باسيل يقايض الرئاسة بالعقوبات.. وباريس ترفض الشروط المسبقة

ما هي نظرة باريس إلى الوضع اللبناني وتحديداً الاستحقاق الرئاسي وما هي الأجواء التي رافقت زيارة النائب جبران باسيل رئيس "التيار الوطني الحر" الأخيرة الى العاصمة الفرنسية؟

“الضوضاء” الإعلامية والسياسية التي رافقت الجهود الفرنسية لمساعدة لبنان وخصوصاً المساهمة في إزالة العقبات أمام عملية إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، قوبلت من قبل الدوائر المعنية في باريس بـ”تكتم” رسمي لافت للإنتباه.

لكن الأوساط المطلعة في باريس والمتابعة للملف اللبناني أعطت بعض التوضيحات حول الحراك الفرنسي.

أولاً؛ التحرك الفرنسي حيال الوضع المتأزم في لبنان لا يُختصر بزيارة النائب باسيل بل سبقتها اتصالات مكثفة أجرتها السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو وتبعتها مشاورات تمت في العاصمتين اللبنانية والفرنسية، مع شخصيات سياسية ودينية وأمنية بقيت بعيدة عن الأضواء الإعلامية.

ثانياً؛ التواصل الفرنسي مستمر مع الدول والجهات المعنية على الصعيدين الاقليمي (السعودية، ايران..) والدولي (الولايات المتحدة، الفاتيكان..) ويحظى بدعم أوروبي واضح.

ثالثاً؛ الاهتمام الفرنسي مزدوج، إنساني وسياسي، والهدف الأول والأساسي والعاجل هو صيانة الاستقرار المهدد بتفاقم الوضعين الاجتماعي والاقتصادي وانعكاس التدهور والفوضى على تفاعل “الهجرة الجماعية” المنطلقة من الشواطىء اللبنانية التي لن تقتصر على النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين بل قد تشمل اعداداً متزايدة من اللبنانيين. وجهة هؤلاء الهاربين من الاوضاع الحياتية المزرية ستكون قبرص التي تمثل نقطة الحدود الاولى والمتقدمة للاتحاد الأوروبي. والخطورة في الأمر أن نقطة الانطلاق لقوارب الهرب والهجرة لن تقتصر على مرفأ طرابلس بل قد تشمل مرافىء أخرى منتشرة على الساحل اللبناني ومنها المناطق المسيحية (جونية).

رابعاً؛ الأجواء الدولية والاقليمية الحالية لا تشير الى حلحلة قريبة في مسارات الأزمات المستعصية (من الحرب الأوكرانية – الروسية الى الملف النووي الايراني مروراً بالتوتر المتصاعد بين طهران والرياض..). لذلك ينبغي عدم انتظار نضوج “التسويات الكبرى” وانعكاساتها على الأوضاع اللبنانية بل محاولة ايجاد مخارج مقبولة تعالج “المرحلة الانتقالية” وتحد من تداعيات الانهيار.

لا تزال باريس تعطي الأفضلية لخيار إدارة “المرحلة الإنتقالية” في إطار “تسوية مرحلية” في إنتظار “التسوية الكبرى”، وفي الوقت نفسه تحقيق الحد الأدنى من الالتفاف الوطني تمهيداً للانطلاق بعملية الاصلاح وورشة المعافاة. وترى باريس أن الشخصية المؤهلة والتي تجتمع فيها “المواصفات والصفات الخلقية والوطنية” تتمثل بقائد الجيش العماد جوزف عون

زيارة باسيل.. و”هاجسه”!

ولكن ماذا عن زيارة النائب جبران باسيل الأخيرة الى باريس؟

توضح الأوساط المعنية أن هذه الزيارة تعود إلى مبادرة شخصية من باسيل وهي اقتصرت على الاجتماع بعدد من “النواب والموظفين والمستشارين في الادارة” (الفرنسية) والذين هم على اهتمام ومتابعة حثيثة بتفاصيل الملف اللبناني، بمعنى أنها لم تشمل شخصيات حكومية (لا رئيس الجمهورية ولا أي وزير) واقتصرت على التشاور وتبادل وجهات النظر. ورأت هذه الأوساط أن الإهتمام بباسيل “نابع مما يمثله من شريحة مهمة ووازنة من اللبنانيين”.

واشارت هذه الأوساط الى ان ما يسكن النائب باسيل هو “هاجس” و”هوس”، (إستعملت بالفرنسية عبارة Obsession) متمثل بالرغبة في رفع العقوبات الأميركية المفروضة عليه. وألمحت إلى أن مسعى باسيل هو محاولة لإجراء نوع من “المقايضة” بين تحقيق هذه الرغبة واتخاذ موقف “مُسهل” في إطار عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية. ولكن الجانب الفرنسي، ومع ابداء تفهمه لمطلب باسيل واستعداده للمساعدة مع الجانب الاميركي، إلا انه لا يقبل بأي شرط مسبق ويعطي الاولوية لانتخاب الرئيس بأسرع وقت ممكن، وفي ضوئها يمكن تقويم المواقف. وفي هذا الاطار، عُلِمَ أن محدثي باسيل قالوا له إن فرنسا عندما تلتزم تفي بوعدها (قضية “شرف فرنسا”) كما فعلت حيال الرئيس ميشال عون من خلال رعاية وضمان وضعه بعد خروجه القسري من قصر بعبدا عندما كان يرأس الحكومة العسكرية (1988 ـ 1990).

الأفضلية لجوزف عون

وحسب المعطيات المتوفرة حتى الآن، لا تزال باريس تعطي الأفضلية لخيار إدارة “المرحلة الإنتقالية” في إطار “تسوية مرحلية” في إنتظار “التسوية الكبرى”، بشكل تتأمن معه استمرارية بقاء وعمل هيكلية المؤسسات الدستورية من خلال الامساك بزمام الأمور، وفي الوقت نفسه تحقيق الحد الأدنى من الالتفاف الوطني تمهيداً للانطلاق بعملية الاصلاح وورشة المعافاة. وترى باريس أن الشخصية المؤهلة والتي تجتمع فيها “المواصفات والصفات الخلقية والوطنية” تتمثل بقائد الجيش العماد جوزف عون. وتضيف هذه الأوساط أن المساعي جارية داخلياً وخارجياً من أجل توفير الشروط المطلوبة من خلال “الضمانات والتطمينات” التي تحاكي مخاوف البعض وهواجس البعض الآخر، وختمت بالتشديد على أولوية تطبيق الإصلاحات الهيكلية الكفيلة بإعادة نهوض لبنان.

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  وداعاً ترامب.. أعان الله بايدن
باريس ـ بشارة غانم البون

صحافي وكاتب لبناني مقيم في باريس

Download Nulled WordPress Themes
Download WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
free download udemy course
إقرأ على موقع 180  وداعاً ترامب.. أعان الله بايدن