
يبدو أن نمطًا جديدًا من العلاقات الدولية واللغة الديبلوماسية بدأ يطغى على القواعد المعروفة والأعراف والتقاليد الدولية منذ تولّي الرئيس دونالد ترامب مقاليد البيت الأبيض.
يبدو أن نمطًا جديدًا من العلاقات الدولية واللغة الديبلوماسية بدأ يطغى على القواعد المعروفة والأعراف والتقاليد الدولية منذ تولّي الرئيس دونالد ترامب مقاليد البيت الأبيض.
منذ وصوله للحكم بداية فى عام 2017، وبعد نجاحه فى الوصول للبيت الأبيض للمرة الثانية فى 2025، تجدد السؤال من الخبراء والمراقبين خارج وداخل الولايات المتحدة حول طبيعة محركات الرئيس دونالد ترامب فى قضايا السياسة الخارجية، وضاعف من صعوبة السؤال غياب وجود إطار أيديولوجى ينزع إليه ترامب أو يلتزم به. وتجدد النقاش مع بدء فترة ترامب الثانية وتبنيه نفس مبدأ «أمريكا أولا» مضيفا إليه توجهات رئاسية بالتدخل والتوسع فى الخارج.
علّمونا في المدارس ثم في الجامعات ثم في سنوات الممارسة العملية كما العلمية قراءة وتحليل علامات الطرق الموصلة إلى المستقبل. كنا نخطئ، وفي بعض الأحوال ومع مرور الوقت والاجتهاد كنا نصيب. أصبنا في بعض محاولات استشراف مستقبل المراحل الانتقالية في النظام الدولي وهي بلا شك الأصعب في الرؤية أو التخمين وأخطأنا في أكثرها.
يسعى هذا البحث إلى تقديم صورة مختلفة نسبيًا عما يتم تداوله بخصوص سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. يستند هذا البحث إلى مفهومين: مفهوم اللامنهجية، ومفهوم الفهم بدلاً من التفسير!
المبالغة متعمدة في هذا العنوان. الغموض أيضاً متعمد. المبالغة متعمدة فما نمرُ فيه من أحداث يرقى أكثرها إلى مستوى الكوارث بينما تتعمد الدول صاحبة الشأن النزول بها إلى مستويات أدنى كثيراً من مستوى هذه الكوارث.
أعلمُ عن ثقة أن قصور حكم وسياسة في دول عربية غير قليلة عاشت حالات توتر وعدم يقين خلال الأيام الأخيرة تحت ضغط تطورات، أكثرها مغلف برقائق كثيفة من التهديد والوعيد ومصادره معلنة ربما إلى حد الابتزاز واستخدام لغة إرهاب صريحة، وبعضها من صنع ملايين من سكان الأزقة والشوارع العربية استنفرهم القلق والخوف وحب أوطانهم.
سوريا في العام 1957 وسوريا في العام 2024. الكثير تغيّر فيها وفي الشرق الأوسط، ولكن الكثير أيضا فيهما لم يتغير. كيف؟
من التاريخ نتعلم. تعلمنا في الجامعات ومن وقائع التاريخ وسجلاته، أن انحسار القوى الاستعمارية التقليدية وصعود كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي لاحتلال مواقع القيادة الدولية، كلاهما الانحسار والصعود، استلزما ليكتملا فترة طويلة تخللها عنف الحروب الدولية وقسوة إجراءات تدمير بنى ومؤسسات وإقامة هياكل جديدة.
قبل ثلاثين عاما أو أكثر كانت الآمال ما تزال كبيرة في أن النظام الإقليمي العربي قادر على الصمود في وجه تحديات لم تكن قليلة ولا بسيطة. كان النظام العربي في حد ذاته، ناهيك عما يحيط به من كواكب داعمة له أو على الأقل تؤنسه في وحدته، قادرا بالأمل وبحركة الشعوب وقومية دافعة ومدافعة على التصدي لقضايا جاهزة لإضعافه لصالح مشروع نظام إقليمي آخر.
غريبٌ أمر الكتابة في هذه الأيام في موضوع الانتقال من نظام عالمي إلى نظام عالمي آخر. ففي كل مرة حاولت الاقتراب من الكتابة فيه قابلتني ضرورة أن أحصّن نفسي وما أنوي كتابته بعدد من الملاحظات، سمها تحذيرات أو احتياطات أو تحفظات. لتوضيح ما أقول أستأذن في طرح تدقيق في العنوان المتصدر لهذه الصفحة؛ آمل أيضاً في أن يمتد الإذن فيسمح لي بنشر تمهيد مرغوب.