القاعدة الأميركية في غزة أو بديل خطة ترامب!

تزايدت على نحو لافت للانتباه تسريبات أمريكية عبر مواقع وصحف نافذة، تمثل تطورا استراتيجيا بالغ الخطورة فى الشرق الأوسط. ووفق تسريبات متواترة فإن الإدارة الأمريكية تتجه إلى إنشاء قاعدة عسكرية تتسع لآلاف الجنود فى "غلاف غزة".

البيت الأبيض لم ينف الخبر ولم يؤكده. قال نصاً: «لم تتم المصادقة عليه».. «إن أى خطط بهذا الشأن لا تزال قيد النظر ولا ينبغى اعتبارها خطوة رسمية».
المعنى أن المشروع حقيقى استكمل دراساته ومقوماته ومصادر تمويله، لكنه ينتظر الإقرار والتصديق.
هذا بذاته انقلاب استراتيجى على أولويات وتوجهات الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» ينعكس بالضرورة على حسابات كل الأطراف الإقليمية والدولية.
أثناء حملته الانتخابية لولاية ثانية دأب «ترامب» على القول: «لو كنت موجودًا ما نشبت الحرب فى أوكرانيا ولا جرت أحداث السابع من أكتوبر».
وفى ولايته الأولى هاجم بضراوة التوسع فى الإنفاق العسكرى منددا بتكاليف حلف «الناتو» على الموازنة الأمريكية.
تبنى خيار سلفيه «باراك أوباما» و«جو بايدن» بنقل مركز الثقل الاستراتيجى من الشرق الأوسط إلى الشرق الآسيوى عند بحر الصين الجنوبى حيث الصراع على المستقبل محتدما مع القطب الصينى الاقتصادى، غير أن ذلك لم يحدث بالصورة، التى خططوا لها.
أثبت الشرق الأوسط بأزماته وحروبه ومصادر الثروة فيه أنه لا يمكن الاستغناء عنه، أو الخروج منه.
مشروع القاعدة العسكرية فى “غلاف غزة” هو إعادة تمركز وانتشار للقوة الأمريكية فى المنطقة بنفس البقعة التى شهدت عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول (2023).
السياق العام يتجاوز غزة وحروب الشرق الأوسط إلى العالم كله.
إنها العسكرة المفرطة، التى تمتد من فنزويلا فى البحر الكاريبى ونيجيريا على الساحل الغربى لإفريقيا، إلى قلب الصراع فى الشرق الأوسط بفلسطين ولبنان وسوريا.
أهم استنتاج ممكن أن قاعدة غلاف غزة تدخل فى سيناريوهات ما بعد انهيار اتفاق غزة لوقف إطلاق النار.

القاعدة العسكرية الأمريكية مشروع محتمل.. وتقسيم قطاع غزة بين منطقة تحت هيمنة إسرائيلية وفق خطة «جاريد كوشنر» «ريفيرا غزة».. ومنطقة ثانية تحت سيطرة «حماس»، فقيرة وجائعة، حتى يكون التهجير خيارا ممكنا مشروع محتمل آخر. السيناريوهات كلها مغلقة وخطرة وتستدعى أن يكون هناك صوت عربى موحد بقدر ما هو ممكن يضغط على الوصى الأمريكى حتى لا تستفرد إسرائيل بالضحية الفلسطينية

الاتفاق هش والانهيار محتمل حسب التقديرات الأمريكية فى تسريبات أخرى متزامنة.
هذا نوع من الاعتراف بعجز إسرائيل عن حفظ أمنها بنفسها.
استهدفت خطة «ترامب»، بنقاطها العشرين، إنقاذ إسرائيل من عزلة دولية بدأت تحكم قبضتها على مستقبلها، أو تمكينها بالتفاوض عما عجزت عنه بالحرب.
بنظرة أولى، التمركز العسكرى الأمريكى يناقض خطة ترامب التى تنطوى على ترتيبات سياسية وأمنية لليوم التالى تمكن إسرائيل مما تسميه حفظ أمنها بنزع سلاح «حماس» وإنشاء قوات دولية يجرى التفاوض عليها تتولى مهمة فرض الاستقرار.
مشروع القاعدة العسكرية أقرب إلى سيناريو بديل إذا ما تقوض اتفاق غزة لتلبية الذريعة نفسها ــ حفظ الأمن الإسرائيلى.
بنظرة ثانية، فإنها تستهدف حماية إسرائيل بالنيابة، أو بصياغة أخرى فرض الوصاية الكاملة عليها. إنه نفس الهدف بوسائل أخرى.
حسب أحدث استطلاع فإن (69%) من الإسرائيليين يرون أن الولايات المتحدة أصبحت صانعة القرار الرئيسية فى العمليات العسكرية.
حسب تدقيق لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإن القاعدة المقترحة سوف تخصص للقوات الدولية، التى يفترض أن يقرها مجلس الأمن الدولى، بتكلفة تبلغ نصف مليار دولار.
هذا انقلاب تاريخى آخر حيث كانت إسرائيل تتولى بنفسها هذه المهام.
منذ حرب (1967) سادت نظرة متفائلة فى أوساط الدولة العبرية بقدرتها على ردع دول الجوار العربية كلها دون حاجة إلى تدخل عسكرى أمريكى مباشر.
فى حرب أكتوبر (1973) كادت إسرائيل أن تنهار عسكريا أمام موجات الهجوم بالأيام الأولى لولا التدخل الأمريكى بإمدادات سلاح متلاحقة.
بعد خمسين سنة تعرضت إسرائيل لانكشاف عسكرى واستخباراتى آخر بأحداث السابع من أكتوبر (2023).
مكمن الخطورة فى تلك الأحداث أنها جرت داخل الأراضى المحتلة، لا خارجها.
وفرت الولايات المتحدة كل ما تحتاجه إسرائيل من دعم سياسى واستراتيجى لعملياتها العسكرية، التى توحشت على جبهات عدة دون أن تحقق كامل أهدافها المعلنة.
توفير الحماية الاستراتيجية من جهة وفشل حكومة «بنيامين نتنياهو» فى تحقيق الأهداف المعلنة للحرب أفضيا معا إلى فرض الوصاية الأمريكية على إسرائيل.
بمقتضى الوصاية أدخل على مشروع القرار الأممى تعديلات لا تناسب اليمين الإسرائيلى المتطرف، ولا تتسق مع سرديته، أهمها الإشارة إلى مسار يفضى إلى حق تقرير المصير للفلسطينيين وإنشاء دولة فلسطينية.
هذا مسار إجبارى، إذ لا مخرج آخر للأزمة الإسرائيلية المستحكمة.
يؤشر هذا المسار على مقاربات أخرى أكثر انسجاما مع القرارات الدولية، لكنه يصعب التعويل عليه، كما على خطة «ترامب» نفسها.
بعد أكثر من شهر على إعلان شرم الشيخ لم تتوقف عمليات القصف واستهداف المدنيين العزل فى قطاع غزة.
كانت قضية رفات القتلى الإسرائيليين تكأة للخروقات المتكررة.
لا يتوقع أى توقف إسرائيلى عن الخروقات برغم تسلمها الرفات كلها باستثناء ثلاث منها.
سوف تبحث عن ذرائع أخرى حتى لا تدخل المرحلة الثانية من خطة «ترامب»، التى تقتضى انسحابا إسرائيليا أوسع.
من غير المستبعد تفجير الاتفاق على خلفية سؤالى: من يتسلم سلاح المقاومة.. ومن يدير قطاع غزة؟
القاعدة العسكرية مشروع محتمل.. وتقسيم قطاع غزة بين منطقة تحت هيمنة إسرائيلية وفق خطة «جاريد كوشنر» «ريفيرا غزة».. ومنطقة ثانية تحت سيطرة «حماس»، فقيرة وجائعة، حتى يكون التهجير خيارا ممكنا مشروع محتمل آخر.
السيناريوهات كلها مغلقة وخطرة وتستدعى أن يكون هناك صوت عربى موحد بقدر ما هو ممكن يضغط على الوصى الأمريكى حتى لا تستفرد إسرائيل بالضحية الفلسطينية.

إقرأ على موقع 180  الصين: إحتدام الصراع بين "عشيرة شانغهاي" و"تيار بكين"!

(*) بالتزامن مع “الشروق

Print Friendly, PDF & Email
عبدالله السناوي

كاتب عربي من مصر

Download WordPress Themes Free
Premium WordPress Themes Download
Download Nulled WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
udemy course download free
إقرأ على موقع 180  كورونا فرصة للربح.. خراب القرية الكونية!