في البداية، كان القاسم المشترك في تعليقات صحافيين وسياسيين وجنرالات سابقين دعوة إسرائيل إلى عدم الرد على الرد الإيراني، وبالتالي الذهاب نحو مسار يفضي إلى استهداف البرنامج النووي الإيراني، وفي هذا السياق قال رئيس مجلس الأمن القومي السابق غيورا إيلاند للقناة “N12”: “يجب التوصل إلى تفاهُم مع الولايات المتحدة من أجل بناء تحالُف من الدول يقوم بضرب إيران. يجب الاتفاق على هذه الرسالة بشكل يردع الإيرانيين من جهة، ويُلزم الأميركيين من جهة أُخرى”.
وفي مقالة له في الموقع الإلكتروني لمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، كتب داني سترينوفيتش إن الكرة الآن في الملعب الإسرائيلي وأي رد سيزيد بصورة دراماتيكية احتمالات الحرب الإقليمية، الأمر الذي يستوجب تنسيق الموقف مع الولايات المتحدة، وأضاف “بإمكان إسرائيل الاكتفاء بأن الهجوم الإيراني لم يتسبب بأضرار كبيرة فعلياً، وأن تقوم بردّ محدود على هذا الهجوم، ولا سيما أن الولايات المتحدة لا تؤيد هجوماً إسرائيلياً مضاداً. من جهة أُخرى، المقصود حادثة غير مسبوقة يمكن أن تدفع إلى ردّ خطر، رغبةً في منع حوادث مشابهة مستقبلاً، وترسيم “خط في الرمال” لإيران كي لا تكرر هجومها مرة ثانية”.
دورون ماتسا: يتعين على إسرائيل أن تتوجه نحو عملية متوازنة تنطوي على استعداد لكبح أي ردّ مباشر، عبر الاتفاق مع الولايات المتحدة ودول أوروبية على بناء تحرُّك، هدفه القضاء على المنشآت النووية الإيرانية
ويقول تامير هايمن، رئيس “معهد دراسات الأمن القومي” في جامعة تل أبيب، والقائد الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية “أمان”، إن إسرائيل “نجحت من الناحية العملانية في صد الهجوم الإيراني، لكن من الناحية الاستراتيجية، الوضع أكثر تعقيداً؛ إذ لم تنجح إسرائيل والولايات المتحدة في ردع إيران عن شن هجومها، وقد نجحت الأخيرة في ضرب إسرائيل من دون إجبار الولايات المتحدة على الرد بشن هجوم مشترك مع إسرائيل”. ويشير إلى أن الرد الإسرائيلي “سيكون داخل الأراضي الإيرانية، لكن علينا المحافظة على الغموض، وترْك الطرف الثاني يعاني جرّاء حالة من عدم اليقين، والوقت في متناولنا، ويتعيّن علينا أن نفكر ونخطط ونعمل بذكاء، ونجاحُنا في الدفاع والتصدي للهجوم الإيراني يسمح لنا بذلك”.
واعتبر الكاتب الإسرائيلي دورون ماتسا في مقالة له في موقع “مكور ريشون” أن الهجوم الإيراني يُشكّل “نقطة تحوّل استراتيجية تخطت قيود الركود التي كانت تسود المنطقة وخرقتها”، ورأى أنه “من المؤكد أن الردّ الإسرائيلي سيواجَه بردّ إيراني”، وأضاف “عدم الرد سيكبّدنا ثمناً باهظاً، بحسب قواعد اللعبة الإقليمية”، لذا رأى أنه “يتعين على إسرائيل أن تتوجه نحو عملية متوازنة تنطوي على استعداد لكبح أي ردّ مباشر، عبر الاتفاق مع الولايات المتحدة ودول أوروبية على بناء تحرُّك، هدفه القضاء على المنشآت النووية الإيرانية”.
بدوره، إيتان غلبواع، الخبير في سياسة الولايات المتحدة في جامعة بار إيلان، كتب في “معاريف”: “لقد فشل الردع الأميركي، لكن التصدي نجح، والتفوق الدفاعي الإسرائيلي هزم القدرة الهجومية الإيرانية. وقد أوضحت الهجمات الإيرانية بصورة كبيرة للرأي العام في الولايات المتحدة والعالم من هو “رأس الأفعى” الذي يقف وراء كل الهجمات على إسرائيل من لبنان واليمن”.. ويضيف الكاتب بأن جو بايدن نفذ “التعهدات الحديدية” للولايات المتحدة بالدفاع عن إسرائيل في مواجهة هجمات إيرانية، “وهو بذلك عزز الصدقيّة الاستراتيجية العامة لواشنطن، لكن في المقابل، فهو يواصل إدارة حملة شرسة لمنع التصعيد واشتعال المنطقة كلّها مع التركيز على ضرورة التنسيق والسيطرة على الرد الإسرائيلي”.
من جهته، حذّر المحلل العسكري في موقع “واينت” الإلكتروني، رون بن يشاي، من عدم رد إسرائيل، بقوله ” نفذ آيات الله هذه الليلة (ليلة السبت-الأحد الماضي) ما لم يفعلوه أبداً عندما هاجموا إسرائيل عازمين على إلحاق ضرر شديد ومن أجل استهداف الأمن الشخصي لمواطنيها. وإذا لم ترد إسرائيل بشكل مؤلم على الهجوم، فإنه من شأن آيات الله وحلفائهم في “محور المقاومة”، وكذلك دول المنطقة المستعدة لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، أن يروا ذلك على أنه ضعف”. ويعتبر أن “إسرائيل حصلت على فرصة من أجل ترميم شرعيتها السياسية والإدراكية في الحلبة الدولية، التي تبدّدت طوال حرب السيوف الحديدية على غزة”.
ويشير المحلل السياسي في “هآرتس”، عاموس هرئيل إلى أن طبيعة الرد الإسرائيلي “ستُحددها العمليات الإيرانية، كما ستتأثر بالموقف الأميركي، فالتأييد الأميركي لن يكون من دون مقابل، ومن الضروري الأخذ في الحسبان اعتبارات الإدارة في واشنطن”. ويضيف الكاتب “ما هو واضح الآن أن شيئاً أساسياً تغيّر في الحسابات الإيرانية، ويبدو أنه لم يطرأ على بال القيادة في إسرائيل والمؤسسة الأمنية أن إيران سترد بصورة حادة وواسعة النطاق على الاغتيال، وربما تكون السياسة الإيرانية ثمرة الشعور بأن إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء في اغتيالها اثنَين من كبار قادة الحرس الثوري في دمشق خلال 4 أشهر، لكن هذا له علاقة أيضاً بالانطباع الذي يسود طهران بأن إسرائيل ضعيفة وعالقة في حربها مع “حماس”، ومن الممكن ضربها مباشرة”.
يوسي فيرتر: لا تقلقوا.. سيظل نتنياهو يقول لنا أنه الوحيد القادر على تحقيق النصر. وسيكون هناك مَن يصدقونه أيضاً. سيكون هناك مهرّجو بلاط يرتبط رزقهم ببقائه في الحكم، وسينثرون فوق رؤوسنا الهراء، ويرتدون قبعات مزينة بالشعارات
أما يوسي فيرتر الكاتب في “هآرتس”، فيسمي بنيامين نتنياهو بأنه “أبو علي الشرق الأوسط”، ويقول إن هذا الأبو علي “انكشفت مؤخرته أمام أنظار الجميع في 7 تشرين الأول/أكتوبر في “غلاف غزة”، وفي 8 تشرين الأول/أكتوبر على الحدود الشمالية، وفي 13 نيسان/أبريل أمام إيران”، ويضيف “لا تقلقوا.. سيظل يقول لنا أنه الوحيد القادر على تحقيق النصر. وسيكون هناك مَن يصدقونه أيضاً. سيكون هناك مهرّجو بلاط يرتبط رزقهم ببقائه في الحكم، وسينثرون فوق رؤوسنا الهراء، ويرتدون قبعات مزينة بالشعارات. سيكون هناك محللون أمنيون وسياسيون يعملون، على مدار الساعة، على محاولة خلق سردية، مفادها أن الجيش هو المسؤول عن إخفاق السابع من تشرين الأول/أكتوبر، أمّا انتصار الثالث عشر والرابع عشر من نيسان/أبريل، فهو من صُنع نتنياهو”.
كان لافتاً للإنتباه في تعليقات الصحافة العبرية ضرورة وقوف القيادة الإسرائيلية عند خاطر الرئيس الأميركي “المخلص والمدافع عن إسرائيل”، وفي الوقت نفسه “الرافض لتوسع الحرب في المنطقة”، وبالتالي، امتناع تل أبيب عن الرد على الرد، والاكتفاء برد دبلوماسي، لا سيما عبر مجلس الأمن، حيث طالب وزير خارجيتها، يسرائيل كاتس، بضرورة تصنيف الحرس الثوري الإيراني “منظمة إرهابية”، وفرض عقوبات دولية جديدة وقاسية بحق طهران (المصادر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، صحيفة “الأيام”، عرب 48، عبري لايف).