سوريا Archives - 180Post

800-32.jpg

في ظلّ التحولات الإقليمية المتسارعة، ووسط تصاعد الأخطار التي تُهدّد الكيان اللبناني من الجنوب والشرق، عاد إلى الواجهة مجددًا النقاش حول موقع لبنان ودوره في الصراعات الإقليمية، سواء بأن يكون جزءاً من خطة الشرق الأوسط الجديد أو في موقع معارضتها والسعي لإسقاطها أو أن يكون ضد الإثنين معاً.

800-28.jpg

يأتي اللقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض، الثلاثاء المقبل، في لحظة تنخرط فيها أميركا بقوة في إعادة ترتيب الشرق الأوسط، بعد عامين من الحروب الإسرائيلية، وما أسفرت عنه من اختلال كبير في موازين القوى بالمنطقة.

801-1.jpg

في الأسابيع الأخيرة، بدا أنّ المبعوث الأميركيّ توم برّاك يرفع منسوب الضّغط على لبنان بخطابٍ مزدوجٍ يجمع بين التّشديد على «نزع سلاح حزب الله» والدّعوة إلى «إصلاحاتٍ اقتصاديّةٍ ومؤسّسيّةٍ عميقةٍ»، وبين التّحذير من أنّ «العالَم سيمضي قُدُماً إنْ لم يتحرّك لبنان سريعاً». تلك الّلهجة الحازمة في التعامل مع الملف اللبناني لم تكن مجرّد رسائل دبلوماسيّةٍ عابرةٍ، بل إعلاناً صريحاً بأنّ واشنطن «لن تبقى إلى ما لا نهاية» وأنّها «لا تطلب سوى مصافحةً متكافئةً» بين لبنان وإسرائيل تمهيداً لتسويةٍ شاملةٍ، في ترجمةٍ عمليّةٍ لطموحات رئيس الولايات المتّحدة دونالد ترامب.

ahmad.png

وقف أحمد الشرع، الرئيس السوري الانتقالي، على شرفة قصر المهاجرين في دمشق، يطل على المدينة التي لطالما شهدت حروباً. دمشق، منارة الأمويين وصرح الحكام، تتلألأ تحت ضباب الليل وأضواء الشوارع المبعثرة، محافظة على غموضها وجمالها برغم التآكل والحزن المتراكم على حجارتها. تتنفس المدينة الهواء البارد القادم من نهر بردى، ويشعر الحاكم الجديد بثقل الأيام التي حملها على ظهره. وعلى الرغم من انتصاراته، ينتابه شعور مركّب من الانتصار والفراغ والمجهول، لكأنّ دمشق تهمس له: "لقد وصلت، لكن من أنت حقًا"؟

800-29.jpg

تتشابهُ تجارِبُ اليمينِ في العالمِ معَ بعضِ التمايُز، وتتمايزُ تجارِبُ اليسـار معَ بعضِ التشابه. الأمرُ طبيعيٌ وَفقاً لِديالكتيكِ التاريخ، فالخُصوصيَّاتُ الوطنيّةُ والثقافيّةُ والاجتماعيّةُ والهُويّاتيّةُ تفرِضُ نفسَها على أيِّ قوَّةٍ يساريّةٍ تريدُ التحرُّرَ من أيِّ شكلٍ من أشكالِ الاستغلال، فتختارُ أساليبَ العملِ التي تناسِبُها، ومنْ ثَمَّ تختلِفُ التجرِبة ُاليساريَّةُ في مجتمعٍ مُعيَّنٍ عنْها في مجتمعٍ آخر. لا ضَيْرَ في ذلكَ فالفارِقُ العامُّّ بينَ التياريْنِ العالمييْنِ لا يتأثَّرُ بل يبقى واضحاً وراسخاً.

800-24.jpg

نكرّر منذ فترة غير قصيرة نسبيّاً التّنبيه إلى خطورة الاستخدام المثاليّ - بمعنى غير الواقعيّ - بل والدّوغمائيّ المتطرّف في الغالب: لمفهوم "الدّولة" (و"بناء الدّولة" بطبيعة الحال) من قبل بعض اللّبنانيّين، لا سيّما منذ بداية السّنة الجارية. وقد سبق أن أشرنا إلى أنّ "بناء الدّولة" تحديداً بات يُستخدم أكثر فأكثر من قبل الجهات الاستعماريّة المتجدّدة في لبنان وفي المنطقة، بهدف تغطية السّياسات الاستغلاليّة والاستبداديّة والاحتلاليّة لهذه الجهات... والهادفة طبعاً إلى حماية مشروعها المركزيّ "إسرائيل"، ربّما قبل أيّ شيء أو أيّ جهة أخرى في هذه البقعة من الأرض. ويبدو أنّ الـShow مستمرّ ليس فقط على لسان توم برّاك، بل أيضاً وللأسف، على لسان كثير من مسؤولينا وسياسيّينا وناشطينا الحاليّين... عن حسن أو عن سوء نيّة (والله أعلم بباطن النّفوس).

800-23.jpg

إثر زيارته إلى البيت الأبيض، الاثنين الماضي، ألزم الرئيس الانتقالي لسوريا، أحمد الشرع، نفسه، بأمور لا يقوى على القيام بها، حتى لو وقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى جانبه طول الوقت، ربطاً بكم العراقيل والعقبات والتعقيدات التي تتعلق بالجهات الخارجية الفاعلة في سوريا من جهة، أو فيما يتعلق بالوضع السوري الداخلي من جهة ثانية. وأبرز تلك الأمور، انضمام سوريا إلى "التحالف الدولي" لمحاربة تنظيم "داعش" والتحضير لإبرام اتفاق أمني مع إسرائيل.

800-22.jpg

لا يمضي يوم منذ إعلان دمشق «التعاون السياسي» ضمن منظومة الحرب على «داعش» إلّا ويترك الحدث ورقةً جديدةً على طاولة الفقه والخطاب داخل الأوساط الجهادية، ولا سيما في ضوء زيارة الرئيس الإنتقالي أحمد الشرع إلى الولايات المتحدة.. مسارٌ لا أحد يستطيع التنبؤ منذ الآن بمآلاته وخصوصاً عندما تتصادم المفردات السياسية الجديدة مع وقائع الميدان المعقدة جداً.

700-3.jpg

اكتشفت مؤخراً، بل ومؤخراً جداً، أنه بعد عقود عديدة قضيت بعضها أدرس علوم السياسة وقضيت أكثرها أعمل في جانب أو أكثر من جوانبها وأعيش في دهاليزها ما زالت تحدث أمور وتغيب، أو تحدث وتستقر، ويبقى فهمي لها متعثراً.

740.jpg

رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض. زيارة تحوّلت، بالصور التي تخللتها والمضمون الذي تم التركيز عليه، مادةً مثيرةً للجدل في سوريا وخارجها. الزيارة، التي حملت طابعًا استثنائيًا من حيث التوقيت والدلالات السياسية، عكست حجم التحولات في الموقف الأميركي من دمشق، لكنها في الوقت نفسه فتحت الباب أمام تساؤلات حول ما إذا كان هذا التقارب يعكس فرصة تغيير كبيرة أم باكورة تبعية سياسية طويلة الأمد؟