رحلة البحث عن “رئيس سلطة” بجمهوريات لبنانية متعددة!

2023 هو عام الصراع على النفوذ في مصير التحكم بالثروة الغازية في البحر اللبناني. على سطح الماء، نشهد صراعاً سياسياً حول الرئاسة الاولى، لكن تحت ماء السياسة، ثمة صراع حول من يمسك بقرار الثروة الغازية ومن يُوفّر الضمانات للشركات الدولية التي ستُنقب في البحر اللبناني.

الكونسورتيوم النفطي المتمثل بشركتي “توتال” الفرنسية و”ايني” الايطالية ولاحقا “انرجيان” القطرية، يسارع الخطى للبدء بالتنقيب في البلوك الرقم (9)، ليس اكراماً للبنان، إنما لأن إسرائيل تستعجل الاستحواذ على حصتها من عائدات هذا البلوك التي ضمنتها في اتفاق الترسيم البحري ولاحقاً من خلال الاتفاقية الثنائية مع شركة “توتال”، وقد أبلغت الأخيرة تل أبيب بأنها “ستحصل على كامل حصتها.. وحبة مسك في البلوك (9)”.

في البداية، لا بد لشركة “توتال” أن تبدأ بالإستكشاف من أجل تحديد ما إذا كان هناك مكمن نفطي في حقل قانا ومن ثم الكمية المتوفرة في هذا الحقل، ذلك أنها، وبحسب خبراء لبنانيين، “تشكك بالموجودات الممكن توافرها في حقل قانا ضمن البلوك (9)، وهي لذلك ترفض التجاوب مع لبنانيين يطرقون بابها محاولين لعب ادوار متنوعة عبر شراكة في الخدمات التشغيلية والاستثمارات وغيرها”.

تتمثل أولوية الكونسورتيوم الثلاثي، وعلى رأسه شركة “توتال” الفرنسية، “بالتفاوض مع الاصيل لبنانياً وليس مع الوكلاء وما اكثرهم، اي الحديث مع حزب الله مباشرة في ملف الإستكشاف والتنقيب، لانه الجهة الوحيدة القادرة على توفير الشروط الامنية لبدء هذا المسار، وايضاً لكون الحزب هو الجهة الوحيدة القادرة على توفير ضمانات لدفتر الشروط الامنية الذي يسبق عملية التنقيب، كون التنقيب يستند الى شرطين: الاول، بيئي، وهو متحقق كون البحر اللبناني ذو طبيعة صخرية صلبة وبالتالي نسبة مخاطر الانفجارات الغازية ضئيلة جداً. والثاني، أمني، يقتضي إستمرار الحوار بشأنه تحديداً مع حزب الله؛ من هنا يمكن قراءة خلفيات مواقف الدول الغربية ولا سيما الأوروبية، في أعقاب حادثة العاقبية التي ادت الى مقتل جندي ايرلندي وجرح ثلاثة آخرين من عداد قوات الطوارئ الدولية المؤقتة في جنوب لبنان (اليونيفيل)، “فأمام الهدف الاكبر، وهو توفير ضمانات امنية للتنقيب يمكن تجاوز حادثة العاقبية”، كما يقول أحد المتابعين لهذا الملف.

يعني ذلك أن الاهتمام الدولي بلبنان عنوانه الأبرز في المرحلة المقبلة، مصالح نفطية وغازية في البحر اللبناني، اما كل ما يتصل بالاستحقاقات الاخرى، ولا سيما رئاسة الجمهورية، فيؤشر إلى إستمرار الدوران في حلقة مفرغة الى حين التوصل الى ترتيب نهائي يتصل بالضمانات الامنية للمصالح الغربية المتمثلة بالكونسورتيوم النفطي والغازي، اما في الداخل اللبناني “فيستمر الهاء الناس بقضايا جانبية بعيدة كل البعد عن همومهم الاساسية المتمثلة بالقضية الاجتماعية المتشعبة الى المال والاقتصاد والتعليم والطبابة وغيرها من خدمات اساسية، فالاعياد ستمر معززة بالدعم الاغترابي بعدما وصل عدد لا بأس به من المغتربين لتمضية الاعياد في ربوع لبنان، حيث تأقلم المواطن اللبناني مع الانكسارات والخسارات وابرزها سرقة العصر المتمثلة بتبديد الودائع”.

على المستوى السياسي ايضا، سيستمر تضييع الوقت اقله حتى مطلع الربيع المقبل، اذ لا يخفي أحد سفراء الدول الكبرى انه بدءاً من نهاية شهر مارس/آذار المقبل، سيشهد المواطن اللبناني تحسناً في ساعات التغذية الكهربائية، يترافق مع تحسن اصطناعي في قيمة الليرة اللبنانية بدوافع خارجية وايضا لاسباب داخلية تتصل بالتمهيد للحظة خروج رياض سلامة من حاكمية مصرف لبنان في نهاية شهر يوليو/تموز المقبل، اذ أن سلامة سيُجمّل “خروجه الآمن” عبر صرف بضعة مليارات من الدولارات المتبقية في الاحتياطي الالزامي في مصرف لبنان المركزي، يُعيّن بعدها حاكم جديد لمصرف لبنان، “لذلك؛ من غير المستبعد ان يكون انتخاب رئيس الجمهورية في الفترة الفاصلة بين نهاية مارس/آذار ومطلع يوليو/تموز 2023، على أن يتولى هندسة السلة وترتيبها رئيس مجلس النواب نبيه بري”.

وأياً كانت المخارج الداخلية، فان لبنان، بحسب تعبير أحد السفراء، “سيبقى دولة مستضعفة، وسيلعب المغتربون ـ على جاري العادة ـ دور الرافعة للمقيمين، بينما ينشط المجتمع الدولي في عملية دمج النازحين السوريين بالمجتمع اللبناني وتحديداً الذين ولدوا في لبنان، بما يؤدي إلى تغيير وجه لبنان مستقبلاً”.

وما يلفت الإنتباه في كلام السفراء قولهم ان “فرصة حزب الله كانت متوفرة في العام 2006 بعد انتهاء الحرب الاسرائيلية على لبنان، اذ شكّلت هذه الحرب لحظة للتغيير الشامل مع الحفاظ على الدستور وتطبيقه بكامل بنوده، الا ان الحزب لم يُقدم، لذلك سيدخل لبنان في مرحلة جديدة وهي التقسيم المقنع من خلال تكريس مناطق النفوذ والحمايات الذاتية”.

عن اي رئيس تبحث المنظومة ولأي جمهورية ستصبح أثرا بعد عين، وهل رئيس لبنان المقبل سيكون رئيس سلطة بجمهوريات متعددة؟

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  ثلاثة سيناريوهات لفيلم فيينا.. النووي!
داود رمال

صحافي لبناني

Download Premium WordPress Themes Free
Free Download WordPress Themes
Download WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
free download udemy course
إقرأ على موقع 180  ما بعد السنّوار إسرائيلياً.. إنجازات نتنياهو تبقى منقوصة