جاء حكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في قضية إغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، أقل بكثير مما كان ينتظره فريق 14 آذار/مارس، وتحديداً غلاة التطرف بينهم، وأكثر بكثير مما كان يتوقعه المعارضون للمحكمة، وتحديداً حزب الله.
جاء حكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في قضية إغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، أقل بكثير مما كان ينتظره فريق 14 آذار/مارس، وتحديداً غلاة التطرف بينهم، وأكثر بكثير مما كان يتوقعه المعارضون للمحكمة، وتحديداً حزب الله.
يروي المساعد السياسي لرئيس مجلس النواب علي حسن خليل في كتابه "صفحات مجهولة من حرب تموز" أن الرئيس نبيه بري قال للسيد حسن نصرالله في أول لقاء جمعهما في أيلول من تلك السنة "في السياسة، نعم نحن إنتصرنا يا سيد (على إسرائيل) والعالم لن يستطيع أن ينكر هذا.. ولكن في لبنان هناك من يصر على التنظير لمنطق الهزيمة ولا يريدك أن تكون في مظهر المنتصر".
في مثل هذه الأيام من العام 2015، لاحت تباشير الحراك الشعبي الذي صار معروفاً بإسم "طلعت ريحتكم" وبلغ ذروته في 29 آب/أغسطس 2015، مع حشد ملأ وسط العاصمة اللبنانية، إستنكاراً لعجز الحكومة اللبنانية عن إيجاد حل لمشكلة النفايات التي تراكمت في الشوارع، وهذا المشهد أسّس لتجربة كادت تنجح لولا إئتلاف كل أهل السياسة، موالين ومعارضين، بوجه لائحة "بيروت مدينتي" خلال الإنتخابات البلدية في بيروت في العام 2016.
بطاركة الكنيسة المارونية في لبنان رهائن المحبسين: الأول، محبس الفاتيكان الذي يعمل بمعايير رفيعة من الدقة والشفافية تصل حد تحولها "ملكوت" يلاحق سيد بكركي. أما الثاني، فهو محبس شعار "مجد لبنان أُعطي له". الأخير وطأته مرهقة للبطريرك الماروني ـ أي بطريرك ـ إذ تجعله مهجوساً بـ"صناعة مجدٍ" يطبع سيرته. كل تاريخ البطاركة الموارنة سار على هذا المنوال.
في نيسان/ أبريل 2020، قررت حكومة حسان دياب التعاقد مع ثلاث شركات دولية لأجل التدقيق في حسابات مصرف لبنان المركزي، وهذه الشركات هي KPMG وOliver Wyman و Kroll. لم تمض ساعات قليلة على إتخاذ القرار حتى بدأت مرحلة تجاذب إنحصرت حول هوية شركة kroll الأميركية.
الإغتيال السياسي على إمتداد تاريخه لم ينجح في منع المستقبل. كل إغتيال سياسي شكّل محاولة فاشلة لمنع حاضر أو ماضٍ من أن يمضي بلا أسف. الحقيقة الوظيفية للإغتيال هي أن يكون على الضد من السياسة. الإغتيال نقيض السياسة. المرعب في الإغتيال أنه دائماً ضد التنوير. هو منحازٌ بطبيعته إلى الظلامية. إلى التقوقع بلا هوادة.
طوال سنوات ما بعد انتهاء الحرب الأهلية وتطبيق اتفاق الطائف (1990 ـ 2005)، أدارت سوريا الحياة السياسة اللبنانية، وفق معادلة "تخصيص الطوائف"، بحسب الباحث أحمد بيضون، أي خصخصة "المقاومة" العسكرية لحزب الله أو الشيعة، وخصخصة "الإعمار" (ومعه الإقتصاد) للرئيس رفيق الحريري أو السنّة. ما بينهما كان التهميش من نصيب المسيحيين إذ نُفي وسُجن قادتهم (ميشال عون، أمين الجميل، وسمير جعجع).
الشيعية السياسية على غرار مثيلاتها عند الطوائف الأخرى. ليست وحدةً سياسية تهبط من علٍ. لا تملك مشروعاً مستقلاً. تاريخها متعدد ومتقطع. تعدده موصول بانزياحات بدأت من الإقطاعية والخروج عليها. وتقطعها شديد الصلة بالانزياحات التي سطّرت شكلها الراهن.
إذا كان لجردة حسابية مع "الشيعية السياسية" أن تقول أشياء كثيرة في لبنان وأشياء أكثر عن دور حزب الله الممتد من زمن البوسنة والهرسك إلى زمن الحوثيين في اليمن، فإن هذا ذاته جعل "الشيعية السياسية" نفسها تأخذ حيزاً هاماً من الإهتمام عند كثرة من الدول العربية. إهتمام ينهض على خوفٍ منها، إزداد منسوبه بعد سقوط صدام حسين "حارس البوابة الشرقية" للخليج.
النهايات في العلاقات السياسية دائماً مؤلمة. الأشد إيلاماً منها يكون في العلاقات الانسانية. هذه هي حال سعد الحريري وسمير جعجع. الفارق بين الرجلين كبير وشاسع جداً. التمايز في صالح الأول، وعلى الضد من الآخر. كلاهما يتناسل من عقلية مختلفة عن الآخر. وكلاهما يُنشد وجهةً تتناقض مع الآخر.