قائدٌ مقاومٌ.. أسيرٌ حيّاً وأسيرٌ شهيداً

عرفناه شجاعاً مقداماً، يقدّر الناس حقّ قدرها في محور المقاومة.

في الأسر الطويل، عرف عدوّه ونقاط ضعفه وطريقة تفكيره، فتعلّم لغته وأتقنها.

قام بما يحتّم عليه فكره المقاوم وموقفه الصلب الذي لا يلين، بتخطيط عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.

ثم… كان ما كان من بطولات المقاومين التي عشناها لحظة بلحظة.

وكان ما كان من وحشية العدو وهمجيته المعروفة، فقابلها أهلنا في قطاع غزَّة بصمود أسطوري، أدهش القريب والبعيد!

قائدٌ شهيدٌ… لم يخيّب أمل من وثق به… وأهلٌ مناضلون… لم يخيّبوا أمل قائدهم بهم… هو تكاملٌ في الروح وتناغم في المصير، وما بدّلوا تبديلاً!

“من ثمارهم تعرفونهم…”

إنه القائد يحيى السنّوار الذي سوف “يحيى” في فكر وروح المؤمنين بالمقاومة، كما اسمه، فلكلّ امرئ من اسمه نصيب.

في إنجيل متَّى، الإصحاح السابع، الآية السادسة عشرة، يقول السيّد المسيح، ابن فلسطين الحبيبة وفدائيّها الأول، بعد الميلاد: “من ثمارهم تعرفونهم…”.

حقاً… لقد عرفنا صلابة القائد يحيى السنّوار من إنجازاته في المقاومة وتخطيطه لـ”الطوفان”، وحتى من ممتلكاته عند استشهاده: كان يمتلك إيمانه الراسخ وسلاحه – شرفه كمقاوم:

سبحته وكتيّب الأدعية والأذكار المرافق له، ثم… بندقية المقاوم ومخزنين فقط من الرصاص، ما يعني أنه قد أفرغ في عدوّه ثلاثة مخازن من الرصاص. كما ضرب على جنود العدو قنابل يدوية، فمنعهم من دخول البناء الذي لجأ إليه جريحاً، مبتور الساعد الأيمن… فأطلق العدو قذيفة مدفعية لقتل هذا المقاوم الملثّم… ثم أرسل طائرة “درون”، فحاول السنّوار إسقاطها بخشبة بيده اليسرى… فقرّر الجنود إطلاق قذيفة مدفعية ثانية للتأكد من قتله.

مع ذلك، لم يجرؤوا على الدخول إلى المبنى إلّا في فجر اليوم التالي… فهم جبناء أمام شجاعة القائد المقاوم!

قاموا بأسر جثمانه شهيداً.. فهم يخافون من المقاوم يحيى، شهيداً، وهو حيّ أبداً… لقد طلب الشهادة ونالها، فهنيئاً له! وهو حتماً، سيبقى حيّاً في ذاكرتنا الجَمعية وفي تاريخنا المعاصر!

لن يفهم الكيان الغاصب، ولن يفهم الغرب الاستعماري تلك الصلابة وذلك الثبات في المقاومة التي ميّزتْ بلادنا: فمن جنوب سوريا، في جبل العرب، كانت مقاومة شرسة ضد الانتداب الفرنسي في عشرينيات القرن العشرين. ومن جنوب لبنان، ها هي مقاومته المستمرّة بقوّة إلى اليوم. ومن جنوب الجنوب، من قطاع غزة، ها هو قائد المقاومة لا يستسلم ويحارب العدو المدجّج، بالذخيرة التي معه وبما تيسّر له وهو جريح!

فإن كان الجبلان في سوريا وجنوب لبنان قد أعطيا الصلابة للمقاومين هناك من تضاريسهما الصلبة، ففي غزة لا جبال ولا صخور، بل أرض منبسطة سهلة… مع ذلك، أهلنا في غزة أصلب من الصلابة ذاتها… يبدو أنه لغز الجنوب في بلاد الشام، وهو سيبقى كذلك حتى نشهد التحرير الكامل لفلسطيننا الحبيبة.

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  كيف وصلنا إلى "الإخوان"؟
ريم منصور الأطرش

كاتبة عربية، دمشق

Download Premium WordPress Themes Free
Free Download WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
Download Best WordPress Themes Free Download
udemy paid course free download
إقرأ على موقع 180  الجيش الإسرائيلي: التحدي الإيراني رفيقنا لعشرات السنوات!