إسرائيل تستعد لأيام قتالية.. هل تتدحرج إلى حرب شاملة؟

أحدث خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الأخير حالة من الإسترخاء لدى جمهوره، الذي بدا أكثر إطمئناناً من أي وقت مضى إلى أن رد المقاومة على استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت وأحد رموز حزب الله والمدنيين الأبرياء، لن يمر من دون عقاب، لكن ليس بالضرورة أن يأخذ المنطقة إلى حرب شاملة، لا يرغب حزب الله بها برغم استعداده لها.

عدا عن الاستنفار العسكري والأمني ووسائط الدفاع بمختلف طبقاتها في إسرائيل، كما في مؤسسات الدولة العبرية، وفي محطات القطار وعلى الطرقات، وفي القرى والدساكر والمدن الإسرائيلية، لا سيما في منطقة الوسط (غوش دان)، تشي هذه الإجراءات كأن الحرب باتت على الأبواب، وقد نُفذت العديد من المناورات لفحص قدرة وإمكانيات الجبهة الداخلية في استيعاب ظروف الحرب المرتقبة التي تعتبر مختلفة عن كل الحروب السابقة التي خاضتها إسرائيل سواء مع الجيوش العربية أو مع قوى المقاومة في لبنان وفلسطين.

وأبرز تلك الإجراءات الإسرائيلية؛

1- تمّ تجهيز الملاجئ ومواقف السيارات تحت الأرض، بكل مستلزمات الحياة من مواد غذائية وأدوية وأجهزة لوجستية وطبية لفترة تتعدى الستة أشهر.

2- جرى استحضار مولدات كهربائية إلى التجمعات السكنية للاستعاضة عن الكهرباء التي يتحسبون لانقطاعها بعدما كشف “هدهد ١” عن مواقع المحطات الكهربائية في وسط الكيان.

3- أخلت إسرائيل كل المواقع التي كشفتها هداهيد حزب الله بشكل شبه كامل، وأبقت على بعض مشغليها فقط.

4- أفرغت إسرائيل خزّانات معظم المحطات والمعامل من المواد القابلة للاشتعال أو الانفجار.

5- أقامت وزارة الاتصالات شبكة خاصة للاتصالات عبر الأقمار الصناعية حتى يتسنى للمسؤولين ضمان اتصالاتهم إذا ما تعرّضت الاتصالات على اختلاف أنواعها إلى التعطيل أو التهكير أو التجسس.

6- باتت المطارات شبه متوقفة بسبب امتناع العديد من شركات الطيران عن الهبوط في مطارات إسرائيل. وكذلك المرافئ تعمل بأقل من عشرة بالمئة قياساً بالسنة الماضية، نتيجة الحصار الذي تفرضه القوات البحرية اليمنية إضافة إلى المستجدات الأخيرة.

يسعى نتنياهو، للدفع نحو حرب، ليس بالضرورة أن تكون شاملة، ثمة أكثر من نوع أو شكل للحرب المرتقبة؛ حرب شاملة؛ حرب محدودة بالمكان وقابلة للتوسع حسب مقتضيات الميدان لدى الطرفين، كما هو حال الحرب الواقعة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي؛ حرب محددة بالزمان – “أيام قتالية”، وهي التي يريدها نتنياهو

7- تأمين مدرّجات بديلة للطائرات الحربية في حال تعرّضها للتدمير.

8- الثكنات والمواقع العسكرية، ومراكز الأمن والاستخبارات، في حالة تأهب، حيث أعلنت النفير العام، لناحية الجاهزية الكاملة وحجز كل عديدها، ليس لتلقي رد “قوى المحور” على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، أو اغتيال القيادي الكبير في حزب الله فؤاد شكر (السيد محسن) وحسب، إنما تحضيراً لشن حرب إذا ما كان رد “المحور” قاسياً.

هذا الواقع المُعاش في إسرائيل الآن، يقودنا إلى الاستنتاج الآتي:

يسعى رئيس حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل، بنيامين نتنياهو، بكل ما أوتي من قوة للدفع نحو حرب، ليس بالضرورة أن تكون شاملة، ثمة أكثر من نوع أو شكل للحرب المرتقبة؛ حرب شاملة؛ حرب محدودة بالمكان وقابلة للتوسع حسب مقتضيات الميدان لدى الطرفين، كما هو حال الحرب الواقعة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي؛ حرب محددة بالزمان – “أيام قتالية”، وهي التي يريدها نتنياهو، لكن “أياماً قتالية” مع إيران فقط إذا أمكن له ذلك، شريطة أن تتولاها بشكل رئيسي الولايات المتحدة الأميركية، وتكون حصيلتها تدمير المفاعلات النووية الإيرانية، وهو (أي نتنياهو) على استعداد لتحمل سقوط بعض الصواريخ الباليستية – الفرط صوتية الإيرانية على الكيان، حيث لا تقوى “القبة الحديدية” على صدّها.. لكن ضمانة أن تبقى الأيام القتالية مضبوطة بأهدافها وزمانها ومكانها تبدو ضعيفة للغاية مما يجعلها مفتوحة على احتمال أن تتحول إلى حرب شاملة وهذا الأمر الذي حدا بالأمين العام لحزب الله أن يحذر من أن حرباً كتلك التي يريدها الإسرائيليون سيكون الرد عليها غير مُقيّد بضوابط أو قيود أو قواعد أو خطوط حمر.

عليه، يُحقّق نتنياهو حلمه التاريخي منذ توليه حكومته الثانية عام 2009، وهذا ما سيُمكنه من الخروج بطلاً تاريخياً، وشخصية استثنائية تتماهى بنظره مع شخصية ديفيد بن غوريون – مؤسس الكيان. وهو لن يقبل على نفسه، كما يتوقع كثيرون، بأن ترسم حرب “طوفان الأقصى” مسار نهاية حياته السياسية ودخوله إلى السجن، وربما برفقة زوجته سارة؛ مضيفة الطيران التي ملكت قلبه وعقله، حتى أمست بنظر الإسرائيليين شريكة مكتملة المواصفات في القرارات التي تصدر عن نتنياهو.

بذلك يكون “بيبي” قد عثر على ضالته بعد استحالة تحقيق أيّ من أهدافه التي أطلقها غداة عملية “طوفان الأقصى”، لا سيما لجهة القضاء على حماس، وفي الوقت نفسه يتجنب الحرب المفتوحة على جبهة الشمال التي يخشاها الإسرائيليون باستثناء الأحزاب المتطرفة بزعامة كل من إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش اللذين يفتقران لأية رؤية استراتيجية، باستثناء ما يحملانه من أحقاد دينية مشبعة بشهية مفتوحة على الإجرام بحق الإنسانية.

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  الملف النووي يتحرك.. وطهران تنتظر جواباً أميركياً!
مهدي عقيل

أستاذ جامعي، كاتب لبناني

Free Download WordPress Themes
Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
free download udemy paid course
إقرأ على موقع 180  ماكرون يتوعد السياسيين: ليس لكم إلا الطحين!