“الكازينو أونلاين”.. “حزب مصارف جديد” أم له ضوابطه؟

قطاع القمار أونلاين قطاع حديث النشأة. هو جزء من فورة تكنولوجية شهدنا بعض فصولها في العقدين الأخيرين. لكل دولة موقفها. البعض منها يحظره كلياً مثل الصين وموناكو والبعض شرّعه حديثاً مثل سويسرا (2019) أو شرّع البعض منه مثل فرنسا (2010). في لبنان، لا قانون يُشرّعه، لذا تنطبق عليه صفة الحظر حتى إشعار آخر، ولكن!

ثمة وجهة نظر تقول إن القمار يُمكن أن يكون “حراماً”، وقد يكون رافعة ماليّة واقتصاديّة بضوابط مُحدّدة. طبعاً، يختلف ذلك وِفقاً للمقاربة: دينيّة كانت أم أخلاقيّة أم اجتماعيّة أم اقتصادية أو حتى إذا تعلّق الأمر بهواية أو.. إدمان.

ليس الهدف هنا الدخول في “ماورائيات” القمار، بل بأبعاد هذا “البزنس” الاقتصادية والمجتمعيّة، خصوصاً أنه آخذ في الاتساع من دون توافر بنية قانونية تشريعية له حتى الآن.

بدايةً، دعونا نتّفق على أنّ قطاع الرهانات وألعاب الميسر، أُسوة بكلّ القطاعات في السوق اللبنانية، يحوي “قماراً شرعياً” (ولو في ظل التباسات قانونية ربطاً باجتهاد ديوان المحاسبة) في مقابل آخر “موازٍ” غير شرعيّ مع كلّ ما يعنيه ذلك من خرق للقوانين الجزائية اللبنانية كتهريب النقد والتهرّب الضّريبيّ، وتبييض الأموال وممارسة أعمال مراباة وصرافة غير شرعية، وتأليف عصابات أشرار لإيذاء الناس.

لنتصوّر، على سبيل المثال لا الحصر، أنّ مؤسسة “كهرباء لبنان” حسّنت أوضاعها. وأمّنت للّبنانيين تياراً كهربائياً بلا انقطاع. وحاربت الفساد والفاسدين في أروقتها. عندها ماذا يكون مصير سوق الكهرباء السوداء المتمثّلة بالمولّدات الخاصة؟ هؤلاء، بنوا إمبراطورياتهم على حساب اللبنانيين، ومن جيوبهم. جنوا على مدى 30 عاماً عشرات مليارات الدولارات. تحكّموا بأعناق الناس.. وبأرزاقهم. مارسوا الابتزاز. تسبّبوا بتفاقم عجز الموازنة عبر الكهرباء. شكّلوا فيدرالية كانتونات مولّدات كهربائية مناطقية بحمايات سلطويّة مافيوية. هؤلاء أيضاً، كانوا يُسدّدون خوّات لزعماء الطوائف والسياسة، لذا هم لن يبقوا طبعاً مكتوفي الأيدي في حال تحقّق سيناريو الإصلاح الكهربائي وأُرغموا، يوماً ما على إغلاق هذه المزاريب التي درّت لهم الذهب وما تزال تدره!

وكما في الكهرباء والطاقة، أيضاً في قطاع الاتصالات والتربية، والقطاعات الخدماتية والماليّة كافة. كذلك في قطاع ألعاب الميسر والمراهنات. هو امتياز حصري ممنوح بموجب قانون لشركة “كازينو لبنان” منذ العام 1995.

ديوان المحاسبة.. لا بد من التشريع

وفق رأي ديوان المحاسبة (3 تشرين الأول/أكتوبر 2023)، فإن ألعاب القمار تخضع لوجهين من الضوابط في القانون اللبناني هما: المنع والحصرية.

فقد نص القانون الصادر في الأول من شباط/فبراير 1961، على المنع حين اعتبر ألعاب القمار ممنوعة ومنع استيرادها واقتناءها وتشغيلها مهما كانت الغاية التي أعدت لها، كما جرّم الأفعال المذكورة وحدّد لكل واحدة منها العقوبة المقابلة والمناسبة لها.

أين مكمن الإلتباس الذي وصلنا إليه حالياً؟

في العام 2008، منح مجلس الوزراء كازينو لبنان الحق الحصري بتشغيل ألعاب الميسر الأونلاين، وتتابعت التعديلات حتى العام 2022، وبعضها خرج عن حدود الصلاحية والقانون في غياب النص التشريعي الذي يُحدّد الإطار القانوني المناسب.

هل تدخل خدمة “الكازينو الأونلاين”، ضمن الحصرية الممنوحة لكازينو لبنان، بموجب الملحق التعديلي الأول للعقد الموقع بين شركة “كازينو لبنان” والدولة اللبنانية (2008) والذي أضاف إلى الاستثمار، حصرية “تراخيص لألعاب المراهنات والقمار الأخرى المستحدثة أو التي قد تُستحدث نتيجة للتطوّر العلمي والتكنولوجي، منها المقامرة عبر الإنترنت وتنظيم المراهنات على نتائج المباريات الرياضية، وذلك لتزايد الطلب عليها في الأسواق العالمية”؟

على مدى سنوات، تبلّغت شركة “كازينو لبنان” كتباً من وزارة المال تحثّها فيها على إطلاق هذه الخدمة، لِما لها من عائدات على الخزينة العامة، خصوصاً وأنّ التأخّر بإطلاق منصّة “الكازينو الأونلاين” دفع بطالبي هذه الخدمات إلى الولوج لمواقع وتطبيقات إما غير شرعية، أو خارج الأراضي اللبنانية. إلى ذلك، منذ العام 2012، وإيرادات الكازينو تتراجع في نادي القمار في المعاملتين. لذا طالبت وزارة المال مراراً بالقيام بأعمال تحفيزية لاستقطاب زبائن جدد لمنافسة كازينوهات الدول المجاورة التي ازدهرت على حساب “كازينو لبنان”.

في العام 2020، اعتبرت شركة “كازينو لبنان” أنها تمارس حقّها الممنوح لها قانوناً وعقدياً، فأطلقت مسار تلزيم منصّة الأونلاين التابعة لها. وعلى الطريقة اللبنانية، أحدث موضوع “الكازينو الأونلاين” حالة من الفوضى انعكست في الإعلام ومواقف السياسيين، علماً أنّ هذا النشاط كان موجوداً في لبنان منذ ظهور هذه الألعاب على المستوى العالمي، أي منذ العام 2007.

بين الكازينو والسوق السوداء!

 إنّ مقاربة هذا الموضوع ومتابعة مساره وتفاصيله ومراحله بالاستناد إلى المستندات والأرقام والوقائع يُفضي إلى الآتي:

  1. الإطار القانوني الوحيد الموجود في لبنان حول هذه الألعاب حتى اللحظة، هو ملحق العقد الموقّع بين شركة “كازينو لبنان” والدولة في العام 2008، والذي أعطى لـ”الكازينو” حصراً دون سواه الحق باستثمار هذه الألعاب بالإضافة إلى المراهنات عبر الإنترنت كجزء من باقة ألعاب الميسر التي تدخل في هذه الحصرية، ولو أن قرار الحكومة لم يُستتبع بمرسوم وفق الأصول.

غير أنّه وخلافاً للألعاب الأخرى المستثمرة، تجنّبت إدارات “الكازينو” السابقة إطلاق ألعاب الميسر عبر الإنترنت نظراً إلى حجم التحدّي ومضاعفاته. فكلّ المواقع غير الشرعية المشغّلة لهذه الألعاب بصورة عشوائية كانت ولا تزال محميّة من مواقع في السلطة والسياسة والأمن. هذه المكانات التي باتت معروفة تجاه الرأي العام بعد فضح الأسماء الكبيرة، تستفيد من مداخيل ثابتة ضخمة.

ولكن من يُراجع نص القانون 417/1995 الذي يمنح شركة “كازينو لبنان” حقاً حصرياً باستثمار ألعاب القمار، يتبين أن القانون كان دقيقاً في التحديد من خلال الآتي:

“تُمنح شركة “كازينو لبنان” حقاً حصرياً باستثمار ألعاب القمار وذلك في النادي الوحيد في المعاملتين المنشأ بموجب القانون الصادر بتاريخ 4/8/1954″.

هذه النقطة كانت مثار مراجعات عديدة بين الوزارات المعنية ولا سيما وزارة المال ووزارة السياحة، فضلاً عن هيئة الشراء العام ومجلس شورى الدولة وديوان المحاسبة قبل أن يحسم الأخير برسم حدود للحصرية التي أعطيت لمرفق “كازينو لبنان” في هذا المضمار، علماً أنّ الالتباس حول حصرية استثمار “الكازينو” في نادي القمار الوحيد في المعاملتين، “جاء بنيّة تشريعيّة لتعزيز حقوق “كازينو لبنان” بوجه المحلات غير الشرعية (وقتذاك)، ولم يكن المقصود حصر الحيز الجغرافي. فيومذاك، لم تكن ألعاب الميسر عبر الانترنت قد وُجدت بعد”، كما يقول أهل “كازينو لبنان”.

  1. قرّرت إدارة “الكازينو” الحاليّة ممارسة حقّها باستثمار هذه الألعاب مع علمها المُسبق بأنّ هذا القرار سيُنتج مواجهة ضارية مع أصحاب المواقع غير الشرعية والجهات الحامية لها. وهذا ما حصل. إلا أنّ العائدات الإضافية كانت ضرورية في ظل الأزمة الراهنة وضعف الحركة السياحية. هذا المردود الإضافي أنقذ “الكازينو” الذي حقّق مردوداً بالعملات الصعبة، خصوصاً وأنّ مردود الألعاب التقليدية داخل صالاته انخفض بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
  2. هذا التحدّي كشف صفحة جديدة من صفحات التكسّب غير الشرعي. حيث أسوة بأشكال الاقتصاد كافة، هناك الشرعي والموازي. هنالك الآليات التي تُمكّن الدولة من استيفاء إيراداتها وضرائبها، وهناك حالات التهرّب الضريبي وتهريب الأموال وتبييضها.
  3. بلغة الأرقام، تجني سوق القمار والمراهنات السوداء بين 15 و19 مليون دولار شهرياً بأسوأ تقدير. أي بين 180 و228 مليون دولار سنوياً. وبذلك تكون هذه السوق قد حقّقت منذ العام 2007 إيرادات تخطّت وبكثير 3.5 مليارات دولار، أيضاً بأقلّ تقدير. أما من جهة “كازينو لبنان”، فهو اقتطع 30٪ من حجم سوق الأونلاين. وسدّد لوزارة الماليّة منذ إطلاق منصّته للأونلاين 12 مليون و200 ألف دولار، هي حصة الدولة يُضاف اليها الضرائب عن الكازينو وشركة “Onlive Support Services” المشغّلة لمنصّة “Betarabia” (أطلقت في العام 2022) كما عن الوسطاء.

ووفق التقديرات التي يتحدث عنها “أهل” الكازينو، إذا نجح هذا الأخير في السيطرة على القطاع كاملاً وقضى على السوق السوداء، فإنه سيُحقّق حوالى 15 مليون دولار شهرياً كحدّ أقصى (على اعتبار ان الضوابط المفروضة ستحجب اللعب عمن لا يستوفون الشروط، وهؤلاء يُحقّقون للسوق غير الشرعية نحو 5 ملايين دولار شهرياً). بإنجاز ذلك، يجني “كازينو لبنان” بين 120 و180 مليون دولار سنوياً. أما عائدات الدولة فتتراوح بين 40 و70 مليون دولار سنوياً. وهذه العائدات، تُمكّن الكازينو من التوسّع والدخول الى أسواق جديدة في دول الجوار بالإضافة الى عدد من الدول العربية، وبالتالي مضاعفة العوائد، وهذا الأمر مرهون أيضاً بإدخال تعديلات على القانون لمنحه صلاحيات تتعدى حيزه المكاني الحالي المحدد في قانون العام 1954.

  1. وجهة مليارات السوق السوداء النقدية النهائية مجهولة. لكنّ المعلوم أنّ جزءاً منها ذهب إلى الشركة “الأجنبية” المزوّدة للمواقع غير الشرعية. فيما ذهب جزء آخر لاسترضاء مواقع نافذة في الأمن والسلطة والسياسة وتمويل حملات انتخابية لنواب وأحزاب سياسية. كلّ ذلك من دون أي مردود للخزينة العامة.
  2. لتفشّي آفة القمار أونلاين عبر المنصات غير الشرعية تبعات كارثية على المستوى الاجتماعي، وهذا الأمر ينطبق على القمار التقليدي في الصالات وكيف تُدمن على الألعاب فئة من الناس وتكون النتيجة تدمير منازل وعائلات. هنا من المفيد ذكر “بعض” الحوادث “الموثّقة”. “جماعة القمار غير الشرعي” تُورّط الناس بالقمار. جزءٌ كبيرٌ منهم من القُصّر. عندما يخسرون أموالهم، تعرض هذه الشركات عليهم إقراضهم بعض المال. وهكذا تكرّ السُّبحة. ثمّ تبدأ جماعة “القمار الأسود” بمراكمة الفوائد. في حال التعذّر عن الدفع، تبدأ التهديدات والمضايقات والتي وصل بعضها إلى الضرب والدهم في المنزل ومكان العمل، في حين سُجّلت حالات انتحار لعدم القدرة على التسديد. أما في حال ربح محظوظ ما مبلغاً كبيراً من المال، فتمتنع عصابة “القمار الأسود” عن الدفع. وقد وقع في فخّ “القمار الأسود” أولاد نواب وأولادٌ قُصّر سرقوا بطاقات أهلهم الإئتمانية ولعبوا حتى خسروا مبالغ خيالية.. وأقدم بعضهم على الانتحار.
  3. في المقابل، يقول القيّمون على منصّة “Betarabia” أن الدخول إليها مضبوط ومحكوم بالشروط المعمول بها في “كازينو لبنان”، إن لجهة العمر (21 سنة وما فوق) أو لجهة الفئات المحظورة (مثل الأسلاك العسكرية، موظفي الإدارة العامة، موظفي المصارف الخ…)، بالإضافة إلى مجموعة من المعلومات والشروط الإضافية الخاصة بشروط التحقّق والتي تتطلّبها طبيعة خدمة اللعب عبر الإنترنت.
إقرأ على موقع 180  باسيل مقابل الحريري.. والطرق تفتح قريباً

فضمن برنامج “إعرف عميلك” (KYC) تعتمد منصّة “Betarabia” الشروط والمعلومات المعتمدة لدى المواقع والمشغلين الكبار في العالم. كما قرّرت “Betarabia” إدخال أنظمة التحقّق المعمول بها دولياً مثل نظام ” OCR” الخاص بكشف صحة هويات وصوَر الزبائن، ونظام “SEON” المتطوّر والخاص بمكافحة جرائم الاحتيال وتبييض الأموال وتمويل الإرهاب. كما يدخل في عملية تقييم طلبات الدخول على المنصّة، التأكد من أن الشخص غير موجود على لوائح الأشخاص المحظورين ضمن داتا “كازينو لبنان”، وهذه الأخيرة متكوّنة من البيانات الخاصة بـ”الكازينو” وتلك المبلّغة من هيئة التحقيق الخاصة والأجهزة الأمنية كافة.

يخضع لكلّ الشروط المذكورة، جميع الممثلين المعتمدين (Agents) والذين يرتبطون مع المشغّل الرسمي لمنصّة “Betarabia” بعقود مفصّلة لجهة الالتزام بهذه الشروط، بالإضافة إلى حظر أي شكل من أشكال إقراض اللاعبين أو التعامل مع مواقع غير مرخّصة، وذلك تحت طائلة فسخ العقد مع الممثل المعتمد المخالف وملاحقته قضائياً.

وأسوة بسياسة “كازينو لبنان”، يتجاوب المشغّل الرسمي مع أية طلبات منع لأي لاعب من قِبل أُسرته الضيّقة ويتمّ حجبه عن الاستمرار باللعب على المنصّة.

الممثلون المعتمدون affiliated agent

ومن أجل محاربة السوق السوداء وضبط هذا السوق الناشىء، كان الحلّ بتحويل كل نشاط “القمار أونلاين” إلى موقع “betarabia” الرسمي والعائد لـ”كازينو لبنان” من خلال صيَغ تعامل مع وسطاء هم ما اصطُلح على تسميته بالممثّلين المعتمدين (affiliated agent). أجازت الدولة اللبنانية مبدأ هذا النوع من التعامل من خلال المرفق الملحق بعقد الـ2008 ولكن على أساس عقود يتمّ توقيعها مع الوسطاء الذين تتوفر لديهم مجموعة من الشروط كالعمر والفئات الممنوعة، والالتزام بكل الضوابط والشروط التي يضعها “الكازينو” على رواده والتي يعتمدها المشغّل الرسمي لموقع “الكازينو” بما فيها منع أي من هؤلاء الممثّلين المعتمدين من إجراء أي عملية إقراض لأي زبون.

أما من حيث النِّسب التي يجنيها الممثلون المعتمدون، فهي تتراوح بين 30٪ (لألعاب “الكازينو” والمراهنات) و50٪ (لألعاب البوكر).

وكلّما كانت السوق السوداء محمية، حُرمت الدولة من عائدات دسمة وتضخّمت الكوارث الاجتماعية. في المقابل، كلّما نجحت شركة “كازينو لبنان” في ممارسة حقّها في مواجهة السوق السوداء، ارتفعت عائدات الدولة، وخفّت الارتدادات الاجتماعية بفضل نظام الضوابط المتّبع والذي لا يمكن أن يتحقّق إلا من خلال “الكازينو”.

في 3/10/2023، أصدر ديوان المحاسبة رأيه حول تلزيم ألعاب الميسر. في الخلاصة، جاءت توصيات ديوان المحاسبة لتسلّط الضوء على الفراغ التشريعي، وقال صراحة أنه يجب وضع الأطر القانونية والتنظيمية لقطاع القمار أونلاين، من دون إبطاء، بغية حماية حقوق الدولة، وحماية حقوق الأطراف كافة، وحماية المجتمع ككل من الآثار السلبية المحتملة لهذه الألعاب عبر وضع ضوابط صارمة. وأوصى الديوان الأجهزة المختصّة والإدارات المعنيّة بوقف العمل بالمواقع غير المرخصة.

بعد صدور رأي الديوان، تقدّم النائب طوني فرنجية باقتراح قانون معجّل مكرّر يطلب فيه وقف كل مواقع ألعاب الميسر الأونلاين بما فيها “كازينو لبنان”. وعلى فرض تبنّي اقتراح فرنجية، ثمة من يُحذّر من أن الجهة الوحيدة التي يمكن إيقافها عن العمل في هذه الحالة هو “كازينو لبنان”، ما سيُشكّل انتصاراً لمُشغّلي السوق السوداء التي ستبقى بمنأى عن أي ملاحقة أو محاسبة أو مضايقة، وسيكون الخاسر الأوحد الدولة اللبنانية التي ستُحرم من العائدات التي تأتيها من “الكازينو”.

أما النائب ميشال موسى، فقد تقدّم باقتراح قانون بتشكيل الهيئة الناظمة لهذا القطاع على أن تكون ظيفتها إعطاء الرخص، والسؤال طالما أن الهيئة ستتشكل على أساس تحاصصيّ وبمنطق زبائني بحت، لمن ستُمنح الرخص لغير أزلام هذه السلطة الممثّلة في هذه الهيئة الناظمة. وبالتالي سيتمّ ولو بنوايا حسنة، تشريع واقع السوق السوداء وتأمين عائدات من خلالها طبعاً ليس للدولة ولكن لمواقع السلطة الممثّلة في هذه السوق هنا أو هناك.

في مطلق الأحوال، فإن الامتياز الممنوح للكازينو قد شارف على الانتهاء (4 كانون الأول/ديسمبر 2026)، بينما الأجدى أن يُطرح موضوع القمار أونلاين وضمن التشريع المناسب وطبيعة ارتباطه بحصرية الكازينو عند تجديد الامتياز، أو عدمه وبالشروط التي تؤمّن مصلحة الدولة والمجتمع وآليات الضبط التشريعية علّ المجلس النيابي يكون قادراً على التشريع، وتكون الحكومة مكتملة الصلاحيات بوجود رئيس جديد للجمهورية.

وفي انتظار التشريع الذي لا بد منه لحسم كيفية التعامل مع هذا القطاع، يُمكن القول إن السوق السوداء في القمار أونلاين، تكاد تتحول إلى حزب مصارف جديد في ضوء الموازنات الإعلامية التي صُرفت أو التي يُمكن أن تصرف على قطاعات الإعلام والسياسة والأمن والسوشيل ميديا، دعاية وتسويقاً وحماية، وبملايين الدولارات وربما أكثر!

Print Friendly, PDF & Email
إيڤون أنور صعيبي

كاتبة وصحافية لبنانية

Download WordPress Themes Free
Download Premium WordPress Themes Free
Download Nulled WordPress Themes
Download WordPress Themes
free online course
إقرأ على موقع 180  في المجتمع المغلق.. تنتفي الدهشة!