تفيد المعلومات أن الجولة الخامسة (الأخيرة) للمفاوضات “بلغت الطريق المسدود”، وهو الأمر الذي عبّرت عنه مواقف كل من وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف.
إتهم بلينكن وغروسي إيران بالتخصيب بنسب تقترب من تصنيع اسلحة نووية، وردّت طهران متهمة واشنطن بالاستمرار بـ”الارهاب الاقتصادي”، والوكالة الدولية “بالتسييس والانحياز”.
ووفق مصادر إيرانية غير رسمية على صلة بالمفاوضات، فإن الجانب الاميركي يتحمل المسؤولية الاولى عن فشل مباحثات فيينا، كونه يحاول الالتفاف على رفع العقوبات، وعلى سبيل المثال لا الحصر:
أولاً؛ رفض الأميركيون الالغاء الكلي للعقوبات، وسعوا الى ان يكون الالغاء على مراحل تمتد ما بين 120 يوماً الى 180 يوماً. كما اصروا على استخدام مصطلح (تعليق العقوبات) وليس (الغاء العقوبات).
ثانياً؛ رفض الأميركيون منح ايران مهلة ستة اشهر للتأكد من صحة التنفيذ العملي لالغاء العقوبات. هذه النقطة أساسية لأن طهران فقدت الثقة بواشنطن بعد انسحاب الاخيرة من الاتفاق النووي في العام 2018 واخلالها بكل بنوده.
ثالثاً؛ حاول الأميركيون تجزئة عملية رفع العقوبات. مثلاً هم وافقوا على رفع العقوبات عن البنك المركزي الايراني ربطاً “بالبرنامج النووي”، لكنهم ابقوها عليه ربطاً “بدعم الارهاب”. كذلك كان الوضع مع “الحرس الثوري” ومكتب “قائد الثورة” وغيرهما. واُبقى الاميركيون 500 عقوبة من اصل اكثر من 1700 على جهات وكيانات وشخصيات إيرانية!
هذا الأمر عبّر عنه انتوني بلينكن، في تصريحات لاحقة، قال فيها، ان بلاده ستُبقي على مئات العقوبات حتى في حال عودة ايران الى الاتفاق النووي ومنها العقوبات التي فرضها الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب.
ايضا، فان الاميركيين والاوروبيين سعوا الى:
– ادخال قضايا اقليمية ومسائل مثل حقوق الانسان إلى (التفاهم الجديد) التي تسعى الاطراف للتوصل اليه.
– تدمير اجهزة الطرد المركزي الايرانية المتطورة وتسليم مخزونات التخصيب الجديدة.
– منح مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية حرية الوصول إلى اي موقع يريدون تفتيشه بذريعة الشك بانه يستخدم لأغراض غير سلمية!
بلوغ الأمور نقطة الحسم وضع جميع الاطراف امام خيارات صعبة على بعد ايام من الانتخابات الرئاسية الايرانية المتوقع ان تنتهي إلى فوز رئيس من فريق المحافظين، الأمر الذي سيجعل المهمة التفاوضية اكثر تعقيداً بالنسبة إلى الأطراف الغربية
ووفق المصادر إياها، كان الوفد الايراني المفاوض حاسماً في الرفض، وأبدى اصراراً على رفع كامل العقوبات ثم التأكد منها، وبعد ذلك تكون العودة الى الالتزام بالاتفاق النووي، من دون ادخال اي تعديلات عليه أو إضافة قضايا جديدة إلى جدول الأعمال.
كذلك طرح الوفد الايراني حلولا تحفظ اجهزة الطرد وتبقي المخزون داخل ايران في اطار ابداء حسن النية لتبديد الهواجس الغربية.
وفقاً لما سبق، ترجح المصادر الآنفة الذكر بان تكون الجولة السادسة من مفاوضات فيينا مفصلية، فإذا تمسك الأميركيون بطروحاتهم سترتفع إحتمالات الفشل، لا سيما وان الجولة الخامسة في ضوء مآلاتها المقفلة كانت بمثابة “جولة رفع عتب”!
لذا فان الأوروبيين يحاولون انعاش المفاوضات بحقن من “تصريحات التفاؤل” وابرزها ما صدر عن منسق الاتحاد الاوروبي في اجتماعات فيينا إنريكي مورا الذي عبّر عن ثقته بأن الجولة السادسة “ستكون الجولة التي نتوصل فيها أخيراً إلى إتفاق وسنعيد الولايات المتحدة للاتفاق وايران لالتزاماتها الكاملة”.
بلوغ الأمور نقطة الحسم وضع جميع الاطراف امام خيارات صعبة على بعد ايام من الانتخابات الرئاسية الايرانية المتوقع ان تنتهي إلى فوز رئيس من فريق المحافظين، الأمر الذي سيجعل المهمة التفاوضية اكثر تعقيداً بالنسبة إلى الأطراف الغربية.
امر اخر ادركه المفاوضون الغربيون مؤخراً هو أن ملف المفاوضات، في ظل المرحلة شبه الانتقالية بين حكومتين ايرانيتين، انتقل الى مكتب الإمام السيد علي خامنئي، وبالتالي اصبحت علاقة الوفد الايراني المفاوض برئاسة عباس عراقتشي، مرتبطة بهذا المكتب مباشرة، ويتوقع ايضا ان يشهد الوفد عملية تعديل وتغيير في تركيبته فور صدور نتائج الإنتخابات الإيرانية.
من هنا تقول مصادر ديبلوماسية متابعة ان الرئيس الاميركي الأسبق باراك اوباما اقترح على الرئيس جو بايدن، ارسال رسائل الى الامام السيد علي خامنئي، على غرار ما فعله هو نفسه، قبيل توقيع الاتفاق النووي وذلك بهدف احداث انفراجة ما في مسار المفاوضات.
ومن غير الواضح ما اذا كان بايدن سيلجأ الى هذا السيناريو، وان كان المصدر المذكور يرجح ذلك، لكن بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية الايرانية في 18 حزيران/ يونيو المقبل.