حادثتا واشنطن وكولورادو.. هل تُعيد أمريكا “الإخوان” إلى لائحة الإرهاب؟

جدد وصول الرئيس دونالد ترامب مرة ثانية للبيت الأبيض وسط مشهد أمريكى متغير على وطأة تداعيات هجمات 7 أكتوبر وما تبعها من عدوان إسرائيلى مستمر على قطاع غزة وصلت تداعياته للداخل الأمريكى، إلى تجدد الحديث عن تصنيف جماعة الإخوان المسلمين بالإرهاب.

دفعت هجمات صنفتها الجهات الأمنية كأعمال إرهابية، والتى استهدفت أشخاصا يهودا مؤخرا، سواء فى المتحف اليهودى بواشنطن، وهو ما نتج عنه مقتل موظفين يعملان بالسفارة الإسرائيلية، أو فى الاعتداء فى ولاية كولورادو وهو ما نتج عنه إصابة 12 شخصا بحروق من بين المتجمعين لدعم الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين لدى حركة حماس، إلى إعادة طرح مبادرة «تصنيف جماعة الإخوان المسلمين بالإرهاب» من جديد.
تقليديا لم تخل واشنطن من أصوات وتيارات تناصب جماعة الإخوان المسلمين العداء لأسباب مختلفة، كما لا تخلو من أصوات ترى فيها اعتدالا مقبولا لممثلى تيار الإسلام السياسى. واليوم يتحكم فى واشنطن إدارة ترامب التى تقف فى جانب العداء للجماعة بصورة عامة.
ودفع اندلاع مظاهرات واسعة وظهور حركات طلابية احتجاجية ضخمة على مدار العام والنصف عام الأخير، فى أغلبها دعما للفلسطينيين، إلى تعرض ثوابت ومبادئ أمريكية مثل حرية التعبير عن الرأى وسيادة القانون، إلى اختبار عسير وبخاصة مع توجيه أصابع الاتهامات لها بتأجيج «العداء للسامية» و«الترويج للعنف».

***

فى حال تم تصنيف الإخوان جماعة إرهابية فإن ذلك سيجعلها هدفا للعقوبات والقيود الأمريكية على الفور، بما فيها حظر السفر وقيود قانونية، ويحظر على المواطنين الأمريكيين تمويل أى أنشطة للجماعة، سواء داخل أو خارج الولايات المتحدة. وعلى الفور كذلك يُحظر على البنوك أى معاملات مالية لها، فضلا عن منع من يرتبطون بالإخوان من دخول الولايات المتحدة

بعد حادثتى واشنطن وكولورادو، جدّد السيناتور الجمهورى من ولاية تكساس تيد كروز جهوده، إذ سبق أن قدم عددا من مشروعات قوانين خلال العقد الأخير، ولم يحالفه النجاح فيها، وقدم مشروع قرار إلى الكونجرس لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، دون أن يلقى استجابة واسعة من أعضاء المجلس حتى الآن، كما لقيت محاولات أعضاء فى مجلس النواب لتمرير مشروعات قوانين مشابهة المصير نفسه.
أشارت شبكة CNN إلى أن المهاجر المصرى، محمد صبرى سليمان، المتهم بتنفيذ جريمة كولورادو، أبدى تعاطفًا مع جماعة الإخوان المسلمين، وذلك استنادًا إلى منشورات منسوبة لحسابه على منصة فيسبوك، بحسب ما توصلت إليه الشبكة من خلال تحليل نشاطه الرقمى.
فى حين طالب راندى فاين، النائب الجمهورى فى مجلس النواب من ولاية فلوريدا، باتخاذ إجراءات وخطوات ضد المؤيدين لفلسطين متهما إياهم بالعداء للسامية، وقال إن القضية الفلسطينية هى فى الأساس فلسفة شريرة، وأضاف «أن المؤسسات المرتبطة بهذه الأيديولوجية، بما فى ذلك جماعة كير (مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية)، وجماعة الإخوان المسلمين، وحركة طلاب من أجل العدالة فى فلسطين، لا ينبغى السماح لها بالعمل فى الولايات المتحدة، ويجب تصنيفها كمنظمات إرهابية، لأن هذا ما هى عليه».
وكتب النائب جاريد موسكوفيتز، ديموقراطى من فلوريدا أيضا، بشكل منفصل إلى الرئيس ترامب يحثه على «إجراء تحقيق شامل» فى تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية أجنبية، مشيرا إلى أن العديد من حلفاء الولايات المتحدة وشركائها بما فى ذلك مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين والنمسا قد فعلوا ذلك بالفعل.
يرى السيناتور كروز فى مشروع قراره أن جماعة الإخوان المسلمين تشجع الإرهاب الإسلامى الراديكالى، وأنه لا يعقل أن تبقى الجماعة خارج تصنيف الإرهاب فى الوقت الذى تضم فيه القائمة أشخاصا وأفرعا ومنظمات لها روابط عضوية بالإخوان مثل تنظيم حماس وتنظيم الجهاد الفلسطينى.

***

خلال فترة حكمه الأولى، أعلن البيت الأبيض عزم إدارة الرئيس دونالد ترامب تصنيف جماعة الإخوان المسلمين تنظيما إرهابيا أجنبيا، وهو ما أثار جدلا واسعا داخل واشنطن بشأن مستقبل علاقة الحكومة الأمريكية بأقدم وأكبر جماعة للإسلام السياسى فى العالم، وبدول تشارك فيها أحزاب سياسية محسوبة على الجماعة فى منظومة الحكم مثل تركيا، والأردن، والكويت، والمغرب. وامتد الجدل داخليا حول تداعيات مثل هذه الخطوة على مسلمى أمريكا. ويقابل هذه الفكرة معضلات على أرض الواقع، إذ لا توضح أى من هذه التحركات تعريفا للجماعة، وهل المقصود بها تنظيم الجماعة المصرى فقط؟ أم يتخطاه للتنظيم الدولى؟ وهل سيقتصر التصنيف على أشخاص أو مؤسسات تابعة للجماعة، أم سيكون تعريفا فضفاضا يمكن استخدامه واستغلاله طبقا لمستجدات الأمور؟
فى حال تم تصنيف الإخوان جماعة إرهابية فإن ذلك سيجعلها هدفا للعقوبات والقيود الأمريكية على الفور، بما فيها حظر السفر وقيود قانونية، ويحظر على المواطنين الأمريكيين تمويل أى أنشطة للجماعة، سواء داخل أو خارج الولايات المتحدة. وعلى الفور كذلك يُحظر على البنوك أى معاملات مالية لها، فضلا عن منع من يرتبطون بالإخوان من دخول الولايات المتحدة.
يشترط القانون الأمريكى لتصنيف أى جماعة أو منظمة جماعة إرهابية ثلاثة شروط، هى «أن تكون المنظمة غير أمريكية، وأن تكون متورطة فى أنشطة وعمليات أو أن تمتلك الإمكانيات والنية على القيام بأنشطة إرهابية، وأن تهدد تلك الأنشطة الإرهابية الأمن القومى للولايات المتحدة وسلامة مواطنين أمريكيين. كما يتطلب التصنيف أن ينشر وزير الخارجية الأمريكى قراره بهذا الشأن فى الجريدة الرسمية، إلا أنه يحق ألا ينشر حيثيات التصنيف باعتبارها «أسرار أمن قومى»، ويحق للمنظمة المصنفة إرهابية أن تعترض على ذلك أمام محاكم العاصمة واشنطن.
ويتطلب تمرير التشريعات فى الكونجرس الأمريكى أن يؤكد وزير الخارجية للكونجرس أن الجماعة تقابل المعايير اللازمة لتصنف جماعة إرهابية، لكن يمكن للرئيس الأمريكى أن يصدر أمرا تنفيذيا يأمر فيه وزارة الخارجية بتصنيف الجماعة جماعة إرهابية.

إقرأ على موقع 180  المغرب.. مملكة مرتبكة بالتجسس والفساد وتراجع الهيبة!

***

الجدير بالذكر أن للكثيرين من المتعاطفين مع جماعة الإخوان نفوذا واسعا فى الكثير من المساجد والمراكز الإسلامية بمختلف الولايات الأمريكية. كما أن الكثير من المحسوبين على الإخوان هربوا من مصر إلى الولايات المتحدة، وقدم بعضهم طلبات للجوء السياسى باعتبارهم أعضاء فى جماعة الإخوان، وهو ما قد يعرقل سعيهم للإقامة فى الولايات المتحدة بطرق شرعية.

(*) بالتزامن مع “الشروق

Print Friendly, PDF & Email
محمد المنشاوي

كاتب متخصص في الشؤون الأميركية، مقيم في واشنطن

Download WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
Premium WordPress Themes Download
free download udemy paid course
إقرأ على موقع 180  محسن صالح لـ"180post": المقاومة أذهلتنا بصمودها.. والأنظمة العربية متآمرة