ما هي أبعاد استقالة غانتس وآيزنكوت؟

Avatar18011/06/2024
قدّم الكاتب والباحث في الشؤون الإسرائيلية أنطوان شلحت، في تقرير نشره موقع "مدار" قراءته لأبعاد إستقالة الوزيرين في "كابينيت الحرب" الإسرائيلي بيني غانتس وغادي أيزنكوت من حكومة الطوارئ الإسرائيلية التي تشكلت غداة 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وهي خطوة كانت مُقرّرة بالنسبة إلى غانتس، لكنه أجّلها يوماً واحداً على خلفية قيام الجيش الإسرائيلي باستعادة 4 مخطوفين إسرائيليين محتجزين في قطاع غزة (...).

“على خلفية استقالة غانتس وأيزنكوت التي تؤدي إلى انتهاء ولاية حكومة الطوارئ واستمرار ولاية حكومة بنيامين نتنياهو السادسة التي ما يزال ائتلافها المستند إلى أكثرية 64 عضو كنيست متماسكاً، لا بُدّ من أن نشير إلى ما يلي:

أولاً، فيما يتعلق بالحرب على قطاع غزة لا يظهر أن هناك خلافات جوهرية حول أهدافها، وهي بحسب ما يكرّرها نتنياهو وغانتس وغيرهما من قادة الحكومة: تدمير حماس، وإطلاق الأسرى والمخطوفين الإسرائيليين، وضمان ألا يشكّل قطاع غزة تهديداً أمنيّاً لإسرائيل في المستقبل. ومع ذلك هناك خلاف على كيفية تحقيق هذه الأهداف. وهي أهداف لا تنفك الولايات المتحدة أيضاً تعلن تأييدها لها، وإن أبدت تحفظات على وسائل تحقيقها ولا سيما تلك التي تلحق أضراراً بالسكان المدنيين، ولا تتيح إمكان إيصال المساعدات الإنسانية المطلوبة.

ثانياً، هناك مسألة برزت بالتزامن مع إصرار نتنياهو على توسيع المعارك العسكرية في منطقة رفح في جنوب قطاع غزة، وهي مسألة التشديد على أن وعود رئيس الحكومة بشأن تحقيق نصر مطلق وسريع في القطاع تصبح جوفاء أكثر فأكثر. ولعلّ أبرز من تبنى هذا التشديد محللو الشؤون العسكرية في وسائل الإعلام الإسرائيلية وقادة عسكريون سابقون. فمثلاً، يشير اللواء احتياط غيورا أيلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي وشعبة الاستخبارات العسكرية (“أمان”)، إلى أن حرب غزة كشفت النقاب عن سطحية المؤسسة السياسية الإسرائيلية وضحالتها، بدءاً من تصريحات قادتها الجوفاء بأن الضغط العسكري سيؤدي إلى إبرام صفقة مخطوفين جيدة، بينما حصلت إسرائيل، وعندما كان الضغط العسكري “معتدلاً”، على صفقة جيدة نسبياً، مع إطلاق عشرات المخطوفين يومياً. كما أن هناك مصطلحاً أجوف أكثر، هو “النصر المطلق”، والذي ما من معنى له سوى استسلام حركة حماس من دون شروط، وإطلاق كل المخطوفين من دون شروط. ومن الواضح برأيه أن هذا لن يحدث، وأن هذا المصطلح الذي صاغه رئيس الحكومة قد يكون شعاراً انتخابياً ناجحاً لكنه ليس هدفاً حقيقياً (“يديعوت أحرونوت“، 27/2/2024).

ويتفق مع هذا الاستنتاج لواء آخر في الاحتياط هو عاموس يدلين، الرئيس السابق لشعبة “أمان” ولـ”معهد أبحاث الأمن القومي”، الذي أكّد أن “النصر المطلق” الذي يحاول نتنياهو أن يظهر كأنه ينتظرنا خلف الباب هو مجرّد شعار فارغ من المضمون، وذرّ للرماد في العيون. وهذا يؤكد عليه أيضاً عدد كبير من المحللين السياسيين والدبلوماسيين الإسرائيليين السابقين الذين يشيرون في الوقت نفسه إلى أن نتنياهو ما زال متشبثاً بوهم “النصر المؤزر” لأنه يطيل أمد الحرب، ويؤجل فضْحه كزعيم فاشل.

ثالثاً، فيما يخص التوجهات الاستراتيجية – السياسية حيال المسألة الفلسطينية ومستقبل الاحتلال في أراضي 1967، يبدو أن هناك سكوتاً جماعياً للأحزاب السياسية المعارضة لنتنياهو الأمر الذي يعني عدم رؤية إسرائيلية بديلة للسياسة العامة حيال القضية الفلسطينية التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية الحالية. وحتى خلال قيام غانتس بزيارة إلى الولايات المتحدة إبان الحرب، لم يتوقع المحللون الإسرائيليون والأميركيون أن يتحدث مع مستضيفيه الأميركيين عن “حل الدولتين” لكونه يعارضه، أو عن وقف دائم لإطلاق النار في غزة لأنه يعارضه أيضاً. ومع ذلك، يمكنه أن يتحدث عن إدخال مساعدات إنسانية أكثر إلى غزة، وأن يعرب عن دعمه لمثل هذا الإجراء، لكنه ليس هو مَن يقرّر بهذا الشأن بل نتنياهو وحلفاؤه من اليمين المتطرّف. ووفقاً لعديد التحليلات الإسرائيلية، فإن دعوة غانتس إلى زيارة واشنطن من خلال الالتفاف على نتنياهو، تنطوي على رسالة من الإدارة الأميركية الحاليّة فحواها أنها ترى في ضيفها الزائر بديلاً لنتنياهو. وللتذكير، فإن هذا الأخير لم يتلق مثل هذه الدعوة إلى زيارة الولايات المتحدة حتى الآن منذ إقامة حكومته الحالية، وذلك خلافاً لما هو متبع عادة في سياق تاريخ العلاقات الثنائية بين الدولتين بعد انتهاء كل معركة انتخابات عامة.

رابعاً، تتمحور الخلافات بين نتنياهو وغانتس داخل الحكومة حول صفقة تبادل الأسرى من جهة، وحول التعامل مع قضية إنهاء الحرب من جهة أخرى. وانضافت إليهما أيضاً الأزمة المرتبطة بموضوع تجنيد الشبان اليهود الحريديم إلى صفوف الخدمة العسكرية الإلزامية. ويخضع نتنياهو قضيتي صفقة التبادل وإنهاء الحرب إلى أجندته الخاصة، ويقف في صلبها الحفاظ على ائتلافه الحكومي الذي يضمن له البقاء في منصبه أطول فترة ممكنة.   

خامساً، بالرغم من كل ما تقدّم ليس مبالغة القول إن استقالة غانتس وأيزنكوت وخروج “المعسكر الرسمي” من حكومة الطوارئ يعتبر دليلاً على أن الحبل بدأ يضيق على خناق حكومة بنيامين نتنياهو السادسة، وفي الوقت عينه تتراكم الأزمات التي تحيط بنتنياهو وإسرائيل بصورة أكبر، وينبغي هنا أن نذكر من هذه الأزمات: ملف الأسرى، وتعثّر الجيش في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للحرب، وإدارة المعركة من غير تصوّر سياسي لـ”اليوم التالي”، وتوتر العلاقة مع الولايات المتحدة، وتعمّق عزلة إسرائيل دولياً وتحوّلها إلى دولة منبوذة في أوساط الجماهير الشعبية والطلبة، ومحاكمة إسرائيل في محكمة العدل الدولية، وخشية إصدار مذكرات قضائية من جانب المحكمة الجنائية الدولية”.

إقرأ على موقع 180  شاهدتُ نهاية العالم في قلب بيروت

(*) راجع النص كاملاً في موقع المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار)

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Premium WordPress Themes Download
Download Best WordPress Themes Free Download
Free Download WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
free download udemy paid course
إقرأ على موقع 180  أميركا 2024: رئاسة مُفخّخة، إدارة حربين.. والعين على الصين!