تحتل آسيا الوسطى موقعًا جغرافيًا مهمًا وحساسًا، إذ تقع بين الصين وروسيا وأفغانستان وإيران وعلى مقربة من الخليج العربي وتركيا القوة الاقتصادية الصاعدة، كما أنها محل اهتمام القوى العالمية والإقليمية الأخرى مثل أميركا والهند، لاسباب عدة اهمها:
أولاً، من الناحية التاريخية، برزت أهمية آسيا الوسطى لأنها نقطة التقاء الشرق والغرب ومنطقة مُحاطة بالامبراطوريات ومجاورة لمناطق تعاني من النزاعات وانعدام الأمن (مثل أفغانستان وإقليم سيكيانغ الصيني وإيران). وكانت هذه المنطقة محلاً للصراع بين القوى الدولية الكبرى عبر العديد من المراحل التاريخية السابقة، كالصراع الذي جرى بين الامبراطوريتين البريطانية والروسية في القرن التاسع عشر، والذي أطلق عليه إسم “اللعبة الكبرى”. ومع أنّ هذه المنطقة أُهملت، إلى حدّ كبير، خلال الحرب الباردة، إلا أنّه أُعيد اكتشاف أهميتها الحيويّة بسرعة، ما جعلها تصبح محلاً للصراع بين القوى الكبرى، وإن غابت قليلاً عن الواجهة الإعلامية التي ركّزت أضواءها على المنطقة العربية منذ العام 2011 حتى يومنا هذا.
ثانياً، نظراً الى ما يحتويه جوف هذه المنطقة من المعادن والنفط والغاز الطبيعي والفحم، وتصل احتياطيات الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى والقوقاز من الغاز الطبيعي إلى 34 في المئة من الإجمالي العالمي، وتقع أكبر الاكتشافات في أذربيجان وتركمانستان وكازاخستان وأوزبكستان، كما أن هذه المنطقة تحتوي على حوالي 27 في المئة من إجمالي احتياطيات النفط العالمي، لا سيما في كازاخستان وأذربيجان. في حين ان طاجيكستان وحدها تملك منابع ضخمة للمياه يمكن أن تستخدم لتوليد 527 مليار وات من الكهرباء.
ثالثاً، لان دول هذه المنطقة ورثت منشآت ضخمة للصناعات العسكرية الثقيلة والخفيفة من الاتحاد السوفياتي السابق بعد تفككه، وكانت أوزبكستان من المراكز الصناعية والزراعية المهمة، وورثت كازاخستان 104 صواريخ باليستية من نوع (SS-19) مع أكثر من ألف رأس نووي، بالإضافة إلى مركز “بايكو نور” الفضائي لإطلاق الصواريخ، ومركز “سيمبالاتينسك” لاختبار الأسلحة النووية.
وبسبب هذه الأهمية القصوى، كانت هذه الدول محل تنافس بين اللاعبين الدوليين ودول المنطقة؛ فأميركا تسعى لبسط نفوذها، وروسيا تحاول أن تبقيها تدور في فلكها كما كانت في الحقب الماضية، وتسعى الصين أن تدخل بشركاتها العملاقة إليها، وكذلك الهند وإيران وتركيا وغيرها من الدول. وفي الوقت نفسه، يبدو أن اللاعبين الدوليين متفقون على أن تبقى هذه الدول بعيدة عن تأثير الحركات الإسلامية المتطرفة، حتى لا تسقط في يد هذه الحركات تلك الإمكانات الضخمة التي تملكها هذه الدول.
الرؤية الصينية تسعى إلى تحقيق تكامل آسيا الوسطى مع باقي القارة الآسيوية، والمناطق الأخرى من العالم المرتبطة بها، وتشمل النقل عبر السكك الحديد والبر والجو وخطوط الأنابيب البحرية
إهتمام صيني
وتهتم الصين بمنطقة آسيا الوسطى منذ تسعينيات القرن الماضي، ولا ريب في أنّ استراتيجيتها تُجاه هذه المنطقة متعدّدة الأوجه. لكنْ من حيث الجوهر، يبدو أنّ الصين تتبع في هذه المنطقة سياسة مماثلة لتلك التي تتبعها في إفريقيا. بعبارة أخرى، تعمل الصين على توسيع حضورها الاقليمي بصورة مستمرّة من خلال الاستحواذ على حصص متزايدة من موارد الطاقة والبنى التحتية للمنطقة، وعبر تقديم قروض “من دون شروط سياسية”.
ومع أنّ بكين أبرمت العديد من الاتفاقيات الثنائية مع دوشنبيه (عاصمة طاجكستان) وطشقند (عاصمة اوزبكستان) وألماتي (عاصمة كازاخستان) وبيشكِك (عاصمة قيرغيزستان)، إلا أنها تمكّنت، في الوقت ذاته، من الحفاظ على علاقات متوازنة مع روسيا في إطار منظمة شنغهاي للتعاون؛ ويُعزى ذلك إلى حقيقة أنّ تعزيز الصين لنفوذها الاقليمي استند إلى استراتيجية استثماريّة مدروسة بعناية. وتجلى هذا بكل بوضوح في طاجكستان حيث استثمرت الصين في صناعة الألمنيوم؛ وفي كازاخستان، حيث أبرمت اتفاقيات تجارية مهمّة مع شركة كازاخستان للغاز والوكالة الكازاخيّة للطاقة الذريّة.
وتدور الرؤية الاستراتيجية الصينية لهذه المنطقة في إطار مبادرة طريق الحرير الجديد للقرن الحادي والعشرين، فهذا الطريق والحزام الاقتصادي المحيط به، من شأنهما ايجاد ممرات تجارية تربط شرق آسيا وجنوب شرقها مع باقي آسيا وأوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، ومن ثم فالرؤية الصينية تسعى إلى تحقيق تكامل آسيا الوسطى مع باقي القارة الآسيوية، والمناطق الأخرى من العالم المرتبطة بها، وتشمل هذه الرؤية النقل عبر السكك الحديد والبر والجو وخطوط الأنابيب البحرية وتوفر الصين تمويلاً بقيمة 40 مليار دولار لهذه المبادرة.
وتحقق هذه المبادرة العديد من الفوائد بالنسبة للصين، منها تشجيع التنمية الاقتصادية وزيادة الصادرات الصينية إلى وسط آسيا، إضافة إلى أن توسيع وزيادة المرور البري يسمح للصين بتنويع قنوات الاستيراد والتصدير، ونزع فتيل الخطر من الممرات البحرية التي لا تزال تسيطر عليها الولايات المتحدة، كما أن الاستثمار في البنية التحتية الجديدة يرسخ النفوذ الاقتصادي والسياسي الصيني. والملاحظ أن الصين تركز في المرحلة الأولى على الجانب الاقتصادي أملاً في أن تمهد التطورات على المدى البعيد الطريق للقيادة الصينية للتعاون الأمني الآسيوي.
نفوذ روسي
ونجحت روسيا أيضاً في استخدام المجال التجاري لتعزيز نفوذها في آسيا الوسطى. وعلى الرغم من تركيزها على احتكار السوق المالية، إلا أنّ روسيا عزّزت أيضاً نفوذها في قطاعيّ الطاقة والثروة المعدنية. وكان لمحصلة الصراع الروسي – الغربي في مناطق أخرى من العالم تأثيرها في الصراع في هذه المنطقة، حيث أدى إلى تحجيم الخلافات التي كانت قائمة بين روسيا والصين في بعض الأمور المتعلقة بآسيا الوسطى من خلال ما قدمته روسيا من اقتراحات، وذلك لبناء تحالف روسي – صيني في مواجهة الغرب، وإستوجب ذلك تخفيف التشدد الروسي في بعض المسائل المتعلقة ببحر قزوين، وهو ما استفادت منه دول آسيا الوسطى المطلة على هذا البحر، لكن الرد الروسي في أوكرانيا وشبه جزيرة القرم وجه رسالة قوية إلى دول آسيا الوسطى بأن تدخل الغرب هنا هو بمثابة تهديد للأمن القومي الروسي، على قاعدة رؤية روسيا لأمن آسيا الوسطى بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي الروسي.
لعل الغاز والنفط والمعادن المشعة، من العناصر الجاذبة للاسرائيليين، تدفعهم للتفكير في كيفية اختراق آسيا الوسطى والتأثير عليها. وقد سعت الدولة العبرية الى محاولة تأمين خط جيهان النفطي وتأمين منابع النفط التي تغذى خط الأنابيب الذي يمتد من أذربيجان، ثم جورجيا حتى ميناء جيهان التركي ثم إلى ميناء عسقلان
عسكرة اميركية
وخلافاً لاستثمارت الصين وروسيا غير المشروطة سياسياً في آسيا الوسطى وغير المدفوعة أمنياً، ركّزت معظم الاستثمارات الأميركية على ضمان إبرام اتفاقيات لإنشاء المزيد من القواعد العسكرية هناك. ولا شك أن هذه الأهمية الجيوسياسية للمنطقة قد ازدادت بعد أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، واحتلال الأميركيين و”الناتو” للدولة الأفغانية، حيث أصبحت الولايات المتحدة في حاجة ماسة لدول المنطقة، المحاذية لأفغانستان، للتمركز فيها، وتوفير الإمدادات للقوات الأميركية، وإحكام السيطرة على أفغانستان عبر حدودها مع هذه الدول.
ومن الواضح أن أياً من القوى الكبرى المتصارعة في آسيا الوسطى لا تستطيع تحقيق نصر حاسم على طرف أو أطراف أخرى، لاعتبارات عدة، أبرزها ازدياد حدة الاستقطاب بين القوى الكبرى على نحو يشبه بدايات مرحلة الحرب الباردة، حيث انحازت دول الاتحاد الأوروبي إلى واشنطن، بينما ازدادت قوة التحالف الروسي ـ الصيني مع بروز محورية السيطرة على أوراسيا اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً في إطار هذا الصراع، وفي القلب منه دول آسيا الوسطى، حيث يحظى البعد الاستراتيجي والأمني بأهمية نسبية مرتفعة في سياق الصراع الروسي الأميركي في المنطقة.
لذلك، اتخذ الصراع بين واشنطن وموسكو أنماطاً عدة، منها النمط الإيجابي الذي يتمثّل في محاولة كل منهما تدعيم علاقاته بدول المنطقة وترسيخها، وصولاً إلى محاولة تكريس النفوذ فيها، والنمط السلبي الذي يدور حول تحجيم تأثير ونفوذ الطرف الآخر، وصولاً إلى محاولة إقصائه عن تفاعلات المنطقة قدر الإمكان، وإتخذ الصراع بين روسيا والاتحاد الأوروبي في شأن إمدادات الطاقة بُعداً استراتيجياً مهماً في سياق التفاعلات بين القوى الكبرى، لأن التوجه الأوروبي يقوم على أساس تنويع مصادر الطاقة، والتخفيف المستمر من الاعتماد على روسيا في إمداد أوروبا باحتياجاتها من الطاقة، حيث يعتبر المخزون الهائل من النفط، والغاز، والفحم، والاورانيوم، والذهب، والفضة، وباقي المعادن الاستراتيجية أكثر ما يميز المنطقة. كما يتخذ الصراع بين القوى الكبرى حول النفط والغاز في المنطقة أبعاداً عدة تبدأ بالتنافس بين شركات هذه القوى للحصول على حقوق اكتشافهما، وإنتاجهما، وتصديرهما.
اسرائيل ايضاً وايضاً
ولعل الغاز والنفط والمعادن المشعة، من العناصر الجاذبة للاسرائيليين، وهي تدفعهم للتفكير في كيفية اختراقها والتأثير عليها. وقد سعت الدولة العبرية الى محاولة تأمين خط جيهان النفطي وتأمين منابع النفط التي تغذى خط الأنابيب الذي يمتد من أذربيجان، ثم جورجيا حتى ميناء جيهان التركي ثم إلى ميناء عسقلان، وهذا الخط، ينقل النفط الاذربيجاني والكازاخستاني ويزودها بما يقارب 40% من حاجاتها النفطية، وتسعى إسرائيل مستقبلاً الى مد خط أنابيب يصل عسقلان بإيلات على البحر الأحمر، لتصدير النفط من إيلات لدول آسيا كاليابان والهند والصين، لتصبح واحدة من أهم ممرات الطاقة العالمية، مقللة بذلك الأهمية الاستراتيجية لقناة السويس، ومن الهيمنة الروسية على ممرات النفط، وكذلك إضعاف تأثير روسيا على آسيا الوسطى والقوقاز، وعزل الصين وإيران عن الثروات النفطية لتلك المنطقة.
تعول أنقرة على العامل العرقي القائم على فكرة “الوحدة الثقافية التركية” بين شعوب المنطقة. ولهذه الغاية ابرمت مع عواصم دول اسيا الوسطى معاهدة إنشاء منظمة دولية للثقافة التركية
فكرة “الوحدة الثقافية التركية”
من جهتها، عملت حكومات حزب العدالة والتنمية التركية بزعامة رجب طيب اردوغان بنشاط لترسيخ فكرة “الوحدة التركية”، التي تقوم أساسا على بسط نفوذها في منطقة آسيا الوسطى. وفي سبيل تحقيق مبتغاها، عززت انقرة التعاون مع أوزبكستان في مجال التعاون العسكري، بالإضافة إلى العديد من المجالات الأخرى. كما سعت الى دعم علاقاتها مع دول آسيا الوسطى؛ مثل أذربيجان وكازاخستان وقيرغيزستان وتركمانستان. وراحت تبحث عن أسواق لصادرات الأسلحة. لكن تركيا لا تهتم بآسيا الوسطى فقط بسبب إمكان تصدير الأسلحة إليها، بل إن أنقرة تسعى لإشراك أوزبكستان في محور اللعبة السياسية جنبا إلى جنب مع بقية الجمهوريات السوفياتية السابقة؛ مثل تركمانستان وقيرغيزستان وكازاخستان. لذلك، تعول أنقرة على العامل العرقي القائم على فكرة “الوحدة الثقافية التركية” بين شعوب المنطقة. ولهذه الغاية ابرمت مع عواصم دول اسيا الوسطى معاهدة إنشاء منظمة دولية للثقافة التركية. واستقطبت طلاباً من هذه الدول إلى الجامعات التركية وقدمت لهم الامتيازات.
وعلى خلفية ذلك، يتم سنوياً إحياء نشاطات ثقافية تحت رعاية المنظمة، تهتم بتقديم “التراث المشترك للعالم التركي”. وعلى هذا الأساس، أصبح مجلس تعاون الدول الناطقة بالتركية أداة أخرى من أجل إنشاء “العالم التركي” تحت رعاية أنقرة.
ووجدت فكرة الوحدة الثقافية التركية صدى لها في هذه الدول منذ سنة 1990 لا سيما في اوزبكستان وكازاخستان، لكن لم تنعكس بصفة كلية وتراجعت حماسة هذه الدول حاليا للتعاون المطلق مع انقره لكن ذلك لا يعني أنها لا تبحث عن سبل أخرى لتعزيز علاقاتها معها.
ثمار إيرانية ضئيلة
من جهتها، دخلت ايران على الخط بحثا عن نفوذ، آملة أن يؤدي الحوار النشط مع جمهوريات آسيا الوسطى إلى إقناعها بأن الصداقة مع طهران أجدى من المصادمة. وقد استخدِمت وسائل الإقناع بأسلوب رقيق حيث عرضت طهران الجزرة بدل العصا في مفاوضاتها مع هذه الدول حيال العديد من القضايا ولا سيما في مجال أمن الحدود والاستقرار في أفغانستان وسهولة النقل إلى أسواق روسيا والصين. وكان تطوير أسواق الطاقة الإقليمية على الأرجح هو الدافع الرئيسي لديبلوماسية طهران في المنطقة في المدى المنظور.
ومع ذلك فإن هذه الجهود الإيرانية لم تغير بشكل كبير من الاتجاهات الحالية في آسيا الوسطى ما بعد المرحلة السوفياتية. فقدرة طهران على التأثير محدودة بشكل كبير. وبرغم أن هذا الموقف قد جاء جزئياً نتيجة للمشاكل التي تعانيها إيران بسبب العقوبات والرغبة في تفادي توترات صريحة مع لاعبين معينين غير إقليميين (مثل روسيا وتركيا) إلا إنه يمثل دلالة على تحولات في السياسة الخارجية لحكومات آسيا الوسطى نفسها. وكما أوضح بعض المحللين فإن تلك الدول قد مرت بتغيرات هائلة في تصوراتها الذاتية خلال العقد الماضي، حيث لم تعد ترى نفسها على أنها تعيش في منطقة محصورة ومعزولة تعتمد كلية في علاقاتها مع العالم الخارجي على روسيا أو إيران. كما أن الوجود الأميركي والصيني والتركي والعربي المتزايد هناك قد أعطى هذه الدول إحساساً بأهميتها وخيارات أوسع بكثير لانتقاء الشركاء والفرص التي لا تبدو أن إيران هي الأكثر جاذبية من بينها، خصوصاً في ضوء الحصار الدولي والعقوبات.
أفق الصراع بين القوى الكبرى
وعلى الرغم من أن دول آسيا الوسطى استجابت خلال العقدين السابقين للسياسة الأميركية لاعتبارات داخلية اقتصادية وسياسية، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تحفظات عدة من جانب هذه الدول على هذه السياسة محاولة تحجيم التدخل الأميركي في شؤونها، كما كان للصحوة الروسية، والتي بدت واضحة جلية بعد أزمة أوسيتيا الجنوبية 2008 وما اتخذته من إجراءات في الفترة التي تلتها لاستعادة نفوذها في المنطقة، دورها الأساس في تراجع النفوذ الأميركي في المنطقة، حيث كانت توازنات القوى الحالية تعكس إرهاصات تفاهم دولي لتقسيم مناطق النفوذ في العالم، وقبولاً أميركياً ضمنياً بعودة المنطقة للنفوذ الروسي، خصوصا وأن هناك 25 مليون روسي انتشروا في جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، ويمثلون نسبة يعتد بها من سكان جمهوريات آسيا الوسطى والقوقاز، فهم يمثلون 37.8% من عدد سكان كازاخستان، و21% في قيرغيزستان، و9% في تركمانستان، و8% في أوزبكستان و8% في طاجيكستان، و6% في أذربيجان.
والملاحظ أن وزارة الخارجية الأميركية طرحت في العام 2015 استراتيجية تقوم على تفضيل دمج آسيا الوسطى في نظام عالمي يقوم على قواعد منظمة التجارة العالمية، لكن السنوات التي أعقبت ذلك، أظهرت رؤية روسية تعمل بقوة لإعادة موسكو إلى مكانتها كقوة عظمى كبرى، وهذا الصعود الروسي والتراجع الأميركي، خففا من حدة الصراع في آسيا الوسطى، وساهما بإبعادها عن واجهة الاهتمام السياسي، لكن ذلك لا يغير من الأهمية الاستراتيجية للمنطقة التي قد تعود إلى الواجهة بعد التوصل إلى حل ما للأزمتين السورية والأوكرانية أو مع قدوم إدارة جديدة إلى الحكم في البيت الابيض ترى في آسيا الوسطى منطقة حيوية للمصالح الأميركية، وهو أمر غير مرجح، في ظل المعطيات التي ترجح، حتى الآن، إعادة إنتخاب ترامب لولاية ثانية.