الصحافة الإسرائيلية عن “حرب الظلال”: ما بعد “القنصلية” ليس كما قبله!

أدى هجوم جوي إسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق، الأثنين الفائت، إلى مقتل قائد "قوة القدس" في سوريا ولبنان اللواء محمد رضا زاهدي ونائبه العميد محمد هادي حاجي رحيمي، بالإضافة إلى خمسة آخرين. هذه الضربة هي الأقوى إسرائيلياً على مدى سني "حرب الظلال" مع إيران.

يأتي هذا التطور الخطير، بعد سلسلة من الاغتيالات التي نفذتها إسرائيل بحق مستشارين إيرانيين يلعبون أدواراً رئيسية في الميدان السوري وأحد أبرز هؤلاء هو الجنرال سيد رضائي، الذي كان مسؤولاً بصورة مباشرة عن نقل العتاد العسكري إلى سوريا ولبنان، كما يطرح سؤال الرد الإيراني المحتمل، أين؟ كيف؟ ومتى؟.

ولعل تصريحات المسؤولين الإيرانيين، بدءاً من المرشد السيد علي خامنئي، إلى رئيس الجمهورية إبراهيم رئيسي، وصولاً إلى مختلف القيادات العسكرية والأمنية، تؤكد على أن الرد الإيراني آتٍ لا محالة، و”سيتلقّى (العدو) عقابه على أيدي رجالنا” حسب تعبير المرشد، اي أن الرد سيكون هذه المرة إيرانياً وليس على أيدي “الأذرع”.

ويقول راز تسيمت في صحيفة “يديعوت أحرونوت“، إن سياسة الاغتيالات الإسرائيلية “وضعت إيران أمام معضلة جدية. فمن جهة، السعي للرد على الضرر الذي لحق بقياداتها الكبيرة، حتى إنها تقوم بذلك بصورة مباشرة، وليس عبر الأذرع في الشرق الأوسط، لأنها مرغمة على الرد بنفسها بحق أرصدة إيرانية، ولأن الرد عبر الأذرع يمكن أن يضيع في إطار الحرب الشاملة خلال الحرب في غزة”. ويضيف الكاتب، “اغتيال زاهدي يمكن أن يكون القشة التي تقصم ظهر البعير، ويدفع إيران إلى تغيير ميزان حساباتها الخاصة. في الواقع الحالي، سيكون من الصعب على القيادة الإيرانية الاستمرار في سياسة الاحتواء النسبية الخاصة بها، حتى لو كان الثمن المخاطرة بتصعيد إضافي، إمّا عبر الأذرع، وضمنها حزب الله، أو بصورة مباشرة”.

بدورها، الولايات المتحدة الحريصة على عدم اتساع رقعة الحرب في الشرق الأوسط، سارعت إلى إبلاغ إيران، مباشرةً، أن الولايات المتحدة لا علاقة لها بالهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق بأي شكل من الأشكال.. وأنها بُلّغت بالعملية “بعد توجّه الطائرات نحو هدفها”. هذا ما قاله الناطق بلسان مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي.

وإسرائيل من جهتها، لم تعلن مسؤوليتها عن الحادث، في الوقت الذي نقلت فيه صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية عن 4 مسؤولين إسرائيليين، لم تسمهم، أن إسرائيل مسؤولة عن الهجوم. والناطق بلسان الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري أشار، خلال مقابلة أجرتها معه شبكة “سي إن إن”، إلى أن الهجوم “استهدف مبنى، وليس السفارة الإيرانية، ولا القنصلية”، وأضاف هغاري، أنه “بالاستناد إلى معلوماتنا الاستخباراتية، المبنى المستهدف ليس سفارة، ولا قنصلية، بل هو مبنى عسكري تابع لفيلق القدس في الحرس الثوري”، وتابع “خلال الستة أشهر الأخيرة، إيران جرّت المنطقة إلى التصعيد، وهي لاعب مركزي تستخدم أذرعها في لبنان وسوريا والعراق واليمن”.

وقد تبنت “يديعوت أحرونوت” كلام هغاري، في افتتاحيتها، أمس، بقولها “إن القنصلية الإيرانية في سوريا موجودة في اللاذقية”، وأن المبنى المستهدف “كان مقراً لقيادة فيلق القدس، حتى لو كان تابعاً للسفارة”، ففي رأي المصادر الإسرائيلية، “يشكل المبنى هدفاً عسكرياً شرعياً”.

من جهته، عيدان زلكوفيتس، وفي مقالة له في “معاريف“، لم يناقش مّا إذا كانت إسرائيل مسؤولة عن الهجوم أم لا، إنما ذهب إلى القول إن الهدف الإسرائيلي “هو توجيه رسالة، مفادها بأن إسرائيل ليست مستعدة للّعب وفق قواعد الحرب المتعددة الساحات التي وضعها كبار قادة الحرس الثوري، وكل محاولة لمهاجمة إسرائيل من طرف الأذرع الإيرانية في الشرق الأوسط، سيُرد عليها بضربة مباشرة موجهة إلى قلب الهدف”، ويضيف الكاتب أنه من خلال الهجوم، “كشفت إسرائيل استخدام إيران المراكز الدبلوماسية من أجل خلق “الإرهاب” في المنطقة وتوجيهه، وهي بذلك تُعرّض سلامة الدبلوماسيين الذين يعملون في الممثليات الإيرانية للخطر. هذا الأسلوب في العمل، الذي يعتمد على استخدام أملاك دبلوماسية من أجل “الإرهاب”، ليس جديداً على الحرس الثوري، لكن من الواضح أن وقوع الهجوم في وضح النهار لم يؤخذ في حساب طاقم قيادة التنظيم الإرهابي”.

وفي موقع معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، كتب الباحث داني سيتيرونوفيتش أننا “أمام حدث مهم غير مسبوق تقريباً في المعركة ضد إيران، فمكانة المهدوي العالية وعلاقاته بالزعامة الإيرانية والمكان الذي وقع فيه الاغتيال (ضمن أراضٍ خاضعة للسيادة الإيرانية)، لا يمكن أن يسمحا لإيران بالسكوت”، لكن القيادة الإيرانية “تتخوف من أن تؤدي أي خطوة إلى توسيع المعركة بصورة تعرّض أرصدتها الاستراتيجية في هذه المنطقة الشرق أوسطية للخطر (وقبل كل شيء حزب الله)، وتؤدي إلى صدام مباشر مع الولايات المتحدة، لكن في المقابل، الرد الضعيف يمكنه أيضاً أن يدل على ضعفها”. ويخلص إلى أن إيران “قد تضطر إلى التفكير في ردّ من “خارج الصندوق”، يسمح لها ببناء الردع على الساحة الشمالية من جديد من دون الانجرار إلى الحرب”.

إقرأ على موقع 180  قمة جدة العربية.. ماذا لو حضرت إيران وتركيا؟

ولم يخفِ داني سيتيرونوفيتش وعدد آخر من الكتاب الإسرائيليين الهدف الإسرائيلي المتمثل بالضغط على الوجود العسكري والأمني الإيراني في سوريا من أجل دفع إيران للتفكير بسحب ضباطها ومستشاريها.. والضغط أيضاً على القيادة السورية ودفعها إلى الطلب من طهران تقليص وجودها على أراضيها، في الوقت الذي تعاني فيه سوريا من ضائقة اقتصادية ومالية، ومن مصلحتها أن تنأى بنفسها عمّا يجري في الإقليم، وتتخذ خطوات من شأنها تخفيف الحصار الأميركي عليها والسماح للدول الخليجية بفتح صنابير المال لإعمار ما خلفته عشرية النار المفتوحة على الأرض السورية (المصدر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، وكالات الأنباء الأجنبية).

Print Friendly, PDF & Email
مهدي عقيل

أستاذ جامعي، كاتب لبناني

Free Download WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
Download WordPress Themes Free
Download Best WordPress Themes Free Download
udemy course download free
إقرأ على موقع 180  للعراق ثِقله الإقليمي.. والسوداني "يحفُر" حضوره خارجياً