد جورج دبليو بوش وخبير العلاقات العسكرية المدنية في جامعة ديوك لموقع “بوليتيكو”، إن الطلب الذي سيتقدم به الرئيس المنتخب إلى الكونغرس بشأن الجنرال أوستن قد يكون غير مبرر، فإذا كان العديد من المشرعين قد وجدوا أن الاستثناء الخاص بجيمس ماتيس كان له ما يبرره، خصوصاً أن دونالد ترامب كان في حاجة حينها إلى متمرسين في العمل السياسي، فإنّ هذا الطلب من قبل جو بايدن قد يبدو بالنسبة إليهم غريباً.
علاوة على ذلك، يرى العقيد السابق في الجيش الأمريكي تشارلز ألين، وهو أحد المتخصصين في قضية العلاقة بين القوة العسكرية والمدنية، أن الأشخاص ذوي الخلفية العسكرية يشكلون ثقافة سلوك مختلفة، وقد تكون نظرتهم إلى العالم وطريقة حل المشكلات أضيق من تلك الخاصة بالمدنيين.
ومع ذلك، تؤكد مصادر بايدن لـ”بوليتيكو” أن الأخير، وعلى عكس دونالد ترامب، لا يريد تسييس الجيش، مشيرة إلى ما يجري هو “اختيار لأشخاص لديهم خبرة في مجال عملهم، فضلاً عن ثروة من الخبرة في الحكومة الفدرالية، والتي سيساعدون في تحسينها”.