“لقد أوفينا بمسؤوليتنا، والآن حان الوقت لقلب الصفحة”، قال الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في خطابه أمام الكونغرس عن حالة الاتحاد عام 2010. وهو الخطاب الذي حدّد فيه نهاية عام 2011 موعداً لسحب القوات القتالية الأميركية من العراق.
حاول أوباما تبرير قرار الإنسحاب بضرورة تركيز المعركة ضد تنظيم القاعدة وحركة طالبان في أفغانستان من خلال زيادة القوات الأميركية هناك. لكن منتقديه سارعوا إلى إخبار الأميركيين أن الشعور بالهزيمة وعدم الرضا وراء قرار الإنسحاب، وأن هذا أيضاً ما منع واشنطن من التدخل لإيقاف الحرب في سوريا. لقد عارض أوباما توجيه ضربة عسكرية لنظام بشار الأسد، لكنه انتهى بنشر قوات في سوريا والعراق، في عام 2014، لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، الذي خرج من دوامة الغزو الأميركي للعراق.
بحلول عام 2021، جاء دور الرئيس جو بايدن لحث البلاد على الانتقال من كوارث ما بعد 11 أيلول/سبتمبر. لقد أراد التباهي عندما قال: “أقف أمامكم اليوم ولأول مرة منذ 20 عاماً لا تكون الولايات المتحدة في حالة حرب”. كان بايدن قد سحب للتو قوات بلاده من أفغانستان. ومع ذلك، واصل عمليات مكافحة الإرهاب في عدة دول، بما في ذلك العراق حيث أبقى 2500 من جنوده.
في كلمته، قال بايدن: “لقد طوينا الصفحة”. فهل طُويت الصفحة فعلاً؟
من يطوي الصفحة؟
على مدى عقدين من الزمن، رفض الأميركيون بعناد طي صفحة العراق. فالجيش الأميركي لا يزال يقاتل هناك، وفي العديد من الأماكن الأخرى. منطقياً، لا يمكن “طيّ” أي صفحة قبل قراءتها وفهمها وإجراء حساب حقيقي للأسباب التي دفعت إلى الحرب. فمن دون النظر إلى الوراء، لن تمضي البلاد قُدماً بثقة ووحدة. قد يكون من المؤلم إعادة النظر في ما دفع القادة الأميركيين إلى غزو دولة لم تُهاجم بلادهم، ولم يكن لديها أي خطط للقيام بذلك، وهي حقائق كانت موضع تقدير على نطاق واسع في ذلك الوقت.
من المؤكد أن واشنطن استوعبت العديد من الدروس التي اكتسبتها من حرب العراق بشق الأنفس. كثير من صانعي القرار في واشنطن اليوم، ومعهم سياسيون وخبراء، يرفضون خيار الحرب لتغيير أنظمة أو إعادة بناء دول. هؤلاء أعادوا اكتشاف فضيلة إستخدام الحكمة بدل القوة. وهم يدركون الآن أن الديموقراطية تتطلب الكثير من العمل الشاق لتأسيسها والحفاظ عليها، ولا يمكن فرضها تحت تهديد السلاح.
هذه دروس مفيدة لكنها غير كافية. فهؤلاء يختزلون حرب العراق إلى “خطأ سياسي” يمكن تصحيحه، بينما تستمر أميركا في لعب دور الهيمنة الذي رسمته لنفسها عندما انتهت الحرب الباردة. في الواقع، كان قرار غزو العراق نابعاً من السعي وراء تحقيق التفوق والسيادة على العالم. ومن أجل الإستفراد بـ”الصدارة” جرى إعداد وتمويل ونشر جيش ضخم في جميع أنحاء العالم، مهمته الأساسية تحقيق غرض وقائي: ثني الدول الأخرى عن النهوض، أو حتى التجرؤ على تحدي الهيمنة الأميركية. تم ذلك على افتراض أن الهيمنة الأميركية لن تُولّد مقاومة، بل ستضرب بقوة لإلغاء أي تمرد قبل أن يظهر. إن أميركا ترى “الهيمنة العالمية” كغاية في حد ذاتها، وتتجاهل البدائل الاستراتيجية الوفيرة التي توفرها المحيطات الواسعة التي تحتمي بها، والجيران الودودون، والروادع النووية التي تمتلكها (…).
من دون إعادة النظر في ما دفع القادة السياسيين والعسكريين إلى غزو دولة لم تُهاجم بلادهم، ولم يكن لديها أي خطط للقيام بذلك، لن تمضي أميركا قُدماً بثقة ووحدة
السيادة حتى على “المتنمرين”
تبلورت الأسس الأيديولوجية لحرب العراق قبل وقت طويل من اجتياح الدبابات الأميركية بغداد في عام 2003. قبل أكثر من عقد من ذلك التاريخ، كان هناك ثلاثة رجال، أصبحوا فيما بعد من أكثر المسؤولين نفوذاً في إدارة جورج دبليو بوش. وهم: ديك تشيني وكولين باول وبول وولفويتز. كانوا منكبين على ابتكار مفهوم جديد لإستراتيجية أميركا في عالم ما بعد الحرب الباردة. فبرغم انهيار الاتحاد السوفيتي، أرادوا أن تستمر أميركا في إظهار قوة عسكرية متفوقة في جميع أنحاء العالم. في عام 1992، حدَّد باول (رئيس هيئة الأركان المشتركة آنذاك)، الهدف بوضوح، قائلاً: “يجب أن تمتلك أميركا القوة الكافية لردع أي أحد يفكر في أن يتحدانا على المسرح العالمي. أريد أن نكون مثال الفتوة (التنمر) على العالم”.
ديك تشيني، الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع في إدارة جورج بوش الأب. كلف نائبه، وولفويتز، بالإشراف على صياغة دليل التخطيط الدفاعي؛ وهو إطار شامل لسياسة الأمن الأميركية وُضع في عام 1992. في 46 صفحة، شرح وولفويتز وزملاؤه كيفية استفراد أميركا بالهيمنة العالمية في غياب منافسين أقوياء. وقالوا إن “المفتاح” يكمن في التفكير والتصرف بشكل وقائي. وأنه في ظل عدم وجود منافسين حقيقيين، يجب على أميركا “منع ظهور منافسين محتملين وكبح تطلعهم إلى أي دور إقليمي أو عالمي”. تحقيقاً لهذه الغاية، ستحتفظ أميركا بجيش ضخم، يُقزّم الآخرين، ويستطيع أن يخوض حربين كبيرتين في وقت واحد. كذلك ستحتفظ بتحالفات وقوات حامية في مناطق إستراتيجية مختلفة حول العالم. باختصار: ستُلغي شيئاً اسمه “موازين القوى” وتفرض “تفوق القوة الأميركية”، مع الترويج لصورة “أميركا الخيّرة” التي تستوعب مصالح الحلفاء وتعمل لصالح جزء كبير من العالم، وطبعاً مع “مراعاة الدول الصناعية المتقدمة” (…). بإختصار: كل أمة، باستثناء واحدة (أميركا)، لن تربح شيئاً وستخسر الكثير إذا ما فكرت في بناء قوة عسكرية خاصة بها.
البعض حاول أن يختزل حرب العراق إلى مجرد “خطأ سياسي” يمكن تصحيحه… لكنها لم تكن أبداً كذلك
كانت هناك مشكلتان رئيسيتان في هذه النظرية، ظهرتا على السطح بمجرد تسريب مسودة وولفويتز إلى الإعلام في آذار/مارس من ذلك العام. كان الخلل الأول هو افتراض أن محاولة أميركا للهيمنة قد تدفع الآخرين إلى التراجع (…). ومع ترنح روسيا عقب انهيار الاتحاد السوفياتي، وفي حين أن الصين كانت لا تزال فقيرة، لن تواجه أميركا أي معارضة حقيقية لسنوات مقبلة. لكن كلما وسَّعت القوة العظمى الوحيدة من إلتزاماتها الدفاعية وإنتشارها العسكري، كلما واجهت مقاومة أقوى، بل وحفَّزتها. وبمرور الوقت، قد تجد الولايات المتحدة نفسها منهكة وتخاطر بحروب منفصلة عن مصالحها. لقد أراد البنتاغون، بقيادة تشيني، جعل أي مقاومة محتملة غير مجدية. لكن ماذا لو أن المقاومة هي التي جعلت التفوق الأميركي عديم الجدوى؟
معارضة دولية برغم الهيمنة
أثارت وثيقة البنتاغون ردود فعل شاجبة باعتبارها “صيغة لتدخل أميركي لا نهاية له”(…). يومها سخر بايدن، وكان عضواً في مجلس الشيوخ آنذاك، قائلاً: “إن رؤية البنتاغون تذكرنا بفكرة قديمة تقول إن أميركا هي شرطي العالم. هذا يعني أنه علينا وضع ميزانية دفاعية كبيرة إلى ما لا نهاية”. كان الإجماع على الحرب الباردة من أجل إحتواء الشيوعية السوفياتية قد تم تشكيله رداً على تهديد قائم من القوى العظمى. لكن قرار ضبط عالم ما بعد الحرب الباردة، تميز بتحديات متنوعة ولكن بدون عدو رئيسي.
شكلت الفترة المتبقية من تسعينيات القرن الماضي ذروة الأحادية القطبية الأميركية، ومع ذلك فقد كثرت بوادر المعارضة الدولية واللامبالاة الداخلية. عملت الصين وروسيا على حل نزاعاتهما الثنائية، وبدأتا في تجميع ما أصبح يُعرف بـ”منظمة شنغهاي للتعاون”. ومعاً، روَّجا لـ”تعدد الأقطاب في العالم”. ففي رسالة بعثتا بها إلى مجلس الأمن، في عام 1997، أعلنت موسكو وبكين أنه “لا ينبغي لأي دولة أن تسعى إلى الهيمنة أو الانخراط في سياسات القوة أو احتكار الشؤون الدولية”. حتى أن بعض حلفاء أميركا أعربوا عن مخاوف مماثلة. فبعد عامين، أطلق وزير الخارجية الفرنسي هوبرت فيدرين على أميركا لقب “القوة المفرطة”، ودعا إلى “تعددية قطبية حقيقية ومتوازنة ضد الأحادية”.
كانت الدول الأكثر إزعاجاً في ذلك الوقت هي ما يُسمى بـ”الدول المارقة”؛ إيران وليبيا وكوريا الشمالية والعراق. بعد طرد القوات العراقية من الكويت في عام 1991، لم يحاول الجيش الأميركي الإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين (…)، وفي الوقت نفسه لم تنسحب أميركا من المنطقة. ولبقية العقد، قررت أن تحتوي العراق من خلال العقوبات الاقتصادية القاسية، واقامة منطقة حظر للطيران، وتكثيف عمليات التفتيش على أسلحة الدمار الشامل. ومن بين أمور أخرى، نشرت، وإلى أجل غير مسمى، عشرات الآلاف من القوات في الخليج العربي، بما في ذلك السعودية لأول مرة في التاريخ.
أراد البنتاغون، بقيادة تشيني، جعل أي مقاومة محتملة غير مجدية. لكن ماذا لو أن المقاومة هي التي جعلت التفوق الأميركي عديم الجدوى؟
إذن، حرب العراق لم تكن أبداً مجرد خطأ سياسي.
تبنى الرئيس بيل كلينتون هدف سلفه المتمثل في الهيمنة على الشرق الأوسط، وواصل سياسة “الاحتواء المزدوج” لإيران والعراق. ومع ذلك، لم يكن هذا كافياً لإرضاء الأصوليين اليمينيين. في عام 1997، شكل المفكران ويليام كريستول وروبرت كاغان “مشروع القرن الأميركي الجديد”، وهو مركز أبحاث مكرس لصياغة سياسة خارجية تقوم على “القوة العسكرية والوضوح الأخلاقي”. بالنسبة لهما، كان عراق صدام يمثل عملاً غير مكتمل. وبحسب رسالة مفتوحة؛ موقعة من رامسفيلد وولفويتز وآخرين، كان صدام بصدد إمتلاك أسلحة دمار شامل لإستخدامها ضد القوات الأميركية وحلفائها في المنطقة. قريباً، سيكون كل من وقَّع تلك الرسالة مسؤولين في إدارة جورج دبليو بوش. فقد جادل هؤلاء بأنه يجب على أميركا أن تسعى لتغيير النظام في العراق (…). إن “الإجماع على تغيير النظام، لم يجعل الغزو احتمالاً جاداً قبل 11 أيلول/سبتمبر، لكنه نزع الشرعية عن السياسة البديلة المتمثلة في ترك صدام في السلطة مع إبقائه محاصراً”، بحسب المؤرخ جوزيف ستيب. لقد كانت واشنطن قد حدَّدت نهايتها المرجوة: الإطاحة بصدام.
كانت الوسائل التي من خلالها سيتحقق ذلك مسألة أخرى. فبعد الفوز في حرب الخليج والمساعدة في إعادة توحيد ألمانيا داخل حلف “الناتو”، تم طرد جورج بوش من منصبه في عام 1993. فضل الناخبون تجنب حرب فيتنام ثانية و”التركيز على الاقتصاد”. كلينتون، من جانبه، بذل جهوداً كبيرة لتقليل الخسائر الأميركية حتى عندما استخدم القوة العسكرية بشكل متكرر ووسع التحالفات الأميركية. تسبب موت 18 من الجنود الأميركيين في مقديشو عام 1993 في انسحابه بالكامل من الصومال وأدخل مصطلح “زحف المهمة” إلى المعجم الأميركي. كان تدخل كلينتون الأكثر جرأة، والذي كان يهدف إلى وقف التطهير العرقي في كوسوفو، يعتمد على القوة الجوية وحدها. لكن الأوامر كانت أن تُحلَّق طائرات “الناتو” على إرتفاع عالٍ بما يكفي لإبقاء الطيارين بعيداً عن الخطر قدر الإمكان، حتى لو كان الثمن تحقيق أهداف أقلّ دقة.
اشتهرت مادلين أولبرايت، وزيرة خارجية كلينتون، بقولها “أميركا أمةٌ لا غنى عنها”. لكن غالباً ما يُنسى أنها فعلت ذلك في قاعة بلدية متلفزة في عام 1998 في كولومبوس في ولاية أوهايو، حيث قوبلت دفاعاتها عن السياسة الأميركية في العراق بأسئلة عدائية وقاسية (…). كان عمق الدعم للسياسة الخارجية الأميركية القوية موضع شك. مع اقتراب إدارة كلينتون من نهايتها، تباهى وولفويتز بأن الأفكار الواردة في دليل التخطيط الدفاعي، التي أسيء إليها كثيراً عند تقديمها قبل سنوات، أصبحت حكمة تقليدية لدى الحزبين (الجمهوري والديموقراطي). ومع ذلك، فقد اعترف في مقال نشرته مجلة “ذا ناشيونال إنترست”، في عام 2000، قائلاً: “في الواقع، البلاد لا تكترث لإحتمال إندلاع حرب كبرى أخرى، ناهيك عن الاتفاق حول كيفية منع وقوعها”. كان معظم من في واشنطن يردد الترنيمة ذاتها.
هيمنة بدون شعبية
بدأ ذلك يتغير بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001، التي وفَّرت شعوراً بالتهديد الوجودي أعطى هدفاً للقوة الأميركية بعد بحث استمر عشر سنوات. لكن كان من الممكن تفسير الهجمات بشكل مختلف تماماً، مثل أنها كانت حالة مروعة من ردود الفعل ونذير مقاومة ضد الهيمنة الأميركية. عدد قليل من الأميركيين أخذوا بهذه الاحتمالية وحاولوا فهم الأسباب التي تجعل 19 شخصاً يضحون بأرواحهم ويقتلون الناس في منتصف الطريق في جميع أنحاء العالم. الكاتبة سوزان سونتاغ أشارت إلى أن هجمات أيلول/سبتمبر “نُفذت نتيجة تحالفات وأفعال أميركية محددة”. كان أسامة بن لادن قد أعلن الحرب على أميركا قبل هجمات أيلول/سبتمبر بسنوات، مستشهداً بثلاثة مظالم رئيسية: وجود القوات الأميركية في السعودية، الحصار والعقوبات على العراق، والدعم الأميركي لإسرائيل. في المقابل لم يكن كثير من الأميركيين يعلمون حقيقة “أن وجود قوات وسفن حربية أميركية في الخليج “لا يلقى أي شعبية، وكذلك هشاشة الأنظمة التي تدعمها واشنطن”، كما يؤكد الصحافي في “نيويورك تايمز” مارك دانر.
مستلزمات الهيمنة الأميركية: جيش ضخم مهمته توجيه ضربات وقائية، تحالفات ونشر قوات في مناطق إستراتيجية، إلغاء شيء اسمه “موازين القوى”، ولبس دور “سيد المتنمرين”
ربما أصبحت هذه الحقائق معروفة على نطاق واسع بعد 11 أيلول/سبتمبر، خاصة مع تركيز أميركا على عدو محدد: “القاعدة“. وربما استنتج الأميركيون أن السبيل الأنجع لحماية أنفسهم هو التوقف عن احتلال الشرق الأوسط وقتل الناس هناك. وربما تساءلوا أيضاً ما إذا كان السعي وراء الهيمنة العالمية يقلّل من أمنهم.
بالنسبة لبوش الإبن، ومسؤولي سياسته الخارجية، لم تكن المشكلة تكمن في القوة الأميركية المفرطة، بل في القليل منها. وأكدوا للأميركيين أن المهاجمين كانوا مدفوعين بالشر الخالص وليس بأي شيء يمكن أن تفعله أميركا على الإطلاق. ففي خطابه إلى الأمة، بعد تسعة أيام من 11 أيلول/سبتمبر، قال بوش: “الأميركيون يتساءلون، لماذا يكرهوننا؟”. وأجاب نفسه قائلاً: “إنهم يكرهون حرياتنا”.
وعلى القدر نفسه من الأهمية، لم يكن المقصود “جهاديو القاعدة” فقط. إن التركيز فقط على المجموعة التي هاجمت نيويورك وواشنطن يعني إهمال الرهانات الأكبر، أي النضال من أجل الحفاظ على الهيمنة العالمية ضد كل أنواع المعارضة. وكما قال وولفويتز، في 4 تشرين الأول/أكتوبر 2001، “بن لادن وصدام وكيم جونغ إيل وغيرهم من الطغاة يريدون رؤية أميركا خارج المناطق الحرجة. هجمات 11 ايلول/سبتمبر مجرد مثال على المقاومة التي يجب مواجهتها بدون تردد” (…).
لتحقيق كل ذلك، حتى شن “حرب عالمية على الإرهاب” لن تكون كافية. قال رامسفيلد لأحد مساعديه، بعد أربع ساعات فقط من سقوط البرجين، “يجب أن يكون ردنا مزلزلاً”. وأضاف “كنسوا كل شيء، الأشياء ذات الصلة والأشياء غير ذات الصلة”، وهذا يعني توجيه ضربة ضد بن لادن وصدام في الوقت نفسه (…). الفكرة شكلت صدمة للبعض، ومنهم المنسق العام لمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي، ريتشارد كلارك، الذي أعلن في 12 أيلول/سبتمبر: “أن نقصف العراق رداً على الهجمات كان مثل غزونا للمكسيك بعد أن هاجمنا اليابانيون في بيرل هاربور”. وبينما شرعت البلاد في حرب غير مؤكدة في أفغانستان ضد عدو غامض قد يضرب مرة أخرى، كان من اللافت للإنتباه أن يفكر كبار المسؤولين في غزو العراق أيضاً، ناهيك عن تكريس 130 ألف جندي لهذه المهمة في غضون 18 شهراً.
(يتبع).
– النص بالإنكليزية على موقع “فورين أفيرز“.