نتنياهو عندما يتجرع مرارة كأس بن غفير وسموتريتش

Avatar18014/09/2023
"هل بدأ نتنياهو يتجرّع مرارة تحالفه مع بن غفير وسموتريتش؟ وهل من مفرّ أمامه"؟. تحت هذا العنوان، نشر المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار) تقريراً أعده الزميل برهوم جرايسي أشار فيه إلى أنه برغم "الإحراجات" التي يتسبب بها كل من بن غير وسموتريتش إلا أن نتنياهو يبقى متمسكا بالقاعدة الائتلافية المتينة، "كي تحافظ على حكومته، التي يرى فيها حصنا في مواجهة إجراءات قضائية ضده، قبل انتهاء محاكمته".

“كشفت تبعات قرار الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، القاضي بتقليص زيارات أهالي الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، حجم تمرّده على رئيس حكومته بنيامين نتنياهو، فحينما نفى نتنياهو وجود قرار كهذا، كان رد بن غفير فوريا، بأنه هو صاحب القرار وسيتم تطبيقه. وهذه جولة جديدة مما يبدو وكأنها “حرج” لنتنياهو، إذ أن بن غفير يفاجئ شركاءه بالعديد من القرارات والتصريحات، التي تضع حكومته في موقع مساءلة مع أوروبا والولايات المتحدة؛ وليس بن غفير وحده، بل أيضا شريكه السابق، وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، الذي يدلي بدلوه في هذا المجال؛ لكن من غير الطبيعي أن يكون نتنياهو متفاجئا، فهو على يقين من جوهر شركائه حينما ضغط لتحالفهما في الانتخابات الأخيرة، ليحققا قوة برلمانية غير مسبوقة، صدمت الساحة السياسية الإسرائيلية.

مكانة سلطوية.. إستثنائية

قبل انتخابات الكنيست الـ 25 الأخيرة، التي جرت يوم 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، وقع انشقاق في التحالف بين سموتريتش وبن غفير، الذي تشكّل في انتخابات الكنيست الـ 24، التي جرت في أواخر آذار/مارس 2021. وحتى الأسابيع الثلاثة الأخيرة، قبل تقديم القوائم، ظهر وكأنه لا يمكن إعادة التحالف، إلا أن نتنياهو مارس ضغوطا جمّة على الاثنين ليستمرا في التحالف، وحتى أن يضما حزبا ثالثا صغيرا، وهو حزب “نوعام”، الأشد تطرفا، بين الأكثر تطرفا في اليمين الاستيطاني المتطرف.

وكان الاتفاق، كما ظهر لاحقا، إبرام تحالف تقني، بمعنى أنه تحالف لغرض اجتياز الانتخابات، ثم يتفكك إلى ثلاث كتل، وهذا ما حصل فورا بعد الانتخابات، ليجد نتنياهو نفسه أمام ضغوط شديدة جدا لتشكيل الحكومة، برغم أنه لم يكن أي خيار آخر أمام كل واحد من الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحاكم، ولم يكن في بال أحد أن لا تتشكل الحكومة في نهاية المطاف، والتوجه لانتخابات سادسة، لأن الأغلبية التي حققها معسكر نتنياهو، كان قسم منها تقنيا، بمعنى بسبب عدم اجتياز قوائم نسبة الحسم، برغم أنها حتى لو اجتازت، لكان هذا المعسكر سيحظى بأغلبية 61 مقعدا من أصل 120 مقعدا في الكنيست، لكن إعادة الانتخابات في حينه، كانت ستضع تلك الأغلبية على “كف عفريت”.

في نهاية الضغوط، حقق كلٌ من بن غفير وسموتريتش مكانة سلطوية بوزن يفوق حجم كل واحد منهما في البرلمان، مع صلاحيات غير مسبوقة، خاصة في ما يتعلق بجهاز الشرطة، إذ باتت لبن غفير صلاحيات إدارية أكبر بكثير مما كان لأي وزير سبقه، وهذا انعكس على عمل الشرطة.

كما أن سموتريتش، وبعد رفض توليه منصب وزير الدفاع، يتولى حاليا منصب وزير في وزارة الدفاع إلى جانب كونه وزيرا للمالية، وتولى مسؤولية “الإدارة المدنية” في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها شؤون التنظيم والبناء، لتمرير مخططات استيطانية أشد خطورة مما كان.

في ظروف طبيعية، فإن كل رئيس حكومة معني بأن يظهر بأنه هو صاحب القول الفصل في جميع القضايا في حكومته، وفي هذه النقطة، فإن الاثنين، بن غفير وسموتريتش، أظهرا ضعف نتنياهو، لكن كمن يسعى للثبات في حكومته، وبقدر أكبر، اجتياز حاجز محاكمته دون أي ادانة، أو فرض أحكام تبعده عن السياسة، لا مفر أمام نتنياهو من تجرّع مرارة صنيعته

“حرج” من دون ضغوط

لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فقد وضع الاثنان نتنياهو وحكومته في “حالة حرج” معلنة أمام أوساط عالمية، وخاصة أوروبية، والإدارة الأميركية، برغم أن هذا الحرج، وحتى الآن، لا يقود إلى أي حالة صدام أو ضغوط على حكومته، وإنما حالة قطيعة واضحة جدا. فنتنياهو من “عُشاق التجوال”، بحسب وصف الصحافة الإسرائيلية على مر السنين، وهو يهتم كثيرا بأن يكون ضيفا على الدول بوتيرة عالية، لكن هذه ليست الحال منذ أن عاد إلى منصبه الحالي في نهاية العام الماضي 2022.

وحسب تقارير إسرائيلية، فإن نتنياهو ليس فقط في حالة شبه انقطاع، عن زيارات الدول، بل حتى الاتصالات مع قادة دول العالم في أدنى مستواها، عدا عن أن عددا من وزرائه، وبشكل خاص بن غفير وسموتريتش، هم أشخاص غير مرغوب بهم في دول العالم.

والانقطاع الأبرز الحاصل، هو مع الولايات المتحدة، فهذه المرّة الثانية التي يكون فيها نتنياهو رئيس حكومة في عهد الرئيس جو بايدن، لكن في الثلث الأول من العام 2021، حينما تولى بايدن الرئاسة الأميركية، كانت إسرائيل في أوج حملة انتخابات برلمانية، فقد بعدها نتنياهو رئاسة الحكم. أما الآن، وبرغم مرور أكثر من 8 أشهر، فإن نتنياهو لم يزر واشنطن، وهناك علامة سؤال على مسألة لقائه بايدن على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر الجاري، في حين قالت تقديرات إن نتنياهو قد يزور البيت الأبيض في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.

إقرأ على موقع 180  غزة تُطلق شرارة حرب الجامعات.. والقيم

لكن شبه القطيعة الأميركية لنتنياهو ليست بسبب تركيبة حكومته، التي أضافت ذرائع لإدارة بايدن لانقطاعها عن نتنياهو، وإنما أيضا بسبب دور نتنياهو في الحلبة السياسية الأميركية، منذ الانتخابات الأميركية في العام 2012، حينما ظهر بشكل جلي تحرك نتنياهو ضد الحزب الديموقراطي، لمنع إعادة انتخابات الرئيس الأسبق باراك أوباما، وتكرر الأمر في انتخابات العامين 2016 و2020، لصالح الجمهوريين ودونالد ترامب (…).

حصن الإئتلاف الحكومي

في ظروف طبيعية، فإن كل رئيس حكومة معني بأن يظهر بأنه هو صاحب القول الفصل في جميع القضايا في حكومته، وشؤون المؤسسات الحاكمة، وفي هذه النقطة، فإن الاثنين، بن غفير وسموتريتش، أظهرا ضعف نتنياهو، لكن كمن يسعى للثبات في حكومته، وبقدر أكبر، اجتياز حاجز محاكمته دون أي ادانة، أو فرض أحكام تبعده عن السياسة، فإنه لا مفر أمام نتنياهو من تجرّع مرارة صنيعته، الماثلة أمام الجميع.

فكل هذا يجري حاليا، يتزامن مع بدء مرحلة شديدة الحساسية بالنسبة لشخص نتنياهو: نظر المحكمة العليا بالالتماسات ضد تعديل قانون تجميد صلاحيات رئيس الحكومة، واستئناف جلسات محاكمته بعد انتهاء عطلة المحاكم الصيفية.

وبحسب العديد من التقارير الإسرائيلية، فإن نتنياهو أكثر ما يعنيه حاليا، هو أن يمر تعديل قانون تجميد صلاحيات رئيس الحكومة، حاجز المحكمة العليا، إذ أنه في أوائل العام الجاري، أي في بدايات عمل الحكومة الحالية، بادر الائتلاف لتعديل بند في قانون الحكومة، الذي يُعنى بحالات تجميد صلاحيات رئيس الحكومة، بحيث أن تجميد الصلاحيات يكون فقط في حالات صحية ونفسية، والقصد اخراج الشأن الجنائي من ضمن قائمة حالات تجميد الصلاحيات. وبموجب القرار فقد دخل التعديل القانوني حيز التنفيذ فورا، ليسري على نتنياهو، الذي كان يتخوف طيلة الوقت من صدور قرار محكمة، خلال سير محاكمته، يقضي بأنه بات تناقض مصالح يقضي بتجميد صلاحيات رئيس الحكومة.

وقدمت سلسلة التماسات ضد هذا التعديل القانوني، ومن المتوقع أن تصدر المحكمة قرارا بشأنها خلال الأسابيع المقبلة.

وفي الأسبوع الماضي، استأنفت المحكمة المركزية في تل أبيب جلسات محاكمة نتنياهو، بقضايا فساد، بعد انتهاء عطلة المحاكم الصيفية، وبعد أن كانت المحكمة قد أنهت في شهر تموز/يوليو الماضي، أحد فصولها المركزية، بالاستماع لأبرز شهود النيابة، الذين منهم من انقلب على إفادته في الشرطة؛ إلا أن خط النهاية في هذه المحاكمة يبدو أنه ما زال بعيدا بسنوات، برغم مرور عامين و7 أشهر على بدئها، إذ أعلنت النيابة أنها ستحتاج لسبعة أشهر إضافية على الأقل، لاستكمال عرض شهودها على المحكمة.

كل هذا الوضع يجعل نتنياهو متمسكا أكثر من غيره بالقاعدة الائتلافية المتينة، كي تحافظ على حكومته، التي يرى فيها حصنا في مواجهة إجراءات قضائية ضده، قبل انتهاء محاكمته”.

(*) راجع النص كاملاً على موقع “مدار“.

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Download WordPress Themes Free
Free Download WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
Download WordPress Themes Free
udemy paid course free download
إقرأ على موقع 180  أيّ غدٍ لبناني.. أيّ حكومة؟