الرد على إسرائيل بيد إيران الدولة لا الثورة.. وبديله وقفٌ للنار

بين السادس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر 2024، تاريخ الضربة الإسرائيلية الأخيرة لإيران وبين ردة الفعل الإيرانية العالية السقف في الأيام الأربعة الأخيرة، ثمة فاصل زمني إحتاجته القيادة الإيرانية لأجل تقدير الموقف وتحديد إستراتيجية الرد على أول ضربة إسرائيلية للأراضي الإيرانية يُعلن عنها الجيش الإسرائيلي رسمياً.

تشبه الأجواء الحالية في إيران تلك التي سبقت عمليتي “الوعد الصادق 1″ و”الوعد الصادق 2”. يستند هذا التصور إلى تصريحات المسؤولين السياسيين والعسكريين الإيرانيين غداة الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران.

ومن أجل تقديم صورة واضحة عن هذه التصريحات، لا بد من استعراض بعض أهم مواقف القيادة الإيرانية، ولعل أبرزها ما صرّح به قائد الثورة الإسلامية في إيران، آية الله السيد علي خامنئي، الذي يتولى أيضًا منصب القائد العام للقوات المسلحة الإيرانية، حيث أكد على حتمية تنفيذ “الوعد الصادق 3″، قائلاً: “سيتلقى الكيان الصهيوني وأمريكا ردًا قاسيًا على أي عمل عدائي ضد الشعب الإيراني”، وأضاف “يجب أن يعلم الجميع أن في هذه المواجهة، سيتم اتخاذ كل الإجراءات العسكرية والتسليحية والسياسية اللازمة لضمان جاهزية الشعب الإيراني. ومسؤولونا منشغلون حاليًا بالتحضيرات للرد الحاسم على إسرائيل”.

بدوره، خاطب القائد العام للحرس الثوري الإيراني، اللواء حسين سلامي، كلاً من إسرائيل والولايات المتحدة قائلاً: “لقد رأيتم كيف كان أداء منظومة دفاعكم الصاروخي خلال عملية الوعد الصادق 2. وهذه المرة، بخطأ مهاجمة إيران، ستواجهون ردًا لا يمكن تصوره”.

وفي أحدث التصريحات الإيرانية بشأن عملية “الوعد الصادق 3″، قال نائب القائد العام للحرس الثوري، اللواء علي فدوي، ردًا على سؤال حول توقيت هذه العملية (الرد العسكري الواسع الثالث على إسرائيل) :  “لا يمكن الإفصاح عن تفاصيلها، ولكن (عملية الوعد الصادق 3) ستتم بالتأكيد”.

كما أكد إسماعيل كوثري، القائد السابق لقوات محمد رسول الله في طهران وعضو مجلس الشورى الإسلامي حاليًا، أمس، أن رد إيران على إسرائيل “مؤكدٌ”، و”حاسمٌ” و”بحدة أكبر” و”سيكون قوياً وشاملاً لدرجة تجعلهم (إسرائيل) لا يفكرون في تكرار ما فعلوه”.

أما رجل الدين المُعمّم علي سعيدي شاهرودي، رئيس مكتب العقائد السياسية للقائد العام للقوات المسلحة، فقد أعلن أن هذه المرحلة من “الوعد الصادق 3” ستكون “أشد وأوجع وأكثر تدميرًا من العمليات السابقة”.

وبحسب وكالة فارس للأنباء (المقربة من الحرس الثوري الإيراني)، تؤكد مصادر إيرانية أن القوات المسلحة الإيرانية، وبأمر من المجلس الأعلى للأمن القومي، “تعمل حاليًا على التخطيط لهجوم كبير على إسرائيل سيكون من حيث الحجم والنوعية أوسع هجوم حتى الآن”. ووفقًا لهذه المصادر، فإن ما أعلنته القوات المسلحة الإيرانية يوضح أن عملية “الوعد الصادق 3” ستكون ردًا قاسيًا ومدمرًا.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية اسماعيل بقائي في مؤتمره الصحفي الأسبوعي: “سنستخدم كافة مواردنا المادية والمعنوية للرد على الكيان الصهيوني”.

وبحسب ما صرّحت به مصادر عسكرية مطلعة، فإن عملية “الوعد الصادق 3” ستكون مركبة، وستستخدم صواريخ ذات رؤوس حربية أثقل وأكبر من السابق. وللمرة الأولى “ستشارك القوات المسلحة الإيرانية (تحديداً الجيش الإيراني) في تنفيذ العملية بشكل واسع النطاق، ولن تقتصر على قوات الحرس الثوري فقط”. وتهدف إيران من خلال “الوعد الصادق 3” إلى تحقيق هدفين أولهما، تعزيز قدرتها الردعية ضد إسرائيل، بحيث يتجاوز الرد الإيراني التوقعات الإسرائيلية، لا سيما أن رد تل أبيب كان منسقاً مع الإدارة الأمريكية وإذا لم تبادر إيران إلى الرد سيعتقد الإسرائيليون أن وظيفة الردع تحققت من خلال الضربة العلنية، لا بل إن خيار عدم الرد سيفتح شهية الإسرائيليين على توجيه ضربات مستقبلية تطال مواقع ومنشآت حسّاسة وحيوية واستراتيجية أكثر. ثانيهما، فتح باب التفاوض مع الإدارة الأمريكية الديموقراطية بحال فوز كامالا هاريس، أو مع المرشح الجمهوري دونالد ترامب من أجل جباية ثمن سياسي يتفوق على احتمال الرد العسكري الإيراني، وهو الأمر الذي عبّرت عنه تصريحات الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، سواء بتأكيده أن إيران “لن تتهاون في الرد على أي اعتداء على سيادتها وأمنها”، أو بتوجيه كلامه إلى قادة إسرائيل قائلاً: “إنهم يعلمون جيداً أنه في حال ارتكابهم أي خطأ ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، سيتلقون رداً قاسياً. ومع ذلك، إذا قاموا بمراجعة سلوكهم، وقبلوا بالهدنة، وتوقفوا عن قتل الأبرياء والمظلومين في المنطقة، فقد يؤثر ذلك على نوع وقوة ردنا”. وهذا الموقف الأخير يفتح الباب واسعاً أمام إحتمال سحب الرد الإيراني أو جعله شكلياً، إذا نجح الأميركيون في فرض وقف لإطلاق النار في غزة وجنوب لبنان.

ووفقًا لما نشر عن “الوعد الصادق 3” في إيران، فإن العملية ستتميز بالخصائص الآتية:

–  لن تقتصر على الصواريخ الباليستية عالية السرعة، بل ستكون متعددة الأبعاد باستخدام مزيج من الوسائل الهجومية.

– تهدف العملية إلى دعم المقاومة وحلفاء إيران في المنطقة لتعزيز قدراتهم الدفاعية.

–  ستؤدي ضخامتها إلى مفاجأة إسرائيل وخلخلة توازنها العسكري.

–  ستكون عملية مركبة، مما يمنح إيران قدرة ردعية جديدة.

إقرأ على موقع 180  تل أبيب لواشنطن: مساعداتكم للجيش اللبناني مرهونة بنزع صواريخ حزب الله الدقيقة

–  ستكون على الأقل ضعفي حجم ونوعية عملية “الوعد الصادق 2”.

–  ستستخدم رؤوس حربية أكبر وأثقل مقارنة بالصواريخ الباليستية المستخدمة في “الوعد الصادق 2”.

– العملية ستنطلق من داخل الأراضي الإيرانية، مع الأخذ في الاعتبار هجوم إسرائيل الأخير على إيران عبر المجال الجوي العراقي.

وهل ستتم عملية “الوعد الصادق 3” قبل موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية غداً (الثلاثاء) أم بعدها؟

هذا سؤال لا يمكن الحصول على إجابته من خلال مواقف القادة العسكريين أو المسؤولين السياسيين الإيرانيين، لكن المرجح، سياسياً، أن يستخدم الإيرانيون خطاب الرد عشية الإنتخابات الأميركية لمحاولة التأثير في نتائجها، غير أن الرد الفعلي سيكون مؤجلاً على الأرجح إلى ما بعد الإنتخابات.

وحسب الخبراء، فإن القوات المسلحة الإيرانية (أي إيران الدولة وليس الثورة) هي التي تُمسك بزمام الأمور في عملية “الوعد الصادق 3″، وهي التي ستُحدد التوقيت المناسب وفقًا لعوامل مُركبة، سياسية وعسكرية، وذلك بهدف إرساء توازن ردعي جديد تجاه إسرائيل.

ومع ذلك، يعتقد خبراء مطلعون في إيران أنه إذا توقفت الحرب في قطاع غزة، ومن ثم توقفت المعارك تلقائيًا في لبنان، فإن احتمال تعليق “الوعد الصادق 3” هو احتمال مرتفع للغاية، ويرى هؤلاء الخبراء أنه في حال عدم توقف الحرب في لبنان وقطاع غزة، فإن العملية “ستكون حتمية”.

Print Friendly, PDF & Email
طهران ـ علي منتظري

كاتب وصحافي ايراني مقيم في طهران

Free Download WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
download udemy paid course for free
إقرأ على موقع 180  السعودية ومصر.. لغة الأرقام ولغم اليمن!