مبارزة “حافة الهاوية” في أوكرانيا.. وصفة بوتين جاهزة!

Avatarخاص 18003/02/2022
يزداد الموقف تأزماً بين روسيا والولايات المتحدة ومعها حلف الناتو، وبالتالي تبقى القضية الأوكرانية قيد سباق محموم بين المحاولات الدبلوماسية لنزع فتيل الأزمة وبين التحشيد العسكري المستمر، وآخر فصوله إعلان الولايات المتحدة عن إرسال ثلاثة آلاف جندي أميركي إلى أوروبا، بينهم ألفا جندي في بولندا وألمانيا ورومانيا قبالة أوكرانيا!

برغم دخول دول أوروبية عديدة على خط الأزمة مثل هنغاريا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، إلا أن ثمة مسافة بعيدة فاصلة بين مقترحات روسيا وردود الأميركيين عليها، خصوصاً في ضوء الوثيقة التي نشرتها صحيفة “إل باييس” الإسبانية حول نص الرد الأميركي ـ الأطلسي على الضمانات التي طالبت بها موسكو، حيث أقر الأميركيون لاحقاً بصحة ما ورد فيها.

وحسب الصحيفة الإسبانية، التي نشرت في موقعها الإلكتروني ما أسمته “رد” الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) على الاتفاقية التي اقترحتها روسيا الاتحادية، في 17 كانون الأول/ديسمبر، فإن الوثيقة الأميركية ـ الأطلسية تبدي الإستعداد “للنظر في الترتيبات أو الاتفاقات مع روسيا، بشأن القضايا الثنائية، بما في ذلك الاتفاقيات المكتوبة والموقعة، لمعالجة مخاوفها الأمنية”.

وأضافت “الولايات المتحدة، بالتشاور مع الحلفاء والشركاء، مستعدة للنظر في اتخاذ تدابير إضافية، لمنع وقوع حوادث في البحر والجو”. وأشارت الوثيقة إلى أن الولايات المتحدة “مستعدة لمناقشة التدابير المشتركة للشفافية والالتزامات المتبادلة، للولايات المتحدة وروسيا، على حد سواء؛ للحد من نشر أنظمة الصواريخ الهجومية، والقوات الدائمة بمهمة قتالية على أراضي أوكرانيا”. كذلك أبدت الولايات المتحدة إستعدادها “لمناقشة تدابير لبناء الثقة في ما يتعلق بالمناورات البرية في أوروبا”. وأشارت الوثيقة التي نشرتها الصحيفة الإسبانية، إلى أن “الولايات المتحدة، بالتشاور الوثيق مع الحلفاء، مستعدة لبدء مناقشات، حول الحد من التسلح في مجال الصواريخ الأرضية المتوسطة وقصيرة المدى، كجزء من حوار الاستقرار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وروسيا”.

يحصل الروسي على ما يريد عسكرياً وأمنياً ولا يضيره أن يعطي لأميركا راية النفوذ السياسي في أوكرانيا، من دون المس بمتطلباته الأمنية. تسوية من هذا النوع ربما تكون وصفة مثالية لفلاديمير بوتين، فلا هو من هواة الحرب ولكنه ليس من هواة التنازلات المجانية. هذه الوصفة يمكن أن تشكل مخرجاً للجميع.. وإلا فإن الأمور تتجه نحو المزيد من التأزم في الأيام والأسابيع المقبلة

وأشار “رد” واشنطن والناتو إلى أن استخدام القوة العسكرية من قبل الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، في الوقت الحالي، “محدود ومتناسب؛ ويتم تنفيذه بما يتفق تماما مع القانون التأسيسي لمجلس روسيا – الناتو”.

وحسب الصحيفة الإسبانية أشار “الرد” إلى أننا “نواصل الامتناع عن نشر إضافي للأسلحة الهجومية، وكذلك الأسلحة النووية، في بلدان أوروبا الشرقية”؛ وأن “الناتو يدعو روسيا إلى الامتناع عن اختبار الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية، التي تتسبب بكمية كبيرة من الحطام (الفضائي)”.

وفي الوثائق، تقول الولايات المتحدة والناتو بوجوب “أن ندرج أنواعا جديدة من وسائل إيصال الأسلحة النووية العابرة للقارات، في اتفاقيات الحد من الأسلحة المستقبلية. يجب علينا أيضا النظر في الأسلحة النووية غير الاستراتيجية والرؤوس الحربية غير المنشورة”.

وجاء في “الرد” أيضاً أن “الولايات المتحدة مستعدة للمناقشة، بالتشاور، عند الضرورة، وبموافقة الحلفاء، آلية الشفافية لتأكيد عدم وجود صواريخ توماهوك المجنحة، في مواقع الدفاع الصاروخي في رومانيا وبولندا؛ شريطة أن تقترح روسيا تدابير شفافية مماثلة لقاعدتي صواريخ أرضية في روسيا، حسب اختيارنا”. ونوهت الوثائق إلى أن “الولايات المتحدة تواصل دعمها القوي لسياسة “الأبواب المفتوحة” لحلف الناتو، وتعتقد أن مجلس روسيا – الناتو، يعتبر المنصة المناسبة لمناقشة هذه القضايا”، وأردفت “يجب علينا أيضا النظر في الأسلحة النووية التكتيكية والرؤوس الحربية النووية، ونقترح البدء على الفور في مناقشة الإجراءات القادمة بشأن معاهدة ستارت – 3”.

وكانت موسكو تسلمت ردود الولايات المتحدة والناتو على مقترحاتها حول الضمانات الأمنية، في 26 كانون الثاني/يناير الماضي. وأبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، قبل حوالي الأسبوع أن رد واشنطن والناتو على مطالب الضمانات الأمنية، لم يأخذ في الاعتبار الهواجس الأساسية لروسيا، مثل منع توسع الناتو، ورفض نشر أنظمة الأسلحة الضاربة بالقرب من الحدود الروسية.

وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، للصحفيين: “لم ننشر أي شيء، ولا أريد التعليق على ذلك. الأمر متروك لكم (للصحفيين) للاتصال بالصحيفة أو إلى القيادة الإسبانية.. طبعا قرأنا ما تم نشره”.

وكان مصدر دبلوماسي أكد لوكالة “سبوتنيك”، في وقت سابق صحة الوثيقة التي نشرتها صحيفة “إل باييس” الإسبانية، حول رد الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، بشأن مقترحات روسيا للضمانات الأمنية.

ماذا بعد؟

حتى الآن، أثبت الروسي أنه ربح في لعبة النقاط. إستدرج الغرب (أميركا والناتو) إلى مطالبه التي كان قد “طنش” عليها طوال ثلاثة عقود أعقبت إنهيار الإتحاد السوفياتي. يريد الروس تثبيت التعهدات التي قطعها جورج بوش الأب إلى ميخائيل غورباتشوف بعدم تمدد حلف الناتو نحو الفضاء السوفياتي (الروسي) وعدم نشر أنظمة الأسلحة الكاسرة للتوازن، وهو الأمر الذي خرقه الأميركيون بضم العديد من الجمهوريات السوفياتية إلى هذا الحلف وبنشر منظومات صاروخية تهدد الأمن الروسي. سيستمر الضغط الروسي حتى تحصل موسكو على ضمانات أمنية تحمي كل حدود أمنها القومي ولا سيما من جهة تماسها المباشر مع أوروبا، أي في أوكرانيا (400 كلم الخط الحدودي مع روسيا). يحصل الروسي على ما يريد عسكرياً وأمنياً ولا يضيره أن يعطي لأميركا راية النفوذ السياسي في أوكرانيا، من دون المس بمتطلباته الأمنية. تسوية من هذا النوع ربما تكون وصفة مثالية لفلاديمير بوتين، فلا هو من هواة الحرب ولكنه ليس من هواة التنازلات المجانية. هذه الوصفة يمكن أن تشكل مخرجاً للجميع.. وإلا فإن الأمور تتجه نحو المزيد من التأزم في الأيام والأسابيع المقبلة. (المصادر 180 بوست، سبوتنيك).

إقرأ على موقع 180  أحمد سعدات يقرأ المشهد الفلسطيني: الوقت من دم

Print Friendly, PDF & Email
Premium WordPress Themes Download
Download Nulled WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
free online course
إقرأ على موقع 180  تداعيات الأزمة الأوكرانية على سوريا، منظور التهديد-الفرصة