أسعار النفط تتأرجح بين مد إيران وجزر كورونا

يفترض بالعام 2021 ان يشهد معركة نفطية بين إيران والدول الخليجية وعلى رأسها السعودية، بعدما أعلنت السلطات الإيرانية اطلاق ورشة تحضير بناها البترولية التحتية والفوقية للعودة بالانتاج الى مستويات العام 2018، أي إلى ما قبل تاريخ الخروج الأميركي من الإتفاق النووي.

شهد العام 2018 ذروة صادرات إيران النفطية بواقع 2.8 مليون برميل يومياً مقابل 150 الى 300 ألف برميل يوميا فقط حالياً، وفقاً للإحصاءات شبه الرسمية. ولكنه سرعان ما تراجع في سقوط حر بعد العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على طهران اعتبارا من أيار/مايو 2018 بعد خروجها من الاتفاق النووي، واطلاق رزمة عقوبات تعد الأقسى بتاريخ العقوبات الاميركية ضد بلد ما على الاطلاق.

أما وقد أعلن الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن امكان رفع العقوبات عن إيران إذا التزمت حرفياً بالاتفاق النووي الموقع في 2015، فان السوق النفطية ستشهد عاماً متقلباً على وقع الصادرات الايرانية المتوقعة، وحرب الأسعار التي ستندلع مجدداً إذا أرادت السعودية تفويت فرصة ايران بالحصول على ايرادات مجزية من صادراتها، علما بأن ايران مستثناة حالياً من سقوف الانتاج التي توافقت عليها دول منظمة “أوبك” وعدد من حلفائها وعلى رأسهم روسيا في ما يسمى تحالف “أوبك بلاس”.

وتصر إيران على الضخ بأقصى طاقتها مهما كانت الاسعار متهاودة على اعتبار أن كل دولار تحصله هو تعويض مستحق  لها عن سنتين من أسوأ السنوات التي مرت بها تاريخياً على صعيد الإيرادات.

أما السعودية فهي بين ثلاثة خيارات أحلاها مر. الأول، ترك الأسواق تجري على أعنتها في موازاة الابقاء على سقوف الانتاج المتفق عليها في “اوبك بلاس”، من دون اقحام الخلاف مع إيران في المعادلة، وبالتالي قد تنخفض أسعار النفط مع الامداد الإيرني الجديد وتتعمق فجوة العجز في ميزانية المملكة والتي قدرت للعام 2020 بنحو 12 في المائة من الناتج، وترغب الحكومة السعودية بخفض النسبة في 2021 اعتماداً على زيادة الإيرادات بنسبة تزيد على 10 في المائة في 2021، لكن حساب الحقل قد لا يأتي مطابقاً لحصاد البيدر مع عودة انتاج ايران الى التأثير في المشهد النفطي العالمي.

 أما الخيار الثاني أمام السعودية، فهو العمل على قيادة تحالف نحو زيادة الانتاج في حرب أسعار لا هوادة فيها لتفويت الفرصة على إيران وجعلها لا تحصل إلا على ايرادات هزيلة، وهذا ما قد تعترض عليه روسيا ودول منتجة أخرى هي بأمس الحاجة لتماسك الأسعار كي لا تقع موازناتها في أودية العجوزات السحيقة ما قد يؤدي الى اضطرابات اجتماعية وسياسية في تلك الدول، والمملكة نفسها ليست بمنأى عن تداعيات حرب الأسعار لأنها أكبر مصدر عالمي وموازنتها تعتمد على النفط بالدرجة الاولى.. والأخيرة.

الخيار السعودي الثالث هو قيادة تحالف لخفض الانتاج اكثر لرفع الاسعار او تعزيز تماسكها، وهذا ايضا يصب في خانة مصالح ايران.

تصر إيران على الضخ بأقصى طاقتها مهما كانت الاسعار متهاودة على اعتبار أن كل دولار تحصله هو تعويض مستحق  لها عن سنتين من أسوأ السنوات التي مرت بها تاريخياً على صعيد الإيرادات

الى ذلك تضاف عوامل أخرى مؤثرة ولو بشكل هامشي على الأسعار مثل زيادة الانتاج الليبي الى 1.3 مليون برميل يومياً بعد احراز تقدم في الحوار الليبي الليبي لوقف اطلاق النار واطلاق عملية سياسية للسلم الاهلي. وهناك الانتاج الفنزويلي الذي يرتفع ايضاً متحدياً العقوبات الاميركية ومعولاً على جو بايدن لتليين تلك العقوبات.

وليس بعيداً من هذه الهواجس اتخذ تحالف “اوبك بلاس” أول هذا الشهر قراراً بالغ الحذر رفع بموجبه الانتاج 500 ألف برميل فقط بعدما كان المتوقع هو زيادة بنحو مليوني برميل وفقا لاتفاق حصل في نيسان/ابريل الماضي أقر اقتطاعات انتاجية حجمها 7.7 ملايين برميل تنخفض الى 5.8 ملايين في مطلع 2021 مع انحسار وباء كورونا، لكن الانحسار لم يحصل واستجد الهاجس الايراني.

في المقابل، يقلّل مراقبون من اهمية اثر الانتاج الايراني ويعتبرونه هامشياً، ويركزون فقط على أثر تداعيات تفشي كورونا على الاقتصاد العالمي المتباطئ بقوة. والدليل انه عندما صدرت اعلانات التوصل الى لقاح قفزت الأسعار إلى أعلى مستوى لها منذ آذار/مارس الماضي، ليرتفع سعر مزيج برنت فوق 50 دولاراً للبرميل. لكن المحللين النفطيين غير مقتنعين بالفورة الطارئة للأسعار مع مضي السلطات الصحية العالمية في تحذيراتها من الموجة الثانية وربما الثالثة من الوباء الذي لم يتضح بعد متى سينحسر نهائياً، وضرورة انتظار 3 الى 6 اشهر على الاقل لملاحظة الأثر الايجابي الممكن للقاحات التي تم التوصل إليها.

بدروه، أبدى بنك “غولدمان ساكس” الاستثماري الأميركي العالمي تفاؤله بالاسعار في 2021 متوقعاً ارتفاعها الى 65 دولاراً للبرميل بالنظر الى موجة التطعيمات العالمية ضد وباء كورونا وبالتالي عودة الاقتصاد العالمي الى تسجيل معدلات نمو متسارعة تستوعب اية زيادة في الانتاج النفطي من هنا او هناك. لكن تلك التوقعات تواجهها أخرى اقل تفاؤلا للبنك الدولي الذي وضع متوسط 41 دولارا فقط للبرميل في 2021  مع ادخال عوامل أخرى الى العرض والطلب بينها العامل الايراني.

إقرأ على موقع 180  أي تأثير للأزمة الأوكرانية علی الشرق الأوسط؟

Print Friendly, PDF & Email
منير يونس

صحافي وكاتب لبناني

Premium WordPress Themes Download
Download WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
Premium WordPress Themes Download
download udemy paid course for free
إقرأ على موقع 180  رئاسة الحكومة اللبنانية.. الحالمون كُثُر والفرص صفرية!