روسيا لا تنتصر وأوكرانيا لا تنهزم. هذه خلاصة السنة الأولى من الحرب التي تستنزف البلدين بينما بات قرار حسم المعركة يتوقف على الدول الداعمة إما لموسكو أو لكييف.
روسيا لا تنتصر وأوكرانيا لا تنهزم. هذه خلاصة السنة الأولى من الحرب التي تستنزف البلدين بينما بات قرار حسم المعركة يتوقف على الدول الداعمة إما لموسكو أو لكييف.
في الساعات الأولى من يوم 6 شباط/فبراير، وبينما كان الناس نياماً، وقع أحد أكبر الزلازل منذ القرن الماضي في نقطة قريبة من الحدود التركية - السورية. كانت قوة هذا الزلزال على خط صدع البحر الميت 7.8 درجات. بعد تسع ساعات، وقع زلزالٌ ثانٍ بقوة 7.7 درجات، ولكن هذه المرة على خط صدع شرق الأناضول.
أكدت التفسيرات العلمية للحدث الزلزالي الأخير، بالقرب من الحدود السورية، تعرض صفيحة الأناضول المستمر منذ بدء تشكل الأرض، لضغط الصفيحة العربية من الجنوب، التي هي على تماس مع الصفيحة الأفريقية، أو ما يسمّى الفالق العربي الأفريقي، الممتد عبر البحر الأحمر، قاطعاً الأردن وسوريا في اتجاه الشمال، بالإضافة إلى تعرضها للضغط المستمر من الصفيحة الأوراسية، ما أدى إلى تلاقي القوتين الضاغطتين، والدفع نحو انفجار طاقة هذه القوى بزلزال أرضي، تسير ارتداداته على خطوط الفوالق، في منحى لعودة الاستقرار في هضبة الأناضول ومحيطها.
الأنظمة السياسيّة البرلمانيّة ليست خيراً مطلقاً، كما ليست الأنظمة الرئاسيّة شرّاً مطلقاً. في الأنظمة البرلمانيّة يُمكِن لأقليّة حصلت على مقاعد انتخابيّة أن تُعَطِّل السلطة التنفيذيّة أو أن تدفعها لخيارات متطرّفة، خاصّةً إن كان التمثيل البرلمانيّ ينتُج عن تمويل أو هيمنة قوى سلطة فئويّة داخليّة أو عن تدخّلات خارجيّة لدولٍ نافذة. في حين أنّ النظام الذي يقود فيه رئيسٌ (أو ملِكٌ) السلطة التنفيذيّة يُمكِن له، بسهولةٍ أكبر في أغلب الأحيان، أن يقوم بإصلاحات جوهريّة ضروريّة لأخذ البلاد إلى نهجٍ أفضل.
عدد قتلى الزلزال الذي دمّر مناطق شاسعة في جنوب شرق تركيا وشمال غرب سوريا آخذ في الإزدياد، أكثر من 35 ألفاً حتى الآن، ومن المرجح أن يصل إلى 40 ألفاً خلال أيام قليلة. والمؤكد أنه عند الإنتهاء من رفع كل الأنقاض وإنتشال كل الجثث، فإن عدد الضحايا سيتجاوز الـ 75 ألفاً.. ولن يكون مفاجئاً إذا وصل إلى 100 ألف قتيل، وربما أكثر من ذلك بكثير.
بين الإنسانى والسياسى تبدت مفارقات فادحة بعد الزلزال المروع، الذى ضرب مناطق شاسعة فى تركيا وسوريا، وأعلنت تحديات وجودية عن نفسها مجدداً.
بعد الإتصالات الهاتفية من ملوك ورؤساء عرب ولا سيما الإتصال الهاتفي الأول بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس السوري بشار الأسد غداة الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، ساد لوهلة الإعتقاد بأن المنطقة قد تكون على عتبة زلزال سياسي أملته الكارثة الطبيعية من شأنه أن يخرج دمشق من عزلتها العربية والدولية، لكن برغم هول النكبة، فإن "ديبلوماسية الزلازل" بقيت محدودة الأثر.
يعرف رجب طيب أردوغان، تماماً، أن الأزمة الاقتصادية التي تواجهها تركيا، كما قضية اللاجئين السوريين وثقلهم الديموغرافي والإجتماعي، تُعرّضه وحزبه إلى وابل من الانتقادات اللاذعة، قد تخرجه من السلطة في الإنتخابات الرئاسية في الربيع الآتي. فيما أتت الزلازل لتزيد من حدّة المواجهة وصعوبتها أمام الرئيس التركي وحزب "العدالة والتنمية" الحاكم، خاصة أن الاستجابة الرسمية لم تكن سريعة أو كفوءة.
التطبيع الاقليميّ شرط بديهيٌّ لنقل سوريا من وضعها المأزوم والسيّء حاليًا، على مختلف المستويات، إلى وضعٍ أقلَّ سوءًا. وبمعزل عن شروط تحقّق هذا الأمر بعبارته المقلقة، هذا ما يسمعه المسؤولون السياسيون في سوريا، وما تقوله جهرًا وإخفاتًا، فئة وازنة من السوريين.
لقد أحدث تسارع خطوات، تبدو "تصالحيّة"، بين السلطات التركيّة والسوريّة بلبلةً كبيرة غير مفاجئة في الأوساط السوريّة. بلبلةٌ لدى كافّة الأطراف الشعبيّة، كلٌّهم له أسبابه المختلفة، مما قد تعنيه هكذا "مصالحة" على مستقبلهم، وقلقٌ يتعاظم في أوساط الفصائل "المعارضة" في الشمال الغربي وكذلك لدى "قوّات سوريا الديموقراطيّة" (قسد) التي تهيمن على الشمال الشرقي.