إنتخابات 2022: لبنان على أبواب حرب أهلية!

الإنتخابات النيابية لعبة إنخرط الجميع فيها بلا هوادة. فكان هول النتائج التي راح يقرأها البعض من باب النكاية السياسية، وليس من باب السياسة على معناها في بناء الدولة. هناك آلاف الأسباب التي توجب قراءتها من معايير محض سياسية. وليس معاينتها من زاوية تقنية تتعلق بأرقام نالها هذا المرشح، أو أصوات خسرها آخر.

الدلالات السيئة طغت على الإنتخابات ونتائجها الأولية. وصول مرشح من هنا أو هناك تحت عناوين “التغيير” و”المجتمع المدني” لا يُلغي السيء عند الأقوياء في الإجتماع والسياسية اللبنانيين. أجمل ما في هذا السيء أن هؤلاء قد تصبح أعلى مراتب قوتهم في إصدار بيانات أو إطلالات تلفزيونية لا تغيّر ماضياً قريباً وتدخل إلى مستقبل يرشح البلد على حرب أهلية إذا ما تعذرت الإجابة سريعاً على الأزمة السياسية التي إشتدت إنعقاداً بين العوامل الداخلية والخارجية.

أكثر ما يرسخ في الذهن من قراءة النتائج الأولية أن أزمة لبنان إنتقلت من الكثير الإقتصادي والقليل السياسي إلى عكسهما. صارت الأزمة سياسية بأرجحيتها مع قليل إقتصادي. دلالاتها الحاسمة كانت في نجاح السفير السعودي وليد البخاري ومعه كل السفراء الذين دخلوا على الخط الإنتخابي بأنياب “جورج واشنطن” فكانت إنتصارات وخروقات جمعت الصوت العقابي مع الصوت المالي. فؤاد السنيورة هوى دافعاً أثمان توزع الخيارات السُنية ووصله متأخراً إلى بناء كتلة سياسية وضمان مستقبل سياسي مع إحتياطي من العملة الصعبة. حاول ذلك في خطابه الأخير قبل الإنتخابات، لكن عوامل كثيرة لم تسعفه. السُنة ككتلة إجتماعية وسياسية، وبفعل النتائج، ما عادوا أهل مدد وعدد. صاروا على شاكلة غيرهم من الطوائف اللبنانية: طائفة بأهواء متنوعة. إرتفع منسوب الخوف عندهم. صاروا كالآخرين على خوف مُقيم. سعد الحريري إزداد إلتباساً وغمرت الضبابية أوضاع “الحريرية” سياسية كانت أم وطنية. حزب الله إهتز بقوة وترهلت خواصره وحواضره السياسية عند غيره من الطوائف. “أسنانه” بلا ظهير أهلي ولا عربي. أما “نصاراه” فقد صدّعهم يوضاس. لقد سقط مرشحوه إلى سدة الرئاسة الأولى ونحن على مبعدة أشهُر من إستحقاقها الدستوري.

صعود جعجع!

صعد سمير جعجع بوجه كل المسيحيين. لكنه صعد أيضاً بوجه قوة تتهمه بأنه أحدث فيها مقتلةً على خط التوتر المقيم عين الرمانة ـ الشياح. نبيه بري ووليد جنبلاط “نجيا” وقد آذن “شتاء العمر”. الأول فاز بتصدع “حزب الله” ما يعيد له إعتبار الحضور والحوار. الثاني ربح بتوريث نجله وكسر “ثلاثية درزية” عُمل من أجلها الكثير ليعلن أن”الجبل هو جنبلاطي”. أما خرقه من المجتمع المدني فلا يضيره. بالعكس يسعفه بهضم حالة الإعتراض التي أفرزتها 17 تشرين وما تلاها في بيئته. لكن هذا لا ينفي هزيمة الرجلين بتراجع حضورهما على مستوى النظام السياسي الذي يتآكل وأحدٌ لا يتجرأ على إعلان ذلك.

أن يكون لبنان مأزوماً ومضطرباً فهذا ليس بجديد. لكن أن يلامس إحتشاد عناصر تأزم سياسي وطني عام ترشح البلد لإنفجار أهلي خبره اللبنانيون مراراً وتكراراً وما تعلموا منه أي شيء، فهذا جديد يبعث على الخوف فيما القوى السياسية كلها وبقضها وقضيضها تنشطر إلى مهزومة تندب، وإلى فرحة تبث الغيظ السياسي في نفوس الخصوم. لقد صار لبنان أمام تأزم وإختناق سياسي بفعل عجز كل ساسته عن حماية الإستقرار السياسي والإجتماعي والأمني. وكذلك عجزهم عن حمايته من مخاطر الحروب والنزاعات الممتدة على مساحة الإقليم ومحاوره.

من حق حزب القوات اللبنانية أن يرنو إلى أي نجاح يرومه لو أن هذه القوة السياسية تخوض غمار السياسة اللبنانية خاليةً من إلتباسات “الهوية والهوى المسيحي البحت” وعلى الضد من العمل الفعلي لبناء وحدة داخلية. لكن الأحق هو مناقشة هذا الصعود طالما بُني على هذين “الهوى والهوية” اللذين لا يجدان حلاً للمسيحيين إلا في بناء “معازل وغيتوات طائفية”. وهذا الإجمالي المسيحي إقترع وهو يتراءى له أن من يخاصم المسلمين (سنةً وشيعةً) هو القادر على بناء منظومة حماية. هذا ما فعله جعجع فعلياً بالتمام والكمال مع الرئيس سعد الحريري ومع “حزب الله”. كابد الأول خصومةً سياسيةً لم يُجبه بمثلها من أي فريق سياسي لبناني. أما مع الثاني فقد إرتضى أن يلبس رداء عين الرمانة ـ الشياح على خلفية إشكالية القاضي المولج بملف التحقيق في جريمة مرفأ بيروت. حدث ما يُشبه هذا في زمن مضى مع غابي لحود يوم أصلى الفلسطينيين سعير نار على كوع الكحالة ولبسها راضياً مرضياً بشير الجميل يوم كان أمير حرب وقبل أن تؤول إليه رئاسة الجمهورية.

لم يعد المتن ذلك الذي كان محظوراً على “القوات اللبنانية” في زمن “آل الجميل” على الرغم من أن جمهورية “مارونستان” الممتدة من كفرشيما إلى المدفون كانت محكومة بإيماءات سمير جعجع قبل أوامره. جلست القوات في بعبدا حيث القصر الجمهوري وعلى كتف الضاحية الجنوبية معقل “حزب الله”. ووقفت صلبةً في كسروان ـ جبيل مانعة “التيار العوني” من حصادٍ دأب عليه منذ تسونامي العام 2005، وهو بالتعريف حصاد “ماروني”. وهذا ما أسقط صوت الإعتدال مع الإسلام السني الذي مثله فارس سعيد في مقاربته لـ “بناء وحدة داخلية”. لسقوط سعيَد أسباب أخرى تتصل بإفراطه في “مستويات العروبة” التي بثها مستغيثاً بها عن قناعة، وعن نظام مصلحة لمواجهة ما يسميه “الإحتلال الإيراني”.

ثمة سؤال في متن فهم المسيحية السياسية: ما الذي يدفعها إلى الجنون وهي تتنقل بحثاً عن القوة المجردة لتستنسخ ما كان ماضياً في الجمهورية الأولى، وهو حاضر في الجمهورية الثانية عند “حزب الله”؟. الرجل الذي بنى صعوده على نداء الإنفصال عن الآخر في زمن الحرب الأهلية، أقام مُصلى بقلعة معراب أًذَنَ فيها للصلاة. وأوحى عن يقين بناه معه سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وقوامه أن تأشيرات العمل في الخليج تُصدرها معراب وسيدها. والحال هذه، فالسؤال الملح الآن: أين سمير فرنجية، بشارة الخوري، نسيب لحود، فؤاد شهاب وغيرهم الكثير الكثير؟

في جزين على مثلث صلة الوصل بين الجنوب والبقاع والجبل، إستفاد من حرب داحس والغبراء بين حليفي حزب الله. حلّ جعجع قوياً مستنداً إلى تكتل أهلي لا يرى إلى السياسة إلا واحداً من إثنين: نظام مصلحي وخدماتي بإمتياز، أو تسيُد سياسي مع متعلقات أمنية يقف بوجه الآخر. في الجبل حفظ مكانته مع “قيمة مضافة” صدّرها بخطابه عن قوته التي تُسعف جنبلاط في مواجهة العونيين.

سمير جعجع الذي بنى مجده وزعامته على تسيّده حاجز البربارة شمالاً دخل أيضاً إلى طرابلس حيث يرقد الرئيس رشيد كرامي المُتهم بقتله. دخوله جاء بإجازة سُنية منحته إياها كُتلةً أهلية لطالما كابدته الصراع من موقعين مختلفين: الإنتساب إلى الجيش، أو الإنحياز لـ”خيارات العروبة” التي تضج بالسلاح وبـ”صوت المعركة” الذي لا يعلوه صوت. هذه الإجازة الأهلية جاءت من مخاصمتها لكتلة أهلية شيعية ثانية يقودها ويُعبّر عنها “الثنائي” أو على وجه أدق “حزب الله”. فالرجل بنظرهم وقف في عين الرمانة. وصفق لموقعة خلدة منتصراً لعشائرها. وأشاد بسقطة “حزب الله” في شويا. وإلى هذا وذاك، فهو يبث شعارات القوة التي تبتكرها شركات الدعاية.

في أسئلة “حزب الله”

من حق “حزب الله” أن يتأسى على حاله. لقد خسر في هذه الإنتخابات ما لم يخسره على إمتداد صعوده السياسي ذي الطبيعة العسكرية والأمنية. لكن ما هو مُستحق عليه هو قبول المُساجلة معه في أسئلة وطنية وفي سؤال المقاومة وأدوارها في لحظة لم يبقَ شيءٌ من لبنان الذي كان. الأكيد أن مقاومة العدو الاسرائيلي وتحرير الارض ليست أقل من ركيزة أساسية من ركائز الاستقلال الحديث. لكن داء المقاومات الدائم والازلي يتلخص في انها ما إن يتم التحرير حتى تبدأ بفقدان بعض مبررات بقائها فاعلة وقيد التأثير. ينسحب ذلك على سؤال الخطاب السياسي والحلفاء. سؤال الإزدهار والإستقرار وتحسين الوضع المعيشي وتوزيع الخسائر.

إقرأ على موقع 180  لبنانكم "خلص".. وبديله "طوائمقاميات"!

يقف “حزب الله” راهناً مقطع الأوصال. طريقه من الجنوب إلى البقاع صارت ذات شوكة من جزين أو الجبل. خسر “أسنان الشيعة” في صيدا لتُضاف إلى معضلة طريق بيروت التي إستجدت منذ “17 تشرين”. انتفضت في معاقله تيارات يجمع بينها “بقايا يسار” ما عاد يضر أو ينفع، فلا نصوص فكرية تغذيه، ولا رؤية تُسنده في بناء تيار عابر لهوس الطوائف وجنونها. ما وصل إليه كان يراه في تنامي الإعتراض عليه، لكنه أغفله عن قصد أو بغيره. الآن صار في عين العاصفة، وهو مقيم على خط التوترات والإهتزازات من محور هو جوهره وألقه ويمتد من فلسطين إلى اليمن. كان طبيعياً أن يتصدع وهو يُغلب السياسة في يوميات اللبنانيين على الإجتماع والإقتصاد. وقف حائراً ومُتردداً في مواجهة الإنهيار الكبير الذي ضرب لبنان. كان رهين المحبسين: محبس الدين حيث أجوبة بلا أسئلة. ومحبس الفلسفة حيث أسئلة بلا أجوبة. هاتان الوضعيتان فعلتا فعلهما في هذا الحزب وحلفائه.

دائماً كان “حزب الله” يُردد مواربةً ومصارحةً أنه لا يستقيم نقاش الدين العام والاعتراض عليه من دون ان يطرح المعترض بدائل مناسبة للتمويل، ولا يستقيم الحديث عن اجحاف في التوزيع من دون ان يطرح المعترض خطته لرفع معدل النمو وتحسين الانتاجية.

كان هذا في أسئلة “حزب الله”. أما في سؤال “المقاومة”، فالمباشرة تبدأ بأن اعتراف اللبنانيين جميعاً بفضل المقاومة المسلحة ودورها الحاسم في تحرير الارض يجب ان يكون بديهياً. لكن سؤال المقاومة اليوم بعدما تحررت معظم الارض، لا يقف عند كيف نُحرّر الارض، بل يتعداه الى سؤال كيف نمنع الاحتلال من ان يجرّب حظه في الاحتلال مرة اخرى؟ أبعد من ذلك: كيف تبرر المقاومة حظوظها في الإستمرار والعدو الإسرائيلي لا يني يخرق براً وبحراً وجواً، ويقف مانعاً ضد الترسيم البحري العادل والقانوني لإستخراج ثروات لبنان البحرية؟

ثمة وجهة نظر في البلد تقول ان احتفاظ المقاومة بجهوزيتها للرد على أي عدوان هو الوسيلة الانجع لمنع العدو من المحاولة. وهذا صحيح جزئياً، لأن المقاومة اليوم لا تقف عند هذا الحد، بل تتعداه إلى محاولة النهوض باقتصاد البلد واجتماعه واستعادة صلته بالمعاصرة والعالم بوصف هذه المحاولة مرغوبة ومطلوبة وضرورية لتحصين لبنان من اي اعتداء جديد. فالرد على العدو لم يكن مرة بالسلاح وحده بل ايضاً بتقديم شواهد الاثبات للعالم اجمع ان من حق هذا البلد واهله العيش باطمئنان وسلام.

على هذا، لا يستقيم حديث المقاومة اليوم من دون البحث الجدي في دور لبنان في المنطقة والعالم، واعادة وصله بالعصر من أوسع الأبواب، سواء تعلق الأمر بنمط الحياة الحديث الذي لطالما كان من مميزات لبنان التاريخية، أو تعلق الامر بإعادة ترميم الدور الاقتصادي، سياحة وخدمات، وابداعاً واختراعاً، وصناعة وتجارة وزراعة. وهذه كلها ليست تحصيلاً حاصلاً، فليس ثمة دولة في العالم تفترض ان ازدهارها تحصيل حاصل، وان ذكاء ابنائها ومواطنيها كفيل وحده بانقاذ البلد من الاخطار.

غيرُ خافٍ ايضاً ان “حزب الله” يحمل إلتباساً طائفياً لطالما ساكن القوى السياسية اللبنانية على اختلاف مصادرها النظرية. لكن هذا الإلتباس لا يحط من قدر المشروع وحامليه ورافعته التاريخية. واقع الامر ان القوى السياسية جميعاً في البلد تعاني من هذا الإلتباس. وبعضها طائفي المبنى والمعنى من دون إلتباس اصلاً. والحال، ولأسباب يصعب عدها في هذه العجالة، لم يعد ثمة في البلد مكان يولد فيه التيار العابر للطوائف والمذاهب. فمنذ انتهاء الحرب الأهلية وانتقالنا الى ما يشبه السلم المسلح في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، كان واضحاً للعيان ان الرحم الذي كان يحتضن جنين التيارات السياسية العابرة للطوائف والمناطق أصيب بأضرار كبيرة. ذلك ان هذا التيار يولج وينمو في ظل الأفكار وليس في الكهوف التي تسكنها الجماعات الأهلية.

النهاية المأساوية لعون والعونيين

لم يكن لإمرىء أن يتخيل النهاية المأساوية لرئيس الجمهورية ميشال عون “وعونيته” التي تفشت في الجسد اللبناني العام مخلفةً أضراراً كثيرة في السياسة والإجتماع والإقتصاد. ما زعمته عن قدرة لبناء “وطنية جديدة” كان ساذجاً جداً إذا ما قورن بتركيبة لبنان التي تشتد إستعصاءً على الفهم. وما زعمته كان مستحيلاً في ظل إستدعاء جبران باسيل لماضِ عنوانه كميل شمعون وبشير الجميل، وهو ماضٍ لا يفعل غير إستنفار الطوائف وهواجسها، فضلاً عن أنه يُسقط كل أملٍ ببناء دولة لبنان.

أن يكون لبنان دولة لها هوية ومستقبلاً لبنيها، فإن ذلك يعني أول ما يعني، ان مصلحة البلد العليا تقع موقعاً رفيعاً يفوق في رفعته موقع الطوائف والتيارات السياسية والانتماءات المناطقية أو الحزبية.. ما فعلته العونية كان على العكس من ذلك تماماً. دخل باسيل الى الجبل رامياً العودة به الى القرن الثامن عشر فكانت الجنبلاطية حاضرة بكل شراستها. ذهب إلى الشيعة طالباً رأس نبيه بري صانع صحوتهم السياسية. ولى وجهه نحو السُنة ودماء كبيرهم الرئيس رفيق الحريري مضرجة منادياً بتيار ثانٍ داخل طائفة كان يوكل أمر إدارتها إلى الوصاية السورية التي أدارت البلد وأهله ردحاً من الزمن طاول عقوداً ثلاثة وما عاد لها نصير اليوم غير مدد خارجي هو سعودي.

التحديات الخارجية والداخلية التي تجبه البلد لم تكن يوماً ولن تكون موجهةً ضد فئة بعينها من دون فئة اخرى. والحروب يتحمل نتائجها جميع اللبنانيين، والإزدهار الاقتصادي تعم فوائده على الجميع، والأزمات المعيشية تطاول الجميع. على هذا، فإن المصير مشترك بين اللبنانيين، وينبغي ان يكون التخطيط للمستقبل مشتركاً والانتماء إلى البلد هماً عاماً لا يفرق بين أحد وآخر، أياً يكن.

لبنان، بلداً وأهلاً حتى في تنافر هؤلاء، لا يمتلك القدرة على تبني، ومن أي طرف كان، مشروعاً إمبراطورياً أو إقليمياً.

ما يجب معاينته بدقة هو أنه لم تحدث حرب لبنانية ضد إسرائيل من دون متعلقات عربية وإقليمية ودولية. حروب لبنان دائماً كانت خارجية مئة بالمئة وداخلية مئة بالمئة، وكذلك سلامه. ولطالما قيل ان هذا البلد يشبه صندوق بريد، كل دولة او جهة تريد إرسال رسالة إلى دولة أخرى تستعمله كصندوق بريد او كساعٍ في أحسن الأحوال.

اليوم إذا كان المطلوب النهوض بلبنان من مرتبة صندوق البريد إلى مرتبة الوطن، فلا مفر من القول ان مصلحة لبنان تقع اولاً، ثم ننظر في ما نستطيع تقديمه خدمةً للآخرين.

Print Friendly, PDF & Email
Download WordPress Themes Free
Download WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
Download WordPress Themes Free
free download udemy course
إقرأ على موقع 180  لبنان إلى "الصندوق".. إقفال الحنفية وسؤال الطائف؟