
بعد حربٍ سريعة، يهجُر الأرمن اليوم "قره باغ" (الجبل المسمّى أيضاً ناغورنو كاراباخ أو أرتساخ) وسيحلّ مكانهم الأذريوّن، كنهايةٍ لصراعٍ عرقيّ دامَ طويلاً في منطقةٍ متعدّدة الإثنيّات كان الكرد يشكّلون سابقاً جزءاً أساسيّاً من سكّانها.
بعد حربٍ سريعة، يهجُر الأرمن اليوم "قره باغ" (الجبل المسمّى أيضاً ناغورنو كاراباخ أو أرتساخ) وسيحلّ مكانهم الأذريوّن، كنهايةٍ لصراعٍ عرقيّ دامَ طويلاً في منطقةٍ متعدّدة الإثنيّات كان الكرد يشكّلون سابقاً جزءاً أساسيّاً من سكّانها.
من عاداتي الطيبة الاستيقاظ متفائلاً ومقبلاً على صباح سعيد. كتبت ذات صباح من الأسبوع الماضي متأثراً بهذه الحالة وبتطورات على أرض الواقع ونتيجة مناقشات مع أصحاب رأي أحترمهم، كتبت متطلعاً إلى نهاية قريبة لحرب دائرة بين العالم الغربي وروسيا على أرض أوكرانيا وبشعبها.
أول ما سيتبادر إلى الأذهان لمن يعرفون كاتب هذه السطور وتاريخه، بعد قراءة هذا "العنوان الطائفي"، أن "الأبن الضال" عاد أخيراً إلى حظيرته بعد اغتراب طويل في عالم اليسار والعلمانية (بمعنى إنقاذ الدين والدولة من مُلوثات السياسة ومفاسدها الضيقة) والوعي الكوني الجديد الذي يقطع كلياً مع الوعي الماكيافيلي.
يُعبّر التعصّب عن رغبة في الإقصاء والإلغاء والتهميش، والحطّ من قدر الآخر، وذلك قبل أن يتحوّل إلى فعل أو سلوك، إلّا أنه يُصبح خطرًا حين ينتقل من التفكير إلى التنفيذ فيتحوّل إلى تطرّف.
العنصريّة من أعتى وأخطر الأدوات السياسية التي تستخدمها فئة معينة إما دفاعاً عن هويّتها (عرقيّة، إثنيّة، دينيّة إلخ..) أو إعتقاداً منها أنها أكثر رقياً من غيرها من الشعوب، بناء على موروثات أو تقاليد إلخ.. وتُستخدم العنصريّة أيضاً ضدّ مجموعات ضعيفة أو مُهمّشة، لتحميلها مسؤوليّة المشاكل التي يواجهها مجتمع ما، كما هو الحال مع المهاجرين في أوروبّا وأميركا، وكما نشهد حالياً من إرتفاع نبرة الخطاب العنصري المقيت مع كتلة النازحين السوريّين في لبنان وتركيّا والأردن.
تقرأ ما يكتبون وما يذاع في أمريكا وبعض دول الغرب عن عالم يعيش حرب أوكرانيا فتتخيل أنك مطالب بأن تزهو بزهوهم وتعيش في أوهامهم. أنت مطالب بأن تؤمن إيماناً قوياً بأن التاريخ انتهى فالغرب مكتسح بقيمه وقوته وأحلافه ولا مكان فيه لدخيل أو لجديد إلا بإذن من الولايات المتحدة ولدور تحدده.
غريبٌ ومرعبٌ هوس الشعب الأمريكي بالأسلحة. لا يمرُّ يومٌ إلاّ ونسمع بحوادث إطلاق نار وقتلى وجرحى، في الجامعات والمدارس، في المصانع والمتاجر، في أماكن العبادة، في المترو، في ثكنات الجيش الأمريكي، وكأنّها منافسةً لنيل جائزة وطنيّة أو أوسكار العنف.
قال المفكّر الأمريكي الأسود دبليو. إي. بي. دو بُوْيْس (W. E. B. Du Bois؛ 1868-1963) عند رؤيته إبنه يعاني من مرض أدى إلى وفاته طفلاً: "ليس لدي غير الأمل. أمل غير ميؤوس منه ولكن غير واقعي. أرى في عيونك اللامعة والحائرة – والتي تحدّق في روحي – أرضاً عِتْقها لنا زيف وحريتها كذب".
في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، كتبت ديانا بوتو، وهي محامية ومستشارة سابقة لفريق التفاوض في منظمة التحرير الفلسطينية، عن التمييز العنصري في إسرائيل، انطلاقاً من تجربة شخصية، تمتد مما عاناه والدها الذي وجد نفسه مواطناً من الدرجة الثانية في وطنه الأصلي، وصولاً إلى طفلها الذي يبدو مستقبله محاصراً بالخوف.
كيف نعيشُ مَعاً؟ ثبُت أن لا جواب، حتى الآن. الإنسانية، بكل فلسفاتها وأديانها وعقائدها وأنظمتها، لم تجترح جواباً عن هذا السؤال؟