معبر جديد بين إيران وباكستان: دفء سياسي وتجاري
ISLAMABAD, PAKISTAN - MAY 24 : (----EDITORIAL USE ONLY MANDATORY CREDIT - "FOREIGN MINISTRY OF PAKISTAN / HANDOUT" - NO MARKETING NO ADVERTISING CAMPAIGNS - DISTRIBUTED AS A SERVICE TO CLIENTS----) Iranian Foreign Minister Mohammad Javad Zarif (4th L) meets Pakistani Prime Minister Imran Khan (C) in Islamabad, Pakistan on May 24, 2019. (Photo by Foreign Ministry of Pakistan / Handout/Anadolu Agency/Getty Images)

فيما تشهد العلاقات بين السعودية وباكستان فتوراً سياسياً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، تم إفتتاح معبر حدودي جديد بين إيران وباكستان، فما دلالات هذا؟ علماً، وعلى نحو آخر، قد يشير الافتتاح إلى ميل إيران نحو الصين.

تتابع الصحافية المتخصصة بالشؤون الخارجية سابينا صديقي في مقالها المنشور مع آخر أيام عام 2020 في موقع المونيتور، حدث إفتتاح باكستان وإيران لثاني معبر حدودي رسمي بين البلدين، في 19 كانون الأول (ديسمبر) 2020. يقع المعبر البري (ريمدان – جوادر) الجديد في موقع استراتيجي بمقاطعة سيستان بلوشستان جنوب شرق إيران، المتاخمة لمقاطعة بلوشستان الباكستانية، ما يجعل الطريق الواصل بين البلدين الآن هو أقصر طريق بري يربط ميناء جوادر بإيران.

مؤخرًا، اقترحت إيران فكرة إنشاء معبر حدودي ثان، وفي تشرين الثاني (نوفمبر) 2020، وخلال زيارة لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى إسلام أباد، وهي الزيارة الرابعة لباكستان منذ تولي حكومة عمران خان السلطة، وخلال اجتماعات ظريف مع القيادات الباكستانية، ظل المعبر البري المقترح على رأس جدول الأعمال.

وبحسب تقارير تستند إليها سابينا صديقي، فقد أشار ظريف: “بعد أن تفتح إيران معبر ريمدان في غضون أسبوع، يمكن للجانب الباكستاني أيضًا فتح معبر جوادر لتعزيز التجارة”. وافق الطرفان، وفتحت البوابة الثانية في غضون أسابيع.

يعد افتتاح بوابة ريمدان – جوادر تطوراً مشجعاً للتجارة الباكستانية الإيرانية، كما إنه يُعد إشارة إلى مستوى جديد من الثقة والتفاهم بين الدولتين. بالإضافة إلى ذلك، سيمكن السياح والحجاج الدينيون من كلا الجانبين من زيارة مدينتي الموانئ المهمتين بسهولة.

وتمثلت باكستان في يوم الافتتاح بوزيرة الإنتاج الحربي زبيدة جلال. وصفت المناسبة بأنها تاريخية، ولاحظت أن سكان جوادر ينتظرون منذ فترة طويلة معابر حدودية مثل تلك الموجودة في بوابة الحدود القديمة في تفتان.

وقبل الافتتاح، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده أن المعبر الحدودي الجديد “سيرفع التبادلات الاقتصادية والتجارية”، وأشار إلى أن إيران تعطي أولوية خاصة للتفاعل والتعاون مع الجيران، خصوصًا وأن هناك حدوداً ممتدة بطول 959 كيلومترًا بين البلدين، مضيفًا أن المسألة مجرد وقت فقط وستقوم إيران وباكستان بالإعلان عن فتح المزيد من المعابر الحدودية لزيادة التجارة الثنائية. كما كتب سيد رسول موسوي الدبلوماسي في وزارة الخارجية الإيرانية على منصة تويتر أثناء الإعلان عن فتح المعبر الجديد الآتي: “يشترك البلدان فقط في معبر ميريافا الحدودي على بعد 909 كيلومترات”.

يفكر البلدان في هذه الأيام في إفتتاح المزيد من المعابر. اقترح ظريف بوابة أخرى بين منطقة ماند بمقاطعة بوشهر في جنوب غرب إيران وبيشين عاصمة مقاطعة بيشين في إقليم بلوشستان، ومن المقرر افتتاحها في شباط (فبراير) 2021. بالإضافة إلى التجارة، فإن التحركات الأخيرة من قبل إيران وباكستان لها بعض الأهمية الجيوسياسية والإقليمية أيضًا.

ترتب الصحافية سابينا صديقي الخطوات كالتالي، أولاً، بعد أن تم تسهيل الاتصال البري بين الموانئ الإستراتيجية في جوادر وتشابهار، ربط المعبر الحدودي الثاني إيران عمليًا بالممر الاقتصادي الصيني الباكستاني.

ثانيًا وأخيرًا، سيتم ربط الأجزاء الجنوبية من إيران وباكستان. منذ ما يقارب الـ70 عامًا، كانت نقطة العبور الرسمية الوحيدة بين طهران وإسلام أباد هي تلك الموجودة في ميرجافاه-تفتان، والتي كانت أكثر باتجاه الشمال وقريبة من كويتا، عاصمة مقاطعة بلوشستان. بالقرب من مناطق الساحل، على مسافة 130 كيلومترًا فقط من ميناء تشابهار في إيران، أي يمكن لهذا المعبر الجديد في ريمدان-جوادر أن يمنح ميناء جوادر الباكستاني الطريق للوصول إلى الممرات الغربية عبر أقصر طريق بري ممكن.

وذكرت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أن حدود ريمدان عند “نقطة الصفر على الحدود الإيرانية الباكستانية هي أفضل طريق للوصول إلى 37٪ من سكان العالم (باكستان والصين والهند). [سيكون هذا المركز الحدودي] أحد القواعد الرسمية لزيادة التجارة مع باكستان والربط مع [ميناء كراتشي] ذي الأهمية الإقتصادية”.

الإعلان الرسمي أو الانتهاء من الاتفاق الصيني الإيراني الإستراتيجي لا يزال مُعلقًا. ظاهريًا، تُبقي إيران جميع خياراتها مفتوحة، وقد يكون اتجاهها النهائي أكثر وضوحًا بعد أن تتولى إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن السلطة في واشنطن

خلال زيارته لباكستان في أيار (مايو) 2019، اقترح ظريف أيضًا ربط ميناء جوادر الباكستاني بميناء تشابهار الإيراني. قد يكون هذا هو السبب في أن المعبر الجديد يربط المنفذين اللذين وصفهما العديد من الخبراء على أنهما “منافسان”. على بعد 100 كيلومتر فقط من الحدود الباكستانية، تصادف أن تشابهار هو الميناء الإيراني الوحيد المعفى من بعض العقوبات الأمريكية (إستثناء وتسهيل لصالح الهند كي تستورد مشتقات الطاقة، وذلك خلال الحرب الأمريكية التي شنها ترامب على الصين).

ونقلت قناة “برس تي في” الإيرانية المحسوبة على الدولة الإيرانية عن ظريف قوله إن كلا الميناءين يمكن أن يكمل أحدهما الآخر، موضحًا: “يمكننا ربط تشابهار وجوادار، ومن ثم ربط جوادر بنظام السكك الحديدية بأكمله، من إيران إلى الممر الشمالي، من خلال تركمانستان وكازاخستان وأيضًا عبر أذربيجان وروسيا وعبر تركيا”.

إقرأ على موقع 180  إيران للمُرشد: لِتُحلّ مشكلتنا مع أميركا

وهذا يدفع سابينا صديقي لطرح المزيد من الاحتمالات عن سياسة المعابر الإيرانية، والتي قد تشير إلى توجه إيراني جديد نحو الصين. وقد كانت المفاوضات بشأن صفقة شراكة إستراتيجية مدتها 25 عامًا مع بكين جارية منذ فترة طويلة، لكن الإعلان الرسمي أو الانتهاء من الاتفاق لا يزال مُعلقًا. ظاهريًا، تُبقي إيران جميع خياراتها مفتوحة، وقد يكون اتجاهها النهائي أكثر وضوحًا بعد أن تتولى إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن السلطة في واشنطن.

من الناحية الإقليمية والسياسية، تمت هذه الإجراءات الجديدة للربط الباكستاني الإيراني في وقت لا تزال العلاقات السعودية الباكستانية تمر بمرحلة حرجة. اتخذت إيران وباكستان خطوة كبيرة، حتى مع ابتعاد إسلام أباد والرياض عن بعضهما البعض. ما يجعل هذه الخطوة غير عادية هو أن إسلام أباد بذلت جهدًا دائمًا للحفاظ على توازن دقيق في علاقاتها بين كل من طهران والرياض.

بدأت التوترات الأخيرة لأول مرة في كانون الأول (ديسمبر) 2019 عندما أرادت باكستان المشاركة في المؤتمر الافتتاحي لمنظمة إسلامية جديدة استضافتها بشكل مشترك ماليزيا وتركيا وقطر في كوالالمبور. وكون المملكة العربية السعودية ليست عضوًا في المنظمة الجديدة، شعرت السعودية بأنها قد تصبح منافسًا لمنظمة التعاون الإسلامي (OIC)، التي تعد عضوًا قياديًا فيها. في النهاية، استسلمت إسلام أباد لضغط الرياض بالتراجع في اللحظة الأخيرة.

في غضون ذلك، ظلت باكستان غير راضية عن دور منظمة المؤتمر الإسلامي، حيث لم يتم تسليط الضوء على قضية كشمير بشكل كافٍ في مؤتمراتها. الآن، وبعد أشهر، كان على باكستان أن تعيد بشكل عاجل قسطًا قيمته مليار دولار من قرض ميسر قيمته 3 مليارات دولار كانت قد أخذته من السعودية، وقد انقذت الصين الموقف (موّلت الدفعة الباكستانية للسعودية)، لكن ازدادت، في المقابل، برودة العلاقات بين الحليفين الاستراتيجيين.

في غضون ذلك، إرتفع منسوب العلاقات الهندية السعودية إلى مستوى جديد، وزار رئيس أركان الجيش الهندي المملكة العربية السعودية مؤخرًا في زيارة هي الأولى من نوعها بهدف تطوير العلاقات العسكرية بين البلدين. على الرغم من أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لم يقابله، لكن كان هذا في نفس التوقيت الذي تم خلاله إفتتاح الطريق الجديد الذي يربط جوادر بتشابهار.

في ختام مقالها، تبدو  سابينا صديقي متفائلة بشأن مستقبل العلاقات بين إسلام أباد والرياض، وترجح أن تنجو العلاقة من مثل هذه العثرات والخلافات المؤقتة، مستندة إلا أن إسلام أباد والرياض حليفان قديمان.

Print Friendly, PDF & Email
Premium WordPress Themes Download
Download Best WordPress Themes Free Download
Download Premium WordPress Themes Free
Premium WordPress Themes Download
free download udemy paid course
إقرأ على موقع 180  عن مبارك "الساداتي" ـ الإداري.. وناحر النظام!