جمانة بعلبكي

ثورة.jpg

عندما يحين موعد الإقتراع صبيحة الخامس عشر من أيار/ مايو المقبل لإنتخاب برلمان لبناني جديد، يكون الحراك الشعبي التشريني قد طوى سنتين وسبعة أشهر من عمره. مساحة زمنية كان يُمكن أن تُشكّل فرصة ذهبية لتغيير جوهري ينتشل البلاد من مستنقع السياسة الآسن، لكنها كانت فرصة مهدورة.

117328731_158003-.jpg

الرائحة النتنة المنبعثة من شريط النفايات الذي أخذ يحتل شوارع رأس بيروت نزولاً نحو كليمنصو فوسط العاصمة، كانت دليلنا إلى الدرك السحيق الذي نحن فيه. الدرك الذي إسمه اللادولة. دولة الغياب. دولة البلادة. دولة التخلي. دولة اللادولة.

GRYTWZFZJN-2033561772-1586683123810.jpg

مع إنتهاء المرحلة الأولى من إجلاء المغتربين اللبنانيين الراغبين بالعودة إلى لبنان، جوّاً، بسبب إنتشار وباء كورونا في بلدانهم، يمكن القول إن الحكومة اللبنانية حققت إنجازاً يسجل لها، برغم ما شاب هذه العودة من ثغرات يؤمل أن يتم تجاوزها في المرحلة الثانية التي ستبدأ بعد عشرة أيام.

2020-03_Risman_RemoteWork_Hero.jpg

بعدما جاب قارات العالم، ها هو فيروس كوفيد 19 (كورونا الجديد) يتفشى في القارة الإفريقية التي كانت التقديرات الأولية تشير إلى أنه لن يطالها، لأسباب عدة، منها دفء الطقس، إرتفاع نسبة الرطوبة، ومناعة الشعوب الإفريقية. ولكن ها هو الفيروس التاجي يتسلل إلى القارة السمراء ويتخطى عدد الاصابات في دولها الـ 1500 خلال ايام قليلة. يطرح هذا التطور إشكالية الجاليات اللبنانية المنتشرة هناك، كما في باقي أصقاع الأرض، والمتروكة لأقدارها.     

gettyimages-1206221812-630x370-1.jpg

ثمانية وخمسون يوماً هي المدة التي إستغرقتها الحكومة الفرنسية كي تعلن حالة طوارىء صحية شاملة. بين 24 كانون الثاني/يناير الماضي، تاريخ تسجيل أول إصابة بفيروس كوفيد 19 في مدينة بوردو لرجل عائد من الصين، ويوم الأحد الماضي، تاريخ إقرار البرلمان الفرنسي تدابير فرض الطوارئ الصحية لمدة شهرين، إتسم سلوك الحكومة الفرنسية بالبطء في التعامل مع الأزمة، حتى نُعت أداؤها بالخفة. سياسة أضرت بسمعة بلد يفاخر بتقدمه الصحي، وإذ به يتقدم الدول الموبؤة في أوروبا.

F0070229-Coronavirus_artwork.jpg

تنصب الجهود الدولية لمكافحة فيروس كوفيد 19 (كورونا) على إيجاد علاج سريع يخفف وطأة الوباء، في إنتظار التوصل الى لقاح يقي أبناء البشر منه، وهو أمر مستبعد قبل عام على الأقل، وفق ما أعلنت منظمة الصحة العالمية اليوم (الأحد). وكان لافتاً للإنتباه أن وسائل الاعلام ومنصات التواصل الاجتماعي ضجت في الأيام والساعات الأخيرة بأنباء عن التوصل الى هذا العلاج. فما مدى دقة هذا الأمر؟  

italy-pic-2.jpg

 أن تتعثر دولة مثل إيطاليا، المتقدمة علمياً وطبياً، وكل جاراتها في أوروبا، في التصدي لفيروس كورونا، مسألة تستدعي البحث عن أسباب الإخفاق، الإقتصادية، الثقافية، السياسية، وبالتالي، هل تخسر انظمة إقتصاد السوق والحريات الفردية والعامة، معركتها مع هذا الكائن المجهري، بخلاف تعامل الصين ونظامها الصارم؟   

FB_IMG_1584094266759.jpg

 بخطى متعثرة، تتجه بريطانيا العظمى، على ما يبدو، إلى إعتماد إستراتيجية مناقضة لما سلكه العالم حتى الآن في مواجهة فيروس (كوفيد 19) أو كورونا الجديد، بدءاً من تجربة الصين، مهد الفيروس التي تتجه لتصبح نموذجاً في مكافحته، وصولاً الى أوروبا التي تتخبط فيه مع تحولها الى البؤرة الرئيسية للوباء. هي إستراتيجية قائمة على التعرض للفيروس لا الإختباء منه، في ما يعرف علمياً بـ"مناعة القطيع". فهل هي فرادة الإنكليزي الذي يقود سيارته بمقود إلى اليمين، خلافاً للبشرية جمعاء؟ أم هي دعسة ناقصة.. دوافعها إقتصادية؟

jouj-1280x1027.jpg

بكثير من القلق، تابع جمهور لبناني كبير، لا سيما أهل الحراك الشعبي الذي أتمّ الشهرين من عمره، شاشات التلفزة المحلية وهي تنقل في مساءات الايام الماضية، أصوات القنابل المسيلة للدموع؛ الرصاص المطاطي؛ المفرقعات النارية؛ الحرائق؛ الدخان الناتج عنها؛ الشعارات المذهبية؛ وقد إحتلت فضاء وسط بيروت والشوارع والازقة المحيطة به. هي شوارع وأزقة باتت تختصر تناقضات البلد الطبقية والمذهبية، وقد إنفلتت من عقالها. باتت تُهدد بإنحراف هذه التجربة الأهلية التي حملت الكثير من الأمل للبنانيين، الى ألم ومآسٍ إختبروها في محطات دموية كثيرة.

ناجي-6.jpg

كالجمر تحت الرماد، تلتهب الأزمة الإقتصادية والإجتماعية في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، منذرة بانتفاضة كبيرة على غرار تلك التي يشهدها المجتمع اللبناني. كيف لا وأوكسجين المخيمات تحمله رئة هذا الجوار المأزوم في الإقتصاد والسيولة النقدية وفرص العمل.