موقع “نورنيوز”.. نظرة من قلب إيران إلى مفاوضات مسقط
TO GO WITH AFP STORY BY SIAVOSH GHAZI - Iranian shoe-shine man, Mohammad Ali Hassan Khani, whose nickname is Aliwaxima, talks with people as he sits in his racy-red motorized stiletto on August 19, 2015 in the capital Tehran. A giant motorized stiletto is not what you expect to see cruising down the avenues of Iran's capital but it certainly gets attention, and business, for intrepid shoe-shine man "Aliwaxima". AFP PHOTO / ATTA KENARE

تُركّز الصحف والمواقع الإخبارية الإيرانية على المناخ الإيجابي الحذر في ضوء نتائج الجولة الأولى من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة. من جهة، ثمة تشديد على بناء مناخ من الثقة وإلزام الطرف المقابل بحوار بنّاء ومحترم والتخلي عن نبرة التهديد. من جهة أخرى، ثمة دعوة إلى عدم وضع كل البيض في سلة هذه المفاوضات.

في هذا السياق، كتب موقع «نورنيوز» المقرب من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني التقرير الآتي عن الجولة الأولى:

“باستثناء بعض الاتجاهات السياسية المتطرفة أو الحاقدة أو الباحثة عن الذرائع أو المتشائمة، فإن أغلب القوى السياسية والإعلامية الإيرانية قدّمت تقييماً إيجابياً ومشجعاً للجولة الأولى من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة في مسقط.

وبعد يوم واحد من لقاء عباس عراقجي وستيف ويتكوف، تعاملت الصحف الصادرة في طهران بإيجابية مع هذا الحدث النادر. حتى وسائل الإعلام التي لا تتماشى مع الحكومة الحالية (حكومة الإصلاحي مسعود بزشكيان)، فضّلت على الأقل الامتناع عن العناوين السلبية واليائسة.

والمهم في الأمر أن الصحف القريبة من الحكومة أيضاً لم تسقط في فخ الحماسة المفرطة أو غير المبررة، بل استخدمت تعابير واقعية ومتزنة في ترتيب الصفحات الأولى وعناوينها الرئيسة.

أما قاعة البرلمان الإيراني، التي تشهد في مثل هذه الأوقات عادةً اصطفافات سياسية واستقطابات حادة، وتنتج عنها جدالات حادة، فقد شهدت في أول جلسة بعد مفاوضات عمّان مجرد اعتراض طفيف من أحد النواب، قابلته توضيحات حاسمة من رئيس مجلس الشورى الإسلامي محمد باقر قاليباف، إضافة إلى تفسيرات وتصحيحات من بعض النواب المعارضين للمفاوضات.

وقد رد قاليباف على اعتراض مهدي كُوچَك زاده (نائب أصولي متشدد يعارض المفاوضات مع أميركا)، الذي ادعى أن البرلمان لم يكن على علم بالمفاوضات، فقال رئيس البرلمان: «البرلمان كان بالتأكيد على علم. لا يتم أي عمل أو إجراء خارج المسار القانوني».

من جانبه، وصف المتحدث باسم “كتلة المستقلين الولائيين” مفاوضات عُمان بأنها “مشرّفة”، مشدداً على ضرورة دعم فريق التفاوض الإيراني.

ودافع عدد من النواب، بشكل مستقل أو في معرض الرد على اعتراض كوچك زاده، عما جرى خلال الجولة الأولى من المفاوضات، واعتبروه قراراً حكيماً من قبل النظام.

خارج البرلمان وفي الفضاء الافتراضي أيضاً، برزت بوضوح موجة من التوبيخ لبعض الشخصيات بسبب تغريداتهم الحادة ضد المفاوضين.

وقد توجهت هذه الانتقادات بشكل خاص إلى تغريدات حميد رسايي (النائب المتشدد المعارض للمفاوضات) وكذلك حسن رحيم‌ بور أزغدي (أحد المحافظين الذين ينتقدون بشدة المفاوضات)، واللذين استخدما لغة غير لائقة مليئة بالسخرية تجاه فريق التفاوض الإيراني.

حميد رِسايي توجّه إلى وزير الخارجية قائلاً:

«سعادةُ عراقجي! هل كان لديكم إذنٌ لإجراء مفاوضاتٍ غير مباشرة؟ هذا التصرف ليس بالأمر العادي أبداً (اللقاء مع ويتكوف ومصافحته). كان بإمكانكم، كما في البداية، أن تُغادروا المكان متأخراً وألا تُجْروا أيّ حديث.»

قال حسن رحيم بور أزغدي: “حدّد رئيسُ الولايات المتحدة الموقعَ الدقيق للقبلة لطالبي التقبيل! إنه وقتٌ مناسبٌ للمُتلهّفين للتفاوض مع أميركا!”

وندد ناشطو الفضاء الافتراضي بالتعابير المستخدمة في تلك التغريدات، معتبرين أنها لا تليق بالمكانة القانونية والشخصية لأصحابها، ودعوا الشخصيات العامة إلى استخدام لغة تليق بشأنهم وتخلو من الطعن والتهجم، وبخاصة عند تناولهم موضوعاً بالغ الحساسية كالمفاوضات.

وماذا عن الجولة الأولى من المفاوضات و تأثيرها على الأسواق المالية في إيران؟

واصل مؤشر البورصة الإيرانية، الذي بدأ بالصعود منذ أيام مع تزايد الحديث عن بدء المفاوضات، مساره التصاعدي بعد انعقادها. كما استمر تحسن قيمة العملة الوطنية وتراجع سعر الدولار في السوق الحرة، حيث شهد انخفاضاً ملحوظاً.

كذلك تراجعت أسعار الذهب والعملات المعدنية بشكل واضح، واستمرت في مسارها الهبوطي الذي بدأ منذ عدة أيام.

وبهذا، أكد القطاع الاقتصادي ـ الذي يعكس تفاعله مع التطورات السياسية والدولية عادة من خلال تغيّرات سعرية ـ الطابع الإيجابي لقرار بدء المفاوضات، ما يدل على أن السياسيين والنخب الحزبية والإعلامية ينظرون بإيجابية إلى هذا القرار من أعلى هرم السلطة.

وعليه، فإن موضوع التفاوض مع أميركا، والذي كان خلال السنوات الأخيرة مصدراً دائماً للجدل والانقسام، تحوّل هذه المرة إلى عامل لتحقيق توافق نسبي بين القوى السياسية من جهة، وبين السلطة ومؤسسة الاقتصاد من جهة أخرى، وأخيراً بين الحُكم والشعب.

ورغم أن تحديد موقف الشعب من المفاوضات بدقة ليس أمراً سهلاً ـ إذ يرتبط ذلك بنتائج الحوار وتحسن الوضع المعيشي ـ إلا أن الملاحظات الأولية والوقائع الملموسة تشير إلى أن الجولة الأولى من المفاوضات بين إيران وأمريكا قد أسهمت في تحريك رأس المال الاجتماعي إيجابياً.

فمظاهر الأمل أصبحت أكثر وضوحاً بين الناس. ولا شك أن الشعب الإيراني لن يقبل بإضعاف الكبرياء الوطني أو المساس بالمصالح الوطنية، لكنه يرى في الاستخدام الذكي للأطر والحلول الدبلوماسية المتعارف عليها، سبيلاً ممكناً وضرورياً للخروج من الأزمات السياسية.

وبعبارة أخرى، في وقت بلغ فيه الذهن الجماعي للإيرانيين حدّ الإعياء من غياب “أفكار خلاقة” للخروج من المآزق المفروضة، فإن توجه القيادة نحو خيار التفاوض قد نجح في إعادة الثقة بفعالية منظومة الحكم، وأسهم في صون رأس المال الاجتماعي.

إقرأ على موقع 180  السوريون وليبيا: حجر تركي لضرب عصفورين... أو أكثر

وبناءً على ذلك، يمكن اعتبار الجولة الأولى من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة تجربة ناجحة على نحو مضاعف.

فمن جهة، نجحت في إلزام الطرف المقابل بحوار بنّاء ومحترم، وأزالت أجواء التهديد والتعالي والمطالب المفرطة. ومن جهة أخرى، أسهمت في خلق حالة من التوافق النسبي داخل المجتمع الإيراني، وحتى بين التيارات السياسية المختلفة والمتعارضة أحياناً.

وتُظهر الحقائق الميدانية أن مسار المفاوضات ليس مساراً قصيراً أو سريع النتائج، بل من المحتمل أن يتطلب “المسار التفاوضي” الجديد محطات عديدة ومراحل متتالية.

وعلى الرغم من إعلان الطرفين رغبتهما في تحقيق نتائج ملموسة والابتعاد عن اللقاءات الشكلية طويلة الأمد، إلا أن طبيعة الموضوع، وجوهر التفاوض الدبلوماسي، يفرضان الابتعاد عن التسرع وضيق الأفق.

ما يهم حكومة الوفاق الوطني بشكل خاص، هو أن يتحقق الهدف الأساسي من المفاوضات (وهو رفع العقوبات)، إلى جانب الهدف الضمني والمرحلي لها (أي تعزيز رأس المال الاجتماعي).

وهذان الهدفان لا يمكن تحقيقهما إلا عندما يثق الوسط السياسي والإعلامي الإيراني بكفاءة وإخلاص ووطنية الفريق المفاوض.

ومن الضروري التذكير بأن الوظيفة الأهم والأساسية لمؤسسة الدولة هي “تحقيق التنمية المستدامة” في البلاد، فهي الغاية القصوى وغير المشروطة للحكم. أما السياسة والدبلوماسية والاقتصاد، فهي في خدمة هذا الهدف.

وانطلاقاً من ذلك، فإن رفع العقوبات وتعزيز رأس المال الاجتماعي يُعدّان من المتطلبات الأساسية لتحقيق تنمية متوازنة ومستدامة.

فالإقبال على المفاوضات لا ينبغي أن يُفهم كإجراء مؤقت أو دفاعي لمواجهة المخاطر الآنية، بل هو “خيار سياسي ضروري لتحقيق التنمية المستدامة لإيران”، ويتطلب هذا بدوره رؤية مستقبلية، وخطوات مدروسة ومخططاً لها بدقة؛ خطوات لا تقتصر على حل القضايا الراهنة، بل تفتح أيضاً آفاقاً أوسع وأكثر إشراقاً أمام إيران.

وفي هذا السياق، يجب توفير بيئة يشعر فيها جميع الإيرانيين ـ أينما كانوا في العالم ـ بالأمل تجاه المستقبل، وأن يكون لهم دور ومساهمة فعالة في مسيرة تنمية البلاد، مدفوعين بدافع وطني مضاعف.

إن النظرة الإيجابية والواقعية إلى إمكانيات التفاوض، بما في ذلك المحادثات الأخيرة بين إيران والولايات المتحدة في عمان، يُمكن أن تكون جزءاً من هذا النهج الاستراتيجي؛ بشرط أن تُدار هذه المحادثات بما يحقق المصالح الوطنية، مع الحفاظ على الكرامة والحكمة، والاعتماد على إرادة الشعب والإمكانات الذاتية للبلاد”.

إلى هنا انتهى النص المنسوب إلى موقع “نورنيوز” المقرب من المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران.

Print Friendly, PDF & Email
طهران ـ علي منتظري

كاتب وصحافي ايراني مقيم في طهران

Download Best WordPress Themes Free Download
Download Best WordPress Themes Free Download
Download WordPress Themes Free
Download Premium WordPress Themes Free
udemy paid course free download
إقرأ على موقع 180  طهران وباريس على سكة لبنان: حكومة وحدة وطنية