“هآرتس”: ما هي شروط التطبيع بين السعودية وإسرائيل؟

Avatar18017/02/2022
بعد توقيع كل من البحرين والإمارات على اتفاقيات سلام وتطبيع مع إسرائيل كجزء من "اتفاقيات إبراهام"، فإن سؤال المليون دولار هو ما إذا كانت السعودية ستنضم لهذه الإتفاقات، ومتى. خبراء يقولون إن الأمر ممكنٌ، لكنه معقدٌ.

أثارت الزيارة المفاجئة التي قام بها وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، إلى البحرين مؤخراً الكثير من العناوين الرئيسية والمثيرة. لكن الخبر الذي أثار انتباه وسائل الإعلام أقل من غيره كان أن طائرة غانتس العسكرية عبرت الأجواء السعودية لتصل إلى المنامة، وهكذا أصبحت أول رحلة إسرائيلية غير تجارية تقوم بذلك بشكل رسمي.

لكن في أوساط الخبراء الإقليميين، كان حدث فتح الرياض لأجوائها أمام إسرائيل موضع جدل ونقاش واسعين حول هل تكون السعودية الدولة العربية التالية التي ستطبع علاقاتها مع إسرائيل، وتلحق بالإمارات والمغرب والبحرين والسودان الذين طبعوا في عام 2020؟ أم أنها ستختار مواصلة علاقتها السرّية مع تل أبيب، بينما تتصرف في العلن على أنها تعطي الأولوية لدعم القضية الفلسطينية؟

الانضمام إلى “اتفاقيات أبراهام” سيساعد الرياض في بناء تحالف أكثر قوة في الشرق الأوسط ضد إيران

كل دولة عربية وقعت على “اتفاقيات إبراهام” حتى الآن كان لها أجندة واضحة تدفعها إلى تعزيز علاقاتها مع إسرائيل، بدءاً من التعاون التكنولوجي والأعداء المشتركين، وصولاً إلى مصالح التسلح والطمع في الدعم الأميركي.

بالنسبة للسعودية، وبصرف النظر عن تعزيز العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع إسرائيل، فإن الانضمام إلى “اتفاقيات أبراهام” سيساعدها بشكل أساسي في بناء تحالف أكثر قوة في الشرق الأوسط ضد إيران.

على الرغم من أن السعوديين لم يضفوا أبداً الطابع الرسمي العلني على العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، إلا أن الدولتين قد عززتا التعاون الأمني وتبادل المعلومات الاستخبارية بينهما، مدفوعتين جزئياً بالمخاوف المشتركة بشأن طهران.

في وقت سابق من هذا الشهر، وافقت إسرائيل؛ وللمرة الأولى؛ على الإنضمام إلى السعودية وسلطنة عُمَان في مناورة بحرية بقيادة الولايات المتحدة، في حين أنه تم العثور؛ في السنوات الأخيرة؛ على برامج تجسس لشركة NSO الإسرائيلية (برنامج بيغاسوس) في هواتف العديد من المعارضين السعوديين.

إيلان بيرمان: الوفاق السعودي الإسرائيلي لا مفر منه، والعلاقة قائمة، لكن التوقيت الرسمي لم يتحدد بعد

إيلان بيرمان، النائب الأول لرئيس مركز الأبحاث التابع لمجلس السياسة الخارجية الأميركية، يرى أن الوفاق السعودي الإسرائيلي أمرٌ لا مفر منه، وأن العلاقة قائمة بالفعل وبكل الوسائل ولكن من دون تسميتها، “لأن التوقيت الرسمي لم يتحدد بعد”. ويضيف: “ليس هناك شكٌ في أن العلاقات بين إسرائيل والسعودية قد تطورت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. هناك حوارٌ اقتصادي ثابت، وحتى إستراتيجي يجري بين البلدين؛ حوارٌ أنا واثق بأنه سيصبح في العلن في نهاية الأمر”.

بدورها، تشير كريستين سميث ديوان، الباحثة في معهد دول الخليج العربي في واشنطن، إلى أن علاقات إسرائيل مع السعودية تمتد إلى المجال التكنولوجي وخطط التنويع الاقتصادي. وتقول: “لقد استفاد السعوديون بالفعل من الدعم الإسرائيلي في مجال الأمن السيبراني وغيره من المجالات المشابهة، كما أن الأجواء المفتوحة للإسرائيليين أكثر جاذبية للقيادة السعودية التي تتطلع إلى تطوير ساحلها الغربي من خلال المزيد من الصناعات التي تعتمد على التكنولوجيا والسياحة”.

روبرت موغيالنيكي: “بن سلمان لا يخشى التغيير.. والتطبيع عندما يقتنع أن ذلك سيُعزز أجندته المحلية ورؤيته طويلة المدى للمملكة”

أما روبرت موغيالنيكي، وهو أيضاً باحث في معهد دول الخليج العربي، فيرى أن أي إتفاق مرتقب بين السعودية وإسرائيل قد لا يؤدي إلى ديناميكية جديدة تماماً في الشرق الأوسط، نظراً إلى الزخم الذي نشأ بالفعل في منطقة الخليج، خصوصاً بين إسرائيل والإمارات والبحرين؛ ومع زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت التي شكلت سابقة أخرى.

يقول موغيالنيكي إن “ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، أثبت أنه لا يخشى إجراء تغييرات كبيرة، لكنه لن يمضي قُدماً في التطبيع مع إسرائيل إلا إذا كان مقتنعاً بأن ذلك؛ في نهاية المطاف؛ سيُعزز أجندته المحلية ورؤيته طويلة المدى للمملكة”.

ويضيف أن التطبيع السعودي-الإسرائيلي سيكون بمثابة “إختراق كبير” بالنسبة للطرفين، سيغير مجرى الكثير من الأمور وفي مجالات مختلفة. مثلاً، قد يؤدي الإتفاق إلى زيادة الاهتمام الدولي بمشاريع التنمية والسياحة في شمال غرب المملكة وعلى طول ساحل البحر الأحمر، “كما يمكن لإتفاقية التطبيع أن توفر سبلاً جديدة للسعودية لتعزيز تعاونها الاقتصادي مع الأردن ومصر”.

أولويات جديدة

البروفيسور يوجين روغان، الأستاذ في تاريخ الشرق الأوسط الحديث في جامعة أكسفورد، يرى أن أي تطبيع للعلاقات بين السعودية وإسرائيل لن يحدث في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز. فالعاهل السعودي لا يزال يُكرس جهده؛ وبشكل لا لبس فيه، من أجل تحقيق مطلب الدولة الفسطينية. بينما ابنه، ولي العهد محمد سبق وانتهك البروتوكول السعودي فيما يتعلق بإسرائيل؛ عندما اعترف بحقها في الوجود خلال مقابلة صحفية أُجريت معه عام 2018. وبالتالي من غير المرجح أن يتم أي إتفاق رسمي لتطبيع العلاقات طالما الملك سلمان ما زال موجوداً في السلطة.

إقرأ على موقع 180  رئيس وزراء تونس يتعرض للضرب في قصر قرطاج.. فيستقيل!

ويضيف روغان: “الملك سلمان مُلتزم بالحقوق الوطنية الفلسطينية، وقد منع أي خطوات من قبل ابنه للتوقيع على اتفاق مع إسرائيل. ويبدو أن تحقيق مثل هذا الأمر في ظل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أقل احتمالاً مما كان عليه في عهد إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب”.

يوجين روغان: “لن يحدث إتفاق رسمي لتطبيع العلاقات طالما الملك سلمان موجود في السلطة”

بالنسبة لآرون ديفيد ميللر، زميل في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، فإن الوضع السياسي في واشنطن ليس ناضجاً كفاية لرعاية ودعم إتفاقية تطبيع بين الإسرائيليين والسعوديين. ويقول: “السبب لا يقتصر فقط على حقيقة أن البيت الأبيض لم يعد يضع الشرق الأوسط ضمن أولوياته ولا ضمن أهداف سياسته الخارجية. فوسائل الإعلام لم تنس، ولن تنسى بأي حال من الأحوال أمر الصحافي جمال خاشقجي، وكيف أنه حتى الآن لم تجر لا محاسبة ولا مساءلة”.

لقد نأت إدارة بايدن بنفسها عن السعوديين بعد أن خلصت تقارير المخابرات الأميركية إلى أن قتل خاشقجي تم بموافقة مسبقة من أعلى المستويات في الحكومة السعودية. ومنذ توليه منصبه، قبل أكثر من عام، اقتصر تواصل الرئيس بايدن مع الملك سلمان على مكالمتين هاتفيتين فقط، الثانية كانت الأسبوع الماضي.

وفي هذا الخصوص يشير ميللر؛ وهو بالمناسبة كان مفاوضاً سابقاً للسلام في الشرق الأوسط في الإدارات الجمهورية والديموقراطية السابقة؛ إلى أن “صفقة القرن” لم تكن صنيعة إدارة بايدن، وأن إدارة دونالد ترامب هي التي سعت وبشكل منفرد لتحقيقها في الشرق الأوسط.

ويروي ميللر: “أذكر أنني قابلت جاريد كوشنر في عام 2018 عندما كان يعمل على وضع إستراتيجيته للسعودية والخليج. لقد أوضح بشكل لا لبس فيه أن إدارة ترامب ليست مهتمة بحل الدولتين (بين إسرائيل والفلسطينيين) لكنها مهتمة بحل 22 دولة (عدد الدول في جامعة الدول العربية)، بدءاً من منطقة الخليج، وهذا ما فعلوه”.

ويتابع: “لقد قدمت إدارة ترامب صفقات هائلة من الأسلحة، ووفرت الغطاء، ورضخت لكل ما تريده دول الخليج تقريباً. وعلى الرغم من أن إدارة بايدن كانت مفتونة باتفاقيات أبراهام، فأنا لا أرى أنها تكرس الاهتمام نفسه الذي كانت إدارة ترامب توليه وتدفع الثمن السياسي اللازم للنجاح”.

ويضيف ميللر أن إسرائيل ستحتاج إلى إثبات استعدادها لتقديدم تنازلات على الجبهة الفلسطينية حتى تنجح مع السعوديين. “تذكروا أن الإماراتيين أُستخدموا كمبرر لتعهد نتنياهو بضم الضفة الغربية. وبالتالي من الصعب تصور أي اتفاق سعودي لن يتم ربطه بخطوة إسرائيلية و/ أو أميركية مهمة فيما يتعلق بالفلسطينيين”.

براندون فريدمان: “إذا لم تساعد واشنطن السعوديين على تحديث أنظمتهم الدفاعية الجوية والاستخباراتية، فقد يلجأون لإسرائيل”

في هذا الشأن، يشير خالد الجندي، مدير برنامج فلسطين والشؤون الفلسطينية الإسرائيلية في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، إلى مسألة الرأي العام، ويقول إن غالبية المواطنين العرب؛ بما في ذلك في الخليج؛ لا يزالون يدعمون حقوق الفلسطينيين على نطاق واسع، ولا يثقون بإسرائيل.

ويضيف الجندي: “من الصعب تصور تحرك سعودي باتجاه التطبيع من دون اتخاذ خطوة إسرائيلية مهمة وملموسة على الجبهة الفلسطينية، والتي تبدو شبه مستحيلة في البيئة الحالية. كل هذه الحسابات يمكن أن تتغير في حال صعود محمد بن سلمان إلى العرش. حتى ذلك الحين، فإن التطبيع مع إسرائيل دون حدوث تحول كبير في فلسطين سيكون أمراً صعباً للغاية”.

لكن مع ورود أنباء عن تضاعف هجمات الحوثيين المدعومة من إيران ضد السعودية في عام 2021 مقارنة بعام 2020، فإن التعاون الأعمق مع إسرائيل قد يكون له معنى استراتيجي بالنسبة للرياض، خاصة وأن الدعم المحلي الأميركي للسعودية لا يزال يُظهر إشارات قليلة على التحسن.

يقول براندون فريدمان، مدير قسم الأبحاث في مركز موشيه دايان لدراسات الشرق الأوسط وشؤون أفريقيا في جامعة تل أبيب: “إذا لم تتمكن واشنطن، لأسباب سياسية داخلية، من مساعدة السعوديين على تحديث أنظمتهم الدفاعية الجوية والاستخباراتية، فقد يلجأون لإسرائيل”. ويضيف أن “براغماتية السياسة الأمنية تظهر في المملكة في نهاية المطاف. لذا، إذا لم يكن هناك حل أميركي لضعف السعودية أمام الحوثيين – سواء الدبلوماسيين أو التكنولوجيين – فإن التطبيع السعودي مع إسرائيل قد يكون وشيكاً” (ترجمة 180بوست).

(*) عن صحيفة “هآرتس“، إعداد جوناثان هارونوف.

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Download Nulled WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
Free Download WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
free download udemy paid course
إقرأ على موقع 180  "الغارديان": أيها الصحافي.. هاتفك عدوك!