باريس “لا تُحبذ” سيناريو ضربة إسرائيلية استباقية للبنان!

قبيل ساعات من موعد وصول الموفد الأميركي أموس هوكشتاين الى لبنان لمتابعة المفاوضات حول قضية ترسيم الحدود اللبنانية البحرية مع اسرائيل، تشير أجواء العاصمة الفرنسية الى تلمس رغبة مزدوجة لدى الجانبين اللبناني والإسرائيلي في التوصل الى اتفاق لإنهاء النزاع البحري الحدودي.

إلا ان الشيطان يكمن دائماً في التفاصيل، لذلك قد تتعقد الأمور لأسباب عدة. أولها، لدى البحث في التفاصيل التقنية (خصوصاً وان اعتماد هذه النقطة أو تلك في ترسيم الحدود البحرية قد يكون له مفاعيل على مستقبل ترسيم الحدود البرية)، ثانيها، كيفية تقاسم مساحات التنقيب والحؤول دون تشابكها، وثالثها، توقيت إعلان الإتفاق (ما بعد الانتخابات الرئاسية في لبنان والانتخابات التشريعية المبكرة في اسرائيل في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل؟). لذلك فان المساعي مستمرة على أكثر من خط لتذليل العقبات المتبقية وصولاً إلى تحقيق تقدم فعلي في المفاوضات غير المباشرة.

وحول دور شركة “توتال” الفرنسية حيال هذه القضية، ترى الاوساط الفرنسية المعنية بالملف اللبناني أن دور الشركة الفرنسية هو “دور حيوي ومساعد في نقل البحث من النزاع على ترسيم الحدود الى عملية اقتسام المصالح بين البلدين والتوزيع المتكافىء للثروات اضافة الى تنظيم عمليات التنقيب” على جانبي الحدود.

على صعيد آخر، ثمة تخوف فرنسي على لبنان في ضوء ما بلغ العاصمة الفرنسية من معلومات عن توجهات الادارة الاسرائيلية في المرحلة المقبلة. فاسرائيل، التي تتابع بكثير من الريبة والحذر المفاوضات الدائرة حول الملف النووي الايراني، تتحضر لكل الاحتمالات وترسم سيناريوهات متعددة لمواجهة ما تصفه بـ”تعاظم وتمدد الخطر الايراني الذي يشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي الاسرائيلي”.

ويبدو ان الحكومة الإسرائيلية برئاسة يائير لابيد تضغط لدى الادارة الاميركية، أولاً، للتحذير من الخطر النووي الايراني وخطورة توفير تغطية غربية تستغلها طهران لتعويم نفسها، عسكرياً واقتصادياً وسياسياً، وثانياً، لادخال موضوع النفوذ الإيراني إقليمياً في صلب هذه المفاوضات، وثالثاً، اذا كان لا بد من توقيع الاتفاق، فلا ضير من حصول ذلك غداة الانتخابات المبكرة في اسرائيل مخافة أن يرتد التوقيع سلباً على التحالف الإسرائيلي المناهض لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق زعيم تكتل “الليكود” بنيامين نتنياهو (من خلال اتهام لابيد بالتفريط بالمصالح الاسرائيلية العليا)، الأمر الذي يساعد التحالف اليميني المتطرف في الفوز بالأغلبية في الكنيست المقبل.

حسب ما رشح من تفاصيل السيناريو الاسرائيلي ان الهدف الاول لاسرائيل سيكون توجيه ضربة استباقية مباشرة لحزب لله هدفها الحد من فاعلية منظومته الصاروخية، ولا سيما الدقيقة منها، بحيث تُكرّس إمكانياتها بعد ذلك للضربة التي تستهدف المواقع الايرانية بالذات

كما ان الحكومة الاسرائيلية تجهد على صعيد آخر لتأمين شكل من أشكال “التحالف الغربي” حولها من دول صديقة لها (في مقدمها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا) يكون بمثابة الدرع الواقي لها (يحول دون رد طهران على أي ضربة عسكرية إسرائيلية) في حال قررت تل أبيب إستهداف إيران عسكرياً.

وعُلمَ ان باريس “لا تحبذ” هكذا توجه إسرائيلي انطلاقاً من اعتبارات عدة أولها ان هناك مبدأ ثابتاً تم اعتماده منذ عهد الجنرال شارل ديغول حتى اليوم وهو أن فرنسا لا تدعم ابداً اي جهة تكون هي البادئة بخوض الحرب او المواجهة العسكرية.

وحسب ما رشح من تفاصيل السيناريو الاسرائيلي ان الهدف الاول لاسرائيل سيكون توجيه ضربة استباقية مباشرة لحزب لله هدفها الحد من فاعلية منظومته الصاروخية، ولا سيما الدقيقة منها، بحيث تُكرّس إمكانياتها بعد ذلك للضربة التي تستهدف المواقع الايرانية بالذات.

الجدير ذكره أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، وفي أول زيارة خارجية له بعد توليه رئاسة الوزراء خلفاً لنفتالي بينيت، إلتقى في العاصمة الفرنسية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الخامس من تموز/يوليو المنصرم، وشدّد على أن “لكل من لبنان وإسرائيل مصلحة في التوصل إلى إتفاق يسمح بإستغلال موارد الطاقة لمصلحة الشعبين”.

استناداً الى كل ما سبق، تعتبر الاوساط الفرنسية المعنية بالملف اللبناني ان اولوية الأولويات لباريس هي العمل على “تحصين وتعزيز الاستقرار” في لبنان، البلد الذي تعتبره فرنسا “قريباً منها وغالياً عليها”، وذلك من اجل “معالجة اوضاعه الداخلية الهشة من جهة وإبعاد تأثير الازمات الخارجية المتعددة والفاعلة على ارضه من جهة أخرى”.

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  عندما تصبح هونغ كونغ أقرب سياسياً للرياض من بيروت
باريس ـ بشارة غانم البون

صحافي وكاتب لبناني مقيم في باريس

Download Best WordPress Themes Free Download
Download Nulled WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
Premium WordPress Themes Download
online free course
إقرأ على موقع 180  مقتل البغدادي: ماذا عن "لغز إدلب"؟