بعد مرور 14 عاماً على تفاهم مار مخايل، لا يخفي الرئيس اللبناني العماد ميشال عون حماسته لتعميم التفاهم بين جميع اللبنانيين. “كل دول المشرق اشتعلت فيها النيران، أما لبنان، البلد الاكثر تعددا طائفيا وفكرا حرا، فقد كان وما يزال ضامناً لحق الاختلاف وحرية المعتقد فنحن لا نريد ان نتقاتل بين بعضنا البعض، ومن لديه رهانات خارجية، هذا شأنه، نحن رهاننا على البيت اللبناني الذي يجب ان نعمّره”.
في لبنان “خلاف سياسي طويل عريض”، ومنذ اعتلائه سدّة الرئاسة قبل أكثر من ثلاث سنوات، قال عون للجميع “لماذا لا نعمّر هذا الوطن؟ ولماذا لا نحفظ امنه واستقراره”؟ النار كانت تحاصر لبنان، وخصوصا عبر حدوده الشمالية والشرقية، وقد نجحنا في القضاء على المجموعات الإرهابية التكفيرية. ووسط كل هذا الدمار العربي “كان علينا ان نرفض كل الافكار والطروحات الظلامية”.
“الخطيئة الكبرى” التي تعمّد رئيس الجمهورية ارتكابها، وجعلت دولا كبرى تغضب منه، هي تجذّيره فكرة – ثابتة كرئيس للدولة ولكل المؤسسات، وتتمثل في عدم السماح لأحد ان يتصرّف على أساس ان “اسرائيل انتهت من لبنان وانسحبت”، لماذا لم ينته خطر إسرائيل؟ “لأن تهديدها ما زال موجودا وإحتلالها لجزء من أرضنا ما زال موجودا، وآثار جريمتها المتمادية ما زالت قائمة عندنا بوجود اكثر من 500 الف لاجئ فلسطيني وهناك نحو 250 ألفاً هاجروا الى بلدان اخرى ولكن ما زالوا مسجلين كلاجئين لانهم يريدون حفظ حقوقهم، في هذه الحالة، كيف يقال ان اسرائيل لم تعد موجودة في لبنان؟ انها موجودة بنتائج حروبها وبجريمتها المتمادية، واطماعها في أرضنا ومياهنا، وثمة خلاف كبير معها حالياً على الحدود البحرية وعلى التنقيب على الغاز والنفط”.
وفي موازاة هذه “الخطيئة الكبرى”، لن يغفر كثيرون، ومنهم بعض الدول الكبرى، للعماد عون رفضه مقاربة سلاح المقاومة على قاعدة “مع او ضد” “لان القصة في جوهرها ليست ان نكون مع سلاح المقاومة او ضد سلاح المقاومة”. عندما تكون هناك قضية وطنية “نصبح مطالبين بموقف فوري”، وهذا ما اقدم عليه عون بلا إستئذان من أحد في اللحظات الاولى لحرب تموز/يوليو 2006، ويسأل “لماذا انا اتخذت موقفا فوريا في تلك الحرب؟ ولماذا لم يفعل الجميع مثلي؟ حتى أن بعضهم قد تحفّظ في البداية قبل ان يستلحق نفسه”.
الغاء الطائفية السياسية لا يكون في البداية انما يكون نتيجة تنفيذ كل بنود الطائف، مثلا، هل هناك كتاب تربية وطنية موحد؟ هل هناك كتاب تاريخ موحد؟ هل شُكّلت الهيئة المكلفة بدراسة كل السبل المؤدية الى الغاء الطائفية السياسية؟ وماذا ستفعل هذه الهيئة اذا شُكّلت؟
المعادلة بسيطة عند عون “إعتبرت أن ما يجري هو اعتداء على مواطن مثلي مثله والاعتداء عليه هو اعتداء عليَّ، اليس اول ما عمدت اليه اسرائيل هو تدمير الجسور والفصل بين الشمال والجنوب والعمل على القسمة بين مواطن ومواطن”؟
ردّد “الجنرال” قبل وصوله إلى الرئاسة الأولى وبعدها مواقف تدعو لإعادة الإعتبار إلى الوطنية اللبنانية الحقة: “فانا اعيش على الارض اللبنانية وليس على الأرض الاميركية او الاوروبية او التركية او الروسية او الإيرانية؟ انا اعيش مع مواطنين لبنانيين لهم الحق في ان يعتنقوا اية ديانة، فهذه حرية معتقد، والله هو للجميع، لا يمكن حصره في طائفة او مذهب، انما هو خالق الكل ومسؤول عن الكل، وفكرة الله تتسع للجميع”.
“الجنرال” كان من اشد المتمسكين بتطبيق دستور الطائف الذي دأب كثيرون على اتهامه بأنه يريد الاطاحة به وان وصوله الى سدّة الرئاسة سيكون المسمار الاول في نعش الطائف، وعندما اعادهم الى “الكتاب” ازدادوا شراسة في الحرب عليه لانهم اعتادوا الحكم من خارج النص عبر تعليق الدستور، “بدأوا بالمزايدة في موضوع الغاء الطائفية السياسية، وهم اكثر من لا يريد الغاءها. الغاء الطائفية السياسية لا يكون في البداية انما يكون نتيجة تنفيذ كل بنود الطائف، مثلا، هل هناك كتاب تربية وطنية موحد؟ هل هناك كتاب تاريخ موحد؟ هل شُكّلت الهيئة المكلفة بدراسة كل السبل المؤدية الى الغاء الطائفية السياسية؟ وماذا ستفعل هذه الهيئة اذا شُكّلت؟ اضعف الايمان اعداد برنامج تربوي بحيث ينشأ جيل لا يشعر بأي فرق او تمييز”.