
الإعصار آتٍ إلى الشرق. العربُ قبل غيرهم هم المستهدَفون. وجودياً هذه المرة لا سياسياً فحسبُ. كيف ولماذا؟
الإعصار آتٍ إلى الشرق. العربُ قبل غيرهم هم المستهدَفون. وجودياً هذه المرة لا سياسياً فحسبُ. كيف ولماذا؟
منذ اللحظة الأولى لتوقف العدوان الإسرائيلي فجر 27 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، تدفّق الأهالي نحو الجنوب اللبناني يبحثون عن شهدائهم وما يزالون. ومنذ ذلك اليوم يكاد لا يمرّ يومٌ دون انتشال شهداء وتشييع آخرين، حتى بعد التشييع الكبير لسيد شهداء الأمة السيد حسن نصرالله، ليرسم مشهدية ما بين تشييعين، أوله هنا عن الشهداء، وثانيه عن "السيد" يأتي.
التقيت بالصديق هادي، وهو من بلدة كفرتبنيت في جنوب لبنان، البعيدة نسبياً عن الحدود، وقد نالت حصتها من الدمار، وعاد إليها مع عائلته بعد التهجير القسري الذي فُرض عليهم خلال العدوان "الإسرائيلي" الأخير على لبنان. قال لي هادي إنه كان محظوظاً لأن منزله ما يزال موجوداً مع بعض الأضرار التي سارع إلى اصلاحها والتي اقتصرت على النوافذ والأبواب فقط.
يُمثّل الجليل الأعلى بفلسطين المحتلة، ومن ضمنه كرمئيل، نموذجًا دقيقًا للتشابك التاريخي والحضاري في المشرق، حيث تلتقي العوامل الجغرافية والديموغرافية بالدلالات الدينية والسياسية.
وقفانِ لإطلاقِ النّار سارِيانِ حتى الآن، لكنّهما مهدَّدان في أيّ زمان، في غزّة كما في لبنان. وعودتانِ للسّكان هنا وهناك لكنّهما مبتورتان، هنا بالتمديد وهناك بالتهجير، في المقال السابق كان حديثُ غزة، والآن لبنان، بعدَ ٱنتهاءِ مدّة الستّين يومًا في 27 كانون الثاني/يناير الماضي، وفرض تمديدها إلى 18 من شهر شباط/فبراير الحالي، بقرارٍ أميركي، بناءً لطلب إسرائيلي، فماذا عن "حقّ العودة"؟
المشهد الجنوبي فاق المعجزات. الخروج من أسر الأمل وتفشي الفشل، لم يدم طويلاً. سمعتُ في خيالي نداءَ، "لبيكَ يا جنوب". كان الصدى يصل إليَّ: "لبيك يا لبنان، ولبيك يا أيها الإنسان".
كثيرون من الناس لم يعرفوا أن هناك بلدة لبنانية إسمها العيشية إلا بعد انتخاب قائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية، إلا أن لهذه القرية اللبنانية ولعائلاتها الكثير من الحكايات المشتركة والغنية والمُعبّرة والدالة.
لم يستفزَّني مشهدُ جنودِ العدوِّ الإسرائيليِّ وهم يرقصونَ داخلَ كنيسةِ قريةِ دير ميماسَ الحدوديةِ المتّصلةِ ببلدتِي كفركلا ويسخرونَ من الصلواتِ والطقوسِ المسيحيةِ فيها عبرَ تقليدِها، بأقلَّ ممّا استفزّتني مشاهدُ هؤلاءِ القتلةِ وهم ينسِفونَ مساجدَ قرىً حدوديةٍ في الجنوبِ اللبنانيّ، ومنهم مسجدُ بلدتِي المذكورةِ وهم يُقهقهونَ كالسّكارى المجانين.
الكلمات التالية هى مجرد انطباعات أولية غير نهائية فى انتظار رؤية النتائج السياسية الفعلية لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله اللبنانى الذى تم الإعلان عنه مساء أمس الأول (الثلاثاء) ودخل حيز التنفيذ فجر أمس (الأربعاء).
اتخذ العدوان "الإسرائيلي" على لبنان، في الأيام القليلة الماضية، منحى تصعيدياً كبيراً، عسكرياً وسياسياً، ففي البر، أعلن الجيش "الإسرائيلي" عن اطلاق المرحلة الثانية من "مناورته البرية" في الجنوب اللبناني، فيما واصل طيرانه الحربي والمُسيّر غاراته التدميرية الممنهجة ضد قرى الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية ومدّد دائرة اعتداءاته لتطال العاصمة بيروت.