
مع التطورات المتسارعة في الشمال السوري، يبرز سؤال بديهي حول ظاهرة تنظيم "داعش" ومعها كل طفرة التطرّف الإسلامي السنّي الدموي. هل يمكن لهذه الظاهرة أن تتجدد بمسميات جديدة؟
مع التطورات المتسارعة في الشمال السوري، يبرز سؤال بديهي حول ظاهرة تنظيم "داعش" ومعها كل طفرة التطرّف الإسلامي السنّي الدموي. هل يمكن لهذه الظاهرة أن تتجدد بمسميات جديدة؟
ما يزال الميدان السوري محتدما، وتحديداً في محافظة إدلب في هذه الأيام. أسئلة كثيرة تطرح بشأن مصير مئات لا بل آلاف المجموعات الإرهابية من عشرات الجنسيات في الشمال السوري. لبنان يحبس أنفاسه في هذه الأيام مخافة أن تتسلل إليه أو تتحرك نحوه، خلايا إرهابية نائمة. قبل أقل من شهر، أوقفت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني أحد الإرهابيين، فتبين أنه صاحب سجل حافل.
تزايدَ نشاطُ المفارز الأمنيّة التابعة لتنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) في مناطق شرق الفرات في الآونة الأخيرة. ولا يحمل ذلك مؤشراً على مراكمة التنظيم قدرات وإمكانات جديدة أتاحت له رفع مستوى عملياته وحسب، بل على الأرجح أن هذه الاستفاقة الأمنية تضرب جذورها عميقاً في تربة "الصفقات القذرة" و"الانتصارات الملتبسة" بقيادة وإشراف التحالف الدولي، والمحصّلة أن قيادة "داعش" الجديدة وجدت نفسها أمام هامش واسع يتيح لها العزف على وتر الفوضى الإقليمية.
تقلّصُ السيطرةِ المكانيّة للجماعات الجهاديّة إلى أدنى مستوياتها، ومقتل أبي بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش، كانتا من أبرز المحطّات التي شهدها العام 2019 على صعيد انحسار "الجهاديّة" وتراجع دورها في مسار الأحداث في المنطقة. لكن برغم أهمية هذه الانجازات، فإنّ شبح التهديد الجهاديّ ما زال يخيم بظلاله السوداء على المشهد العام في المنطقة وسط مخاوف من إمكان عودته للتصدّر في ما لو توفرت له الظروف المناسبة.
هدّد تنظيم "داعش" بتدشين مرحلة جديدة ستكون البوصلة فيها موجّهةً نحو إسرائيل حسب ما قال المتحدّث الرسمي باسمه. ولا يخرج هذا التهديد عن سياق براغماتية التنظيم وموهبته في ليّ عُنق الأحداث لخدمة أجندته، خاصة أنه صدر قبيل الإعلان عن "صفقة القرن" بساعات قليلة فقط. فما هو المغزى من وراء ذلك؟ وهل تقتصر غاية التنظيم على إحياء ماكينته الدعائية مستغلاً قداسة "بيت المقدس" لترميم قاعدته أم ثمة احتمالات أخرى أشد خطورة قد تهدد بإشعال حرائق التكفير والطائفية في أكثر من مكان من دول الطّوق؟
تُجمع التوقّعات على أن زعيم "الدّولة الاسلاميّة" (داعش) الجديد أبو إبراهيم الهاشميّ القرشيّ ما هو سوى القيادي المعروف باسم حجّي عبداللّه. لذلك لم يكن مستغرباً أن ينصبّ الاهتمام الإعلامي طوال الأسابيع الماضية على محاولة معرفة الهويّة الحقيقية لهذا الأخير، رغم أن الخيارات تتراوح بين احتمالات قليلة جداً.
مع تعيين زعيم جديد لتنظيم "داعش" هو أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، خلفاً لأبي بكر البغدادي، تعمل مجموعات هذا التنظيم الإرهابي، وفق صيغة "الذئاب المنفردة" للوصول الى اي هدف، ومحاولة بث الروح في ما تبقى من "خلايا نائمة".
كان تنظيم "الدولة الاسلامية" مرتعاً للاختراقات التي قادت معظمَها أطرافٌ جهاديّة وأجهزة استخبارات عربية وغربية. وتناغمَ بعضُ هذه الاختراقات مع خلافاتٍ منهجية كبرى عصفت في بنية التنظيم وزعزعت هيكلته التنظيمية. وقد بلغ الصراع على الامساك بناصية التنظيم ذروته أواخر عام 2018 عندما تدخل الحجي عبدالله وأجهض محاولة "رجل قطر" الانقلابية معيداً التنظيم إلى قبضة "الحجاج" العراقيين، فهل أن الحديث يدور عن خلافات منهجية أم انقلابات؟
قارب الباحث الفرنسي ومؤلف كتاب "تاريخ سوريا في القرنين التاسع عشر والعشرين" ماتيو راي المشهد المتأزم بين طهران وواشنطن في الأسابيع الأخيرة، في مقالة له نشرها موقع "أورينت 21"، بوصفه فصلاً من فصول الصراع الأمريكي الإيراني المفتوح منذ أربعين سنة، تاريخ إنتصار الثورة الإيرانية. وتضمنت المقالة الآتي:
"حاول لمّا تقرأ الكتاب أن تُبعد كل المشاغل عنك .. لا تنشغل بغير القراءة". لكن صاحب هذه المقولة سرعان ما قاده "تركيزه في القراءة" إلى أحضان تنظيم "الدولة الاسلامية" حتى أصبح من كبار قادته. إنه شفاء علي بشير النعمة "أبو عبدالباري" الذي عُرف بعد القبض عليه يوم الخميس الماضي بلقب "مفتي داعش البدين".