خلال الفترة الماضية، تم طرح مجموعة خيارات حول الشخصية المحتملة لخلافة لافروف. في الطليعة يبرز اسم سيرغي ناريشكين، رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية، أو حتى دميتري كوزاك وفلاديسلاف سوركوف. ومع ذلك، لم يُستقر على أيّ منهم.
العائق الرئيسي في مسألة ايجاد خلفية للافروف يتعلق بشكل خاص في الملف البيلاروسي، حيث لم ينجح أحد ضمن النخبة الحاكمة في الكرملين في التعامل مع الكسندر لوكاشينكو، بما في ذلك وزير الدفاع سيرغي شويغو، الذي زار مينسك ولم يفلح في اقناع الزعيم البيلاروسي في تليين موقفه لإيجاد حل للأزمة السياسية التي تشهدها الجمهورية السوفياتية السابقة.
في المقابل، نجح لافروف في ما فشل الآخرون في تحقيقه، وهو ما تبدى بشكل أساسي حين تمكن من اقناع لوكاشينكو بإجراء اصلاحات دستورية. لكن الأمر لا يعني أن مهمة الدبلوماسية الروسية قد اكتملت بما يسمح لرئيسها بالتقاعد، فالزعيم البيلاروسي لا يزال يراوغ في الاستجابة لمطالب المعارضة.
يبدو أن معضلة ايجاد بديل للافروف تكشف عن ازمة موازية تتعلق بنقص الكوادر المهيأة للتعامل مع الملفات الخارجية المتعددة والشائكة، وهو أحد الأسباب التي تدفع وزير الخارجية الروسي إلى الشكوى من انه لم يعد قادراً على العمل في ظل هذه الظروف الضاغطة بمفرده، ويبدو أن هذا ما دفع القيادة الروسية إلى جعل مهمات السياسة الخارجية غير محصورة بوزير الخارجية، وهو ما يفسر قيام الرئيس فلاديمير بوتين في الآونة الأخيرة بتعيين ممثلين خاصين له في العديد من الدول، كما هي الحال في سوريا، أو في بعض الملفات الخارجية.
لكن مثل هذه الإجراءات لم تثبت فعاليتها في الكثير من الملفات الساخنة على شاكلة الملفين الأوكراني والمولدوفي.
علاوة على ما سبق، فإنّ ثمة خشية في الكرملين من أن يؤدي الحديث عن استقالة لافروف إلى زيادة التنافس بين كبار المسؤولين على المنصب، ولهذا يتوقع عدد من المراقبين أن يتم حل هذه المشكلة من خلال قرار غير اعتيادي ربما لم يتبلور بعد، ولكن مفاتيحه من دون أدنى شكل تبقى في يد الرئيس فلاديمير بوتين.
الجدير بالذكر أن لافروف، وهو من مواليد العام 1950، بدأ حياته الدبلوماسية في العام 1972، بعدما أنهى دراسته في قسم اللغات الشرقية في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية (مغييمو) حيث درس اللغات الإنجليزية والفرنسية والسنهالية، وبدأ يترقّى في السلم الدبلوماسي في سيريلانكا بعد تعيينه ملحقا دبلوماسيا في السفارة السوفياتية.
وبعد إنجاز مهمته في سيريلانكا عاد إلى موسكو عام 1976، ليعمل في إدارة العلاقات الدولية لدى وزارة الخارجية السوفياتية. ثم تم إيفاده إلى الولايات المتحدة حيث عمل في البعثة الدبلوماسية للاتحاد السوفياتي في هيئة الامم المتحدة وتولى مناصب السكرتير الأول والمستشار وكبير المستشارين.
وفي العام 1994 قام الرئيس الروسي بوريس يلتسين بتعيين لافروف مندوبا دائما لروسيا الاتحادية في هيئة الأمم المتحدة. وذاع صيته آنذاك، وكان اسمه يذكر بشكل دائم في الصحف الروسية والغربية، قبل أن يعينه الرئيس فلاديمير بوتين وزيراً للخارجية في آذار/مارس عام 2004، خلفاً لإيغور إيفانوف.
خاص 18003/01/2021
من كواليس الحكم في روسيا، تتسرب معلومات عن استقالة محتملة لوزير الخارجية سيرغي لافروف. ليس حديث الاستقالة بالأمر الجديد، فرئيس الدبلوماسية الروسية سبق أن أبدى رغبته في التقاعد أكثر من مرة. ومع ذلك، فإنّ المعضلة الحقيقية تبقى في ايجاد البديل.