لا يمكنُ تجاهلُ الفرضيّة - الظّاهرة والباطنة - التي يتبّنّاها كثيرون من اللّبنانيّين، مواطنين وقادة سياسيّين ودينيّين، والتي تقومُ على اعتبار أنّنا، في هذا البلد، لسنا شعباً واحداً أبداً، وإنّما نعيشُ مع بعضنا البعض اضطراريّاً.
لا يمكنُ تجاهلُ الفرضيّة - الظّاهرة والباطنة - التي يتبّنّاها كثيرون من اللّبنانيّين، مواطنين وقادة سياسيّين ودينيّين، والتي تقومُ على اعتبار أنّنا، في هذا البلد، لسنا شعباً واحداً أبداً، وإنّما نعيشُ مع بعضنا البعض اضطراريّاً.
لطالما آمنتُ بعدم الأخذِ بكلّ ما أتى به الزّعيمُ أنطون سعادة (ت. ١٩٤٩ م) حرفيّاً ومن دون تطوير، ولكن، لطالما آمنتُ، أيضاً، بعدم رفض ما جاء به هذا العقلُ الفلسفي والاجتماعي والسّياسي اللّبناني والمشرقي بشكلٍ كلّي.
عندما تموتُ منظومةٌ فكريّة أو سياسيّة أو اقتصاديّة، تتّضحُ ضرورةُ تغييرها عند بعض المراقبين والمثقّفين والنّاشطين، ولو ظلّت هذه المنظومة تتوهَّمُ وتُوهِمُ وكأنّها تُقاوم أو تتحدّى موتَها الأكيد. وهذا ما يحصلُ بالذّات مع النّظام اللّبناني القائم منذ مرحلة ما بعد اتّفاق الطّائف، ومع المنظومة السياسيّة التي ولّدها هذا النّظام، قبل عام ٢٠٠٥ وبعده.
نُكمل في هذا الجزءِ (الثالث) حديثَنا حول السّعادة من وجهة نظر أهل التّصوّف والعِرفان (أو حول ما سمّيناه "بالفرَح الصّوفيّ المقدّس").
نُكمل في هذا الجزء حديثنا السّابق عن أنّ البُعد الصّوفي-العرفاني للدّين هو البُعد الأهمّ والأرقى، مركّزين فيما يلي، وبشكل خاص، على مسألة: السّعادة. فكما يشدّد فيلسوف الأديان والطّرق الرّوحيّة المعاصر، الكاتب الفرنسي فريديريك لونوار[1]، إنّ السّعادة الصّوفيّة هي أقرب إلى التذوّق منه إلى التفكّر (بل ذهب الشّيخ الأكبر ابن عربي، إلى أنّ التفكّر لا يعوّل عليه في مسائل كهذه، وكما رأينا في الجزء الأوّل).
يتناول هذا البحث موضوع اسهامات عمل "إقتصادنا" للسيد محمد باقر الصدر، منطلقاً من أطروحة مجددة مفادها أن التركيز على هذه الاسهامات يجب أن يكون من الزاويتين الأبستمولوجية والمنهجية، حيث يكمن حجر زاويتها، بخلاف ما ذهبت إليه أكثر الدراسات حول هذا العمل.
يتناول هذا البحث موضوع اسهامات عمل "إقتصادنا" للسيد محمد باقر الصدر، منطلقاً من أطروحة مجددة مفادها أن التركيز على هذه الاسهامات يجب أن يكون من الزاويتين الأبستمولوجية والمنهجية، حيث يكمن حجر زاويتها، بخلاف ما ذهبت إليه أكثر الدراسات حول هذا العمل.
إنّ الفكرة الأساسيّة لهذا المقال تقوم على نقاط ثلاثة رئيسيّة. الأولى، وهي أنّ البُعد الصّوفي-العِرفاني (بالفرنسيّة: La Dimension Mystique) - النّظري والعملي - للإسلام وللأديان والمدارس الرّوحيّة كلّها: كان ولم يزل البُعدَ الأهمّ والأرقى لهذه الأديان والمدارس (بما فيها الإسلام طبعاً)، والحجرَ الأساسَ لما تقدّمه للإنسان-الفرد وللبشريّة من أجوبة ومن طُرُق.
إنّ الأخبار الواردة من هنا وهناك، حول قضيّة المرجع الشّيعي العراقي المقيم في حوزة "قم" الإيرانيّة المرموقة، العلّامة السّيد كمال الحيدري، تقع بلا أدنى شك ضمن الأخبار المزعجة بالنّسبة إلى كلّ عقل عربيّ-مُسلم حرّ ومتنوّر (شيعيّا كان أو غير شيعيّ). بل أكاد أجزم بأنّها أخبار أكثر من مزعجة، إن صحّت، خصوصاً من وجهة نظر من يعرف تراث الحيدري وحجم إسهاماته وأهميّة الدّور الذي يلعبه فكره النّقدي في الجوّ الإسلامي عموماً والجوّ الشيعي خصوصاً. إنّها، إن صحّت طبعاً، أخبار مزعجة ومؤلمة حقيقةً.
مجدّداً، ضمن مسلسل المصطَنع والاصطِناع، هناك دائماً من يستخدم مصطلح "السّعر الحقيقي" للدّولار مقابل اللّيرة اللّبنانية، موهِماً، عن قصدٍ أو عن غير قصد، وكأنّ هناك "سعراً حقيقيّاً" للدّولار مقابل "سعر السّوق" الحالي (المسمّاة بالسّوق السّوداء). هذا الأخير يكون بذلك مجرّد سعر وهمي يُخفي السّعر.. الحقيقي.