لا بد من السؤال: هل نحن أغبياء إلى درجة أننا لم نعد نفهم حاجاتنا، أو أن المسؤولين عباقرة إلى درجة أنهم أشعرونا بغبائنا الفادح؟
لا بد من السؤال: هل نحن أغبياء إلى درجة أننا لم نعد نفهم حاجاتنا، أو أن المسؤولين عباقرة إلى درجة أنهم أشعرونا بغبائنا الفادح؟
استغلت مصارف لبنان حمأة غبار الفوضى المالية والاقتصادية والسياسية المندلعة منذ خريف العام الماضي، للتنصل جزئياً أو كلياً من مسؤوليتها المباشرة عما آلت اليه مصائر ودائع الناس، خصوصاً الدولارية منها.
دعا رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري اللجان النيابية المشتركة في مجلس النواب إلى جلسة تعقد قبل ظهر غد (الأربعاء) لدرس موضوع الدعم والاحتياطي الالزامي لمصرف لبنان.
هلَّت طلائع المطالبات بالتدقيق الجنائي الشامل في حسابات وزارات مثل الطاقة والاتصالات والأشغال والمالية والشؤون الإجتماعية، وسنسمع المزيد منها ليطال كل الصناديق والمجالس والمؤسسات العامة أو المستقلة المندرجة منذ ثلاثة عقود في خانة "المحاصصات"!
رمى الرئيس اللبناني ميشال عون كرة التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات مصرف لبنان المركزي في ملعب مجلس النواب، بدعوته، إلى تحديد موقفه من هذه القضية، في ضوء قرار شركة "الفاريز أند مرسال" بالإنسحاب من مهمتها. وقد سارع رئيس البرلمان نبيه بري إلى تلقف الرسالة بدعوة الهيئة العامة لمجلس النواب للإنعقاد يوم غدٍ الجمعة لتلاوة رسالة رئيس الجمهورية ومناقشة مضمونها.
سقط التدقيق الجنائي حتى قبل أن يبدأ. فقد وجهت شركة "الفاريز آند مرسال" كتاباً رسمياً، اليوم (الجمعة) إلى وزير المال اللبناني د.غازي وزني إعتذرت فيه رسمياً، عن متابعة مهامها، متذرعة بالأسباب التي كانت قد أبلغت المسؤولين اللبنانيين بها، سابقاً، وأبرزها عدم تعاون مصرف لبنان المركزي معها.
تبدو الطبقة السياسية اللبنانية الحاكمة (والمتناحرة في آن) أقل قلقاً على مستقبلها القريب مما كانت عليه قبل عدة أشهر. لماذا؟
ليس تعثر التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان إلا وجه من وجوه التعثر الوطني العام في تلمس سبل الخروج من الأزمة السياسية والإقتصادية والمالية والاجتماعية المحتدمة حد الانفجار الذي قد لا يبقي ولا يذر.
جملة يتيمة تفوه بها مدير شركة "ألفاريز أند مارسال" المولجة بالتدقيق الجنائي لحسابات مصرف لبنان دانيال جيمس، بعد إجتماعه اليوم (الأربعاء) بوزير المال غازي وزني: "جئنا لتقييم ما إذا تم توفير المعلومات الكافية من قبل مصرف لبنان بما يسمح للشركة بأن تباشر عملية التدقيق الجنائي". ماذا بعد هذه الجملة؟
ساد اعتقاد مؤخراً أن فرنسا راضية عن مقاربة جمعية مصارف لبنان الخاصة بانشاء صندوق سيادي قوام أصوله 1.1 مليار متر مربع من الأملاك العقارية العامة، تضع المصارف يدها عليه في جملة حلول التوافق على توزيع الخسائر التي تقدر بنحو 80 مليار دولار، على ان تتحمل المصارف خسائر في محفظة ما اقرضته مباشرة للدولة فقط، لا ما أودعته في مصرف لبنان.