
الإنسان إلى حد كبير صدى التاريخ؛ يُولد في بيئة طبيعية واجتماعية، تختلف وتائر التطوّر في كل منهما. لكن كثير من سمات سلوكه هي انعكاس تلك البيئة في شخصه. أول ذلك، مثلاً، اللغة، الاسم والدين، إلخ..
الإنسان إلى حد كبير صدى التاريخ؛ يُولد في بيئة طبيعية واجتماعية، تختلف وتائر التطوّر في كل منهما. لكن كثير من سمات سلوكه هي انعكاس تلك البيئة في شخصه. أول ذلك، مثلاً، اللغة، الاسم والدين، إلخ..
منذ فجر التاريخ، شكّل الدين ركنًا أساسيًا في تشكيل الهويات الجماعية، وكان له دور بارز في توجيه السلوك الإنساني، سواء في تعزيز قيم السلام أو في تأجيج الصراعات. لم يكن الدين في معزل عن السياسة، بل كان أحد أقوى الأدوات التي استخدمت عبر العصور لحشد الجماهير وإضفاء الشرعية على الحروب، حتى تلك التي لم تكن دوافعها دينية خالصة.
يُحدّد المرء هويته بالآخر (هو)، أي بالعلاقة به. مجموع العلاقات بين الآخرين هو المجتمع. الإطار الناظم للمجتمع هو الدولة. لا شرط على الدولة، فهي شرط لما عداها، كأن تكون قوية أو عادلة أو غير ذلك. لا تستقيم الهوية إلا بالدولة، وتحديداً الدولة الحديثة. فما قبل الحداثة لم يكن لهذا البحث صلة.
لماذا سقط نظام بشار الأسد بمثل هذه السهولة؟ ولماذا تخلى عنه الجميع؟ والأهم: لماذا تخلى عنه شعبه بمثل هذه السهولة؟ وربما يكون السؤال الأهم: لماذا يسقط الطغاة رغم ثقتهم المطلقة بأنهم مخلدون فى الأرض حتى الأبد؟
غالباً ما تُشكّل الايديولوجيا عبئاً على أصحابها، بخاصة الذين منهم يُغلّبون التمنيات على الواقع، ولا يعتبرون الأفكار مستمدة منه، وعلى الأخص لدى الذين يسحبون الأفكار على الحقائق، ويعتبرون أنها ما ينبغي لها أن تكون إلا انعكاساً لما في ذاتهم؛ وهذه هي مآل اللبنانيين بمختلف أطيافهم بل طوائفهم، لأن الأطياف حدودها الطوائف لا غير.
نعم، العلاقة عضوية لا بدية منها بين الدين والشارع وليس مقصودنا بالشارع - إن صح التعبير- سوى العامة التي يخرج منها المثقف ليعود إليها بلا فصل واستعلاء، بل يخاطبها بلغتها لينتشلها إلى ما ينبغي أن يحفظ كرامتها وحقوقها، ولكن للأسف ترى الفجوة كبيرة وتتسع بين من يدعي ثقافة دينية أو ثقافة عامة وبين بيئته وناسه فضلاً عن الفضاء العام الجمعي.
يتعالى الحُكّام على شعوبهم. افترضوا أنهم يحكمون مجتمعات يتآكلها الفقر والمرض، وأن الحداثة تقتصر عليهم وعلى حاشيتهم. أطلقوا برامج تحديث من فوق. تجاهلوا أن مجتمعاتهم أكثر حداثة منهم، وأن توقها للحرية يفوق كل اعتبار، وأن قمعهم لشعوبهم واضطهادهم لها ليس له ما يبرّره إلا التسلّط والتعالي. انفكت عرى التفاهم مع شعوبهم وصار الواحد منهم لا يختلط بالناس ولا يظهر في المناسبات إلا خطيباً من وراء الستار.
إعادة تكليف رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي بتشكيل حكومة جديدة، قبل أيام قليلة، ليس إلا مؤشراً جديداً على حقيقة الأزمة الشاملة التي تعيشها مصر حالياً؛ وتأتي شموليتها من أنها أزمة في طرف الحُكم تقابلها أزمة في طرف المحكومين.
ليست الحضارة في تطاول البنيان وتعاظم الإستهلاك، ولا هي في إتساع الشوارع وإستضافة المسابقات والمؤتمرات الدولية أو اللهاث وراء الماركات العالمية من مأكل وملبس. ليس ذلك إلا نوعا من سحر الأعين الذي برع به سحرة فرعون ففتنوا عقول الناس بسحر أعينهم حتى لا يكشفوا زيف ما يقدمونه لهم.
لا تنجح الثورة في تحقيق أهدافها المباشرة إلا نادراً. لكنها تُغيّر مجرى التاريخ. بعد ثورة العام 1968 لم يعد العالم كما كان قبلها. وبعد ثورة 2011 ليس كما قبله. بعد الأولى توسعت الحريات وخصوصاً في المركز الغربي، أما بعد الثانية فقد ازداد منسوب القمع والاستبداد. الأولى حصلت قبيل مجيء النيوليبرالية المشؤومة. الثانية جاءت بينما كانت النيوليبرالية ما تزال تتوسّع وتتعمّق.