يقف لبنان على تقاطع وتعارض مصالح إقليمية تُعقّد المسارات التي يريد أن يسلكها في إطار تشكل الشرق الأوسط الجديد، في ضوء الفراغ الذي تركه انكفاء النفوذ الإيراني في المنطقة.
يقف لبنان على تقاطع وتعارض مصالح إقليمية تُعقّد المسارات التي يريد أن يسلكها في إطار تشكل الشرق الأوسط الجديد، في ضوء الفراغ الذي تركه انكفاء النفوذ الإيراني في المنطقة.
عاموس يادلين؛ تولى مسؤولية شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) كما شغل منصب رئيس "معهد أبحاث الأمن القومي" في تل أبيب. حالياً يكتب في موقع "القناة N 12" وفي مواقع أخرى. في مقالته الأخيرة، يُسلّط الضوء على السيناريوهات التي ستنتجها القمة الأميركية الإسرائيلية في الساعات المقبلة.
لم يعد الخطاب السياسي والإعلامي الغربي–الصهيوني يتعامل مع اللغة بوصفها وسيلة وصف محايدة للواقع، بل بات يوظّفها كأداة استراتيجية استباقية، تُستخدم لإعادة تشكيل الوعي الجغرافي والهوياتي قبل أي تغيير ميداني فعلي. فالكلمات هنا لا تشرح التحولات، بل تصنع شروطها الذهنية، وتُعدّ الرأي العام لتقبّل خرائط وحدود لم تولد بعد على الأرض، لكنها رُسمت سلفًا في العقول.
لا تُقاس الصراعات الكبرى دائمًا بميزان القوة العسكرية أو باتساع رقعة الاشتباك أو بعدد الضحايا وحجم الدمار، بل بطبيعة العلاقة التي تربط أطرافها قبل لحظة الانفجار. فغالبًا ما تكون النزاعات الأخطر تلك التي تنشب بين أبناء المسار الواحد. عندها، لا يعود الصراع مواجهةً بين مشروعين متعارضين، بل يتحوّل إلى نزاع على تعريف الأصل ذاته، وعلى من يمتلك حق تمثيله واحتكاره.
الكل بانتظار ما ستسفر عنه القمة الأمريكية ـ الإسرائيلية في ٢٩ من هذا الشهر في وشانطن لمحاولة استكشاف مستقبل التطورات في العام القادم، في المسارات الساخنة والقابلة لمزيد من التسخين بدرجات وسرعات وأوقات مختلفة على الجبهات المشتعلة والمترابطة بأشكال عديدة. وهي المسارات التي تفصل بينها إسرائيل لأسباب تتعلق برؤيتها الأيديولوجية (وبخاصة مع الحكومة الحالية) والاستراتيجية ومصالحها الأمنية الأساسية والحيوية.
لن يكون ممكناً الجزم بانطلاق المرحلة الثانية من وقف اطلاق النار في غزة، قبل أن تنتهي زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن نهاية هذا الشهر وما سيصدر عنها من مواقف أميركية وإسرائيلية تتعلق بمآلات التسوية في غزة وجبهة لبنان وجبهة إيران ومستقبل العلاقة بين تل أبيب والحكم الجديد في دمشق.
لطالما فرضت الأحداث في الشرق الأوسط، تعديلاً في أولويات السياسة الخارجية للإدارات الأميركية ومن بينها إدارة الرئيس دونالد ترامب. المثال الأسطع على ذلك، الهجوم الذي نسب إلى تنظيم "داعش" في تدمر بالبادية السورية في 13 كانون الأول/ديسمبر الجاري، وما تلاه من ضربات "انتقامية" واسعة ضد معاقل للتنظيم في عدد من المحافظات السورية.
لم يعد تنظيم «داعش» ظاهرة أمنية عابرة أو تنظيمًا مسلحًا يمكن تحييده عبر التفوق العسكري وحده، بل بات نموذجًا مركّبًا للتطرّف العنيف، يقوم على تزاوجٍ خطير بين المال، والسلطة، والهشاشة الاجتماعية، والفراغ الفكري.
السّلطة التّنفيذيّة الحاليّة في لبنان، والسّلطة الانتقاليّة الحاليّة في سوريا: كلاهما اليوم أمام "لحظة حقيقة" بكلّ ما للكلمة من معنى، إن كان بالنّسبة إليهما وإلى أهمّ أركانهما وداعميهما الاقليميّين والدّوليّين، أو بالنّسبة إلى الشّعبَين اللّبنانيّ والسّوريّ، أو حتّى بالنّسبة إلى مستقبل شعوب ودول المنطقة ككلّ. هل سيُثبت خيارهما التّفاوضيّ أنّه الأنسب والأنجح بالنّسبة إلى أحوالنا مع هذا الكِيان الاسرائيليّ.. كلبنانيّين وكسوريّين، بل كمشرقيّين أجمَعين؟ إنّها لحظة حقيقة سياسيّة ولكن أيضاً ثقافيّة وأخلاقيّة.
بعيدًا عن عنوان احتفالية السنة الأولى: "عام على التحرير"، فإنّ الأهم هو محاولة استشراف المستقبل السوري، من خلال قراءة أداء رئيس المرحلة الانتقالية على مدى السنة المنقضية. فقد بدا أنّ لسوريا اليوم رئيسًا يُخاطب الخارج اسمه أحمد الشرع، ورئيسًا للداخل اسمه "أبو محمد الجولاني"، والفارق بينهما أنّ الأول يلبس بدلة رسمية وربطة عنق، ويتوسّل الاعتراف الدولي والإقليمي به، فيما الثاني ما يزال يرتدي البذّة العسكرية ويعتمدها لغة لتعامله مع مكوّنات المجتمع السوري.