ضغوط فرنسا اللبنانية على السكة الأوروبية: 120 شخصية مستهدفة
Lebanese politician Ali Hassan Khalil (2-L), French Foreign Affairs Minister Jean-Yves Le Drian (3-L), French President Emmanuel Macron (C), Lebanese Prime Minister Saad Hariri (4-R), French Economy Minister Bruno Le Maire (3-R) and Lebanese Foreign Minister Gibran Bassil (2-R) pose during the International CEDRE Conference on April 6, 2018 in Paris. International donors are set to give the green light to a $10-billion investment plan for Lebanon at the conference in Paris, hoping to stave off an economic crisis. Lebanon's economic growth has plummeted due to repeated political crises, compounded by the Syrian war which has sent a million refugees across the border -- equivalent to a quarter of the Lebanese population before the conflict. / AFP PHOTO / POOL / LUDOVIC MARIN (Photo credit should read LUDOVIC MARIN/AFP via Getty Images)

ما هي جدية نوايا فرنسا حيال "تغيير نهج" تعاملها مع الأزمة اللبنانية و"تبديل أسلوب" تعاطيها مع السياسيين اللبنانيين؟ وكيف ستلجأ باريس الى "زيادة وسائل الضغط" على معرقلي ولادة حكومة لبنانية جديدة تكون مدخلاً للبحث في كيفية وضع حد لحال الانهيار في لبنان؟

“يبدو ان فرنسا أيضاً وصلت معها لهون..”!. هكذا علقت أوساط فرنسية متابعة للملف اللبناني على النبرة العالية والحادة للموقف الفرنسي العلني من رأس الهرم في قصر الاليزيه الى رئيس الديبلوماسية الفرنسية في الكي دورسيه اضافة إلى كل الكلام الذي يقال في كواليس الادارة الفرنسية والذي يذهب ابعد من ذلك بكثير في شدة مضمونه وإنتقاء عباراته وعمق تفاصيله.

انتقلت الجهات الفرنسية المعنية من توجيه الدعوات والنصائح والتحذيرات الى مرحلة الانتقادات القاسية وصولاً الى حد توجيه اتهامات صريحة تبدأ من “التقاعس والتهرب من تحمل المسؤولية” الى “غياب كل حس انساني ووطني” الى “الانانية المستحكمة والنكد المتجذر الذي افقد البعض حاستي البصر والسمع لما يدور حوله وكأنه يعيش في كوكب آخر”.

“كفى”! اطلقتها باريس في الأيام الأخيرة على لسان وزير خارجيتها جان-ايف لودريان ورفعت معها وتيرة ونبرة مواقفها وصولاً الى اطلاق التهديدات المباشرة والجماعية لكل القوى السياسية وخصوصاً في اتجاه “القائمين بالتعطيل المتعمد”. والأخطر والأبلغ هو نوعية التهمة الموجهة الا وهي “عدم تقديم المساعدة لبلد في حالة خطر”، وتشير هذه الاوساط الى انه “اذا كان قانون العقوبات اعتبر أن القيام بهكذا تصرف حيال شخص يشكل جريمة جنائية وينص قانون العقوبات على السجن ودفع تعويض مالي، فكم بالحري عندما تكون الجهة المقصودة والضحية المتضررة هي شعب بأكمله وبلد مهدد بالانهيار”!

ماكرون لم يتوان عن توجيه كلامه القاسي والمباشر، وجهاً لوجه الى احدى الشخصيات اللبنانية خلال لقائها في بيروت في الصيف الماضي، وقال لها حرفياً: “نحن نعلم انك شخصاً فاسداً.. ونحن ننتظر اكتمال المعطيات لدينا”

انطلاقا من واقع الحال المتدهور والمستمر منذ سبعة أشهر اعطيت التعليمات لتسريع وتيرة التحضير للتدابير التي من شأنها تفعيل الضغوط وزيادتها إزاء القوى السياسية اللبنانية المعنية. وتستدرك الاوساط الفرنسية للقول ان فرنسا لم تنتظر الايام الاخيرة للتلويح بادوات الضغط كما انها لم تكن بحاجة لتسريب صحافي من هنا او تعليمة سياسية من هناك بل هي اوصلت اكثر من رسالة مباشرة الى المعنيين من خلال القنوات المعتمدة في التواصل الديبلوماسي او الامني، وآخرهم المدير العام للأمن العام اللبناني الجنرال عباس إبراهيم الذي سمع “بهدلة فرنسية” لكل الطبقة السياسية في لبنان، فـ”المسؤولية جماعية” و”ما نشاهده في لبنان، لم نشهد مثيلاً له في العالم كله”، أي “هذا المستوى من إنعدام المسؤولية”!

وتحذر الجهات الفرنسية من أن العديد من الجهات الدولية بدأت تسأم من الوضع في لبنان، وخطورة هذا الأمر هي في إمكان إرتداده سلباً على مشاريع المساعدات الإنسانية المنوي تقديمها إلى الشعب اللبناني.

وتكشف هذه الاوساط ان الرئيس ايمانويل ماكرون لم يتوان عن توجيه كلامه القاسي والمباشر، وجهاً لوجه الى احدى الشخصيات اللبنانية خلال لقائها في بيروت في الصيف الماضي، وقال لها حرفياً: “نحن نعلم انك شخصاً فاسداً.. ونحن ننتظر اكتمال المعطيات لدينا”!

وقد عمدت باريس في الاسابيع الاخيرة الى استجماع وتحديث كل عناصر “الداتا” (المعلومات) لدى مختلف اجهزتها الامنية ودوائرها المالية والنقدية وهي تخص عدداً من الشخصيات المختارة والموضوعة بتحويلاتها المصرفية وتحركاتها المالية الخارجية تحت المراقبة. وتضم هذه اللائحة اكثر من 120 اسما لشخصيات تتعاطى الشأن العام وتنتمي الى مختلف الاوساط السياسة والحزبية والمالية والاقتصادية وادارة الاعمال، وهي مصنفة ومقسمة الى ثلاث فئات ومجموعات من حيث أهميتها وحجم ثرواتها ونوعية مراكزها.

باريس التي بدت “جادة” و”حازمة” أكثر من أي وقت مضى تتحرك وفق خطة عملية. فما هي هذه الخطة؟

أولاً، تتفادى باريس، حتى الآن، التحدث عن “عقوبات”، وهي تكتفي بكلمة “ضغوط”، وذلك لاسباب تتمحور حول نقطتين وهما اشبه بهاجسين. النقطة الاولى؛ تحديد آلية التنفيذ نظرا لتعقيداتها ودقتها من الناحيتين القانونية والاجرائية وان كانت الاجراءات تتراوح بين تجميد الحسابات وحجز الاموال والحد من حرية تنقل الاشخاص. النقطة الثانية؛ عدم القيام بخطوات فرنسية منعزلة بل تأمين اوسع تغطية ومشاركة أوروبية وغربية.

ثانياً، تسعى العاصمة الفرنسية الى قيام “اوسع وافعل تنسيق أوروبي على مستوى دول الاتحاد”، وقد وضع الموضوع اللبناني في الاجتماع الوزاري الاخير في بروكسل على السكة، كما اوكلت المهمة الى “الجهاز الاوروبي المخصص للعمل الخارجي” من اجل تبادل المعلومات ورسم صيغة تحرك عملي ومنسق بين الدول الاوروبية المعنية.

ثالثاُ، تعمل باريس في خط مواز على التواصل مع دولتين اساسيتين معنيتين بهذا الملف من خارج دول الاتحاد وهما بريطانيا وسويسرا اللتان تشهد مصارفهما حركة تحويلات مالية لبنانية ناشطة منذ عقود من الزمن.

السؤال الفرنسي الأبرز: هل يقدم حزب الله على خطوة تطمين حليفه الرئيس ميشال عون بالوقوف الى جانب فريقه (في مجلس الوزراء) عند الحاجة القصوى من خلال اقناعه بتسوية غير معلنة قائمة على اعتماد خيار “الحزب الضامن” بديلاً لـ”الثلث الضامن”؟

رابعاً، تحرص الادارة الفرنسية على تدعيم التشاور حول هذا الموضوع اللبناني مع الادارة الاميركية الجديدة، في ظل تناغم وتقارب ملحوظين بين ديبلوماسيتهما مع وصول الرئيس جو بايدن الى البيت الأبيض، وذلك لاقتناعها ان اي اجراء اوروبي سيحظى بوقع أكبر وتأثير أفعل في حال واكبته قوة دفع أميركية.

إقرأ على موقع 180  حرارة الطقس العدو الأول للجيش الأمريكي في الشرق الأوسط

خامساً، توقيت تنفيذ الخطط الموضوعة وتحديد الزمان والمكان والوسائل التي ستعتمد، كل ذلك مرتبط بتطور الامور داخل لبنان وانتظار المساعي الاخيرة لتأليف الحكومة اللبنانية الجديدة. كما أن التوقيت مرتبط بالتخوف الفرنسي من تسارع الانهيار الاقتصادي وتردي الوضع الاجتماعي وتدهور الحالة المعيشية، في ضوء إستمرار الأزمة السياسية المفتوحة، الأمر الذي سينعكس مزيداً من الاحتقان في الشارع ووصولاً إلى إحتمال إندلاع اعمال عنف وفوضى وتهديد السلم الاهلي وزعزعة الاستقرار الامني. وهنا ترى باريس ان هذه التطورات الدراماتيكية ستشكل تجاوزاً للخطوط الحمر مع ما قد تحمله من اخطار امنية قد تؤثر على اوضاع اللاجئين وخصوصا النازحين السوريين وفتح طريق البحر امامهم وبالتالي تصدير المشكلة الى الخارج نحو المتوسط.

سادساً، يقول الفرنسيون إن جميع الفرقاء موجودون على اللائحة ومعرضون للمقصلة، لكن يبدو ان ثلاثة افرقاء معنيين مباشرة اكثر من غيرهم بالقيام بمبادرات سريعة وصريحة وعملية.

الفريق الاول هو فريق رئاسة الجمهورية (الرئيس ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل) وذلك “بالتخلي عن الانانية والطمع والمشاريع الشخصية”.

الفريق الثاني المتمثل برئيس الحكومة المكلف سعد الحريري من خلال ابداء المرونة والانفتاح، “على ان يتجاوز هذان الفريقان مشاعر النكد والحقد ومحاولة الغاء الآخر”.

الفريق الثالث يتمثل بـ”الثنائي الشيعي”، وخصوصاً حزب الله القادر على الحلحلة من خلال المساعدة العملية لازالة العقبات وحل العقد وفي مقدمها عقدة الثلث المعطل.

السؤال الفرنسي الأبرز: هل يقدم حزب الله على خطوة تطمين حليفه الرئيس ميشال عون بالوقوف الى جانب فريقه (في مجلس الوزراء) عند الحاجة القصوى من خلال اقناعه بتسوية غير معلنة قائمة على اعتماد خيار “الحزب الضامن” بديلاً لـ”الثلث الضامن”؟.

يبدو ان بداية الرسالة الفرنسية وصلت.. والايام المقبلة ستغربل حقيقة النوايا وتكشف صدقية اصحابها لكي تبني باريس ومعها اوروبا على الشيء مقتضاه.

Print Friendly, PDF & Email
باريس ـ بشارة غانم البون

صحافي وكاتب لبناني مقيم في باريس

Download WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
Download WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
udemy paid course free download
إقرأ على موقع 180  حرارة الطقس العدو الأول للجيش الأمريكي في الشرق الأوسط