هل تندلع حرب نووية في أوكرانيا؟

هل عادت الولايات المتحدة إلى المبدأ الخطير الذي سبق أن طرحه وزير خارجيتها الراحل، هنري كيسينجر، وهو أن "بإمكان أميركا أن تكسب أي حرب نووية محدودة"؟ وهل تهدف من وراء "النبش" هذا إلى تدمير روسيا بـ"أيدٍ نووية أوكرانية" والتضحية بالحليف الأوكراني في الوقت نفسه؟!

للتذكير: في بداية صعوده إلى رأس الهرم التخطيطي الإستراتيجي الأميركي، كتب هنري كيسينجر يقول:

“يجب خوض الحروب المحدودة، ولكن بأية أسلحة؟ بالأسلحة النووية التكتيكية. ففي أي نزاع محدود بيننا وبين الاتحاد السوفييتي، يجب أن نستخدم هذه الأسلحة النووية التكتيكية بفعَّالية، ومن دون أن نتسبب بدمار زائد أوبتدحرج تدريجي نحو حرب نووية شاملة”.

هكذا تحدث كيسينجر يومذاك. لكن صفحة هذا الخيار طُويَّت بعد أن برز التوازن النووي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، على أثر إطلاق السوفييت لأول قمر اصطناعي إلى الفضاء “سبوتنيك 1″، في 4 تشرين الأول/أكتوبر 1957، وبعد أن تأكد الأميركيون بأن السوفيت لن يقبلوا بأي هزيمة في أي حرب نووية محدودة.

لكن، يبدو أن هذه “الصفحة” قد أُعيد فتحها من جديد الآن.

كيف؟

يوم أمس (الثلاثاء)، كُشف النقاب عن أن الرئيس الأميركي جو بايدن أقرَّ استراتيجية نووية جديدة تركز على كل من التهديد النووي الصيني والتهديد النووي المشترك لكل من الصين وروسيا وكوريا الشمالية.

صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية اعتبرت أن هذه “الوثيقة”؛ التي كانت سرّية حتى يوم أمس؛ “من شأنها أن تُدشن بروز مشهدٍ نووي جديد في العالم، لن يستطيع أي رئيس أميركي مقبل القفز فوقه”.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي سابق قوله إن “هذا المشهد الجديد سيجعل فترة ربع القرن التي تلت الحرب العالمية الثانية في المجال النووي مجرد استراحة. ويبدو أن مفاعيل تلك الراحة قد انتهت الآن”.

لم تُشر “الوثيقة” بوضوح إلى مسألة الحرب النووية التكتيكية المحدودة (المفترضة)، لكن ريتشارد هاسّ، الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية الأميركية، تحدث بحماسة عن أن نسبة احتمال نشوب حرب نووية محدودة، في إطار الحرب الاوكرانية المستمرة، ارتفعت إلى أكثر من 50%.

وأضاف هاسّ: “نحن نتعامل الآن مع روسيا أشد راديكالية، ما يُلغي سلمية الفرضية التي تقول إن روسيا لن تستخدم أسلحة نووية في أوكرانيا”.

خلاصات خطيرة أليس كذلك؟

حتماً هي خُلاصات خطيرة. وما يزيد من تفاقم هذه الخطورة أن إدارة بايدن، وكما يبدو منذ سنتين، تُبذل كلَّ ما وفي وسعها لدفع روسيا إلى استخدام الأسلحة النووية التكتيكية في الحرب الأوكرانية: من تزويد كييف بأسلحة متطورة إلى اختراق واحتلال أراضٍ روسية للمرة الأولى منذ  نهاية الحرب العالمية الثانية.

وهنا، ثمة سؤال افتراضي، ولكنه أيضاً مُخيف: هل يُحتمل أن تكون واشنطن قد زوّدت كييف بأسلحة نووية تكتيكية؟! علماً أن أوكرانيا تمتلك كل التقنيات النووية منذ عهد الاتحاد السوفييتي. وبالتالي هل تهدف أميركا من وراء نبش مبدأ الحرب النووية المحدودة العمل على تدمير روسيا بأيدٍ نووية أوكرانية، ومعها بالطبع التضحية بالحليف الأوكراني نفسه؟!

               ****

هنري كيسينجر “النووي التكتيكي” يرقد في قبره الآن. لكن العديد من المؤشرات تدل على أنه قد يُبعث حياً في أوكرانيا. أو هذا على الأقل ما توحي به “الوثيقة النووية” الأميركية الجديدة.

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  "يديعوت": عبوة السفارة الإسرائيلية في دلهي.. "رسالة إيرانية"
سعد محيو

كاتب سياسي، مدير منتدى التكامل الإقليمي

Premium WordPress Themes Download
Download Premium WordPress Themes Free
Download Nulled WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
free download udemy course
إقرأ على موقع 180  قواعد ترامب الأربعون للبقاء في البيت الأبيض